عربي21:
2025-05-21@15:21:57 GMT

العراق والأمم المتّحدة.. علاقة غامضة ومعقّدة!

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

تأسّست بعثة الأمم المتّحدة لمساعدة العراق "يونامي" (UNAMI) في العام 2003، وذلك بناءً على طلب حكومة العراق للمساعدة في تجاوز وترتيب ظروف البلاد الشاذّة بعد الاحتلال، وهي بعثة خاصّة شُكّلت بموجب قرار مجلس الأمن الدوليّ المرقم (1500)، وتوسّع دورها في العام 2007 بموجب القرار 1770.

ومعلوم أنّ الحالة العراقيّة بعد الاحتلال، والظروف غير الصحّيّة في البلاد حينها، دَفَعت لفرض "يونامي" على العراق وبدفع أمريكيّ، رغم أنّ الطلب قُدِّم "شَكْليّا" من "حكومة العراق"!

ورغم حالة الاستقرار النسبي في بعض مرافق الحياة العراقيّة، وخروج العراق، في شباط/ فبراير 2022، من البند السابع الذي فُرِض بعد غزو الكويت، إلا أنّ المشهد العراقيّ العامّ بقي مليئا بالمطبّات، وربّما الألغام التي قد تنفجر في أيّ لحظة!

وقبل أيّام، وتحديدا يوم العاشر من أيّار/ مايو 2024، طالب رئيس حكومة بغداد، محمد شياع السوداني رسميّا بإنهاء أعمال "يونامي" في العراق.

فهل غياب "يونامي" سيؤثّر على أحوال العراق العامّة بصورة سلبيّة أم إيجابيّة؟

وسبق لحكومة السوداني، نهاية نيسان/ أبريل الماضي، أن أكّدت اعتزامها إعادة تنظيم العلاقة مع الأمم المتّحدة من خلال مطالبتها "يونامي" بإنجاز مهامها بحلول شهر أيّار/ مايو 2026.

وهذا الطلب العراقيّ كشفه الأمين العامّ للأمم المتّحدة "أنطونيو غوتيريش" عبر رسالة إلى مجلس الأمن الدوليّ في نهاية آذار/ مارس الماضي، وبُرِّر الطلب نتيجة "لحالة الاستقرار الأمنيّ والسياسيّ التدريجي في العراق"!

هل سيتمكن السوداني من قَلْب المعادلة العراقيّة وتسليم الأمور والجمل بما حمل لمكوّن واحد، ولو بصورة تدريجيّة، وبالذات بعد الإصرار على صبغ غالبيّة مفاصل الدولة بلون مذهبيّ محدّد، والسعي لإدخال مناسبات دينيّة خاصّة ضمن الإطار العامّ للدولة، ومنها المحاولات الحاليّة والجادّة لإقرار عطلة "يوم الغدير" بشكل رسميّ، وكذلك محاولات هدم نصب "أبي جعفر المنصور" ببغداد لأسباب مذهبيّة وتاريخيّة؟!
وشدّد "غوتيريش" على وجوب استعداد العراق لتولّي زمام الأمور، وأنّ مهام "يونامي" المقبلة مع بغداد تهدف لتحقيق "الانتقال التدريجي والتحضير لنقل قدرات البعثة إلى فريق الأمم المتّحدة المحلّيّ في مجالات الانتخابات، وحقوق الإنسان، والإعلام"، وتعزيز قدرات بغداد في مجالات "مكافحة الفساد، وإصلاح الأمن".

ولكنّ غوتيريش أكّد وجود عدّة تحديات في الواقع العراقيّ، ومنها مشكلة الجماعات المسلّحة الفاعلة، والخشية من إمكانيّة ظهور إرهاب جديد، أو "داعش"، ومشكلة الصراع على السلطة، ومخاوف القوى السنّيّة والكرديّة من تَغوّل القوى الشيعيّة الحاكمة والفاعلة!

وهل سيتمكن السوداني من قَلْب المعادلة العراقيّة وتسليم الأمور والجمل بما حمل لمكوّن واحد، ولو بصورة تدريجيّة، وبالذات بعد الإصرار على صبغ غالبيّة مفاصل الدولة بلون مذهبيّ محدّد، والسعي لإدخال مناسبات دينيّة خاصّة ضمن الإطار العامّ للدولة، ومنها المحاولات الحاليّة والجادّة لإقرار عطلة "يوم الغدير" بشكل رسميّ، وكذلك محاولات هدم نصب "أبي جعفر المنصور" ببغداد لأسباب مذهبيّة وتاريخيّة؟!

