في أعقاب الأحداث العالمية غير المسبوقة، من جائحة كوفيد-19 إلى الصراعات الجيوسياسية، يشهد مشهد التجارة العالمية تحولا كبيرا، تلقي جيتا جوبيناث، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي، الضوء على هذه التحولات في خطاب ألقته مؤخرا في معهد ستانفورد لأبحاث السياسات الاقتصادية.

أحد الاتجاهات الرئيسية التي لوحظت هو إعادة تقييم الشركاء التجاريين وتدفقات الاستثمار على أساس الاعتبارات الاقتصادية واعتبارات الأمن القومي.

وقد أدت عملية إعادة التقييم هذه إلى زيادة القيود التجارية والعقوبات المالية، وخاصة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد أثارت مثل هذه الإجراءات مخاوف بشأن تجزئة النظام التجاري العالمي واحتمال عكس المكاسب الناجمة عن التكامل الاقتصادي.

وعلى الرغم من هذه التحديات، لا توجد علامات واضحة على تراجع العولمة على المستوى الإجمالي. ومع ذلك، تحت السطح، هناك دلائل تشير إلى زيادة التشرذم، مع إعادة توجيه تدفقات التجارة والاستثمار على طول خطوط جيوسياسية. على سبيل المثال، أدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين إلى انخفاض حصصهما التجارية الثنائية، في حين تراجعت التجارة المباشرة بين روسيا والغرب بسبب العقوبات.

تسلط جوبيناث الضوء على عالم منقسم إلى ثلاث كتل: كتلة تميل إلى الولايات المتحدة، وكتلة تميل إلى الصين، وكتلة من دول عدم الانحياز. يظهر التحليل انخفاضًا كبيرًا في نمو التجارة بين الدول ذات الميول الأمريكية والدول ذات الميول الصينية مقارنة بنمو التجارة داخل الكتلة. علاوة على ذلك، تراجعت التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر بين الكتل بشكل أكبر في أعقاب التوترات الجيوسياسية.

ومع ذلك، يتم إعادة توجيه بعض التجارة والاستثمار عبر دول ثالثة، مما يعوض جزئيًا عن تآكل الروابط المباشرة بين المنافسين الجيوسياسيين. وتؤكد هذه الظاهرة، التي تسهلها الدول "الواصلة" مثل المكسيك وفيتنام، على التعقيد الذي تتسم به ديناميكيات التجارة العالمية في المناخ الجيوسياسي الحالي.

وتمتد الآثار المترتبة على هذه التحولات إلى ما هو أبعد من التجارة لتشمل النظام النقدي الدولي وتكوين العملة. وفي حين كان هناك تنويع تدريجي لاحتياطيات العملات الأجنبية بعيدًا عن الدولار الأمريكي، إلا أنها لا تزال مهيمنة في تمويل التجارة العالمية. ومع ذلك، هناك تغيرات ملحوظة في تكوين العملة لتمويل التجارة، وخاصة بالنسبة للبلدان ذات الميول الصينية، حيث زادت حصة الرنمينبي.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن التكاليف الاقتصادية المترتبة على التفتت على طول الخطوط الجيوسياسية قد تكون باهظة. ومن الممكن أن تؤدي القيود التجارية والتفتت المالي إلى تقليص مكاسب الكفاءة الناجمة عن التخصص، والحد من اقتصاديات الحجم الكبير، والحد من المنافسة. ويمكن أن يؤدي التجزئة المالية أيضا إلى إضعاف تقاسم المخاطر الدولية وزيادة مخاطر الأزمات.

وللتخفيف من هذه المخاطر، تؤكد جوبيناث على أهمية تعزيز النظام التجاري العالمي المتعدد الأطراف القائم على القواعد والنظام النقدي الدولي. ويتطلب هذا استعادة آلية تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية التي تعمل بكامل طاقتها، ومعالجة إعانات الدعم والقيود التجارية المتعلقة بالأمن الوطني، وتعزيز الشفافية والكفاءة في المعاملات عبر الحدود.

علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى خطوات عملية لإعادة بناء الثقة وتعزيز التعاون الدولي. إن الحوار بين المتنافسين الجيوسياسيين، والمشاركة مع دول عدم الانحياز، والتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل تغير المناخ، يشكل ضرورة أساسية لمنع المزيد من التفتت والحفاظ على المكاسب الناجمة عن التكامل الاقتصادي.

