نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، مقالا، للباحثة داليا شيندلين، قالت فيه إن إدارة بايدن أكدت في 8 أيار/ مايو أنها احتجزت شحنة أسلحة كبيرة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي. وكانت هذه أكبر خطوة اتخذتها الولايات المتحدة منذ عقود لكبح تصرفات الاحتلال الإسرائيلي. ويتعلق القرار بشحنة من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل ولم يؤثر القرار على عمليات نقل الأسلحة الأخرى.

 

لكن الإعلان أكد أيضا شيئا آخر: الانقسام الحزبي المتزايد داخل الولايات المتحدة بشأن دولة الاحتلال الإسرائيلي. لعدة أشهر، جعل بعض القادة الديمقراطيين في الكونغرس والعديد من الناخبين الديمقراطيين يشعرون بأن الإدارة كانت متسامحة للغاية مع سلوك الاحتلال الإسرائيلي في الحرب. على الجانب الآخر، تعرض قرار بايدن بخصوص القنابل لانتقادات شديدة من قبل العشرات من أعضاء الكونغرس الجمهوريين.

وتفتخر واشنطن بتقاليدها المتمثلة في دعم الحزبين لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن في الواقع فإن الفجوة الحزبية آخذة في الاتساع منذ سنوات. إذ أصبح الناخبون الديمقراطيون، والأميركيون الأصغر سنا بشكل عام، ينتقدون حرمان دولة الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين من حقوقهم. وفاقم من ذلك السياسات الشعبوية لحكومة نتنياهو المتطرفة. ومن ناحية أخرى، يعتبر الجمهوريون والعديد من المحافظين الدينيين الدعم لدولة الاحتلال الإسرائيلي أحد أركان الإيمان.

إن القراءة الحزبية المتزايدة للعلاقات الثنائية لا تقتصر على الجانب الأمريكي فقط. على الرغم من الدعم القوي الذي قدمته إدارة بايدن لدولة الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر وطيلة الحرب إلا أن الإسرائيليين يظهرون أنهم يفضلون دونالد ترامب على جو بايدن بفارق كبير.. وليس من الواضح ما إذا كان هؤلاء يشعرون بقلق كبير إزاء حدوث تمزق في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قد يعرض المساعدات العسكرية الكبيرة التي تعتمد عليها دولة الاحتلال الإسرائيلي للخطر.

لم يظهر الاحتكاك المتزايد بين الإسرائيليين والأميركيين فقط بسبب الحرب الحالية في غزة. حيث تشير المسارات الاجتماعية والسياسية الأطول أمدا في كل من البلدين إلى أن "القيم المشتركة" الشهيرة التي عززت العلاقة لعقود من الزمن كانت تحت الضغط أصلا. لكن الحرب أبرزت هذا التوتر، والسياسات الحزبية التي تحركه، بشكل واضح. وهذا لا يعني أن البلدين يسيران على مسار تصادمي، لكنه يثير تساؤلات مهمة حول طبيعة التحالف في السنوات المقبلة.

لفهم أهمية الخلاف الحالي، من المهم أن نتذكر أن التحالف الأمريكي الإسرائيلي قد صمد في وجه العديد من الخلافات على مدى العقود الماضية. في الماضي، كان كل جانب يفترض أن العلاقة الأساسية كانت قوية بما يكفي لاستيعاب التوترات أو حتى الأزمات. 

إن الإدارة الأمريكية التي تتراجع عن السلوك الإسرائيلي أو تطالب بتنازلات كبيرة قد تثير الجدل، لكن استطلاعات الرأي، حيثما كانت متاحة، أشارت إلى أن الإسرائيليين عموما أذعنوا للأمريكيين، بغض النظر عمن كان في البيت الأبيض.


لنأخذ إدارة كارتر على سبيل المثال. وفي خرق لعقود من السياسة الأمريكية، أصبح الرئيس جيمي كارتر في عام 1977، أول رئيس أمريكي يتحدث علنا عن الحاجة إلى وطن فلسطيني، في ملاحظة مرتجلة في اجتماع في قاعة مدينة ماساتشوستس. حتى أن ستيوارت آيزنستات، الذي كان كبير مستشاري كارتر للسياسة الداخلية والذي شارك بشكل كبير في سياسة الإدارة في الشرق الأوسط، تفاجأ. يتذكر في إحدى المقابلات: "لقد كدت أن أسقط من مقعدي".