العراق بلد مليء بالأزمات، وهو بلا رئيس للبرلمان منذ عدّة أشهر، والفوضى السياسيّة تترك الجميع في حيرة من أمرهم!

ويتمثّل تفويض "يونامي" بمنح الأولويّة لتقديم المشورة والدعم للعراقيّين بشأن " تعزيز الحوار السياسيّ الشامل والمصالحة الوطنيّة"!

ولا نعلم أين هذه المساعدة، وأين تلك المصالحة الوطنيّة، ونحن نتابع يوم 9 أيار/ مايو 2024 نائبا في البرلمان العراقيّ وهو يشتم كبار صحابة النبي الكريم خلال لقاء تلفزيونيّ، ويستفزّ مشاعر الملايين، وهنالك الآن ضجّة قانونيّة وشعبيّة وشرعيّة تتعلّق بهذا التجاوز الخطير!

ثمّ ما الذي قدّمته المنظّمة الدوليّة للعراقيّين، وهم يُعانون في واقعهم السياسيّ والأمنيّ من تَغوّل مستمرّ لشخصيّات وجماعات، لا نقول خارجة عن القانون بل فوق القانون؟ وتأكيدا لذلك الواقع المخيف وضعت الحكومة البريطانيّة، الأربعاء الماضي، العراق ضمن "القائمة الحمراء"، وحذّرت مواطنيها من "السفر الى العراق"!

إنّ الألغاز الكبيرة في الدستور العراقيّ، والتشابك السياسيّ بين الحكومة والشركاء، وبالذات مع السّنّة والكرد، وتنامي السلاح خارج إطار القوّات الرسميّة المسلّحة، والتدخل الأجنبيّ، وتفشّي المخدّرات وغيرها من الآفات، جميعها أسباب كافية لوجوب استمرار عمل المنظّمة الدوليّة ببغداد!

ومع هذه الظروف المركّبة كيف يمكن لمجلس الأمن أن يقتنع بالمبررات المرفقة بالطلب العراقيّ، بينما الواقع مرهق ومخيف، وبالذات ما يتعلّق بسير العمليّة السياسيّة والانتخابات، وحقوق الإنسان، وحرّيّة التعبير، لدرجة أنّ العشرات من المدنيّين، وهم مسلّحون حقيقة، يتهجّمون، الاثنين الماضي، على منزل شاب بسبب تعليق له في مواقع التواصل الاجتماعيّ يتعلّق بشخصيّة "دينيّة شيعيّة عراقيّة"!

استمرار حالة الانغلاق السياسيّ، وتهميش المعارضة العراقيّة بالخارج، وهشاشة غالبيّة مؤسّسات البلاد الإداريّة والماليّة والخدميّة والصناعيّة، يفرض على المجتمع الدوليّ التأنّي قبل الموافقة على الطلب العراقيّ الذي يفتقر لأرضيّة صالحة وصلبة للتعايش الوطنيّ والسلم المجتمعيّ!
استمرار حالة الانغلاق السياسيّ، وتهميش المعارضة العراقيّة بالخارج، وهشاشة غالبيّة مؤسّسات البلاد الإداريّة والماليّة والخدميّة والصناعيّة، يفرض على المجتمع الدوليّ التأنّي قبل الموافقة على الطلب العراقيّ الذي يفتقر لأرضيّة صالحة وصلبة للتعايش الوطنيّ والسلم المجتمعيّ!

ينبغي على المجتمع الدوليّ، الذي يراقب الواقع العراقيّ بحذر، أن يساهم مساهمة جادّة في خلاص العراقيّين من محنتهم المعقّدة، والسعي لبناء دولة إنسانيّة جامعة وعادلة لا مكان فيها لأيّ متورّط بانتهاك القانون وسلب أرواح الناس وحرّيّاتهم!