يتطلب التعامل مع المشهد الجيوسياسي المتطور بذل جهود متضافرة لدعم التعددية، وتعزيز الشفافية، وبناء الثقة بين الدول. إن الفشل في القيام بذلك يهدد بتقويض الاستقرار الاقتصادي العالمي والازدهار في عالم متزايد الترابط.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التجارة العالمیة

إقرأ أيضاً:

فوز "صحار الدولي" بجائزة "نسبة المعاملات التجارية الأعلى في بطاقات الشركات"

 

 

مسقط- الرؤية

حصد صحار الدولي جائزة "نسبة المعاملات التجارية الأعلى في بطاقات الشركات في السلطنة" المقدمة من شركة فيزا، إذ تُمنح هذه الجائزة تقديرًا لنسبة النمو في المعاملات التجارية للشركات باستخدام بطاقاتها مقارنةً بجميع البنوك المحلية في السلطنة خلال الـ 12 شهر الماضية. وجرى تسليم الجائزة خلال حفل أقيم بحضور ممثلي شركة فيزا من بينهم علي بيلون، المدير العام الإقليمي لشركة فيزا في المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان والبحرين، وغانيس آر كيه، رئيس الحلول التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي.

وبالنيابة عن البنك، تسلم الجائزة سجيل بشير الدين رئيس مجموعة التكنولوجيا والحلول الرقمية، وهشام بن حسن بن موسى نائب رئيس تنفيذي أول تمويل المشاريع والخدمات المصرفية العالمية، وعلي بن تقي بن جعفر نائب مدير عام ورئيس الخدمات المصرفية التجارية.

وأعرب عبدالواحد بن محمد المرشدي، الرئيس التنفيذي لصحار الدولي، عن فخره بهذا الإنجاز قائلاً: "يؤكد هذا التتويج المكانة الهامة لقطاع الأعمال والشركات في المسار الاستراتيجي لصحار الدولي، باعتباره جوهر التنمية الاقتصادية والتجارية في السلطنة بما ينسجم مع مستهدفات رؤية عمان 2040، وانطلاقًا من هذه القناعة، نواصل تلبية تطلعات ومتطلبات الزبائن من فئة الشركات وتطوير حلول مبتكرة مدعومة بأحدث التقنيات، بما يعزز كفاءة وتنافسية منتجاتنا وخدماتنا في مشهد مصرفي يتسم بزخم التحوّل والتطور المتسارع. عليه نواصل المضي قدمًا نحو بناء مجموعة متكاملة من المنتجات والخدمات المصرفية المبتكرة، تُمكّن الشركات من التوسع والازدهار، وتدعم مسيرتها نحو آفاق أوسع من النجاح."

وأوضح ناصر بدير في منصب المدير العام لشركة فيزا في سلطنة عُمان: "يجسّد هذا الإنجاز التزام صحار الدولي بالابتكار والحرص على تقديم قيمة مضافة لزبائنه من الشركات، ونحن فخورون بالشراكة مع بنك يسهم في دفع عجلة النمو في قطاع المدفوعات بالسلطنة ويضع معيارًا جديداً للتميّز."

وأثبت فوز صحار الدولي بالجائزة على قدرته في تلبية متطلبات الدفع المتنوعة للشركات والاستجابة لها من خلال مجموعة متكاملة من الحلول، بدءًا من بطاقات المشتريات الائتمانية ووصولاً إلى بطاقات التميّز الائتمانية والمسبقة الدفع. ومن خلال دمج التكنولوجيا والابتكار في منتجاته، قدّم البنك عوائد إيجابية للزبائن، مُمكّنًا إياهم من تحقيق قدر أكبر من الشفافية والكفاءة وتحكم أكبر في النفقات.

مقالات مشابهة

  • نائب كشف بعضها.. 12 مرشحا للحكومة الجديدة والإطار منقسم
  • نقل عجمان تعيد تشغيل خط القرية العالمية
  • وزارة التجارة تفتح باب التسجيل للمشاركة في معرض داكار الدولي
  • منظمة التجارة العالمية: 341 مليار درهم تجارة الإمارات من الخدمات الرقمية
  • الإمارات تؤكد أهمية التنسيق الدولي لتحقيق نظام تجاري عالمي متوازن
  • عُمان تشارك بمؤتمر دولي يستشرف الدور المستقبلي للمناطق الاقتصادية والحرة في تعزيز التجارة العالمية
  • فوز "صحار الدولي" بجائزة "نسبة المعاملات التجارية الأعلى في بطاقات الشركات"
  • «الوزراء»: التحول من قناة السويس لرأس الرجاء الصالح أدى لضعف استقرار سلاسل التوريد العالمية
  • مؤتمر الباحثين اليمنيين بإسطنبول يؤكد على ضرورة مواءمة التعليم العالي اليمني مع التحولات العالمية
  • الحرب التجارية العالمية عادت بقوة.. ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 130% على الصين