تتوالى الفاجعات وتتكرّر مشاهد الحزن، تاركةً وراءها فراغًا لا يُملأ وألمًا لا يوصف، ففي كلّ يوم، تخطف السكتات القلبية شبابًا في مقتبل أعمارهم، ليرحلوا عن الحياة دون وداع تاركين وراءهم عائلات وأصدقاء غارقين في بحر من الأسى، فكان آخر ضحايا هذا الموت المفاجئ الطبيب معاذ محمود السبكي مدرس مساعد الأمراض الصدرية الذي فارق الحياة إثر أزمة قلبية مفاجئة، ولم يمهله القدر فرصة إكمال مسيرته الطبية.

وفاة الدكتور معاذ محمود السبكي

كلمات مؤثرة ودّع بها الأسرة والأصدقاء فقيدهم الشاب معاذ محمود السبكي، الذي توفي إثر أزمة قلبية مفاجئة أثناء النوم، وحاولت أسرته إيقاظه ولكن دون جدوى، ووجدوه جثة هامدة على سريره بعد يوم عمل شاق، إذ يعمل الطبيب الراحل أخصائي أمراض الصدرية والحساسية والعناية المركزة، ومدرس بكلية الطب بمستشفيات المنوفية الجامعية، وكان قد اُختير طبيبًا مثاليًا بعد ما قدمه من مجهودات ضمن الأطباء الأبطال في مستشفيات العزل بجامعة المنوفية أثناء أزمة كورونا، واحتفل مطلع شهر مارس بافتتاح عيادته الخاصة.

 

وعبّر شقيقه الأصغر محمد السبكي عن حزنه العميق إثر وفاة شقيقه وأقرب أصدقائه إلى قلبه قائلًا: «أنا مش مصدق لغاية الآن وبدعي أكون بحلم، راجعين سوا من العيادة قبلها علطول معاذ مكنش أخويا الكبير معاذ كان أبويا والله من بعد أبويا الله يرحمه ما اتوفى، عمري ما قولتله محتاج حاجة وقالي لا ليا أو لغيري، كان يقولي دايمًا احنا ربنا مسخرنا أسباب أننا نطمن الناس فـ أتمنى أي حد معاذ كان ربنا سخره له وقدم له أي معروف يدعيله من قلبه بالذات في الوقت دا، دعواتكم بالله عليكم ليه، مش هتقولي فكها يا كئيب وسيبها ع الله تاني؟ ربنا يرحمك يا أعز ما ليا ويصبرني على فراقك».

كلمات مؤثرة في وداع الدكتور معاذ محمود السبكي

الخير والأمانة والصدق والعطاء كانت من أبرز صفات الدكتور معاذ محمود، إذ كتب صديقه أحمد عادل عبر صفحته الشخصية على فيس بوك: «شاب في مقتبل العمر يشهد له القاصي والداني بدماثة الخلق والسماحة والطيبة والبشاشة ومساعدة المرضى، من شهرين بس بعد ما ربنا كرمه وقرر يفتح عيادة وهو مقبل على الدنيا أيما إقبال وتفتح له الدنيا ذراعيها لا ليكبر اسمه واسم عيادته بل لتخطفه اختطافًا من بين محبيه وذويه، معاذ السبكي مدرس مساعد الأمراض الصدرية بجامعة المنوفية إلى جوار ربه».

أما صديقه معاذ ناصر رثاه ببعض الكلمات عبر صفحته الشخصية قائلًا: «في رحيل الدكتور معاذ السبكي، خسرنا قلبًا نابضًا بالطيبة والبشاشة، غيابه يترك فراغًا لا يُملأ في النفوس التي أنارها بابتسامته، فلترقد روحه في سلام وطمأنينة. ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون».

وحكي أحد أساتذته أحد المواقف التي جمعته بـ طبيب المنوفية الراحل أثناء أزمة كورونا، وكتب في رحيله بعض الكلمات المؤثرة، يقول الدكتور محمد توفيق: «ابني الغالي الدكتور معاذ محمود السبكي، والله وجعت قلبي يا معاذ هذا الشاب الجميل الخلوق الراقي الذي سمعت صوته عبر الموبايل أكثر من ألف مرة ولكن لم أسعد أو أشرف بلقائه، أيام كورونا تعرفت عليه من خلال التليفون، وعرفته بنفسي وطلبت منه أن يطمئنني على حالة إثنين من زملائي كانوا في حجز كورونا، فكان يطمئنني عليهم وعلى آخر نتائج فحوصاتهم وتحاليلهم لحظة بلحظة وعلى مدار اليوم والليلة».

