بوابة الوفد:
2025-05-14@05:49:02 GMT

«تكوين» إرهابي

تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT

الحالة الدرامية التى أعقبت مؤتمر تدشين مؤسسة «تكوين الفكر العربي»، حالة لا يمكن وصفها بالتلقائية الفردية أو العفوية الجمعية بداية من نشر صورة تذكارية لزجاجة «بيرة» أمام مؤسسى الكيان، مروراً بعمليات الهجوم الكيفى والنوعى المتبادل بين مؤيدى الإغلاق وباحثى الدعم، والسؤال هنا: لماذا تلك الضجة واسعة الانتشار حول هذا التكوين، علماً بأن فكر مؤسسيها موجود قبل التدشين ولن يُمنع بعده؟!، والسؤال الثانى: هل أصحاب دعاوى غلق هذا الكيان لديهم من المنطق ما يدعم تخوفهم من نشر الإلحاد ومحاربة الدين تحت ستار التجديد والتنوير؟.

. لنرى الإجابة.

أولاً: تهدف «تكوين» إلى تعزيز قيم الحوار البناء ودعم الفكر المستنير، وإرساء قيم العقل والاستنارة وقبول الآخر والإيمان بمبادئ السلام العالمى بين المجتمعات والثقافات والأديان.. تلك الديباجة برقيها الفكرى وسموها الأخلاقى لا يختلف عليها أحد، ولكن من يجب توجيه تلك الدعوة إليه أولاً، نحن أم هذا الآخر متعدد الطوائف والأشكال الممزوجة بالعنصرية الكريهة نحونا؟، نحن أم تلك الشعوب التى تمارس عمليات القتل والإبادة مدفوعة بنصوص مقدسة وصلوات تلمودية؟!، نحن أم هذا الآخر الذى تحرش لفظياً وجسدياً بطالبة جامعية ناعتاً إياها بالإرهاب بسبب ارتدائها الحجاب؟!، أعتقد أن الأولى بتلك الدعوة أولاً وثانياً وعاشراً هو الآخر.

ثانياً: يأتى التنوير وإرساء قيم العقل وبث روح التجديد والإصلاح الذى يعيد للفكر الدينى مكانته اللائقة وتواصله مع مستجدات العصر ومواكبة التقدم على رأس أولويات «تكوين».. فهل التنوير المقصود هنا هو إحياء عصر «التنوير الأوروبي» فى القرن الثامن عشر وفلسفته الرافضة لتجاوز سلطة الكنيسة حدودها، هذا التنوير الرافض لسلطان الدين على الدنيا، رافعاً شعار«لا سلطان على العقل إلا للعقل» و«ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، ونزع القداسة عن المقدسات الدينية؟!

إذا كان هذا هو المقصود بـ«التنوير» فإن النتيجة ستكون «تنويراً مادياً غربياً إلحادياً» مثل الذى تبناه «سلامة موسى 1888 - 1958» أحد رواد التنوير عندما قال: ليس يعقل أن يعيش الإنسان آلاف السنين يتعاوره التقدم المادى فى جميع ما يلابسه ويزاوله ثم يبقى الدين جامداً لا يتطور وفق التطور المادى!!..  ستجد المزيد من التفنيد لتلك الدعوات التنويرية فى كتاب الدكتور محمد عمارة «الإسلام بين التنوير والتزوير الصادر عن دار الشروق 1995».

ثالثاً: من خلال مطالعة أولية للموضوعات المقروء منها والمرئى على منصة «تكوين» سنجد دورانها حول جدليات تخص الشأن الإسلامى على شاكلة: متى بدأ تدوين السنة النبوية؟، هل السيرة النبوية صحيحة، هل كل الأحاديث النبوية صحيحة؟، البخارى أم مسلم أيهما أصح؟، هل الخمر حلال شرعاً؟ .. دون الخوض أو الدخول فى قضايا مشابهة تخص أدياناً أخرى مثل: عقيدة الخيانة والذبح المقدس فى التلمود؟، أو لماذا يعبد هؤلاء البقر.. وبأى عقل يقدسون روثه؟! .. هنا ستجد أن تلك الجدليات التى تخص الشأن الإسلامى تطرح تخوفاً منطقياً لدى البعض فحواه: أن هناك عملية منظمة للتشكيك فى هذا الدين، خاصة عندما نعرف أن  أول وأكبر مستشرق قام بمحاولة واسعة شاملة للتشكيك فى الحديث النبوى كان المستشرق اليهودى «جولدزيهر 1850 -1921»!

