غزة - صفا

يوافق اليوم الأربعاء، مرور 76 سنةً على ذكرى النكبة الفلسطينية، التي يحييها الفلسطينيون في 15 مايو من كل عام بفعاليات مختلفة.

وتأتي هذه الذكرى الأليمة، بالتزامن مع عدوان إسرائيلي على قطاع غزة مستمر لـ 222 يوما، تواصل خلاله قوات الاحتلال الصهيوني ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.

واستشهد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 35173 مواطنًا، فيما وصل عدد المصابين إلى 79061، 72% من الضحايا هم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة.

ومع استمرار العدوان الهمجي، توقفت معظم المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل، إما بسبب القصف أو نفاد الوقود.

في المقابل، أشارت التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أنّ أكثر من 1400 إسرائيلي قتلوا منذ بدء المعارك، بينهم أكثر من 600 ضابط وجندي، بالإضافة إلى نحو 6000 جريح.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وتنكرها لحقوقهم الوطنية والإنسانية، وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وأيضًا حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.

وتشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة أحداثًا وتطورات مفصلية في مواجهة الاحتلال والتصدي لمخططاته الاستيطانية والتهويدية، وتحديدًا في مدينة القدس والداخل المحتل، ومحاولته طمس الهوية الفلسطينية العربية، وتشويه النضال الفلسطيني.

ورغم مرور 76 سنةً على النكبة، إلا أن فصولها ومآسيها لا تزال مستمرة، في ظل مخططات الاحتلال التي ينفذها من استباحة الدم الفلسطيني وسرقة الأراضي وهدم البيوت، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وغيرها من الاعتداءات والانتهاكات المتواصلة.

وفي هذا اليوم، يستذكّر الفلسطينيون تهجير أجدادهم من أرضهم قسرًا على يد العصابات الصهيونية عام 1948، وما رافقه من جرائم قتل وتشريد، وسط إصرار على تمسكهم في حق العودة إلى ديارهم التي هجروا منها.

غطرسة الاحتلال

وشكل الخامس عشر من أيار/ مايو، علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني بكل ما تختزنه الذاكرة من صور أليمة جسدت بشاعة وحجم الجريمة التي اقترفتها العصابات الصهيونية، وكل الأطراف التي وقفت معهم لتهجير شعبنا من أرضه، لأجل تحقيق المقولة الأكذوبة "شعب بلا أرض لأرض بلا شعب".

وفي هذا العام تبرز مدى غطرسة الاحتلال بكل وضوح في محاولته لإلغاء حقوق شعبنا، والسعي نحو إحلال الصبغة اليهودية بديلًا عن الطابع العربي، وتحديدًا في مدينة القدس، وما يسعى إليه من إلغاء لحقنا التاريخي والجغرافي في أرض فلسطين، وإلغاء هويتنا وتراثنا وحضارتنا العريقة.

ويحيي الفلسطينيون في كافة أماكن تواجدهم الذكرى بعدة فعاليات وأنشطة ستنظم هذا العام تحت شعار "عودتنا وعد يقترب"، و"كفى 76 عامًا من الظلم والكيل بمكيالين – نكبة فلسطين جريمة لا تسقط بالتقادم".

تطهير عرقي

وشكلت النكبة أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرين، حيث شرد ما يربو عن 950 ألف فلسطيني قسرًا من قراهم ومدنهم بقوة السلاح والتهديد إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948، وتم إحلال اليهود مكانهم.

وسيطر الاحتلال على أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية البالغة حوالي 27 ألف كم2 بما فيها من موارد وما عليها من سكان، أي ما يزيد على ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية.

وخلال النكبة، سيطرت العصابات الصهيونية على 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل وطمس معالمها الحضارية والتاريخية، وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه.

واُرتكبت أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، تمثل كل واحدة منها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وتصنف في إطار جرائم الإبادة الجماعية.

