حفاوة ذاكرة
د. #بسام_الهلول
Célébration de la mémoire
في زحمة العناوين بل
مقالات ذات صلة الفتنة الصهيو نية سلاح لا ينجح في هذا البلد 2024/05/15تهافتها تحاول الأم وبعد عقم رزقت بالولد بعد عسر المجيء تريد ان تميز وليدها بمسمى على غير مسميات تضج بها قريتها وتريد ان يكون الاسم يحمل صبر انتظارها ولا مثيل له في أتراب وليدها ورائدها( ما شفتك يانون إلا بعد ماتقلعت العيون )
فلعل في حراكنا السياسي والحزبي ان يلوح لها ما يلفت بعد ان وجعت( ليتا واخدعا) وهما من عروق الرقبة ان تتخير من حراك( البولتيكا) اي( الهرج السياسي ) حيث كثير من الناس وممن هم في هذا( الهرج) يظنون ان البولتيك هي نفسها البولتيكا فثمة فرق بين المصطلحين وهذا ما يجهله ولايعلمه الكثرة الكاثرة من هؤلاء مثل ذلك القروي الذي ظن ان ( الديمقراطية) هي( الكنافة) وكمثل من حمّل فيمن سلف كمثل من يحمل اسفارا فوقع لها بعد ليلة لتجمع هذه المسميات بمركب وعلى طريقة اهل الأندلس ان شاع فيهم لقب( ابن رافع راسه) او( سقف الحيط) او تأبط شرا في شرقنا وجزيرتنافأسمته( يكري حنكه) ومن طريف ما شاهدته في ساحة الفنا بمراكش ان بائع عصير البرتقال قبل ان يحل المساء وخوفا من ان يضطره خزين البضاعة فينادي في الناس ( من يُكْري حنكه) فيهجم الناس عليه ويصدرون رواء ويكون في هذا سلم من تبعة التخزين ولقد ذكر هذا استاذنا المغربي الفيلسوف ( محمد عزيز الحبابي) في كتابه( العالم الثالث .
وما وقع لهذه المرأة من حيرة وتردد وتمهل كان يقع لي عند وشيك الامتحانات او ما يطلق عليه عند طلبتنا( الفاينل) ان وضع السؤال كان يستغرقني وقتا طويل كحوليات زهير من تحوير وتصويب الى ان يقع على مزاجه وطبع واضعه لا كما هو الشأن عند من جمعنا بهم حملة( المرقعات) الأمر الذي يطرح المسافة بين ( المحاضر الرسالي) وبين من( يكري حنكه) مشفوعا بالهم وما سيتلقاه طلبتنا في( القابل)،رغم ماكانت تلوكه بعض الألسنة تندرا إلى ان شاع شخص( بسام) وعرف بأسئلته بلغت معه( الاسطرة) وصدق فيها قول شاعرنا( إذا اراد الله نشر فضيلة أتاح لها لسان حسود) بل وصل بها حد المروي ان يزيد عليها بعض من سمعوا من متخيله ومحكيه الشعبي وكما تعلمون ان العامة ومن بينهم بعض( الدكاترة) يحمل المروي دون عرضه بل( سبره وتقسيمه) ويحصل لبعضهم كما حصل لذلك الاعرابي ان قرأ( سكينة وفار) بدل ( سكينة ووقار) مفارقة هي ، بين مايقطع بها من سكينة الخضار وشتان بين الوقار والفأر وشاع كثير منها في اصقاع المعمورة إلى أن سمعتها من مخرج برنامج( فوق السلطة) محطة الجزيرة بعضا مما نسب الي مثل حكاية الطلبة وعجلات السيارة) وشاعت هذه كشيوع القهوة ( أنا المحبوبة السمراء …وعود الهند لي عطر وذكري شاع في الصين) نعم ان اسئلتي بلغت في الناس بل في العالمين حتى اصبحت انشد ما شاع في ( المحبوبة السمرا) وبلغ بها الشأن ان انتشرت ( فيديوهات) كما شاهدتها عند طلبة الحجاز ونجد وتركيا وامريكا ولندن وفرنسا والطفيلة ( وذكري للطفيلة هنا بلدي ادراجا من الراوي على سبيل الملحة وان كان( الإدراج) من افات الرواية بل واصبحت عند طلبتي الذين افتخر بهم جميعا وعلى كافة مدارجهم في (. التلقي والتأويل أنعم بهم وأحبب)