وحسب ما جاء فى كتاب «الاستشراق وتشكيل نظرة الغرب للإسلام» للأستاذ الدكتور محمد عبدالله الشرقاوى أستاذ الفلسفة الإسلامية ومقارنة الأديان نجد أن «فيليب حتى، 1886- 1978»، يرى أن سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد كتبت من الذاكرة بعد وفاة النبى بزمن طويل.. وأن أول كتاب سيرة قد كتب بعد 140 سنة من وفاته، وحتى هذه السيرة فإنها بقيت فى صورة تنقيح ابن هشام الأخير لها فقط، وابن هشام هذا قد توفى فى القاهرة سنة 833 م.

ويؤكد «الشرقاوي» أن بعض رجال المؤسسة الاستشراقية المتجافين عن أبسط قواعد البحث العلمى وأصوله المقررة حاولوا فى همجية منكرة فاضحة التشكيك فى السنة بغية نقضها وهدمها وطمسها، وهى محاولات مأجورة من قِبل رجال التبشير والاستعمار معاً.

رابعاً: نلاحظ من السرد السابق أن من يدعون إلى التجديد ليسوا بمجددين، وأنهم يسيرون حرفاً بحرف وكلمة بكلمة وذراعاً بذراع فى كثير من الجدليات على خطى معسكر المستشرقين وصدى صوتهم، هؤلاء المستشرقون الذين لا يمكن الوثوق فى سلامة أهدافهم أو حسن نواياهم!

الخطير: أن أفكار رواد التنوير والمستشرقين الأوائل كانت محدودة الانتشار، أما التلامذة والأتباع فيعيشون عصر الانتشار السريع، مع إضافة قليل من بهارات الأكشن وتعابير الوجه وكثير من الإيماءات والإيحاءات التى تقول ما لا يُنطق لزيادة جرعة التأثير المطلوب!

الأخطر: أن هذا الجدل وتلك الأفكار سريعة التداول والانتشار وما يقابلها من رفض وشجب قد تعمل على صناعة وتكوين إرهابى بدلاً من محاربة التطرف، لنجد أنفسنا أمام إرهاب فردي يتميز بالعشوائية من قِبل فرد أخذته الحماسة والغيرة على الدين! 

فى النهاية.. لست مع دعوات غلق «مؤسسة تكوين»، بل يجب إنشاء كيان مستقل مدعوم بأحدث الوسائل التقنية والمادية والعلمية لمواجهة الأفكار المغلوطة والرد عليها.. هذا والله أعلم

‏[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب تكوين الفكر العربي

إقرأ أيضاً:

تلغراف: هل ستصمد الهدنة بين الهند وباكستان؟

نشرت صحيفة تلغراف البريطانية تقريرا تساءلت فيه عن إمكانية صمود وقف إطلاق النار بين باكستان والهند الذي تم إعلانه أمس، رغم الانتهاكات من الجانبين التي اتهم كل منهما الآخر بارتكابها.

وأشار التقرير، الذي أعده الصحفي بن فارمر مراسل الصحيفة لشؤون الدفاع، إلى إعلان البلدين عن وقف لإطلاق النار بعد 4 أيام من التصعيد العسكري الذي شمل ضربات جوية وهجمات بطائرات مسيّرة وقصفا متبادلا عبر خط السيطرة في إقليم كشمير المتنازع عليه.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شوارع أبيدجان تغير أسماءها في قطيعة جديدة مع الاستعمار الفرنسيlist 2 of 2هل انتهى عصر القوة الأميركية الناعمة؟end of list

وقال إن الشكوك قائمة حول مدى صمود وقف إطلاق النار في ظل استمرار السبب الجذري للصراع، خاصة قضية كشمير و"الإرهاب"، رغم الترحيب الدولي الواسع بهذا الاتفاق.

