عربي21:
2025-12-15@06:07:10 GMT

العراق والأمم المتّحدة.. علاقة غامضة ومعقّدة!

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

تأسّست بعثة الأمم المتّحدة لمساعدة العراق "يونامي" (UNAMI) في العام 2003، وذلك بناءً على طلب حكومة العراق للمساعدة في تجاوز وترتيب ظروف البلاد الشاذّة بعد الاحتلال، وهي بعثة خاصّة شُكّلت بموجب قرار مجلس الأمن الدوليّ المرقم (1500)، وتوسّع دورها في العام 2007 بموجب القرار 1770.

ومعلوم أنّ الحالة العراقيّة بعد الاحتلال، والظروف غير الصحّيّة في البلاد حينها، دَفَعت لفرض "يونامي" على العراق وبدفع أمريكيّ، رغم أنّ الطلب قُدِّم "شَكْليّا" من "حكومة العراق"!

ورغم حالة الاستقرار النسبي في بعض مرافق الحياة العراقيّة، وخروج العراق، في شباط/ فبراير 2022، من البند السابع الذي فُرِض بعد غزو الكويت، إلا أنّ المشهد العراقيّ العامّ بقي مليئا بالمطبّات، وربّما الألغام التي قد تنفجر في أيّ لحظة!

وقبل أيّام، وتحديدا يوم العاشر من أيّار/ مايو 2024، طالب رئيس حكومة بغداد، محمد شياع السوداني رسميّا بإنهاء أعمال "يونامي" في العراق.

فهل غياب "يونامي" سيؤثّر على أحوال العراق العامّة بصورة سلبيّة أم إيجابيّة؟

وسبق لحكومة السوداني، نهاية نيسان/ أبريل الماضي، أن أكّدت اعتزامها إعادة تنظيم العلاقة مع الأمم المتّحدة من خلال مطالبتها "يونامي" بإنجاز مهامها بحلول شهر أيّار/ مايو 2026.

وهذا الطلب العراقيّ كشفه الأمين العامّ للأمم المتّحدة "أنطونيو غوتيريش" عبر رسالة إلى مجلس الأمن الدوليّ في نهاية آذار/ مارس الماضي، وبُرِّر الطلب نتيجة "لحالة الاستقرار الأمنيّ والسياسيّ التدريجي في العراق"!

هل سيتمكن السوداني من قَلْب المعادلة العراقيّة وتسليم الأمور والجمل بما حمل لمكوّن واحد، ولو بصورة تدريجيّة، وبالذات بعد الإصرار على صبغ غالبيّة مفاصل الدولة بلون مذهبيّ محدّد، والسعي لإدخال مناسبات دينيّة خاصّة ضمن الإطار العامّ للدولة، ومنها المحاولات الحاليّة والجادّة لإقرار عطلة "يوم الغدير" بشكل رسميّ، وكذلك محاولات هدم نصب "أبي جعفر المنصور" ببغداد لأسباب مذهبيّة وتاريخيّة؟!
وشدّد "غوتيريش" على وجوب استعداد العراق لتولّي زمام الأمور، وأنّ مهام "يونامي" المقبلة مع بغداد تهدف لتحقيق "الانتقال التدريجي والتحضير لنقل قدرات البعثة إلى فريق الأمم المتّحدة المحلّيّ في مجالات الانتخابات، وحقوق الإنسان، والإعلام"، وتعزيز قدرات بغداد في مجالات "مكافحة الفساد، وإصلاح الأمن".

ولكنّ غوتيريش أكّد وجود عدّة تحديات في الواقع العراقيّ، ومنها مشكلة الجماعات المسلّحة الفاعلة، والخشية من إمكانيّة ظهور إرهاب جديد، أو "داعش"، ومشكلة الصراع على السلطة، ومخاوف القوى السنّيّة والكرديّة من تَغوّل القوى الشيعيّة الحاكمة والفاعلة!

وهل سيتمكن السوداني من قَلْب المعادلة العراقيّة وتسليم الأمور والجمل بما حمل لمكوّن واحد، ولو بصورة تدريجيّة، وبالذات بعد الإصرار على صبغ غالبيّة مفاصل الدولة بلون مذهبيّ محدّد، والسعي لإدخال مناسبات دينيّة خاصّة ضمن الإطار العامّ للدولة، ومنها المحاولات الحاليّة والجادّة لإقرار عطلة "يوم الغدير" بشكل رسميّ، وكذلك محاولات هدم نصب "أبي جعفر المنصور" ببغداد لأسباب مذهبيّة وتاريخيّة؟!