ومع ذلك، في عام 1978، استضاف كارتر مفاوضات كامب ديفيد بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث تملّق الاحتلال الإسرائيلي لإجراء انسحاب لا يحظى بشعبية من سيناء، التي احتلتها بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، ووضع القضية الفلسطينية بشكل مباشر على جدول أعمال المفاوضات.  وعندما سُئل اليهود الإسرائيليون في شهر أيلول/ سبتمبر من ذلك العام عن مدى ثقتهم في كارتر، قال ما يقرب من ثلثيهم إنهم يثقون به إلى حد ما أو بقدر كبير. 

كذلك، حافظ الرئيس بيل كلينتون على دعم واسع النطاق في دولة الاحتلال الإسرائيلي، حتى عندما كان يدعو إلى سياسات لا تحظى بشعبية. وفي عام 1994، بعد مرور عام على توقيع اتفاقيات أوسلو المثيرة للجدل، قال 65 في المئة من الإسرائيليين إنهم راضون إلى حد ما أو جدا عن كلينتون. 

وفي العام التالي، عاشت دولة الاحتلال الإسرائيلي موجة من التفجيرات الانتحارية واغتيال رئيس وزرائها، وكان هناك ما يكفي من القلق بشأن الاتفاقات التي دفعت الإسرائيليين إلى انتخاب نتنياهو؛ ومع ذلك، ظل الدعم لكلينتون قائما.

وتابع التقرير نفسه بالقول: "كما كان الزعيم الإسرائيلي الذي يتحدى رئيسا أمريكيا بوقاحة شديدة، قد يواجه عواقب سياسية خطيرة في الداخل. في أوائل عام 1992، هدد وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر بحجب ضمانات القروض الأمريكية لردع الزعيم الإسرائيلي اليميني، إسحاق شامير عن استخدام الأموال لبناء المستوطنات. فيما رفضت حكومة شامير الشروط الأمريكية، ويقال أن هذا الصدع ساهم على نطاق واسع في خسارة شامير في الانتخابات الإسرائيلية عام 1992".

لكن ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت هذه الأنماط صحيحة اليوم. وعلى الرغم من دعم بايدن الساحق لدولة الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول وطوال فترة الحرب، إلا أن الإسرائيليين لم يظهروا سوى موافقة فاترة عليه. 

وفي منتصف شهر آذار/ مارس، وجد استطلاع للرأي أجرته شبكة "نيوز 12" العبرية أن الإسرائيليين يفضلون ترامب على بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 بفارق 14 نقطة: 44 في المئة لترامب، مقابل 30 في المئة فقط لبايدن. 

وكان هذا قبل فترة طويلة من إعلان الإدارة قرارها بحجب شحنة الأسلحة وقبل أن تقول الإدارة إنها ستفرض عقوبات على عدد صغير من المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية.

كما هو الحال مع المواقف الأمريكية تجاه القيادة الإسرائيلية، فإن المواقف الإسرائيلية تجاه الإدارات الأمريكية تتوافق أيضا إلى حد كبير مع الانتماء السياسي: في استطلاع نيوز 12، قال ما يقرب من ثلاثة أرباع أولئك الذين يدعمون ائتلاف نتنياهو إنهم يفضلون ترامب، في حين قال 55 في المئة من أولئك الذين يدعمون الأحزاب المعارضة إنهم يفضلون بايدن. وفي الواقع، يعكس هذا الانقسام الحزبي ذروة القوى الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة في كل من دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة لسنوات.

وفي الأشهر التي سبقت إعلان بايدن عن تأخير شحنة الأسلحة، كان استياء الديمقراطيين من الحرب الإسرائيلية في غزة يتصاعد. وكان الأعضاء التقدميون في الكونغرس يضغطون على إدارة بايدن لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد سياسات نتنياهو. وفي شهر آذار/ مارس الماضي، وفي سابقة انتقد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وهو ديمقراطي وسطي ومؤيد معروف لدولة الاحتلال الإسرائيلي. نتنياهو علنا ودعا إلى إجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة. 

