جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-25@22:13:02 GMT

"وأنَّ الحرب آخرُها سلام"

تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT

'وأنَّ الحرب آخرُها سلام'

 

 

د. سليمان بن خليفة المعمري

يُقال إنَّ "الحياة مُصمَّمة بحيث لا يكون آدم لوحده"؛ لذلك لا بُد من وجود الآخر، ولابد من التفاعل مع هذا الآخر؛ فالإنسان "اجتماعي بطبعه"، ولا يمكنه العيش منعزلًا عن الناس، مُنكفئا على ذاته، بعيدا عن أحداث الحياة وتفاعلاتها؛ فالإنسان يخسر الكثير من الفضائل والميزات حينما يُوْصِد على نفسه الأبواب ويحشر نفسه في قالب من الجمود والانغلاق عن الآخر.

وقد نوَّه الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وأشاد بمن يعيش بين الناس ويتفاعل معهم، ويتلقى مختلف سلوكياتهم وأحوالهم بالقبول والتفهم والرِّضا، فعن عبدالله بن عمر، قال عليه الصلاة والسلام: "المؤمنُ الذي يُخَالِطُ الناسَ ويَصْبِرُ على أَذَاهُمْ، خيرٌ مِنَ الذي لا يُخَالِطُ الناسَ، ولا يَصْبِرُ على أَذَاهُمْ" (رواه ابن ماجه)، وقد أشارتْ الدراسات إلى أنَّ اعتزالَ الناس والاحتجاب عنهم مدعاة للاضطراب النفسي والاعتلال الصحي، وكم أصاب الكاتب القدير أحمد خالد توفيق حينما قال: "الحل الوحيد للمشاكل النفسية هو: لا تكن عاطلا.. لا تكن وحيدا"، لكل ذلك فإنه لابد من بناء علاقات اجتماعية راشدة مع الناس تَضْمَن الاستفادة القصوى والاستثمار الأفضل لعلاقاتنا معهم.

ولعلَّ من أهم أسس العلاقات الاجتماعية الناجحة هو العمل بمبدأ "أنا لست أنت"؛ فنسمح بمساحة من الاختلاف، ونتقبل وجود التنوع في الرؤى والممارسات والتوجهات الحياتية الفكرية والثقافية والسلوكية؛ إذ إنَّ ما تشهده البشرية في الواقع من تقدُّم وتطور حضاري، وما نلمحه في عالمنا من إبداع وجمال أخَّاذ في ثقافات وحضارات الأمم والشعوب، ما كان ليحدث لولا تعدُّد الأذواق وتباين الثقافات؛ فالاختلاف ثراء، والتنوع قوة، وصدق الله العظيم إذ يقول في محكم التنزيل: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ" (هود:118و119)؛ أي خلقهم للاختلاف؛ لذا فحتى تكون علاقتنا بالآخر متزنة راشدة، فإنه يجب ألا يؤدي الاختلاف إلى الخلاف والتنازع والضغينة والخصام، وليكن "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" شعارنا الذي لا نحيد عنه.

وإنَّ من أسس العلاقات الاجتماعية الراشدة أيضا: ألا ننسى ما حيينا معروفا قُدِّم إلينا وإحسانا أسداه الآخرون لنا، فنعبِّر لهم عن الشكر والامتنان، ونحفظ لهم عشرتهم الجميلة وصحبتهم الطويلة معنا، يقول الإمام الشافعي -رحمه الله: "الحر من راعى وداد لحظة، أو تمسك بمن أفاده لفظة"، فهذا السلوك مما تستدام به الصحبة والأخوة وتحفظ به العلاقة مع من نحب، إلا أنه وللأسف هناك من ينطبق عليهم ما قاله أحدهم: "إن بعض الأشخاص يصعدون درجات السلم، فما إن يصلوا أعلاه، حتى يزدروا هذه الدرجات التي صعدت بهم إلى القمة"، فتراهم يتنكرون لكل جميل وفضل قدمه الآخرون وينسبون ما حازوه من تقدم وإنجاز لذواتهم فقط دون إشارة أو ذكر للآخر، فما أقبحه من جحود، وما أسوأه من نكران جدير بأن يقوِّض كل علاقة وود مع الآخر.