رغبة حقيقية

وأورد الكاتب أن بعض التقارير استمرت في الإشارة إلى وقوع انفجارات وانقطاع مفاجئ للكهرباء في سريناغار وجامو داخل كشمير الخاضعة للهند، رغم إعلان الهدنة، كما وردت أنباء عن تحليق طائرة مسيرة فوق مدينة بيشاور الباكستانية، مما أدى إلى تفعيل أنظمة الدفاع الجوي.

وأوضح التقرير أن الخطاب الرسمي من الجانبين بشأن وقف إطلاق النار أشار بوضوح إلى وجود رغبة حقيقية في التهدئة، حيث وصف كل طرف تحركاته بأنها "استجابة مناسبة" لتصرفات الآخر، مضيفا أن كل جانب أكد استعداده لعدم التصعيد شريطة التزام الطرف الآخر بذلك.

إعلان ضغوط دولية

وقال إنه يُعتقد أن الضغوط الدولية، وخاصة من الولايات المتحدة، ساهمت في تهيئة الأجواء للوصول إلى هذا التفاهم المؤقت، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أشاد بما وصفه بـ "الحكمة والبصيرة" لدى الطرفين، كما رحب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بالخطوة، واصفا إياها بأنها محل ترحيب كبير.

ونسب بن فارمر إلى محللين قولهم إن هذه الهدنة تمثل إشارة واضحة إلى رغبة الطرفين في تجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة، خاصة في ظل المخاطر الكبيرة والتكاليف التي قد تترتب على استمرار المواجهة، إلا أن التوترات المزمنة، وعلى رأسها ملف كشمير والاتهامات المتبادلة بدعم "الإرهاب"، تظل بمثابة قنابل موقوتة قد تنفجر في أي وقت.

هشاشة الهدنة

وقال إن مصادر هندية حذرت من أن أي هجوم "إرهابي" جديد سيتم اعتباره "عملا عدائيا" يرقى إلى "إعلان حرب"، مما يدل على هشاشة الهدنة.

واستمر يقول إنه، ومع تصاعد النزعة القومية في الهند، فإن الحكومة ستواجه ضغوطا داخلية هائلة للرد بقوة في حال وقوع أي هجوم مماثل.

وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن استمرار التهدئة مرهون بإرادة سياسية حقيقية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، لا سيما قضية كشمير التي تشكل جوهر الخلاف منذ عقود.

وختم المراسل تقريره بالقول: "ما لم يتم التوصل إلى حلول دائمة، فإن فرص انهيار الهدنة تظل قائمة في أي لحظة".

مقالات مشابهة

  • حاكم الشارقة: الهوية أساس تكوين المجتمع.. وحفظ التراث واجب علينا
  • التراث هوية..هل يمكن التملُّص منها؟
  • تأجيل محاكمة 71 عنصر إرهابي من جماعة الأخوان لـ 13 يوليو
  • الملك يوكل عملية دعم تكوين القطيع الوطني إلى السلطات المحلية
  • ترمب والزيارة التاريخية
  • في ذكرى رحيل الأديب والشاعر والصحفي سعد الدين إبراهيم
  • تكوين جمعيات في مجال تعزيز قدرات الفاعلين المدنيين في للترافع حول قضايا الشباب
  • وفاء حامد تحذر من التعلّق المرضي: “يؤدي إلى القلق والاكتئاب”
  • خبيرة: تراجع البورصة فرصة لإعادة تكوين مراكز شرائية استعدادًا للصعود
  • تلغراف: هل ستصمد الهدنة بين الهند وباكستان؟