أشاد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بموقف مصر التاريخي بإعلان اعتزامها الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بشأن انتهاكات الأخيرة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، معتبرًا إياه خطوة شجاعة وحاسمة لدعم الحقوق الفلسطينية ومساءلة إسرائيل عن جرائمها المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.

وبين مهران، أن إعلان مصر التدخل في هذه القضية جاء استنادًا للمادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتي تتيح لأي دولة طرف في اتفاقية تكون محل نزاع الحق في التدخل لإبداء وجهة نظرها حول تفسير الاتفاقية، ما يمثل سابقة مهمة في تاريخ القضاء الدولي، حيث أن انضمامها سيعزز من حجية وقوة أي قرار قد تصدره المحكمة ضد إسرائيل وسيجعله ملزمًا لها كدولة متدخلة.

وأضاف أستاذ القانون الدولي أن مصر، بوصفها طرفًا في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، لها مصلحة قانونية مباشرة في ضمان احترام أحكامها وتفسيرها بما ينسجم مع الغرض الإنساني منها، لا سيما الالتزامات الواردة في المادة الأولى بمنع الإبادة والمعاقبة عليها، والأفعال المحظورة المنصوص عليها في المادة الثانية والتي تشكل الأركان المادية لهذه الجريمة، كقتل أفراد الجماعة المستهدفة أو إلحاق ضرر جسدي أو معنوي جسيم بهم أو فرض أحوال معيشية قاسية تهدف لتدميرهم كليًا أو جزئيًا.

كما لفت إلى أن التدخل المصري يأتي بعد صبر طويل وجهود دبلوماسية مضنية لوقف تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، خاصة في ظل الانتهاكات الفظيعة التي شهدتها الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي راح ضحيتها الاف المدنيين وألحقت دمارًا هائلًا بالبنية التحتية، فضلًا عن الحصار الخانق على القطاع المحاصر منذ أشهر، وهو ما يشكل مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي الإنساني ولاتفاقية جنيف الرابعة.

وأكد الخبير  الدولي أن مصر تعاملت بكل الطرق السلمية والدبلوماسية الممكنة لإنهاء الأزمة، بدءًا من استضافة جولات حوار بين الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصالحة، مرورًا بالوساطة والضغط لوقف إطلاق النار، وصولًا للمساعي الحثيثة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدانة العدوان وتوفير الحماية للمدنيين، غير أن استمرار التعنت الإسرائيلي أجبرها على تصعيد موقفها للجوء للمحاسبة القضائية الدولية.

كما أشار مهران إلى أن تلميح وزير الخارجية سامح شكري خلال مؤتمر صحفي لإمكانية اللجوء لمراجعة اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في ظل الانتهاكات الأخيرة، يعكس حالة الإحباط من الغطرسة الإسرائيلية، منوهًا إلى أن المادة السابعة من المعاهدة تتيح آليات متدرجة لحل أي خلافات، تبدأ بالتفاوض ثم التوفيق أو التحكيم، وهو ما قد يدفع مصر لتفعيلها إذا تمادت إسرائيل في خروقاتها، فضلًا عن حق مصر في تعليق الاتفاقية أو الانسحاب منها وفقًا لقواعد القانون الدولي في حال الإخلال الجوهري بها.

وشدد الخبير القانوني على أن قرار محكمة العدل الدولية في قضية جنوب إفريقيا، حال تبنيه وجهة نظر مصر والأخيرة، سيشكل سندًا دوليًا هامًا لتصنيف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين كإبادة جماعية وجرائم حرب ترتب المسؤولية الجنائية الفردية للمتورطين فيها، وسيعزز من خيارات مقاضاة المسؤولين الإسرائيليين في مختلف المحافل القانونية الأخرى.

وهذا ونوه مهران إلى أن ذلك يمثل رسالة قوية لإسرائيل بأن الدول العربية، وفي مقدمتها مصر ذات العلاقات الدبلوماسية معها، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتهاكاتها الممنهجة للحقوق الفلسطينية، وأنها سوف تستنفد كل السبل السلمية لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني ولردع الغطرسة الإسرائيلية، ولو اقتضى الأمر سحب الغطاء السياسي للسلام، بما قد يقود مستقبلًا لتعليق أو إلغاء المعاهدات الثنائية إذا استمر السلوك العدواني الإسرائيلي.

كما شدد بالدعوة علي توحيد كافة الجهود العربية والأفريقية والدولية لمساندة الحق الفلسطيني في أروقة العدالة الدولية، سواء باللحاق بجنوب إفريقيا ومصر وليبيا في التدخل لدعم الدعوى الحالية، أو عبر اتخاء كل الاليات المتاحة في القانون الدولي ضد الانتهاكات الإسرائيلية، باعتبار ذلك السبيل الأمثل لتعزيز الموقف القانوني الفلسطيني وإعادة القضية لمسارها الصحيح وصولًا لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: فلسطين دعوة انسحاب شكري دبلوماسي كامب ديفيد مقاضاة المحظورة انتهاكات الشعب الفلسطيني الفلسطينيين محمد محمود القانون الدولی إلى أن

إقرأ أيضاً:

خارجون عن القانون أم الاحتلال؟.. الغموض يكتنف استشهاد الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي

استشهد الصحفي والناشط الفلسطيني صالح الجعفراوي، اليوم، الأحد، خلال تغطيته الأوضاع الميدانية في مدينة غزة شمالي القطاع، جراء إطلاق نار نفّذه خارجون عن القانون.