لكن هذه التطورات تعكس أيضا اتجاهات طويلة المدى في الرأي الأمريكي بشأن  دولة الاحتلال الإسرائيلي. ومن المهم أن نلاحظ أنه، كما كان الحال في العقود الماضية، فإن أغلبية كبيرة من الأميركيين تدعم الاحتلال الإسرائيلي. 

وقد استشهد نتنياهو نفسه باستطلاع أجرته Harvard CAPS / Harris في شهر آذار/ مارس والذي وجد أن 82 في المئة من البالغين الأمريكيين يدعمون دولة الاحتلال الإسرائيلي على حماس في الحرب الحالية. 

وفي الشهر التالي، وجد استطلاع أجرته Harvard CAPS / Harris أن 52 في المئة من الأمريكيين أعطوا دولة الاحتلال الإسرائيلي تصنيفا "إيجابيا" أو "إيجابيا جدا"، مقارنة بـ 16 في المئة فقط للسلطة الفلسطينية، و14 في المئة لحماس. 

ومع ذلك، فقد أصبح الأميركيون ينتقدون على نحو متزايد السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. وذلك وفقا لاستطلاعات غالوب، إذ انخفض الجزء الإجمالي من الأمريكيين الذين يقفون إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين من 64 في المئة في عام 2018 إلى 51 في المئة فقط في أوائل عام 2024. 

وكشفت استطلاعات مركز بيو أيضا عن فجوة حزبية متزايدة بشأن هذه المسألة. ففي عام 2001، انحاز 50 في المئة فقط من الجمهوريين إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي.

وبحلول عام 2018، ارتفع العدد إلى 79 في المئة؛ على العكس من ذلك، تقلصت نسبة أولئك الذين اختاروا دولة الاحتلال الإسرائيلي بين الديمقراطيين من 38 في المئة في عام 2001 إلى 27 في المئة فقط في عام 2018. ويبدو أن هذا الاختلاف قد تعزز في السنوات التي تلت ذلك.

كما أن هناك فجوة كبيرة بين الأجيال في وجهات النظر الأميركية بشأن دولة الاحتلال الإسرائيلي. ووجد استطلاع أجراه مركز بيو في شباط/ فبراير 2024 أن 78 في المئة من الأميركيين الأكبر سنا (أكثر من 65 عاما) يرون أن أسباب خوض دولة الاحتلال الإسرائيلي للحرب صحيحة، في حين أن 38 في المئة فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يعتقدون ذلك، أي بفارق 40 نقطة. كما وجد استطلاع Harvard CAPS / Harris الذي أجري في نيسان/ أبريل أن المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما انقسموا بالتساوي تقريبا بين أولئك الذين يعتقدون أن دولة الاحتلال الإسرائيلي هي المسؤولة في الغالب عن "الأزمة في غزة"، وبين الذين حملوا حماس المسؤولية في الغالب، ومن ألقى فقط اللوم على دولة الاحتلال الإسرائيلي.


في أغلب دول العالم الغربي، يميل الشباب إلى الليبرالية والتقدمية وتميل السياسات الليبرالية أو ذات الميول اليسارية إلى دعم الأشخاص المضطهدين، وهو النمط الذي ساعد في تأجيج الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين من قبل الشباب الأميركيين. ومن الجدير بالذكر أن الميل التقدمي للشباب في الغرب يبدو عكس الاتجاه الذي يتجه إليه الشباب الإسرائيلي. وعلى مدى 15 عاما على الأقل، أظهرت الدراسات المتعمقة توجهات يمينية ثابتة بين الشباب اليهود الإسرائيليين. 

وتزامن الميل اليميني للناخبين الإسرائيليين الشباب بشكل وثيق مع جهود نتنياهو لجعل العلاقة الأمريكية الإسرائيلية أكثر حزبية. فبعد وقت قصير من عودة نتنياهو إلى السلطة في عام 2009 بدأ نتنياهو ووكلائه في مهاجمة أوباما بشكل منهجي لأسباب مثل دعم الرئيس في عام 2011 لحل الدولتين.

وفي عام 2015، خاض نتنياهو مقامرة أكبر: فكسر أحد المحرمات لفترة طويلة، وألقى خطابا في الكونغرس بناء على دعوة أحادية من المشرعين الجمهوريين، حيث شن هجوما واسع النطاق على جهود إدارة أوباما لتأمين اتفاق مع إيران لكبح جماح برنامجها النووي. 