ومن عزيزها بل ومن أطلسها المعجب انهم تعرضوا لبعض من وسمها إلى ان وصلت الى درجة ( الكاركتير) وقد وقع ذلك في مادة( حقوق الانسان في الاسلام) ان كانت صفيحة منها دون ان تشاهد كلاما والمطلوب استنطاق الصورة وقد اعانني على رسمها بعض من له باعا في التصوير الكاريكاتوري) ولقد ذكرت ذلك مفصلا في كتابي( قبض الهشيم) ( ابو نوران المجالي) وكان من مادتها بل من واقعها ( الانتخابات البرلمانية وسني الجدب) اي( القحط) عندما تشح السماء من القطر وامام المسجد بل شيخ القرية يحمل على حماره صناديق من الخشب مكتنزة بأوراق انتخاب واهل القرية ينتظرونه ليستسقي لهم الغمام اي ( صلاة استسقاء ) وهو مشغول بنقل الاوراق اليهم والمجموعة من الناس يرتدون احذية مختلفة على غير نسق وكثير منهم ينتعل حذاء من الحنتور اي الكاوتشوك ونسميه نحن في الطفيلة( ابو اصبع) او( حذا قناطر) لتشابه بينه وبين شكل القنطره وقد لبسته عندما كنت في مهد بلدتي صبيا وكان المطلوب ان ينتج( مفارقة) حيال هذه( المقاربة) approximative فقط انّى يتسنى لنا الجمع بين سني الجدب بمستواها الدلالي وانهمام السياسي بورقة انتخاب وكذا بين البعد الرسالي لإمام وشيخ القرية ووظيفه ، اي ان الكل هنا في ربقة الساسي وتقصيره بل لعبه على ذقون الجماهير في هذه الملهاة والتي هي من ألعاب الدومينو عند شعب يتضور الطفر وانحباس المطر وسياسي هازيء لاعب مما يجعل من مهمة المحاضر في الجامعة ( اقلاق النوم العام)
ومن طريف ما يستدعيه السياق ان نفرا من اهل القرية او البلدة شاهد شيخا يتعاطى الحشيش فسأله بل وأنكر عليه فعله المشين( ما هذا ياشيخنا وإمامنا فرد عليه ( أنا والله العظيم في اجازة) والعهدة على الراوي من هنا تبدو المفارقة بين دكتور حامل اطروحة دكتوراة في أبعادها الرسالية وبين اخر يقتات لحم السواد اي -الجمهور –
وكما يقول المغاربة عندما يتناهى الى اسماعهم خبر المولود ويسمى( زيادة ) ولذلك يسمون شهادة الميلاد ( عقد ازدياد) فيسألون( طراحة ولا ازدياد) اي خداج او مكتمل الخلقة؟ فكثير ممن تسنموا ذرى التمدرس اليوم انما هم( طراحة) واذا زاد بك الحنق فيردون عليك( المعلم عايز كدة) وغالب ما نراه ويتناهى الى اسماعنا مما وصلت اليه( الاكاديمية) الى حطيط( الأكاديميا) ومن اراد ان يستزيد فيما بينهما من مفارقة ، عليه مطالعة ما فرغ منه الفيلسوف مالك بن نبي ؛ تذكرني حالة انهيارها بذلك المثل السيّار في بلدتي( عمارة خضرا وبساس مثل الخيل) حيث صفر الخبرة عند البنّاء اوجاهل يستغل سذاجة السواد ( العامة ) والمساكين والغلابة والضعفة من خلق الله انه انهار على جرفه استخفافا ومنكرا عليهم فهموهم ولما سئل كما الاجتماع بكليته من تمدرسه الى استطبابه وجوابهم ( العمارة خضرة والقطط مثل الخيل)
ورغم ما يكتوينا من جوى وحنين الى وطن مفقود ؛ سيبقى الخبر مقدما على المبتدأ ومن اراد الاستزادة فليراجع الفية ابن عقيل في النحو الذي حاد عنه أرهاط من قومي ورغم هذه الأفة سيبقى هتافنا الوشيجة
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
مآثر الأجداد المُلهمة
سعيد بن محمد الجحفلي
الذكرى نبأٌ بمحامد، أو عيبٌ بنقيصة، ولكل جيلٍ حكاياته التي تُروى في مواقف تُدوّنها سِجلات ذاكرته، لتبقى عِبرة وبصيرة لمن يتوارثها، توفيرًا لمسافاتٍ من الجهد والتفكّر في معترك كل جيل.
