الجزيرة:
2025-07-13@04:34:28 GMT

المصالح الوطنيّة في رفض العدوان الإسرائيلي

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

المصالح الوطنيّة في رفض العدوان الإسرائيلي

تباينت مواقفُ الدول تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة بشكل واسع، وبرّرت مختلف الأطراف مواقفها استنادًا إلى مرجعية قيمية أو مصلحيّة. ويعدّ تصور أية دولة لماهية مصلحتها الوطنية أساسًا في تحديد سياستها الخارجية تجاه القضية الفلسطينية، وسواها.

مما يدعو إلى استكشاف جوهر هذا المصطلح، وطرق تحديد مضمونه، و"المصلحة الوطنية" للدول العربية والإسلامية في تعاملها مع القضية الفلسطينية عمومًا، والحرب الجارية في غزة خصوصًا.

ما هي "المصلحة الوطنية؟":

يتفاوت مضمون مفهوم المصلحة الوطنية تبعًا للمرجعية الفكرية والفلسفية لمن يحدده.

وبإحالة مصطلح الوطن إلى الدولة الحديثة، تجدر ملاحظة ارتباط منطق عملها بالفلسفات الملازمة لنشوئها زمانًا ومكانًا؛ في حين ترتبط وظيفة السلطة والحكم في وعي المسلمين بوظيفة مزدوجة: دينية ودنيوية. وتسهم هذه المفارقة في خلق فجوة بين تصورات الشعوب العربية والمسلمة تجاه السياسة الخارجية والداخلية لدولهم، وبين خيارات النخب القائمة غالبًا على سياسة واقعية تقوم على القوة والمصلحة، فيما تعطي ما سواها من قيم وأخلاق مكانةً تابعة.

وللعودة إلى أصل مصطلح "المصلحة الوطنية"، يلزم العودة إلى زمن نشوء الدولة الحديثة في منتصف القرن السابع عشر؛ حين ظهر التساؤل حول مبرر وجودها، ومنطق عملها.

ومن أوائل من كتبوا في هذا الأمر المفكر الإيطالي جيوفاني بوتيرو، في كتابه: " عقل الدولة " Della ragion di Stato، الذي عرّف الدولة؛ بأنَّها سلطة مستقرّة على الشعوب، ومصلحتها ومنطق عملها يقومان على معرفة الوسائل المناسبة لتأسيس هذه السلطة، والحفاظ عليها وزيادتها.

ومن الممارسات السائدة في الدول الدكتاتورية أن تحتكر السلطة غير المنتخبة وغير الممثلة لشعبها، تعريفَ المصلحة الوطنية، ما يجعل مصلحة فئة محدودة، معيارًا حاكمًا في تحديد مصلحة الدولة.

وعلى صعيد مقابل، وبدافع من البعد الديني لدى المسلمين، ولوعيهم التاريخي والحضاري، فهم يتوقّعون من دولهم سياسة خارجية تراعي أيضًا الواجبات الدينية، كوحدة المسلمين، ووجوب نصرتهم.

غياب التأثير

تمكنت دولة الاحتلال من ارتكاب مجازر غير مسبوقة خلال الحرب الجارية في قطاع غزة، في ضوء غياب تأثير كابح لعموم الدول العربية والإسلامية، فيما أثارت الأنظمة والنخب المرتبطة بها جدليات تبرر هذه المواقف، كأولوية المصالح الوطنية على ما سواها، وتقديم مفهوم انعزالي للوطنية يجعلها نقيضًا وخصمًا للانتماء العربي والإسلامي، والإعلاء من شأن "المصلحة الوطنية" مع افتراض انفصالها أو قلة تأثرها بالمصالح القومية. وهو أمر غير صحيح سواء بالمعنى المصلحي السياسي، أو بالمعنى الديني والقومي.

إذ لا تنفك شرعية أي نظام عن مدى تلبيته توقّعات شعبه. وللشعوب العربية والمسلمة توقعات طبيعية بأن تنصر حكوماتها المستضعفين في غزة، وأن تمتنع عن التعاون فيما يدعم العدوان الإسرائيلي عليهم.

كما أن من شأن تمرير قيام الاحتلال بهذا القدر من المجازر في غزة أن يفتح الباب لجرائم مماثلة في الضفة ولبنان وسواها من دول المنطقة، وهو ما يدفع باتجاه تقويض أمن المنطقة، وتقويض اقتصادها وتماسكها الاجتماعي تبعًا لذلك.

الحفاظ على المكانة السياسية لدول المنطقة

كما أن المكانة الدولية لدول المنطقة ستتراجع في حال تمكنت دولة الاحتلال من إتمام جرائمها وفرض ما تريده في غزة، ولاحقًا في الضفة الغربية وجنوب لبنان، إذ سيظهر اضمحلال التأثير الخارجي للدول العربية والإسلامية، وفقدان القدرة على ردع دولة الاحتلال، رغم انتهاكها مصالحَ الدول المجاورة والاتفاقيات الموقعة معها؛ كما هو الحال في السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح، وإيصال دباباتها إلى الحدود مع مصر خلافًا للاتفاقيات الموقعة معها.

وفي ذات السياق ظهر عجز تركيا عن التأثير في مسار الأحداث في فلسطين، رغم اعتمادها خطابًا يجعل من القضية الفلسطينية وحماية القدس رافعة لدورها الإقليمي، في حين تصاعد دور منافستها الإقليمية، إيران، خصوصًا عقب إطلاقها مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على دولة الاحتلال. مما أثار تساؤلات شعبية وإقليمية بشأن غياب التأثير التركي، وهو ما انعكس سلبًا على نتائج حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية، وأعقب ذلك تصعيد رسمي، تمثل في تقييد الصادرات التركية إلى دولة الاحتلال، ثم منعها بالكامل. إضافةً إلى الاستقبال العلني لقادة حركة حماس، وتصعيد مستوى الخطاب الرسمي الرافض للانتهاكات الإسرائيليّة.