وقام نتنياهو بتلك المغامرة ليعاد انتخابه. ولم تثن إهانة نتنياهو لأوباما الرئيس عن التوقيع على ما كان في ذلك الوقت أحد أكبر حزم المساعدات الأمريكية في التاريخ: 38 مليار دولار لدولة الاحتلال الإسرائيلي على مدى عشر سنوات.


عندما تم انتخاب ترامب رئيسا في عام 2016، صوره نتنياهو على أنه أفضل صديق لدولة الاحتلال الإسرائيلي. وسرعان ما أصبح مصطلح "مؤيد لإسرائيل" يعني تبني سياسات ترامب: إذلال الفلسطينيين، واقتراح خطط لدولة الاحتلال الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. إذا نظرنا إلى الماضي، ونظرا لسجل إدارة ترامب تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي، فليس من المستغرب أن ينظر إليه الإسرائيليون بشكل إيجابي.

على النقيض من ذلك، حتى قبل دخوله المكتب البيضاوي، فإن سجل بايدن طوال حياته باعتباره ديمقراطيا مخلصا مؤيدا لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لم يشفع له لدى العديد من الإسرائيليين. 
الرأي العام يتقلب، لكن في الماضي، ساعدت المواقف الإسرائيلية الإيجابية بشكل عام تجاه الرئيس الأمريكي أحيانا في منح الرئيس السلطة لتعزيز السياسات في دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تعكس المصالح الأمريكية. 

وأشار آيزنستات إلى أن فريق كارتر قرأ استطلاعات الرأي الإسرائيلية عن كثب لمعرفة ما إذا كان الإسرائيليون يدعمون جهود الرئيس للتوصل إلى ما وصفه بـ"سلام إسرائيلي مصري". يتذكر آيزنستات أن الإسرائيليين كانوا يريدون ذلك بشكل عام.

على النقيض من ذلك، في نيسان/ أبريل 2024، بعد أن جمعت الولايات المتحدة تحالفا دوليا يضم حتى دولا عربية لتقديم دعم عسكري استثنائي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، باستخدام دفاعاتها الجوية المشتركة لإحباط هجوم صاروخي إيراني ضخم، بدا أن الإسرائيليين لم يعدوا أكثر تفضيلا لإدارة بايدن من ذي قبل. 

وفي أعقاب الهجوم، ذكّرت مبادرة "إسرائيل" للديمقراطية الإسرائيليين بهذا التحالف الفعال للغاية وسألتهم عما إذا كانوا "سوف يوافقون الآن من حيث المبدأ على إنشاء دولة فلسطينية في المستقبل، مقابل اتفاق دفاع إقليمي دائم". ولم تتزحزح الأرقام الإسرائيلية: فقد رفضت الفكرة أغلبية بلغت 55 في المئة، بينما وافق عليها 34 في المئة فقط. وكان المعدل أقل بين اليهود الإسرائيليين: 26 في المئة فقط وافقوا على ذلك.


ويعتقد العديد من الإسرائيليين أن بايدن استسلم لضغوط اليسار، وأن طلاب الجامعات الأمريكية الذين كانوا يحتجون على الحرب في غزة تعرضوا لغسيل أدمغة، وأن معاداة السامية ارتفعت إلى مستويات خطيرة.

لا يُعرف الكثير عن الوجهة التي سيتجه إليها كلا البلدين. ولكن إذا تباعدت القيم الأساسية للولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل أكبر، فإن الجيل القادم من القادة في كلا البلدين قد لا ينظرون إلى بعضهم البعض على أنهم متقاربين. وفي هذه الحالة، قد تضمن المصالح الاستراتيجية المشتركة بقاء الدولتين حليفتين، لكنها قد تفقد "العلاقة الخاصة" التي اعتمدت عليها في الماضي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الولايات المتحدة الولايات المتحدة ادارة بايدن المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لدولة الاحتلال الإسرائیلی دولة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة أن الإسرائیلیین فی المئة فقط أولئک الذین إدارة بایدن فی المئة من ما إذا کان ما کان فی غزة فی عام من ذلک

إقرأ أيضاً:

تصاعد العنف ضد أطباء مصر مدعوما بسطوة السوشيال ميديا

حالة من الإثارة الشديدة في جميع وسائل السوشيال ميديا حول فيديو مجتزأ لمشادة لفظية بين طبيب في عيادته الخاصة وبين أهلية مريضة مسنة، يوم وقفة عرفة لعام 1446 هجرية، توفاها الله بعد الواقعة بفترة وجيزة؛ والفيديو واضح فيه وجود أصوات متداخلة تهاجم الطبيب وصوت يبدو أنه الطبيب منفعلا لأنه تم توجيه ألفاظ نابية ضده، ثم مشهد الطبيب يكتب خطاب تحويل للمستشفى، قسم الطوارئ، لخطورة الحالة والتي يلزمها تدخل جراحي عاجل، والعيادة الخاصة غير مؤهلة لذلك، وأصوات متعددة برفض التحويل للمستشفى وتوجيه اللوم للطبيب لأنه رفض علاج المريضة في عيادته الخاصة.

هذا الفيديو المجتزأ تم تصويره ونشره بمعرفة أهلية المريضة المتوفاة باعتباره دليل إدانة للطبيب؛ وتلقفته المواقع الصحفية وجميع وسائل السوشيال ميديا والتواصل المجتمعي، وانتشر بسرعة تحت عناوين صادمة مثيرة؛ تصف حالة الطبيب المجرم الذي رفض علاج مريضة مسنة في عيادته الخاصة مما أدى إلى موتها، وفورا انطلقت الأصوات بالويل والثبور ضد الطبيب لدرجة أن شخصية عامة مؤثرة ورجل أعمال مشهور كتب مطالبا بشطب الطبيب من سجلات النقابة وإيقافه عن العمل.

وزارة الصحة تتحرك بسرعة استجابة لقوة وسطوة السوشيال ميديا:

وعلى الرغم من موقف وزارة الصحة من السوشيال ميديا؛ حيث إن وزير الصحة قد سبق له وأن أعلن بكل وضوح تحت قبة مجلس النواب في نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2024 الماضي، أثناء مناقشة قانون المسئولية الطبية ووجود رفض من الأطباء لبعض مواده مطالبين بجمعية عمومية طارئة ونشروا آراءهم على منصات التواصل المجتمعي المتنوعة؛ وقتها أعلن الوزير بأن "الدولة المصرية أقوى من الجمعية.. وأقوى من السوشيال ميديا!"، وبالفعل فقد رضخ نقيب الأطباء لتهديدات وزير الصحة وتم إلغاء عمومية الأطباء، وبعدها قام وزير الصحة بتقديم بلاغ للنائب العام ضد أحد أعضاء مجلس نقابة الأطباء يتهمه فيها بنشر الإشاعات وتكدير السلم المجتمعي؛ لأنه تحدث في الفضائيات عن زيادة معدل استقالة الأطباء من المستشفيات الحكومية وعن أسبابها.

إلا أن موقف وزارة الصحة نحو السوشيال ميديا في حالة طبيب محافظة قنا جاء على خلاف ما أعلنه الوزير!! حيث أنه وفي حملة موسعة قامت إدارة العلاج الحر في مديرية الصحة بمحافظة قنا، جنوب القاهرة، بالتفتيش على عدد كبير من عيادات الأطباء في "مدينة قوص" محل الواقعة في المحافظة، وتمت مداهمة عيادة الطبيب استشاري الجراحة المتهم محل الواقعة وتم اتخاذ قرار الغلق الإداري للعيادة. وجاء في القرار أن السبب هو أن الطبيب لم يستكمل إجراءات التراخيص الطبية للعيادة الخاصة، وهذا القرار لا يعني اتهام الطبيب بالإهمال ولكنه يمهله فترة محددة لاستكمال إجراءات التراخيص، مثل شهادة معاينة من العلاج الحر في الصحة، وأخرى من نقابة الأطباء، وضبط بيانات اللافتة، وتوفير وسائل الحماية المدنية ضد الحريق وغيرها..

ومع ذلك فإن قرار الغلق تم استغلاله على مدى واسع باعتباره فرصة جديدة لصب اللعنات على الأطباء، وبدأت الصحف في نشر ما عندها من وقائع سابقة تؤكد على الإهمال الطبي، في حملة إعلامية جاهزة ومرتبة لمثل تلك الظروف.

