ابراهيم رئيسي أو “آية الله إعدام”، هو رئيس الجمهورية الثامن للجمهورية الإسلامية، فاز في دورة الانتخابات الرئاسية صيف 2021 بأقل عدد أصوات في تاريخ الجمهورية، بعد فشله في دورة سابقة أمام الرئيس السابق حسن روحاني، رئيس الجمهورية الثاني الذي يقضي قتلاً بعد محمد علي رجائي، الذي اغتالته “منظمة مجاهدي خلق” أثناء اجتماع في مجلس الدفاع الأعلى في 30 آب/ أغسطس عام 1981.

 

ويبلغ رئيسي من العمر 63 عاماً، وهو من مواليد مدينة مشهد في محافظة خراسان الرضوية، وسميت كذلك تيمناً باسم الإمام علي الرضا، ثامن أئمة الشيعة الاثني عشرية، الذي عاش ودفن في مشهد، المدينة التي تنتشر فيها المدارس الدينية أكثر من من أي مدينة شيعية أخرى.

بعدما أكمل تعليمه الابتدائي، بدأ دراسته الحوزوية في مشهد، ثم انتقل إلى مدرسة حقاني الدينية في مدينة قم، وهي المدرسة التي تولى الكثير من طلابها في ما بعد، مناصب أمنية وقضائية في الجمهورية الإسلامية. وفي سن العشرين، عُيِّن مدعياً عاماً لمدينة كرج القريبة من طهران، ما أتاح له أن يتزوج من ابنة إمام الجمعة في مشهد أحمد علم الهدى، الذي تتصدّر تصريحاته الحادة ومواقفه المتشدّدة والمثيرة للجدل، خصوصاً المتعلّقة بالنساء والحريات، عناوين الصحف الإيرانية كل يوم جمعة.

تطلق المعارضة الإيرانية على رئيسي اسم “آية الله إعدام”، بسبب ضلوعه في قضية إعدام آلاف السجناء في صيف عام 1988، وهو بالفعل كان أحد أعضاء ما يسمى بـ”لجنة الموت”، التي قضت إعداماً على آلاف المعارضين السياسيين، حتى قيل إن أعواد المشانق تعبت من الإعدامات، ما اضطّر اللجنة للجوء إلى الإعدام بالرصاص. 

في السنوات التي سبقت رئاسته، كان رئيسي واحداً من أهم الشخصيات في الشبكة القضائية الإيرانية، سواء على مستوى الأدوار المتوسطة مثل مدعي عام كرج ثم طهران، أم الأدوار العليا مثل المدعي العام في البلاد أو النائب الأول لرئيس السلطة القضائية، وصولاً إلى منصب رئاسة السلطة القضائية.

 بالتوازي مع حياته القضائية، دخل الحياة السياسية بعدما عينه خامنئي رئيساً لمؤسسة العتبة الرضوية، وهي إحدى أغنى المؤسسات الدينية الشيعية في العالم، لكنه ظل حتى آخر لحظة في حياته شخصية سياسية غير كارزمية، بلا لون ولا تأثير.

كانت لرئيسي علاقة وثيقة بقادة تنظيم الحرس الثوري، ويهتمّ إعلام التنظيم بنشاطه ويخصّص لأخباره مساحة معتبرة يومياً، حتى قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية. وتشير المعارضة الإيرانية إلى أن علاقته بقادة الحرس أمثال قاسم سليماني ومحمد علي جعفري، هي التي أوصلته إلى سدّة الرئاسة، كما أنه بعد تعيينه وصياً على العتبة الرضوية، تحوّل إلى أحد أبرز أبطال الفساد في البلاد.

بعد فشله في الفوز بالانتخابات الرئاسية بمواجهة روحاني، بدأ بالتدرّب على المحاولة الثانية، فازداد تصلباّ وجمع حوله المتشددين، حتى برز تيار أصولي متشدد داخل الجناح المحافظ، ثم بدأت التكهنات بأنه المرشح الأوفر حظاً لخلافة خامنئي، ففاز بالمنافسة مع صادق لاريجاني على منصب نائب رئيس مجلس الخبراء، ونشط في زيارة المحافظات والتقرّب من الفئات الشعبية، واستحدث خطة لمكافحة الفساد، وخطة اقتصادية لإنعاش الإنتاج، وأعلن أنه سيعيد فتح المصانع المغلقة والمفلسة.