وأضاف: «وبعدها دام تواصلنا كلما دخل زميل جديد إلى الحجز حتى انتهت أزمة كورونا، بعد ثالث أو رابع مكالمة وفي اللحظة التي شعرت فيها أنه قريب إلى قلبي وبالطبع كنت دائمًا أناديه (يابني) لأنّه زميل لأولادي وفي سنهم، وجدته يسعدني بأن يناديني (يا عموو) بدلاً من دكتور، كم دعوت له بالتوفيق ولأبيه وأمه الذين أنجبوا وربوا هذا الكائن الراقي، كان آخر إتصالي به يوم هنأته باختياره طبيبًا مثاليًا».   

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: طبيب المنوفية معاذ محمود أزمة قلبية سكتة قلبية قلبية طبیب ا

إقرأ أيضاً:

ما قصة تماثيل عين غزال الأردنية التي احتفل بها غوغل؟

احتفى محرّك البحث العالمي "غوغل" بتماثيل "عين غزال" الأردنية، مسلطًا الضوء على واحدة من أقدم الشواهد الفنية في تاريخ البشرية.

هذا الاحتفاء أعاد هذه التماثيل إلى الواجهة، حيث تعتبر تماثيل عين غزال، نافذة على بدايات التفكير الرمزي والديني لدى الإنسان في العصر الحجري الحديث.

تماثيل عين غزال تعد شاهدة على مجتمع استقر قبل نحو تسعة آلاف عام على أطراف عمّان الحالية، وترك خلفه إرثًا فنيًا وروحيًا ما زال يثير أسئلة العلماء والمؤرخين حتى اليوم.

موقع عين غزال
يقع موقع عين غزال الأثري في الجزء الشرقي من العاصمة الأردنية عمّان، قرب مجرى سيل الزرقاء، في منطقة كانت تُعدّ من أكبر المستوطنات البشرية في العصر الحجري الحديث قبل الفخاري.

وتشير الدراسات الأثرية إلى أن الموقع كان مأهولًا بشكل متواصل تقريبًا بين عامي 7200 و5000 قبل الميلاد، أي في مرحلة مفصلية من تاريخ البشرية شهدت الانتقال من الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة والاستقرار.

ما يميّز عين غزال عن غيره من المواقع المماثلة في المنطقة، هو ضخامته نسبيًا؛ إذ قُدّر عدد سكانه في ذروة ازدهاره بالآلاف، وهو رقم كبير جدًا بمقاييس تلك الفترة. هذا الاستقرار السكاني الكثيف أتاح نشوء أنماط اجتماعية ودينية معقدة، انعكست لاحقًا في طقوس الدفن والعمارة والفنون، وعلى رأسها تماثيل الجص الشهيرة.

اكتشاف تماثيل عين غزال عام 1983
بدأت قصة الاكتشاف في عام 1983، عندما كانت أعمال توسعة عمرانية تجري في المنطقة. وخلال حفريات إنقاذية، عثر فريق من علماء الآثار على مجموعة غير متوقعة من التماثيل المدفونة بعناية تحت أرضية أحد المباني السكنية القديمة. لاحقًا، كشفت حملات تنقيب إضافية عن مجموعتين رئيسيتين من التماثيل، يعود تاريخ دفنهما إلى نحو 6500 قبل الميلاد.

شكّل هذا الاكتشاف صدمة علمية حقيقية، إذ لم يكن معروفًا آنذاك وجود تماثيل بشرية كاملة الحجم تقريبًا تعود إلى هذا الزمن السحيق. ومنذ ذلك الحين، أصبح اسم «تماثيل عين غزال» حاضرًا في أبرز المراجع الأكاديمية، وغالبًا ما يُشار إليها بوصفها من أقدم التماثيل البشرية في العالم.

تماثيل من الجص
صُنعت تماثيل عين غزال من مادة الجص (الجبس الجيري)، وهي مادة كانت تُحضّر عبر حرق الحجر الجيري ثم خلطه بالماء لتكوين عجينة قابلة للتشكيل. وقد بُنيت التماثيل حول هيكل داخلي من القصب أو الأغصان، ثم جرى تغليفها بطبقات من الجص المصقول بعناية.