ملاحظات هامة حول واقعة اتهام طبيب الجراحة برفض علاج مريضة في عيادته الخاصة وتسبب في وفاتها:

تلك السردية لتطورات الواقعة تشير إلى عدد من الأمور الهامة، تشمل العلاقة بين الطبيب والمريض ودور الإعلام بصورة عامة في ملابسات تكشف عن حقيقة وضع الرعاية الصحية في مصر:

أولا: الطبيب يعمل في عيادة خاصة غير مرخصة؛ يعني قصور في الرقابة والإشراف من وزارة الصحة، بالرغم من كثرة التصريحات الحكومية حول عصر التحول الرقمي وتفعيل الحوكمة في الرعاية الصحية. ومن ناحية أخرى فقد تزايد سخط الأطباء، وكثرت الشكاوى من وقوف الإدارة المحلية عقبة في طريق ترخيص المنشآت الطبية؛ باشتراطها أن تكون المنشأة الصحية داخل مبنى إداري، رغم أن مهنة الطب ليست سلعة تجارية حتى تتطلب الترخيص في أدوار إدارية، وأن هذه التعقيدات ضد مصلحة الدولة، وبالتالي فإن قرار الغلق الإداري حسب القانون يجب أن يتبعه تواصل بين وزارة الصحة والمحليات لتسهيل إجراءات الترخيص للمنشآت الطبية حسب القوانين المنظمة لذلك.

ثانيا: الدراسة الصادمة التي سبق وأن نشرتها نقابة أطباء مصر، والتي تكشف عن ممارسة ثلث الأطباء المصريين ما يُعرف بـ"الطب الدفاعي". ويعني هذا التوجه اتخاذ الأطباء إجراءات طبية وتشخيصية وعلاجية مبالغا فيها تجنبا للمسؤولية القانونية ومخاوف من قضايا المسؤولية الطبية. وعرفت النقابة الطب الدفاعي بأنه ذلك الذي يعتمد على إجراء فحوصات وتشخيصات وعلاجات زائدة عن الحاجة، مع تجنب التعامل مع الحالات الخطرة والمعقدة، بالإضافة إلى التهرب من مرضى سابقين قدموا شكاوى قانونية. وقد أظهرت الدراسة أن أغلبية الأطباء في التخصصات الجراحية، خاصة في المستشفيات الحكومية، يمارسون الطب الدفاعي، ولا سيما كلما زادت سنوات الخبرة. كما تبين أن معظم الأطباء الذين يتبعون هذا الأسلوب كانوا قد تعرضوا سابقا لشكاوى قانونية وتهديدات بالمقاضاة من المرضى وذويهم.

ولكن الطبيب في الواقعة المشار إليها لم يلجأ لهذا الأسلوب، حيث إن حالة المريضة المسنة لا يمكن التعامل معها داخل عيادة خاصة محدودة الإمكانيات ولكن يجب تحويلها إلى الطوارئ في المستشفى، وهذا الأمر لم يستوعبه أهلية المريضة وسارعوا بالاعتداء على الطبيب.

ثالثا: الاعتداء على الأطباء أصبح ظاهرة منتشرة سواء في المستشفيات الحكومية والخاصة أو في العيادات الخاصة. وكشفت دراسات وإحصائيات متعددة عن حجم المشكلة في مصر، وأشارت إلى أن معدلات العنف ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية تعد من الأعلى في أفريقيا. وأشارت إحدى الدراسات إلى أن ما يقرب من 88 في المئة من الأطباء في مصر تعرضوا لإساءة لفظية، بينما واجه 42 في المئة منهم اعتداء جسديا، و13.2 في المئة تعرضوا للتحرش الجنسي.

وأفادت دراسة أخرى أن أكثر من 80 في المئة من الأطباء الذين شملتهم الدراسة تعرضوا لحادثة عنف واحدة على الأقل (لفظي أو جسدي أو كلاهما) خلال الاثني عشر شهرا السابقة للمسح. واتخذ 14.3 في المئة فقط من الأطباء الذين تعرضوا للعنف إجراءات قانونية. ووقعت غالبية حوادث العنف (68.4 في المئة) على يد أقارب المرضى، تلاهم المرضى أنفسهم (25.3 في المئة)، وزملاء العمل (6.3 في المئة). كما تركزت معظم حوادث العنف في أقسام الطوارئ (38.7 في المئة)، تليها العيادات الخارجية وأقسام المرضى. وتضمنت الأسباب الرئيسة للعنف نقص المعدات الطبية وتكدس أقسام الطوارئ.