وبعد مرور عام على أنشطته ورحلاته هذه، ترشّح للانتخابات الرئاسية، فتجنّدت شخصيات في الحرس لإعداده، منهم القائد السابق لمقر “خاتم الأنبياء” سعيد محمد، وساعده مسؤول مجلس الأمن القومي السابق سعيد جليلي في تحضير المناظرات، كما عمل فريقه في هذه المرحلة، بمساعدة مجلس صيانة الدستور، على إزاحة الشخصيات التي تهدّد فوزه، مثل علي لاريجاني ومحمود أحمدي نجاد ومسعود بيشيكيان وإسحق جهانغيري، فدخل الانتخابات في أكثر الظروف أماناً.

استغرقت هذه المساعدة المتعددة الأطراف والمراحل، أكثر من خمس سنوات، وكانت بمثابة نهاية المرحلة الأولى من مشروع ترقيته في السياسة الإيرانية. وفي هذه المرحلة، أطلق عليه المعارضون لقب “آية الله إعدام”، بينما أطلقت عليه وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري وللأصوليين لقب “سيد المحرومين”.

بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، طالبت منظمة العفو الدولية، التي أجرت تحقيقاً موسعاً حول دوره في إعدامات 1988، بمحاكمته جنائياً بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وانتهاك حقوق الإنسان.

رئيسي قامعاً للاحتجاجات

لعب رئيسي دوراً رئيساً في قمع احتجاجات المعارضة الخضراء عام 2009، والاحتجاجات التي تلتها، ومارس رقابة خانقة على الصحافة والإنترنت وعلى لباس المرأة الإيرانية وليس “الحجاب الجيد” فقط.

تسميه الحركة النسائية الإيرانية “عدو المرأة الأول”، بسبب دوره في قمع حركة “المرأة، الحياة، الحرية” التي انطلقت عقب مقتل الشابة الكرديّة (جينا) مهسا أميني على يد شرطة الآداب في طهران، وبسبب القرارات المتشددة التي حرص على إصدارها، والتي طاولت المجتمع النسائي الإيراني، وضيقت نطاق تحرّك المرأة الإيرانية الضيّق أصلاً.

كان من أكثر المتحمّسين لإصدار قانون “العفة والحجاب”، الذي ألزم المرأة الإيرانية بقواعد محدّدة في اللباس الشرعي، ويقال إنه وضع غالبية مواده، وكان حريصاً على إنهائه بأقل مدة، وتحويله إلى مجلس الشورى للمصادقة عليه، كما كان على رأس الداعين إلى تنشيط عمل شرطة الآداب ودعم عودتها إلى الشارع، بحلّة قمعية جديدة وقبضة حديدية.

*جزء من تقرير في ''درج'' لـ بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

تحدث عن انقاذ العملة وفتح طريق تعز.. النص الكامل لخطاب الرئيس العلمي ودعوة هامة وجهها للشعب

وجه رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن مساء اليوم السبت خطابا هاما لأبناء الشعب اليمني في الداخل والخارج، وذلك بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك.

وأشار الرئيس في خطابه الذي القاه بالنيابة عنه وزير الاوقاف والارشاد فضيلة الشيخ محمد عيضة شبيبة، إلى أهمية هذه المناسبة الدينية في تجسيد قيم الوحدة والتضامن والأخوة، ومشاعر الحب والسلام وصلة الأرحام رغم كل المحن والالام التي يعانيها شعبنا اليمني جراء انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية ورفضه للعبودية والخرافة والطبقية والسلالية وكل أمراض الجاهلية وتوقه للدولة والقانون والمساواة، والمضي على قلب رجل واحد لاستعادة مؤسسات دولته وحماية مكتسباته.

وخاطب الرئيس العليمي الشعب اليمني قائلا " إن عيدنا الأكبر هو يوم استعادة مؤسساتكم الوطنية وتحرير أرضنا من مشاريع التخلف والتطرف والكراهية واستعادة اليمن السعيد "، مؤكدا ضرورة أن يدرك الجميع أنهم أمام مسؤوليات دينية ووطنية تستوجب توحيد الصفوف والتسامي فوق الجراح وإعادة لملمة أوصال البلاد التي مزقتها سنوات الانقلاب والحرب، وضرورة استئناف دورة الحياة والتنمية التي أوقفتها المليشيات العميلة للنظام الإيراني.