تتراوح أطوال التماثيل بين نصف متر ومتر تقريبًا، وبعضها تماثيل كاملة، فيما صُنعت أخرى على شكل أنصاف تماثيل (بوست). اللافت للنظر هو التركيز الشديد على ملامح الوجه، ولا سيما العيون الكبيرة المصنوعة غالبًا من القار أو الصدف، والتي تمنح التماثيل نظرة حادة ومقلقة، كأنها تحدّق في المشاهد عبر آلاف السنين.

ملامح بلا أفواه
من أكثر ما يثير الجدل العلمي حول تماثيل عين غزال، هو غياب الفم في معظمها، مقابل إبراز واضح للعيون والرؤوس. هذا الاختيار الفني المتكرر دفع الباحثين إلى طرح تفسيرات متعددة، من بينها أن التماثيل لم تكن تمثّل أفرادًا بعينهم، بل كائنات رمزية أو أسلافًا مقدسين، أو ربما آلهة مرتبطة بالخصوبة والحياة والموت.

كما يرى بعض العلماء أن غياب الفم قد يرمز إلى الصمت الطقسي، أو إلى عالم روحي لا يحتاج إلى الكلام، فيما تبقى العيون وسيلة الاتصال بين العالم المرئي والعالم غير المرئي.

لماذا دُفنت تحت الأرض؟
لم تُترك التماثيل معروضة أو مهجورة، بل دُفنت بعناية فائقة داخل حفر خاصة تحت أرضيات المنازل، وهو ما يفتح بابًا واسعًا للتأويل. فالبعض يرى أن الدفن كان جزءًا من طقس ديني دوري، حيث تُصنع التماثيل وتُستخدم في شعائر معينة ثم تُوارى الأرض بعد انتهاء دورها الرمزي.

ويذهب رأي آخر إلى أن هذه التماثيل كانت مرتبطة بطقوس حماية المنزل أو الجماعة، وأن دفنها تحت الأرضية يهدف إلى ضمان البركة أو الحماية الروحية لسكان المكان.

وعُثر في موقع عين غزال على ما يقارب 32 تمثالًا وتمثالًا نصفيًا، وهو عدد كبير قياسًا بالفترة الزمنية التي تعود إليها.

أين توجد تماثيل عين غزال اليوم؟
تتوزع تماثيل عين غزال اليوم بين عدد من المتاحف العالمية، أبرزها متحف الأردن في عمّان، الذي يضم مجموعة مهمة تُعدّ من أثمن معروضاته الدائمة.

كما توجد تماثيل أخرى في متاحف عالمية مثل المتحف البريطاني في لندن، ومتحف اللوفر في باريس، ضمن سياق التعاون العلمي الذي رافق عمليات التنقيب والدراسة.

ويُنظر إلى عرض هذه التماثيل في متحف الأردن على وجه الخصوص بوصفه استعادة رمزية للإرث الحضاري المحلي، وربطًا بين سكان عمّان المعاصرين وأحد أقدم فصول تاريخ مدينتهم.

مقالات مشابهة

  • بكلمات مؤثرة.. مصطفى بكري ينعى وفاة الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق
  • شيكابالا: أنا مش ضد إدارة الزمالك لكن لازم يكون في حلول جذرية للأزمات المالية
  • الدكتور بن حبتور يعزّي في وفاة محمد بجاش
  • ما قصة تماثيل عين غزال الأردنية التي احتفل بها غوغل؟
  • الأربعاء.. الاحتفال بافتتاح 9 مصانع في صحار
  • متروحش الأهلي.. شوبير يكشف مستجدات الزمالك في أزمة بنتايك
  • طبيب عروس المنوفية: لم يوجد اثار دماء علي جسد المجني عليها.. ووالدة المتهم: الدكتور زقني من التوك توك
  • بيدفعوله | تطور مثير في أزمة بنتايك مع الزمالك
  • قادة الزمالك يتدخلون لحسم أزمة محمود بنتايج وإعادته للفريق
  • أحمد السبكي: إدماج العلاج الطبيعي ضمن الخدمات الأساسية بالقرى لأول مرة