وذكرت مصادر طبية لمركز الإعلام الفلسطيني أن جثمان الشهيد الجعفراوي وصل إلى مستشفى المعمداني، موضحةً أنه أصيب برصاص مجهولين أثناء توثيقه حجم الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على القطاع.

وأشار شهود عيان إلى أن الجناة أطلقوا النار على الجعفراوي وسرقوا مقتنياته، فيما أفادت مصادر محلية وعائلية بأنه كان قد تلقى تهديدات بالقتل من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الماضية.

وبدأت الواقعة بقطع الاتصال بالصحفي صالح الجعفراوي منذ ساعات الصباح في حي الصبرة جنوب غزة، حيث وردت أنباء عن اختطافٍ نفّذه مسلحون مجهولون.

وأفاد شهود عيان بأن المجموعة المسلحة أطلقت النار عليه أثناء الخطف، ثم اقتادته إلى جهة مجهولة، وبعد ساعات عُثر على جثمانه متوفياً، وفقا لتقرير نشرته وكالة قدس الإخبارية.

وتشير التحقيقات الأولية إلى أن الجعفراوي تلقّى 7 رصاصات في جسده عند وصوله للمستشفى، ما يؤكد أن الحادث كان متعمداً لاستهدافه بالقوة النارية.

وكان الصحفي الفلسطيني صالح الجعفرواي أكد في تصريحات سابقة له خلال شهر سبتمبر الماضي صموده شمالي قطاع غزة رغم مخاوف استهدافه، بعدما اتهمه المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قبل أيام بالمتاجرة بمعاناة الأهالي في القطاع، في تكرار للاتهامات التي وجَّهها الاحتلال في السابق إلى الصحفيين الشهيدين حسن إصليح وأنس الشريف، وغيرهما.

وقال الجعفراوي إن “الاحتلال يعمد منذ بداية الحرب إلى تشويه صورته، بداية من مجموعات المستوطنين على الإنترنت وصولا إلى إيدي كوهين وأفيخاي أدرعي والقنوات الإعلامية الإسرائيلية”.

وأشار الصحفي الفلسطيني إلى التهديدات التي يتلقاها من جنود الاحتلال في غزة، بقوله “مؤخرا مع وجودي في الشمال الذي لن أغادره، يرسل لي بعض الجنود رسائل في الميدان يقولون فيها: نحن هنا في الحي الفلاني، ويهددوننا لكي يبثوا الخوف والرعب في قلوبنا، لنتوقف عن التغطية”.

وبيَّن الجعفراوي موقفه من مخاوف استهدافه بعد التحريض الإعلامي المستمر، قائلا «أنا لست بطلا، ونحن جميعا معرَّضون للخوف، لكننا سلكنا طريق الصحافة وندرك مخاطره، وحينما تبدأ هذا الطريق فمن غير المقبول تركه في منتصف الطريق، الخوف موجود لكن لن يحدث إلا ما كتبه الله».

وانتقد صالح الجعفراوي المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الصحفيين، ووصفها بأنها “مجرد حبر على الورق لا أكثر ولا أقل، لا سيما بعد استشهاد أكثر من 250 صحفيا بنيران الاحتلال في غزة”.

يُذكر أن الشهيد صالح الجعفراوي يُعد من أبرز النشطاء والمؤثرين الفلسطينيين الذين وثقوا جرائم الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة، وساهم في نقل معاناة الأهالي والنازحين إلى العالم.

وكان والد الناشط صالح الجعفراوي قد أكد فقدان الاتصال به منذ الصباح الباكر في مدينة غزة خلال تغطيته للأحداث التي تجري في المحافظة.

اقرأ أيضاً«حشد» تدعو إلى تعزيز الاستجابة الإنسانية العاجلة في غزة ووضع خطة للتعافي وإعادة الإعمار

«القاهرة الإخبارية»: المساعدات الإنسانية تعبر بالكامل لأول مرة منذ مارس إلى قطاع غزة

قبل قمة شرم الشيخ.. تفاصيل عمليات الإفراج عن المحتجزين في غزة

مقالات مشابهة

  • اليونيفيل تكشف عن آلاف الانتهاكات الإسرائيلية في لبنان
  • اليونيفيل توثق آلاف الانتهاكات الإسرائيلية في لبنان
  • رغم اتفاقية السلام.. الرقب: هناك تخوفات داخل الشارع الفلسطيني بعودة الحرب
  • كاتب سياسي: المراقبة الدولية ستمنع الاستفزازات الإسرائيلية لنقض اتفاق إنهاء حرب غزة
  • خارجون عن القانون أم الاحتلال؟.. الغموض يكتنف استشهاد الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي
  • جامعة عين شمس تكرم نميرة نجم وسامح شكري
  • خبير بالشئون الإسرائيلية: إنتهاء حرب غزة يدل على أهمية الدور الإقليمي لمصر
  • خبير دولي: تحركات مصر في شرم الشيخ امتداد لدورها التاريخي في نشر السلام
  • ديفيد هيرست: إسرائيل دمرت صورتها الأخلاقية بتدميرها غزة
  • إحباط تهريب قطع أثرية ثمينة داخل طرود شحن في مطار عدن الدولي