وجدد رئيس مجلس القيادة، واعضاء المجلس الوفاء بالعهد والوعد في الثبات إلى جانب الشعب اليمني، والسعي لخدمته والمضي نحو السلام العادل والشامل وفقا لمرجعيات الحل المتفق عليها وطنيا وإقليميا ودوليا وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية الناجمة عن حرب المليشيات الحوثية المدمرة على مختلف المستويات، بما في ذلك استهدافها للمنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

وأكد رئيس مجلس القيادة مواصلة الحكومة جهودها لتأمين الحد الممكن من الخدمات، وانتظام دفع الرواتب آملا أن تسفر جهود الأشقاء والأصدقاء إلى دفع المليشيات لتحكيم صوت العقل والاستجابة للإرادة الشعبية الحرة في اختيار مستقبلها ونظامها القائم على التعدد والعدالة والمواطنة المتساوية.

وتطرق رئيس مجلس القيادة الرئاسي الى الممارسات، والانتهاكات الحوثية الاخيرة بحق الناشطين وموظفي الوكالات الاغاثية، التي تثبت ان الحكومة ماضية على الطريق الصحيح عندما وجهت الدعوة مرارا الى المنظمات الدولية لنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، حتى لا تظل رهينة لدى المليشيات، وأجهزتها القمعية.

وقال "ان الوضع المناسب لقادة الرأي والفكر، وموظفي الإغاثة هو التكريم بوصفهم صناع حياة، ورواة حقيقة، وان الردع المناسب لمنتهكي الحقوق والحريات، والمتاجرين بالدين وتسييس أركانه، وشعائره، ومناسكه، هو العزل وعدم إفلاتهم من العقاب، وتجريم أفكارهم الضالة القائمة على الولاية، والإمامة، والسلالية العنصرية المقيتة".

وأكد الرئيس مضي الدولة في انتهاج سياسة " الحزم الاقتصادي " ردا على التجاوزات الخطيرة للمليشيات الحوثية التي تهدد بإغراق البلاد في كارثة إنسانية شاملة بدءا باستهداف موارد الشعب اليمني ورفضها تحييد القطاع المصرفي وصولا إلى ذروة وهمها في امكانية منازعة الدولة سيادتها النقدية من خلال صك عملة مزورة وطرحها للتداول.

وقال الرئيس " أثبت التأييد الشعبي والسياسي العارم لقرارات البنك المركزي صوابية سياسة الحزم الاقتصادي التي توخت تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولا التأكيد على المركز القانوني والمالي للدولة اليمنية وثانيا حماية القطاع المصرفي وأموال المودعين من انتهاكات المليشيات الحوثية الإرهابية، ومكافحة غسيل الأموال، وأخيرا إنقاذ الاقتصاد الوطني من خطر العزلة الدولية عقب تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية".

ودعا رئيس مجلس القيادة عموم الشعب اليمني إلى دعم ومساندة هذه القرارات وعدم الالتفات إلى الدعايات المضللة عبر منابر المليشيات التي استأثرت بمقدرات البلاد دون تحمل أي التزامات تجاه المواطنين في المناطق الخاضعة لها بالقوة.

كما ذكر الرئيس بمساعي الحكومة وما قدمته من تنازلات من أجل دفع المليشيات لإنهاء حصارها للمدن وفتح الطرقات وتسهيل انتقال الأفراد والأموال والسلع وأنشطة المنظمات الإنسانية وجعل هذا الملف أولوية ثابتة في كافة الاتفاقات والتفاهمات التي تنصلت عنها المليشيات.

وأضاف أن في كل مرة تذهب فيها المليشيات إلى إعلان فتح الطرقات تبادر الحكومة إلى الترحيب بالخطوة ومحاولة مأسستها ونقلها من سياقها الدعائي غير الأخلاقي إلى مسؤولية اللجان المعنية بالتفاوض والجهات المعنية بالتنفيذ، والفرق الأممية المعنية بالمراقبة.

وأشار رئيس مجلس القيادة إلى أن حرص الدولة على هذا المسار المؤسسي والقانوني، إنما يهدف إلى استدامة تأمين تنقلات المواطنين، الذي يعني بالضرورة إعادة تموضع القوات المتمركزة في خطوط التماس وتطهير الأرض من ألغام وقناصة المليشيات وعدم العودة مطلقا إلى جحيم الحصار الذي سيبقى وصمة عار في الذاكرة الجمعية عن وحشية المليشيات الإمامية.

وقال الرئيس في اشارة الى خطوة الفتح الجزئي لبعض طرق تعز، ان المليشيات "تخطئ حين تعتقد انه يمكنها بهذه الإجراءات الدعائية، أن تغسل جرائمها المشهودة على أبواب تعز، و في كل أرجاء المحافظة الأبية، كما تخطئ حين تعتقد أن مناوراتها هذه يمكن أن تحسّن من صورتها، أو تقدمها كصاحبة سيادة في الداخل بعد أن فشلت في تسويق ذلك للخارج".