العراق بلد مليء بالأزمات، وهو بلا رئيس للبرلمان منذ عدّة أشهر، والفوضى السياسيّة تترك الجميع في حيرة من أمرهم!

ويتمثّل تفويض "يونامي" بمنح الأولويّة لتقديم المشورة والدعم للعراقيّين بشأن " تعزيز الحوار السياسيّ الشامل والمصالحة الوطنيّة"!

ولا نعلم أين هذه المساعدة، وأين تلك المصالحة الوطنيّة، ونحن نتابع يوم 9 أيار/ مايو 2024 نائبا في البرلمان العراقيّ وهو يشتم كبار صحابة النبي الكريم خلال لقاء تلفزيونيّ، ويستفزّ مشاعر الملايين، وهنالك الآن ضجّة قانونيّة وشعبيّة وشرعيّة تتعلّق بهذا التجاوز الخطير!

ثمّ ما الذي قدّمته المنظّمة الدوليّة للعراقيّين، وهم يُعانون في واقعهم السياسيّ والأمنيّ من تَغوّل مستمرّ لشخصيّات وجماعات، لا نقول خارجة عن القانون بل فوق القانون؟ وتأكيدا لذلك الواقع المخيف وضعت الحكومة البريطانيّة، الأربعاء الماضي، العراق ضمن "القائمة الحمراء"، وحذّرت مواطنيها من "السفر الى العراق"!

إنّ الألغاز الكبيرة في الدستور العراقيّ، والتشابك السياسيّ بين الحكومة والشركاء، وبالذات مع السّنّة والكرد، وتنامي السلاح خارج إطار القوّات الرسميّة المسلّحة، والتدخل الأجنبيّ، وتفشّي المخدّرات وغيرها من الآفات، جميعها أسباب كافية لوجوب استمرار عمل المنظّمة الدوليّة ببغداد!

ومع هذه الظروف المركّبة كيف يمكن لمجلس الأمن أن يقتنع بالمبررات المرفقة بالطلب العراقيّ، بينما الواقع مرهق ومخيف، وبالذات ما يتعلّق بسير العمليّة السياسيّة والانتخابات، وحقوق الإنسان، وحرّيّة التعبير، لدرجة أنّ العشرات من المدنيّين، وهم مسلّحون حقيقة، يتهجّمون، الاثنين الماضي، على منزل شاب بسبب تعليق له في مواقع التواصل الاجتماعيّ يتعلّق بشخصيّة "دينيّة شيعيّة عراقيّة"!

استمرار حالة الانغلاق السياسيّ، وتهميش المعارضة العراقيّة بالخارج، وهشاشة غالبيّة مؤسّسات البلاد الإداريّة والماليّة والخدميّة والصناعيّة، يفرض على المجتمع الدوليّ التأنّي قبل الموافقة على الطلب العراقيّ الذي يفتقر لأرضيّة صالحة وصلبة للتعايش الوطنيّ والسلم المجتمعيّ!
استمرار حالة الانغلاق السياسيّ، وتهميش المعارضة العراقيّة بالخارج، وهشاشة غالبيّة مؤسّسات البلاد الإداريّة والماليّة والخدميّة والصناعيّة، يفرض على المجتمع الدوليّ التأنّي قبل الموافقة على الطلب العراقيّ الذي يفتقر لأرضيّة صالحة وصلبة للتعايش الوطنيّ والسلم المجتمعيّ!

ينبغي على المجتمع الدوليّ، الذي يراقب الواقع العراقيّ بحذر، أن يساهم مساهمة جادّة في خلاص العراقيّين من محنتهم المعقّدة، والسعي لبناء دولة إنسانيّة جامعة وعادلة لا مكان فيها لأيّ متورّط بانتهاك القانون وسلب أرواح الناس وحرّيّاتهم!