وحسب عدة مصادر تاريخية، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين في معارك النكبة نحو 15 ألف شهيد، بينما بلغ عدد الشهداء العرب من 3500 إلى 700 آلاف شهيد.

وبحسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فقد بلغ عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين 58 مخيمًا رسميا تابعًا للوكالة تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 في لبنان، و19 في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: النكبة العدوان على غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

مسنة في غزة تستذكر 77 عاما قضتها بين النكبة وأهوال الحرب

غزة- على مدخل خيمتها المقامة على أنقاض منزلها المدمر في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، تعيش المسنة عزيزة أبو سعدة مرة أخرى المشهد ذاته المحفور في ذاكرتها عندما وضعت قدميها في المخيم نفسه قبل 77 عاما، بعدما اضطرت للرحيل مع ذويها من بلدتها الفلسطينية الأصلية التي احتلتها إسرائيل.

وفي الخيمة ذاتها، وجع أكبر تتحمله المسنة التي هجرتها العصابات الصهيونية برفقة عائلتها عندما كانت طفلة في العاشرة من عمرها، حيث قطعت مسافات طويلة رغم صغرها آنذاك هربا من النيران والقذائف المدفعية.

ورغم ما خطه الزمن من تجاعيد على وجهها، فإن ذاكرة المسنة عزيزة تحتفظ بتفاصيل ما حل بالشعب الفلسطيني زمن النكبة، وكيف انتقلت من قرية كرتيا إلى بلدة حمامة ومن ثم المجدل، وصولا إلى مدينة غزة.

وتقع كرتيا شمالي شرق غزة، على بعد كيلومتر واحد شمالي غرب الفالوجا، وهي واحدة من 530 قرية فلسطينية دمرتها العصابات الصهيونية عام 1948، مما أدى لتهجير ما يزيد على 700 ألف فلسطيني، من بينهم 200 ألف لجؤوا إلى قطاع غزة.

خط الزمن

من قرية لأخرى انتهت محطات نزوح عائلة أبو سعدة في حي الشجاعية شرق غزة، قبل أن ينتقلوا إلى غرب المدينة ومن ثم اتخاذ مخيم جباليا للاجئين مكانا لإقامتهم، بعدما هيأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" خياما كانوا يعتقدون أنها مؤقتة لحين العودة.

إعلان

وبدأت حياة الطفلة عزيزة في ذلك الوقت بالاعتماد على المعونات التي تقدمها وكالة الأونروا، واليوم تعود وهي في سن الـ87 من عمرها، تنتظر المعونات في المخيم المدمر ذاته، بينما تمنعها عنها قوات الاحتلال.

وبلسان مثقل تتحدث المسنة الفلسطينية عن ما عاشته منذ صغرها، بدءا بالنكبة بكل تفاصيلها، والعدوان الثلاثي عام 1956، ومن ثم احتلال قطاع غزة عام 1967، ومرورا بالانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية، والحروب الإسرائيلية على القطاع، وصولا لحرب الإبادة الدائرة هذه الأيام.

ولم تجد أقسى من هذه الحرب طوال عقود عمرها الثمانية -كما تقول عزيزة- ولم تر في حياتها مثل كثافة القذائف والصواريخ التي تتساقط على غزة، ولم تمر أمامها فظاعة مثل الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في غزة.

ورغم أنها عاشت مشاهد قاسية في صغرها وهي تهرب مع ذويها بالقليل من احتياجاتهم على أمل العودة، لكن فقدان عزيزة لحفيدها في هذه الحرب، واضطرارها للنزوح من مكان لآخر كان أشد قساوة.

وتشير عزيزة إلى تطور الحياة داخل مخيم جباليا، أحد مخيمات اللاجئين الخمسة داخل قطاع غزة، والذي تبلغ مساحته 1.4 كيلومتر ويقطنه أكثر من 100 ألف لاجئ، وتذكر حين تحولت المعيشة من الخيمة لمنازل تلفها حجارة رملية وتغطيها ألواح من القرميد، ثم توسعها لمنازل بحجارة إسمنتية تسقفها ألواح من الأسبست، ومن ثم إعادة بنائها بطبقات إسمنتية.