فيما يلي ينشر مأرب برس نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه العزيز "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ "، والقائل سبحانه وتعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً".

والصلاة والسلام على حبيبنا وقدوتنا محمد صلوات الله وسلامه عليه.

أيها الإخوة المواطنون،،

أيتها الأخوات المواطنات،،

أيها الشعب اليمني العظيم في الداخل والخارج،،

يطيب لي في هذه الأيام الجليلة من شهر ذي الحجة الحرام أن أحييكم بأصدق المشاعر والحب والاحترام، وأتوجه إليكم باسمي وإخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بالتهنئة الخالصة من أعماق قلبي بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله على شعبنا وأمتنا العربية، والإسلامية باليُمن، والأمان، والخير، والبركات.

وأخصّ بالتهنئة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله العتيق الذي جعله الله مثابةً للناس وأمناً لأدائهم فريضة الحج، سائلا المولى عز وجل أن يتقبل حجهم، ويعيدهم سالمين غانمين إلى أهاليهم وذويهم.

ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أهنئ الأشقاء في المملكة العربية السعودية، بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وأبارك لهم نجاح موسم الحج، الذي يعد أكبر مؤتمر عالمي حيث يسخرون له ولخدمة حجاج بيت الله الحرام كل الجهود والإمكانيات ويسهرون على رعاية وتأمين ضيوف الرحمن، وضمان أداء مناسكهم بكل سهولة ويسر.

نسأل الله عز وجل أن يبارك جهودهم، وأن يحفظ بلاد الحرمين، ويديم عليها، وشعوب العالم اجمعين الخير، والامن، والسلام.

كما أهنئ بهذه المناسبة الدينية العظيمة رجال قواتنا المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية المرابطين في ربوع يمننا الحبيب دفاعا عن امنه واستقراره، ونظامه الجمهوري ومكتسباته الوطنية، وهي تهنئة أيضا الى كل المكونات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الإعلام والفكر والثقافة، وقبل ذلك النساء والرجال المناوبين في أيام وليالي العيد، متمنيًا للجميع أياماً مباركة، ولوطننا الغالي النصر، والامن، والسلام.

أيُّها الإخوة المواطنون،،

أيتها الأخوات المواطنات،،

إن الأعياد هي أيام مباركة ومحطات مهمة نتزود فيها بالطاعات وصالح الأعمال ونستشعر فيها قيم الوحدة والتضامن والأخوة، وها هو يوم عرفة يرمز إلى ذلك الشعور، والجسد الواحد حين وفدت ملايين الحجاج من بقاع شتى إلى مكان محدد، وزمان محدد، وبلباس واحد وشعار التلبية الموحد "لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك".

نتشارك في هذه الأيام مشاعر الحب والسلام وصلة الأرحام، وإنه رغم كل المحن والآلام التي يعانيها شعبنا جراء انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية، إلا أن اليمنيين شعبٌ أصيل محبٌ للحياة يعطف على الفقير واليتيم والمسكين ويرفض العبودية، والخرافة، والطبقية، والسلالية وكل أمراض الجاهلية ويتوق للدولة والقانون والعدالة، والمساواة، ويمضي بإيمان ويقين على قلب رجلٍ واحد لاستعادة مؤسسات دولته، وحماية مكتسباته.

أيتها الأخوات أيها الاخوة في كل مكان،،

إن عيدنا الأكبر، سيكون هو يوم استعادة مؤسساتكم الوطنية، وتحرير أرضنا من مشاريع التخلف، والتطرف والكراهية.. يوم استعادة اليمن السعيد، وطن العزة والكرامة التي تسعى الإمامة الجديدة المبنية على فكرة الولاية، إلى تكبيله بالعبودية لغير الله، والوصاية على الناس، والتفرقة ومزاعم التميّز السلالي، خلافا لقوله تعالى: ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ).

لذلك، وجب علينا أن ندرك اليوم بأننا جميعًا أمام مسؤوليات دينية، ووطنية تستوجب أنْ نوحد صفوفنا ونتسامى فوق جراحاتنا، ونعيد لملمة أوصال البلاد التي مزقتها سنوات الانقلاب والحرب، ونستأنف دورة الحياة والتنمية التي أوقفتها المليشيا العميلة للنظام الإيراني، وأعادتنا عقودًا للوراء.