وهنا سوف أذكر بإيجازٍ، دون تحليل، مواقف مُلهمة لرجالٍ نذروا أنفسهم وأموالهم لخدمة بني جلدتهم، فدافعوا عمّا يرونه صوابًا، فنصروا، وأجاروا، وأطعموا دون شُح أو تطلّع، فمواقف المروءة لا يقوم بها إلا أفذاذ الرجال، الذين تجد في حضورهم أنسًا، وفي قدومهم بشرى، وفي غيابهم وحشة واستيحاشًا.
وتتبّع سير الأولين واقتفاء آثارهم فيه من العِبر والدروس، ما يهون كل شاق لمن يريد أن يخدم مجتمعه ووطنه وأمته، والزمن الذي نعيشه فيه الوفرة من كل شيء، وفيه من جوائح الأضرار ما يُنهك ويُعطل أجمل ما في الناس من محامد، ولنا أن نرى ما يسفّ بالأمة من خذلان وأنانية وقلة مروءة، وهذه المضار تُعجّل بنُذرها السيئة في مختلف جوانب حياة الإنسان العربي أينما كان.
وفي الوقت الذي أستدعي فيه بعُجالة أحداث هذه السطور لأُذكّر بصفات النخوة العربية، نرى أن أهل غزة قد خاب ظنّهم بأشقائهم العرب، في مأساةٍ لم يشهد التاريخ مثيلًا لها، لا قديمًا ولا حديثًا... فإخوة يوسف كانوا أرحم بأخيهم عندما ألقوه في الجُبّ، ولم يُغلقوا عليه فتحته، لينقذه "السَيَّارة" الذين استوصوا به خيرًا، أما إخوة أهل غزة فقد أغلقوا عليهم سُبل النجاة، حتى لا يُحمل إليهم الغذاء والدواء، فضاعت المروءة، وأُهينت الأخلاق... فاللهم عجل بفرجك لأهل غزة.
وهنا أذكرُ بما سمعناه من الرواة الثقات عن موقفين حدثا قبل أكثر من ثمانين عامًا تقريبًا في محافظة ظفار.
ففي مساء يوم خريفي مُثقلٍ بهموم الحياة وشظف العيش، خرج الشيخ مسلم من مدينة صلالة متوجهًا إلى قريته في أحد مضارب جبال ظفار، بعد أن قضى أسبوعًا كاملًا في ساحة برزة الحصن، التي يقصدها دائمًا مع عدد من كبار شيوخ وأعيان ظفار، للنظر في شكاوى المواطنين ومشاكل الرعية برئاسة السلطان سعيد بن تيمور أو والي ظفار.
وبعد انتهاء مهمته من جلسات البرزة، توجّه الشيخ مسلم إلى سوق الحافة، لعله يجد ما يتزود به من طعام لأسرته وجيرانه الذين ينتظرون قدومه بفارغ الصبر، ولكن ضعف حركة السوق وقلة المعروض من المؤن، كان أثره واضحًا في عدم حصوله على ما يكفي من مؤونة للذين ينتظرونه. وأثناء سيره نحو دياره، قابل رجلًا من منطقة أخرى، خرج للتو من المدينة خالي اليدين، مما يمكن أن يُقدّمه لأسرته من طعام، فسلّم عليه الشيخ مسلم وسأله عن حاله، فندب الرجل حظّه، وأخبره أنه نزل إلى المدينة ولم يجد طعامًا يشتريه لأسرته، وأن أولاده يتضورون جوعًا بعد أن جفّ الضرع، وانحسر الزرع، لتأخر أمطار الخريف عن موعدها.