فهل سيساهم المجتمع الدوليّ في ترميم البيت العراقيّ، أم أنّه سينسحب وسيكتفي ببيانات القلق الجافّة التي لا تُساهم في تغيير الواقع العراقيّ المرير؟

والسؤال الدقيق: مَنْ الذي سينقل للمجتمع الدوليّ الواقع العراقيّ إن أُنْهِيَت مهام "يونامي" وتوقّفت إحاطاتها الدوريّة؟ هل سيتابع المجتمع الدوليّ أحوال العراق عبر الإعلام فقط؟

استقرار العراق مفتاح سلام وأمن للمنطقة، فلا تُفرّطوا في العراق لأنّ نيران خرابه، لا قدّر الله، ستنتشرّ في المنطقة والعالم!

twitter.com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق الاستقرار العراق الأمم المتحدة الاستقرار سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع الدولی الواقع العراقی الطلب العراقی العراقی ة المت حدة ة العراق غالبی ة

إقرأ أيضاً:

تشيلي على حافة الزلزال السياسي وصعود اليمين يحبس الانفاس

توجه الناخبو في تشيلي لحسم جولة فاصلة قد تعيد رسم خريطة الحكم بالكامل حيث تتقاطع مخاوف الامن والهجرة مع تراجع الثقة في الخيارات المطروحة وسط أرقام قياسية للجريمة واستقطاب ايديولوجي حاد يضع الدولة امام اختبار تاريخي لمسارها الديمقراطي

الانتخابات الرئاسية في تشيلي تفتح الباب لأقصى اليمين

تدخل تشيلي يوم الحسم وسط ترقب واسع لما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية في تشيلي التي تضع البلاد على اعتاب احتمال انتخاب اكثر الرؤساء ميلا لليمين منذ نهاية الحكم العسكري حيث يتقدم المرشح المحافظ المتشدد خوسيه أنطونيو كاست على منافسته اليسارية جانيت جارا في جولة فاصلة تعكس تحولا عميقا في المزاج العام للدولة الواقعة في امريكا الجنوبية

تبدأ المعركة الانتخابية بتأكيد ان خوسيه أنطونيو كاست مرشح الحزب الجمهوري بات الاقرب للفوز وفق اتجاهات التصويت بينما تخوض جانيت جارا مرشحة تحالف وحدة تشيلي السباق مدعومة من التيار الحاكم بعد تفوقها الضيق عليه في الجولة الاولى التي جرت الشهر الماضي

تظهر الارقام ان قوى اليمين بمختلف اطيافها حصدت نحو 70% من الاصوات في الجولة الاولى غير ان كتلة كبيرة من الناخبين الوسطيين بقيت بلا تمثيل فعلي بعدما دعم جزء منهم مرشحا وسطيا شعبويا قدم نفسه بديلا لما وصفه بتطرف كاست وهو ما يضع شرعية التفويض الشعبي على المحك ويجعل هامش الفوز عاملا حاسما في توصيف المرحلة المقبلة في تشيلي

تصاعد خطاب الامن والهجرة في تشيلي

يركز خوسيه أنطونيو كاست في حملته على ربط الهجرة غير النظامية بتصاعد الجريمة متعهدا بترحيل اكثر من 300000 مهاجر دون وضع قانوني وخفض الانفاق العام بقيمة 6 مليارات دولار خلال 18 شهرا دون المساس بالمزايا الاجتماعية الى جانب توسيع صلاحيات الجيش لمواجهة الجريمة المنظمة وهي وعود تثير حساسية تاريخية في دولة لا تزال ذاكرة دكتاتورية أوجستو بينوشيه بين 1973 و1990 حاضرة بقوة

يواجه كاست تحديا مؤسسيا يتمثل في غياب الاغلبية البرلمانية لحزبه الجمهوري ما يفرض عليه التفاوض مع قوى يمينية معتدلة قد تعارض بعض مقترحاته الامر الذي قد يخفف من حدة برنامجه او يهدد تماسك قاعدته التي تنتظر تنفيذا سريعا لتعهدات فرض النظام

يرتبط صعود كاست ايضا بتراجع شعبية حكومة اليسار بقيادة الرئيس جابرييل بوريك الذي تولى الحكم في 2021 متعهدا بتغيير النموذج الاقتصادي غير ان ولايته شهدت في 2022 وهو عامه الاول رقما قياسيا لجرائم القتل بالتزامن مع استغلال شبكات عابرة للحدود مثل ترين دي أراجوا لمسارات الهجرة غير الشرعية بعد اغلاق الحدود خلال الجائحة