أيها الشعب اليمني العظيم،،

لقد كنا وما زلنا على العهد والوعد في الوقوف إلى جانبكم، والسعي لخدمتكم، والمضي نحو تحقيق السلام العادل والشامل وفق مرجعيات الحل المتفق عليها وطنيا وإقليميا، ودوليا، وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية الناجمة عن حرب المليشيا الحوثية، وحماقاتها المدمرة على مختلف المستويات، بما في ذلك استهداف منشآتنا النفطية، وخطوط الملاحة الدولية، بغية تعميق الأزمة، ومفاقمة الأوجاع والآلام.

ورغم ذلك تواصل الحكومة جهودها لتأمين الحد الممكن من الخدمات، وانتظام دفع رواتب الموظفين، على أمل أن تسفر الجهود الشقيقة والصديقة عن دفع المليشيات الى تحكيم صوت العقل، والاستجابة للإرادة الشعبية الحرة في اختيار مستقبلها، ونظامها القائم على التعدد، والعدالة، والمواطنة المتساوية.

لكن بدلا عن ذلك تواصل هذه المليشيات المارقة تغليب مصالح قادتها، وداعميها على مصالح الشعب اليمني، والتنكيل المستمر بقواه المدنية كما تجلى ذلك في أحدث انتهاكاتها، التي طالت عشرات الموظفين العاملين في الوكالات الإنسانية والأممية والنشطاء الحقوقيين، وهو ما يؤكد أننا ماضون على الطريق الصحيح عندما وجهنا الدعوة مرارا للمنظمات الدولية لنقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، حتى لا تظل رهينة لدى المليشيات، وأجهزتها القمعية.

إن الوضع المناسب لقادة الرأي والفكر، وموظفي الإغاثة هو التكريم بوصفهم صناع حياة، ورواة حقيقة، وإن الردع المناسب لمنتهكي الحقوق والحريات، والمتاجرين بالدين وتسييس أركانه، و شعائره، ومناسكه، هو العزل وعدم إفلاتهم من العقاب، وتجريم أفكارهم الضالة القائمة على الولاية، والإمامة، والسلالية العنصرية المقيتة، وتكفير الآخر، وإقصائه، واستعباده، وإثارة النزعات الطائفية وتحريف قيم الإسلام الحنيف وهدي الرسول صلوات الله وسلامه عليه، والافتئات على شريعة الإسلام، تحت مزاعم ما أنزل الله بها من سلطان، قال تعالى: (وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِين).

وقد بلغ بهم الضلال والانحراف حد إطلاق شعاراتهم الطائفية في بيت الله الحرام خلال مناسك الحج في سلوك همجي من شأنه إيذاء ضيوف الرحمن وإقلاق سكينتهم وأمنهم وهو انتهاك صارخ لحرمة الزمان والمكان وجحود لأعراف وتقاليد المجتمع العربي الأصيل، وقبل ذلك كله مخالفة التوجيهات القرآنية التي شددت على وجوب تعظيم شعائر الله في الحج وحذرت من الصد عن سبيل الله والمسجد الحرام، قال الله عز وجل (ِوَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۭ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ)، وقال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)

أيها الإخوة والأخوات،،

لقد قررنا عبر كافة مؤسسات الدولة انتهاج سياسة "الحزم الاقتصادي"، وذلك ردا على التجاوزات الخطيرة للمليشيات الحوثية التي تهدد بإغراق البلاد في كارثة إنسانية شاملة، بدايةً باستهدافها الإرهابي لموارد الشعب اليمني، ورفضها المتعنت لتحييد القطاع المصرفي، وصولا الى ذروة وهمها بإمكانية منازعة الدولة سيادتها النقدية من خلال صكّ عملة مزورة وطرحها للتداول.

لقد أثبت التأييد الشعبي والسياسي العارم لقرارات البنك المركزي، صوابية سياسة "الحزم الاقتصادي"، التي توخت تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولا التأكيد على المركز القانوني والمالي للدولة اليمنية. وثانيا حماية القطاع المصرفي، وأموال المودعين من انتهاكات المليشيات الإرهابية، ومكافحة غسل الأموال.

وأخيرا إنقاذ الاقتصاد الوطني من خطر العزلة الدولية عقب قرار تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية، الذي قد تطال تداعياته السلبية القطاع المالي اليمني برمته، ما استدعى التحرك الصارم للتمييز بين النظام النقدي القانوني الذي يديره البنك المركزي، وبين اقتصاد الحرب، والإرهاب الذي تتغذي عليه المليشيات.