مخيم جباليا تحول لكومة ركام بعدما كان يؤوي آلاف اللاجئين شمال قطاع غزة (الجزيرة) "الحرب هدتنا"

منذ بداية العدوان الإسرائيلي، رفضت عزيزة الاستجابة لتهديدات جيش الاحتلال بالنزوح من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، وبقيت صامدة في منزلها داخل أزقة المخيم الذي تعرض للتوغل البري 3 مرات خلال الحرب، حتى اضطرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للخروج عبر الممر الذي حدده جنود الاحتلال للنزوح تجاه مدينة غزة.

إعلان

ولم يشفع لها كبر سنها أمام الجنود المدججين بالسلاح، الذين تمركزوا بالقرب من المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة، وطلبوا منها السير لمسافات طويلة وحيدة دون مرافق يساعدها، مما اضطرها للزحف على ركبتيها علها تتمكن من الوصول لمكان آمن.

وتقول المسنة الفلسطينية إنها لأول مرة في حياتها تشاهد أعدادا كبيرة من الدبابات والجرافات الإسرائيلية والجنود الذين يصوبون سلاحهم تجاه كل متحرك، في حين تعلو أصوات الطائرات في سماء المنطقة.

لقد كانت المشاهد المخيفة كما تصفها الحاجة عزيزة الأصعب عليها منذ احتلال فلسطين، بسبب الدمار الهائل الذي خلفه جيش الاحتلال في مخيم جباليا، والجثث التي تناثرت في الشوارع دون أن يتمكن أحد من انتشالها.

وبعد أيام قليلة من مغادرة عزيزة شمال غزة، تعرضت لجلطة قلبية كادت أن تودي بحياتها، في ظل عجز المستشفيات عن تقديم الخدمات الصحية، وعلى إثرها لم تعد تقوى على الحركة.

"الحرب هدتنا" تقول عزيزة، فقد أعادتها الحرب الإسرائيلية القاتلة على قطاع غزة إلى الخيمة من جديد، بعدما دمرت الطائرات الحربية منزلها خلال اجتياح شمال قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وتجزم المسنة الفلسطينية بأن خيمتها التي عاشتها في طفولتها عقب النكبة لم تكن أسوأ من خيمتها الحالية التي تعيش فيها هذه الأيام، حيث لم تجد ما تأكله بعدما منعت قوات الاحتلال إدخال المساعدات الغذائية لأكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وتقول "بعد النكبة، كانت الأونروا تصرف لنا القليل من الغذاء، لكن الآن لا نجد من يقف معنا أمام إسرائيل".

مقالات مشابهة

  • المخرجة مي عودة: الوضع أصبح أكثر تحديا لصناع الأفلام الفلسطينيين
  • رئيس وزراء فلسطين: محاولات الاحتلال مستمرة لإنهاء الوجود الفلسطيني وسنظل صامدون
  • الاحتلال يمنع الفلسطينيين من أداء صلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي
  • 6 عصابات صهيونية نفذت النكبة وشكلت نواة جيش الاحتلال
  • فصائل فلسطينية في ذكرى النكبة: لاتهجير جديد والمقاومة مستمرة حتى التحرير
  • لاجئو لبنان بعد 77 عامًا على النكبة: ماذا تعني "العودة" لجيل لم يطأ أرض فلسطين؟
  • مسنة في غزة تستذكر 77 عاما قضتها بين النكبة وأهوال الحرب
  • رئيس لجنة فلسطين النيابية لصراحة نيوز: النكبة جرح مفتوح لا تنهيه العقود
  • النكبة.. حين بُترت فلسطين وبقي القلب ينبض
  • لازاريني: لا أجد الكلمات لوصف البؤس والمأساة التي يعاني منها سكان غزة