ومن الركائز المهمة والقواعد المتينة في بناء العلاقات الاجتماعية: أن نجعل خطابنا وحديثنا مع الآخر يفيض بالحكمة والرصانة والعقلانية؛ فتكون كلماتنا مغلفة بالود، مكسوة باللطف، حتى تلقى القبول والترحاب من قبله؛ إذ إنَّ الكلمات هي أقوى العقاقير التي تستخدمها البشرية، وبإمكانها أن تكون دواءً وبلسما للجراح، أو أن تُخلِّف جروحا غائرة وشروخا وندوبا عميقة في العلاقات الاجتماعية والشخصية، وقد أوصانا البارئ جل شأنه بانتقاء أعذب الكلام وأحسنه، فقال عز من قائل: "وَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُواْ ٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ كَانَ لِلْإِنسَنِ عَدُوًّا مُّبِينًا" (الإسراء:53)، فلننتقِ كلماتنا ولنختَر أطايب الحديث لتنفتح لنا قلوب وعقول الآخرين ونفوز بمودتهم ورضاهم، وحتى لا تصاب علاقاتنا بالجفاف وتخلو من الدفء الإنساني، فالواقع أنّ "من يجد الحب لا يرحل".

كما أن من قواعد العلاقات الاجتماعية الناجحة التغافل عن الزلات والبعد عن الضغائن والخصومات والمشاحنات، وفي الحديث الشريف: "تجافوا عن عثرات الكريم"، وقد صدق الشاعر حين قال:

نسيانك الجاني المسيء فضيلة

وخمود نار جدّ في إشعالها

فاربأ بنفسك والحياة قصيرة

أن تجعل الأضغان من أحمالها

وإنَّ التشفِّي من الآخرين حينما يُخطؤون في حقنا هو "طرف من العجز"، والأجدر بنا أن نقدر الضعف البشري، وأن نلتمس العذر لمن قصر في حقنا، وعلى رأي المفكر الفرنسي أندريه مالرو: "الإنسان هو ما يفعله وليس ما يفعله به الآخرون"، والحق أنَّ الجميع خاسر في معارك الحياة الهامشية، وقد صدق من قال: "إنَّ المنتصر في المعركة ليس رابحا، لكنه أقل هزيمة من خصمه".

وختامًا.. لنتذكَّر على الدوام أنَّ الإنسان ما هو إلا ذكرى طيبة وسيرة حسنة، فهناك من رحل عن دنيانا وترك ميراثا من السيرة الطيبة وسجلا حافلا من الذكريات الجميلة والعكس، وقد كان من دعاء أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: "وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ" (الشعراء:84)، وأنه حتى يعيش الإنسان في سلام نفسي وهناء وراحة بال وألا يكتوي بنيران الخصومة والشقاق، فعليه أن يحافظ على علاقة اجتماعية ناضجة مع الآخر، وأن يجعل نُصب عينه الوعد الرباني الكريم: "عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ۚ وَٱللَّهُ قَدِيرٌ ۚ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(الممتحنة:7)، وكم أصاب شاعر الطلاسم إيليا أبو ماضي حين قال: "وأن الحرب آخرها سلام".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