يسجل المشهد ان نسبة الرضا عن بوريك هبطت الى 30% رغم اقدام حكومته على ضخ استثمارات في قوات الامن وتشديد العقوبات على الجريمة المنظمة ونشر الجيش لتعزيز الحدود الشمالية وانشاء اول وزارة للامن العام في تشيلي وهو ما ساهم في تراجع معدل القتل ليصبح قريبا من مستوى الولايات المتحدة دون ان يبدد شعور انعدام الامان

استقطاب حاد قبل جولة الحسم

تؤكد المؤشرات ان القلق من الجريمة والهجرة طغى على باقي القضايا وهو ما اجبر جانيت جارا وزيرة العمل السابقة في حكومة بوريك على تعديل خطابها متعهدة بتشديد الرقابة الحدودية وتسجيل المهاجرين غير النظاميين ومكافحة غسل الاموال وتكثيف مداهمات الشرطة رغم نجاحها السابق في تمرير اهم سياسات الرعاية الاجتماعية

توضح المقارنات الدولية عمق الفجوة في الشعور بالامن اذ يشعر اكثر من 70% من سكان ليبيا بالامان عند السير ليلا وفق مسح شمل 144 دولة بينما لا تتجاوز النسبة في تشيلي 39% وهي قريبة من الاكوادور التي تشهد موجة عنف مرتبطة بالمخدرات

يتفادى كاست خلال حملته القضايا التي اشعلت انتقادات سابقة مثل ماضي والده الالماني المرتبط بالنازية او مواقفه من زواج المثليين والاجهاض مكتفيا بالقول ان قيمه لم تتغير مع استهداف اصوات كانت قد ابتعدت عنه سابقا بسبب محافظته الاجتماعية

تشهد الساحة ايضا تفاعلات رمزية مثل ظهور لافتات تحذر من مستقبل الدولة وصور تجمع كاست مع رئيس الارجنتين خافيير ميلي في سياق تحذيري بينما يواصل المرشح اليميني عد الايام المتبقية حتى تنصيب الرئيس في 11 مارس في اشارة الى حتمية التغيير

تختتم الصورة الانتخابية بتباين حاد في الثقة بين المرشحين حيث يعول كاست على صورة الرجل الخارج عن المؤسسة والقادر على فرض النظام مستلهما خطابا مشابها لنهج دونالد ترامب في حين تحاول جارا اثبات قدرتها على التوازن في دولة تتجه بكامل ثقلها نحو معركة هوية سياسية ستحددها نتائج الانتخابات الرئاسية في تشيلي

رصاص على الرمال الأسترالية يحول شاطئ بوندي إلى ساحة دم ونار ميسي يحرق المدرجات في الهند وغضب جماهيري يسيطر على كلكتا زلزال جماهيري يهز ملعب كولكاتا بعد زيارة ميسي للهند “تعليم أسيوط” تنفذ ورشة عمل لمسؤولي البرامج العلاجية للطلاب ضعاف التحصيل إصابة 5 عمال إثر انقلاب تروسيكل في ترعة بمركز الوقف شمال قنا تصادم سيارتين على الطريق الدولي الساحلي في شمال سيناء وإصابات متفاوتة تفاصيل انهيار عقار بولاق الدكرور يهز الجيزة وإصابات وخسائر تفاصيل انهيار منزل بالأقصر يحصد أسرة كاملة مستشفى سوهاج العام يستقبل طفلين مصابين في حادثين منفصلين مصر تحت صدمة جرائم قتل ست الحبايب وسط فجوة حماية مخيفة

مقالات مشابهة

  • الشبلي لـ«عين ليبيا»: الحوار المهيكل بلا التزامات ويكرس الجمود السياسي
  • تشيلي على حافة الزلزال السياسي وصعود اليمين يحبس الانفاس
  • غوتيريش يصل بغداد للمشاركة في احتفال بانتهاء مهام بعثة يونامي
  • السوداني وغوتيريش يعلنان انتهاء عمل “يونامي “في العراق
  • يونامي ترحل: كفى وصاية
  • السوداني: انتهاء مهمة يونامي لا تعني نهاية الشراكة بين العراق والأمم المتحدة
  • نهاية مهمة أممية تاريخية في العراق… ماذا بعد مغادرة يونامي؟
  • العراق يودّع يونامي بجملة مخاوف
  • مرصد اقتصادي: العراق ينفق أكثر 5 تريليونات دينار لتغطية نصف الطلب على الكهرباء
  • الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً لمفوضية اللاجئين