فهل سيساهم المجتمع الدوليّ في ترميم البيت العراقيّ، أم أنّه سينسحب وسيكتفي ببيانات القلق الجافّة التي لا تُساهم في تغيير الواقع العراقيّ المرير؟

والسؤال الدقيق: مَنْ الذي سينقل للمجتمع الدوليّ الواقع العراقيّ إن أُنْهِيَت مهام "يونامي" وتوقّفت إحاطاتها الدوريّة؟ هل سيتابع المجتمع الدوليّ أحوال العراق عبر الإعلام فقط؟

استقرار العراق مفتاح سلام وأمن للمنطقة، فلا تُفرّطوا في العراق لأنّ نيران خرابه، لا قدّر الله، ستنتشرّ في المنطقة والعالم!

twitter.com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق الاستقرار العراق الأمم المتحدة الاستقرار سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الدولی الواقع العراقی الطلب العراقی العراقی ة المت حدة ة العراق غالبی ة

إقرأ أيضاً:

العراق في مواجهة تحديات اقتصادية : رؤية صندوق النقد الدولي لعام 2025 ؟

بسام رعـــد / باحث اقتصادي

أصدر صندوق النقد الدولي بيانا ختاميا في 15 أيار 2025. تناول فيه الوضع الاقتصادي في العراق ، مسلطاً الضوء على التحديات الاقتصادية التي تواجه البلد وقدم خارطة طريق للإصلاحات العاجلة التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي.

التحديات الاقتصادية الحالية : يواجه الاقتصاد العراقي تحديات معقدة تتراوح بين تباطؤ النمو العالمي وحروب ترامب التجارية وتسارع التضخم عالمياً وانخفاض أسعار النفط الذي يعتبر المصدر الأساسي للإيرادات . كما أن التوسع في الإنفاق الحكومي (قطاع التوظيف) يزيد من العجز المالي ويفاقم من خطر الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات.

والتحديات لا تقتصر على المالية العامة فقط بل تشمل تدهور البنية التحتية ، ضعف القطاع الخاص ، ونقص الاستثمارات في القطاعات غير النفطية. بالإضافة إلى ارتفاع العجز المالي إلى 4,2 % من الناتج المحلي الإجمالي وتراجع الفائض في الحساب الجاري بشكل كبير . وهذا التراجع من المؤشرات الحساسة التي ينبغي الوقوف عندها باعتبار أن الحساب الجاري يعد مؤشرا مهماً على صحة الاقتصاد الكلي للدولة.

التوقعات لعام 2025 : يتوقع الصندوق ان يظل النمو الاقتصادي ضيعفاً خلال العام الحالي ، مع تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 1% . كما يتوقع تدهور الحساب الجاري بشكل أكبر ، مما سيؤثر على أحتياطيات العملة الاجنبية التي بلغت 100 مليار دولار في نهاية 2024 أي ما يغطي أكثر من شهراً من المستوردات .

مستقبل الاقتصاد العراقي : يرى صندوق النقد الدولي أن مستقبل الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمالية . حيث ان العراق يمتلك أمكانيات كبيرة للنمو الاقتصادي لكن تحقيق هذه الامكانات يتطلب أتخاذ خطوات حقيقية لتنفيذ مجموعة من الإصلاحات المقترحة من قبل الصندوق .

وشدد بيان الصندوق على أهمية التعاون بين الحكومة العراقية وصندوق النقد لتنفيذ هذه الإصلاحات المقترحة ، بما يساهم في تحسين الظروف الاقتصادية للبلد. ختاما فإن رؤية صندوق النقد الدولي ليست مجرد توصيات بل هي فرصة لإعادة توجيه مسار الاقتصاد العراقي نحو الاستدامة من خلال تخطيط استراتيجي وتنفيذ فعال للإصلاحات الاقتصادية والمالية المقترحة .


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • نائب:السوداني مستمر باهدار المال العراقي لصالح ولايته الثانية
  • العراق في مواجهة تحديات اقتصادية : رؤية صندوق النقد الدولي لعام 2025 ؟
  • اليوم ..إنطلاق اعمال المؤتمر الدولي باقتصاديات الكاربون في بغداد
  • من الذي التهم صنم العجوة ؟
  • واشنطن تعلن مغادرة أول دفعة مهاجرين طوعا.. بعد مكافأة الألف دولار
  • النقد الدولي: تصاعد التوترات التجارية قد يقلص الطلب الخارجي على السلع الأوروبية
  • آرنولد:أرغب بشدة التأهل بالمنتخب العراقي إلى كأس العالم
  • أسامة حماد يهاجم خطاب الدبيبة: محاولة لتزييف الواقع في ليبيا
  • خرشوف بورصة يصل لأسعار تاريخية
  • زيلكو كالاتش.. “العنكبوت” الذي صعد مع ميلان إلى قمة أوروبا يقود حراس العراق