يا يوم مولدي…عدت يا ايها الشقي

يا يوم مولدي…عدت يا ايها الشقي…

د. #بسام_الهلول

أصارحكم لا قيد لي في سجلات الميلاد او ما يسميه المغاربة( الازدياد).. بان اسمي بسام وانما اسماني عم لي باسمه( مقبل) ياللهول من هنا بدأت ملحمة الاغتيال..مارسها بعتلته وزنيمته.. ووالدي كان اذ ذاك جاندرما بفلسطين
وحيث الذكرى مقامات للتداول ،أيمكن في أقصى احتمال او في ابعد خيال ان يضبح اليوم في ذكراه . فيما وراء جرس الحروف معان ترتقي إلى مقام وانا استوطن ذاك الفجر كمفهوم بل كشخص مفهومي لم يفت اوان رسكلته بل رسملته اي اعادة تدوير لذاك يوم( مولدي) بحيث اذهب إلى ( ارضنته) بمفردات تمس متعلقا شجريا تحاول الخلاص من الاقتران والمجاورة إلى نهج سمته( الصنعة).ومن ماض بني على السكون عوضا عن الفتح كما يقول النحاة احتقبت خلالها خلاصات لم تنقطع عن مشيمتها مثقلات بالعبر والمثلات كان منها مراتع صباي وشبابي وكهولتي من طور( الملاس) من دشر الطفيلة ورساتيقها ومن قرية وادعة إلى صخب مدينة سمتها( داشرة) عمان بل( …..) كان منها مراتع الصبا ولفح حرارة الزجاج المنصهر ايالته وجه لسعته نيرانه ومن الثانوية ( الشهيد) فيصل إلى الجامعة الاردنية وجامعة القرويين بالمغرب القصي إلى جامعة الزيتونة بتونس حرسها الله وجامعة السوربون متلقيا في ردهاتها وأكاديمية ليون بفرنسا وبغداد ذات الألواح والدير وللمتربع في أفنيتها ( صقر قريش). ومن مفردات التلقي على ايد سمتها العلم ودائع الصيت منها العلامة رشدي فكار وعزيز الحبابي والمنوني حافظة مخطوطات المغرب وأشياعهم من سوريا ونيكتا اليسيف. ودو بريمار والزهراوي عالم المنطق والعلامة ابن تاويت والعلامة عبد العزيز بنعبدالله والجابري بحر الفلسفة والمنيف والنجار بتونس معاني ومعاني انها حروف ذات جري وإيقاع إلى محاضر بجامعة مؤتة مؤتة ( الكرار) لا( الفرار)..مؤتة التي لم تلوث بعد بغر وغمر من بعض من قادها قبل ان يمسها الوجع من على يد جاهل غر غمر …جاءت به الرشوة ومحفلية فساد ..معاني ومعاني ترتقي إلى مقام على وقع ذكرى من تلاوة مفردات مولد سيد البرية بلهج والدي ( طه ياحبيبي سلام عليك يامسكي وطيبي ..سلام عليك. ) وقع وإيقاع ترتقي بالمتبتل( الانا) إلى صومعة زاهد ومقامات ترتقي به إلى اعادة تدوير ذاكرة بل رسكلتها او ( قبضها) من سوانح امس وبوارحها مرتقية بي إلى طموح يحاول ان يتجذر في الحشد رائدها وفارقتها( أتكون بقدر مااوجد ام أوجد بقدر مااكون).. والان ساهر يغفو..يذكر العهد ويغفو..( وقف يااسمر في الي عندك كلام..البنت اللي بيتها جنب الطريق حملتني لعيونك …سلام…اذكر العهد وأصحو محاولا التئام جرح..جدت ذكراه بالجرح…بين محايث اجتماعي..إلى مفارق خلاصي… ربما يبلغ الحسن منتهاه….انه يوم مولدي…ذاك الذي شقي بي من متلق من مدرسة عبد الكريم المطلبية إلى الشهيد فيصل ومن هامشي ( ضج به الخبز الحافي) وضج به( القرش) الشارك يحدو بي( ياشفير وقف طلعنا..بدنا نشوف رفيق الروح لكن اجرة ما معنا..ناطرنا محبوب القلب..ما ترضى كما الحال الان (على نص الدرب…تروح وتقطعنا)..نعم من وحود غفل إلى وجود تحقق بالمكنة والغلبة والقهر عدنا معها إلى وشيك يسهم في نفي كوائننا…وواقع اجتهاد العامة رغم انه في يوم استقلالهم …نفي كوائننا في محضر تراب يسهم في حجب واقعه علامته نفي كوائننا بما يشاع وصفه( جوردان) ..يحاول الحر فيه ان يخلد إلى موت راحته كما أشاع في قولة الفيلسوف الفرنسي…ولطمة على خدي من معلم الانجليزية رغم تفوقي وهو يصرخ( سلمون)…وماكنا ندريها إلا أنها ( حانة)..قبال مطعم فؤاد بعمان..ولا زال وجعها الممض هنا..عندما طلب مني ان أترجم من الإنجليزية إلى الإنجليزية قصيدة( رعمسيس لشكسبير).. فصحت في وجهه ( انا مامعي دبلوم)..وكنت احسبها انها آخر شهادة في التحصيل…كما ذاك ( صهيب الرومي). بعث صاحب الرسالة ليدفع له الروم مقابل عتق رومية فطلب( الف)..وقالوا له عند عودته لم لم تطلب اكثر فقال وهل بعد الألف من عدد…والبقية ستاتي…في قابل

مقالات ذات صلة عيد الاستقلال، عين على التعليم..! 2025/05/25

مقالات مشابهة

  • ما الذي يفعله فينا عجزنا تجاه أطفال غزة؟
  • يا يوم مولدي…عدت يا ايها الشقي
  • "التنمية الاجتماعية" تصدر 4 قرارات وزارية
  • الرئيس اليمني علي ناصر محمد يشارك في حفل زفاف الشاب سامي صائب سلام
  • المرتضى: تعنت قوى العدوان يُجمّد ملف الأسرى منذ عام ويحوّله إلى ورقة ابتزاز
  • الحرب على غزة تهدد العلاقات التجارية بين إسرائيل وأوروبا
  • الزيارات الاجتماعية في رحلة النزوح
  • العلمانية أسلوب حياة حديثة تقبل الآخر المختلف
  • الحرب فرضت نفسها علي الواقع السوداني وكما ترون فقد تحولت البلاد الي حطام !!.. ما الذي قادنا الي هذا الوضع الكارثي ؟! الجهل هو السبب !!..
  • وهل يخدع الإنسان نفسه؟!