وهنا دفع الشيخ كل ما عنده من طعام إلى الرجل، رغم حاجته الماسة إليه، وقال: هذا يسدّ رمق أطفالك عدة أيام، أما أنا فأسرتي كبيرة، ولا يكفيها ما عندي، فشكره الرجل على كرمه وسخائه المعهود، فهو معروف بعدم خذلانه من قصد داره لحاجة أبدًا، وكأن قوله تعالى ينطبق عليه: "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة".
واصل كلٌّ منهما طريقه نحو دياره... وصل الشيخ مسلم إلى داره، واجتمع حوله الناس كالعادة منتظرين المؤونة التي يجلبها معه من المدينة، فأخبرهم أنه لم يجد طعامًا هذه المرة، ولهذا اشترى بقرة أحد جيرانه بالدَّين، وقال: اذبحوها وتقاسموها، وليكن لصاحب البقرة قسمته مثلكم.
هذه الخصال النبيلة، والمآثر الكريمة، من يتصف بها أيام القحط والجدب، ينطبق عليه قول الشاعر:
تأبى المروءةُ أن تُفارقَ أهلَها
إنّ المروءَةَ في الرجالِ خصالُ
أما في جبل القمر، الرابض على سلسلة جبال رخيوت العالية، فهناك حكاية أخرى، حيث وقف الشيخ أحمد ينادي ابنه أن يُهيئ المكان الذي ستبرك فيه إبلهُم بجانب الطريق الرئيسي، الذي يربط صلالة بالمناطق الغربية وببلاد المهرة في الجانب اليمني الشقيق. فمن خلاله يعبر الناس شرقًا وغربًا، كلٌّ في حاجته.
ردّ الابن لأبيه قائلًا: إن موسم القيظ قد بدأ، وإن المرعى شحيح هنا، ونريد أن نرحل بالإبل إلى المناطق الأكثر خُصبًا وأوفر كلأً على حواف الجبال مثل بقية ملاك الإبل. فرد عليه الوالد مستنكرًا: يا ولدي، إذا ضعنّا من هنا، فمن لهؤلاء الناس الذين يستغلون هذا الطريق المقطوع ذهابًا وإيابًا، ولا يجدون من يُطعمهم ولا يُسقيهم في هجير هذا القيظ الحار؟ وإن معظم الأسر كما تعرف قد نزحت بعيدًا، وتركت مضارب سكناها خالية.
وأردف حالفًا: لن نبرح هذا المكان الذي نحن فيه، مهما كان وجودنا شاقًا لنا ولحيواناتنا، لأننا نُحيي ببقائنا هنا من تقطعت بهم السُبل، يا ولدي، اسرح بالإبل حيثما شئت، وفي المساء عُد بهن إلى معطنهن هذا، ليشرب من حليبهن المسافر الجائع، ويستأمن عندنا الخائف الغريب.
نفذ الابن تعليمات والده، لأنه لا يقل كرمًا ولا مروءة عن والده، فقد تربى على ما يعزّه وينجيه من كريم الخصال، وعندما أشار إلى والده بما يراه ضرورة، فلأنه يرعى الإبل ويعرف أن المنطقة كلها أصبحت غير صالحة للرعي بسبب الجفاف الشديد الذي ضربها.
هذه المواقف مسؤولية مجتمعية مكتملة الأركان، ألزم الشيخ أحمد نفسه بها لرفد المحتاج، وإغاثة الملهوف، وإعانة الغريب، حيث تظهر معادن الناس وكرمهم الأصيل المتوارث أبًا عن جد. فعلى الرغم من ضيق الحال وعسر الحياة في تلك السنين الجديبة، إلا أن الكرم والإيثار هما الصفتان السائدتان في ذلك الزمن، فالناس في تعاون وتبادل للمنافع.
لذلك لم نسمع بأي أخبار تُروى أن المجاعة أهلكت جماعات من الناس في ظفار قديمًا مثل بعض البلدان، لأن التكافل هو السِمة العامة لدى المجتمع الظفاري، ولا تزال هذه ميزة موجودة إلى يومنا هذا، مثل الرفد في الأعراس والمآتم، ومساعدة المعسرين من أصحاب الديون والدّيات.
وإلى موعدٍ آخر مع مواقف أخرى من سير الأجداد.