الحفاظ على قواعد النظام الدولي

كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى المصلحة العالمية في عدم تقويض "النظام الدولي القائم على القواعد"، أو ما تبقى من هذه القواعد، فهي وإن كانت بحاجة إلى إصلاح إلا أن فقدانها وزيادة الفوضى والاضطراب في النظام الدولي سيضران بالأمن والتنمية و"الاعتمادية الدولية" على نطاق واسع.

وكان هذا الأمر من الدوافع التي دعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى ممارسة الضغوط على دولة الاحتلال، لتقليل حجم الضحايا المدنيين في غزة، والسماح بدخول المساعدات والاحتياجات الإنسانية إليها. إذ إن مبرر "التدخل الدولي الإنساني" أو " المسؤولية عن الحماية" كانت أساسًا دعائيًا لحملات عسكرية أميركية وغربية عديدة، كما في كوسوفو، وليبيا، والعراق، وأساسًا للضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية على الصين، وروسيا، في حين يؤدي تمادي دولة الاحتلال في جرائمها في غزة إلى تقويض مصداقية هذه الأداة الأساسية للسياسة الخارجية الأميركية.

حماية السيادة الوطنية

يثير العجز العربي تجاه العدوان والاحتلال الإسرائيلي تساؤلات شعبية حول مدى امتلاك هذه الدول والحكومات قرارًا مستقلًا عن الإرادة الأميركية والغربية، إذ لا يصعب تفسير التفريط بهذه المصالح الحيوية، علاوة على تجاوز الاعتبارات الدينية والقومية، بأنه أمر ناتج عن قرار وطني ذاتي.

ولعلَّ العجز العربي والإسلامي عن اتخاذ مواقف تحقق هذه المصالح، وتدفع هذه التحديات، مؤشرٌ على مستوى تراجع سيادة هذه الدول، وارتهان قراراتها السياسية والاقتصادية بالتحالف غير المتكافئ مع الولايات المتحدة التي ترعى دولة الاحتلال وتشاركها حربها وإدامة احتلالها فلسطين وهيمنتها على المنطقة، وهو ما يتناقض مع آمال وتطلعات شعوب الدول العربية والإسلامية، ويزيد من فرص نشوء موجة ثانية من الربيع العربيّ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات العربیة والإسلامیة المصلحة الوطنیة دولة الاحتلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

57 ألفا و823 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بدء الحرب

أعلنت « وزارة الصحة » بغزة، الجمعة، ارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى « 57 ألفا و823 شهيدا و137 ألفا و887 مصابا ».

وقالت الوزارة، في بيان إحصائي يومي: « وصل مستشفيات قطاع غزة خلال 24 ساعة (الأخيرة) نحو 61 شهيدا و231 إصابة ».

وأوضحت أن عددا من الضحايا ما زال تحت ركام المباني المدمرة وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.

وذكرت الوزارة، أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال 24 ساعة « 6 شهداء وأكثر من 20 مصابا » من منتظري المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية، التي تم إعدادها خصيصا لاستهدافهم.

وأشارت إلى أن حصيلة ضحايا المساعدات ارتفعت منذ 27 مايو/ أيار الماضي، إلى « 788 شهيدا، وأكثر من 5 آلاف و199 إصابة ».

ومنذ ذلك الوقت وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة، بدأت إسرائيل تنفيذ مخطط لتوزيع « مساعدات » عبر ما تُسمى « مؤسسة غزة الإنسانية » المدعومة أمريكيا وإسرائيليا.

وبات هذا المخطط مصيدة للفلسطينيين الجوعى، حيث أقر جنود إسرائيليون عبر تقارير إعلامية تلقيهم أوامر بإطلاق النار على حشود الفلسطينيين المنتظرين للمساعدات بذريعة تفريقهم.

وبوتيرة يومية، يطلق الجيش الإسرائيلي النار على المجوّعين المصطفين قرب مراكز التوزيع، ما تركهم بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

وفي السياق ذاته، قالت الوزارة إن حصيلة الضحايا الفلسطينيين منذ استئناف إسرائيل إبادتها في القطاع في 18 مارس 2025 ارتفعت إلى « 7 آلاف و261 شهيدا، و25 ألفا و846 مصابا ».

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وإضافة إلى القتلى والجرحى ومعظمهم أطفال ونساء، خلفت الإبادة بدعم أمريكي ما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى57 ألفاً و 882 شهيدا، و 138 ألفاً و 95 إصابة
  • ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة لـ57,882 منذ بدء العدوان الإسرائيلي
  • إيران: ألمانيا متواطئة في العدوان الإسرائيلي على إيران
  • 57 ألفا و823 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بدء الحرب
  • شهداء وجرحى جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة
  • إدانة أممية لاستهداف العدوان الإسرائيلي المدنيين في غزة
  • الاحتفال بتخريج منتسبي البرنامج الوطني لحقوق الإنسان
  • الخارجية والحرس الوطني ينفّذان مهمة إسعاف جوي
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 57,762 شهيداً
  • بين الدمار والصمود.. هكذا فشل الاحتلال الإسرائيلي في كسر شوكة حماس