وعليه فإنني أدعو عموم الشعب اليمني إلى دعم ومساندة هذه القرارات والعمل بموجبها وعدم الالتفات للدعايات المضللة عبر منابر المليشيات التي استأثرت بمقدرات البلاد دون تحمل أي التزامات تجاه مواطنينا في المناطق الخاضعة لها بالقوة الغاشمة.

أيتها الأخوات أيها الإخوة،،

لطالما اعتبرت قيادة الدولة، أن قطع الطرقات، وحصار المدن، هي أحد أسوأ كوارث الحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية الإرهابية، التي تعاملت مع هذه المظلمة كورقة ضغط، وابتزاز للحصول على مكاسب سياسية.

وفي مسعىً لإنهاء معاناة الملايين، قدمت الحكومة الكثير من التنازلات من أجل دفع المليشيات على انهاء حصارها للمدن، وفتح الطرقات، وتسهيل انتقال الأفراد، والأموال، والسلع، وأنشطة المنظمات الإنسانية، وجعل هذا الملف أولوية ثابتة في كافة الاتفاقات والتفاهمات التي تنصلت عنها المليشيات.

وفي كل مرة تذهب فيها المليشيات إلى إعلان فتح الطرقات، تبادر الحكومة الى الترحيب بالخطوة، ومحاولة مأسستها، ونقلها من سياقها الدعائي غير الأخلاقي، الى مسؤولية اللجان المعنية بالتفاوض، والجهات المعنية بالتنفيذ، والفرق الأممية المعنية بالمراقبة.

إن حرص الدولة على هذا المسار المؤسسي والقانوني، إنما يهدف إلى استدامة تأمين تنقلات المواطنين، الذي يعني بالضرورة إعادةَ تموضعِ القوات المتمركزةِ في خطوطِ التماس، وتطهير الأراضي من ألغام وقناصة المليشيات، وعدم العودة مطلقا الى جحيم الحصار الذي سيبقى وصمة عار في الذاكرة الجمعية عن وحشية المليشيات الإمامية العميلة للنظام الإيراني.

وتخطئ المليشيات الحوثية أنها بهذه الإجراءات الدعائية، خصوصا في ملفي الطرق، والمحتجزين، يمكنها أن تغسل جرائمها المشهودة على أبواب تعز، وفي كل أرجاء المحافظة الأبية، كما تخطئ حين تعتقد أن مناوراتها هذه يمكن أن تحسّن من صورتها، أو تقدمها كصاحبة سيادة في الداخل بعد أن فشلت في تسويق ذلك للخارج.

أيها الشعب اليمني العظيم،،

يأتي هذا العيد المبارك في وقت تستمر فيه آلة الحرب الإسرائيلية في التنكيل بأبناء شعبنا الفلسطيني المقاوم الذي يضرب كل يوم دروسا خالدة في الصبر، والتمسك المستميت بالأرض وحقه في الحرية، والعيش الكريم.

وإننا نؤكد التزامنا المطلق بموقف بلدنا التاريخي الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني العظيم، ودعمه ومساندة قضيته العادلة، وتطلعاته في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة.

الرحمة والخلود للشهداء

الشفاء للجرحى

الحرية للأسرى

وكل عام وأنتم بخير

مقالات مشابهة

  • ‏إيران تنتقد بيان مجموعة السبع الذي أدان تكثيف برنامجها النووي في الآونةالأخيرة
  • تحدث عن انقاذ العملة وفتح طريق تعز.. النص الكامل لخطاب الرئيس العلمي ودعوة هامة وجهها للشعب
  • حكم عليه بالمؤبد في السويد.. وصول الإيراني حميد نوري إلى طهران بعد الإفراج عنه بوساطة عمانية (فيديو)
  • فتح طريق رئيسي بين تعز والحوبان بعد 9 سنوات من الإغلاق
  • انتخابات إيران: من سيحلّ محل إبراهيم رئيسي؟
  • ما الذي يؤخر توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين روسيا وإيران؟
  • هل لدينا سياسة إفصاح عن معلومات استثمارات الضمان.؟
  • 10 معلومات لا تعرفها عن قبيلة مكة بواشنطن.. عاشت على صيد الحيتان قبل ألفي عام
  • الأمن الإيراني يقبض على عميل للموساد الإسرائيلي
  • رئيس مجلس القضاء الأعلى يستقبل وزير الخارجية الإيراني بالانابة