وفي ظل تزايد ظاهرة الاعتداء على الطواقم الطبية والمنشآت الصحية في مصر، والتي أصبحت مصدرا كبيرا لقلق الأطباء والمواطنين على حد سواء، برز قانون المسؤولية الطبية أحدَ أهم الأدوات التشريعية التي يعول عليها كثيرون، في محاولة للحد من هذه الظاهرة وتوفير بيئة عمل آمنة للعاملين في القطاع الصحي.

رابعا: يوجد تحفز إعلامي واضح ضد الأطباء مما يزيد من سرعة وخطورة انتشار منشورات السوشيال ميديا، وذلك دون التروي واتباع أخلاقيات مهنة الإعلام في التأكد من صحة الخبر قبل نشره.

خامسا: قصور التأمين الصحي الموجود حاليا عن التغطية الشاملة لجميع المصريين، حيث إن معدل التغطية لا يزيد عن 68 في المئة فقط من عموم المصريين، بما يعني وجود 40 مليون مصري خارج التغطية، إضافة إلى القصور في خدمات العلاج المجاني في المستشفيات الحكومية مما يشكل معاناة حقيقية للمواطنين.

أهمية دور نقابة الأطباء بجناحيه الطبي في دعم الطبيب مهنيا والمجتمعي بحماية حقوق المرضى:

من سردية واقعة طبيب قنا؛ تبين قيام النقابة الفرعية للأطباء في محافظة قنا بدورها في التواجد قانونيا مع الطبيب خلال التحقيقات في النيابة العامة، إضافة إلى سرعة التواصل مع أهلية المريضة المتوفاة بهدف التوصيف السليم لطبيعة الواقعة، وإن كان التصالح قد أضاع على الطبيب حقه القانوني؛ خاصة وأنه تصرف بطريقة مهنية وطبية سليمة بالرغم من الاعتداء عليه داخل عيادته الخاصة. ومن ناحية أخرى فقد أصدرت النقابة العامة للأطباء بيانا أكدت فيه أنه وفقا للأصول والمعايير الطبية المعتمدة، فإنه لا يجوز للطبيب تقديم خدمات طبية طارئة من داخل عيادته الخاصة، إذ إن ذلك من اختصاص أقسام الطوارئ في المستشفيات التي تمتلك التجهيزات والإمكانات اللازمة للتعامل مع الحالات الحرجة. لذلك فإن تحميل الطبيب المسؤولية في غير بيئة الطوارئ هو افتئات على العلم والمنطق، ومخالفة صريحة لأبجديات الطب، وتُناشد النقابة العامة للأطباء وسائل الإعلام المختلفة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بتحري الدقة والتثبت من المعلومات قبل النشر، احتراما لخصوصية الوقائع ولحماية الأطراف كافة من التشهير أو التناول غير المهني.

مقالات مشابهة

  • منها إف 35.. رويترز: الولايات المتحدة تنقل طائرات مقاتلة إلى الشرق الأوسط
  • حماس تتهم الولايات المتحدة بدعم مصائد الموت للمساعدات في غزة
  • تصاعد العنف ضد أطباء مصر مدعوما بسطوة السوشيال ميديا
  • إدارة ترامب تدرس إضافة 36 دولة إلى حظر السفر الى الولايات المتحدة
  • ملايين الإسرائيليين تحت رحمة الصواريخ الإيرانية .. مسئول يكشف مفاجأة بشأن ملاجئ الاحتلال
  • عاجل.. الخارجية الايرانية: الولايات المتحدة شريكة في العدوان الإسرائيلي على بلادنا (فيديو)
  • سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة الهلال
  • سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة نادي الهلال
  • قائمة حظر السفر الأمريكية تتوسع.. 36 دولة مهددة بقيود جديدة بينها مصر وسوريا
  • ترامب: لا علاقة لنا بالهجوم الإسرائيلي على إيران ويحذرها من رد عسكري شديد