الوطن:
2025-05-13@07:14:33 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. اليتامى

تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. اليتامى

اليتيمُ مِن البشرِ هو مَن ماتَ أبوهُ وهو صغيرٌ لم يبلغِ الحُلمَ، وهو مِن الحيوانِ الذى فقَدَ أُمَّهُ، فكلاهما فقَدَ الكاسِبَ، فإذا بلغَ زالَ عنهُ وَصفُ اليُتم، وقد جاءَ الأمرُ بالإحسانِ إلى اليتيمِ فى غيرِ موضعٍ مِن كتابِ اللهِ تعالى، منها قولُه سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [النساء: 36].

ونلحظُ أنَّ الأمرَ بالإحسانِ لليتامَى جاءَ بعدَ الأمرِ بالإحسانِ إلى ذوِى القربَى، وهذا له دلالةٌ مُهمةٌ، وهى شدةُ اعتناءِ القرآنِ الكريمِ بأمرِ الأيتامِ، فالأمرُ بالإحسانِ إلى الأقاربِ عامٌّ يشملُهُم جميعاً ومَن فيهم مِن الأيتامِ، ثم يأتى بعده الأمرُ بالإحسانِ إلى اليتامَى حتى تتسعَ دائرةُ الإحسانِ إلى اليتامى فتشملُ اليتامَى مِن غير الأقرباءِ أيضاً.

وفى ذكر لفظِ (اليتامى) إشارةٌ إلى استحضارِ هذا الوصفِ الذى يَقتضِى العطفَ عليهم، والإحسانَ إليهم، والبرَّ بهم.

وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أنَّ الإحسانَ إلى اليتامَى هو من حقيقةِ البرِّ الذى يَنبغى أنْ تتحلَّى بهِ النفوسُ فقال سبحانه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ باللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِى الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون} [البقرة: 177].

بل وصلَ الأمرُ إلى أنْ ندَبَ الشرعُ الشريفُ لمن يقتسمونَ مِيراثاً أن يجعلوا منه شيئاً للأقاربِ واليتامَى والمساكينِ الذين ليس لهم نصيبٌ فى الميراثِ سداً لحاجتِهم، فقال سبحانه: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [النساء: 8]؛ بيَّنَ العلماءُ أنَّه ليسَ معنَى (حَضَرَ الْقِسْمَةَ) حُضورَهُم وقتَ تقسيمِ التركةِ، وإنما المرادُ عِلمُ الورثةِ بحالِ أولئكَ المحتاجِينَ مِن الأقاربِ واليتامَى والمساكين، فيُندبُ حيئنذٍ أنْ يُعطوهم شيئاً من الميراثِ إعانةً لهم، وأن يقولوا لهم قولاً جميلاً، كأن يقولوا لهم مَثَلاً: خُذوا هذا المالَ باركَ اللهُ لكُم فيهِ، أو بأنْ يَعتذروا لِمَن لم يُعطوه شيئاً.

وقد أمرَ القرآنُ الكريمُ بإحسانِ معاملةِ اليتيمِ وعدمِ قهره وإذلالِهِ، قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]، وحثَّ سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على كَفالتِهِ فقال: «وأنا وكافلُ اليتيمِ فى الجنَّةِ هكذَا» وأشارَ بالسَّبابةِ والوُسطَى، وفَرَّجَ بينهما شيئاً. [البخارى]، أى: فرَّق صلى الله عليه وسلم بين أصبعَيْهِ لبيانِ التفاوتِ بينَ الأنبياءِ وغيرِهِم.

وإذا كانَ اليتيمُ قد فقدَ أباهُ بعدَ أنْ كانَ حياً، فثَمَّ أطفالٌ آخرونَ لا يُعرفُ لهم آباءٌ، وهم اللُّقطاءُ، وهؤلاء الأطفالُ لهم آباءٌ أحياءٌ طَرحُوهم خوفاً من العَيْلة [الفقرِ والحاجة] أو فراراً من التُّهمةِ أو غير ذلك، وإذا وجدَ اليتيمُ أُماً تُربِّيهِ أو قريباً يكفلُهُ، فهؤلاءِ لا يجدون مَن يُربِّى أو يكفلُ، وهؤلاءِ الأطفالُ يدخلون فى عمومِ الأمرِ بكفالةِ الأيتامِ والإحسانِ إليهم؛ فهم قد فقدوا آباءَهم حُكْماً كما فقدَهُمُ الأيتامُ حقيقةً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: اليتامى المساكين الإحسان العطف ال ق ر ب ى و ال

إقرأ أيضاً:

أستاذ بالناتو: ترامب لا يفقه شيئا ويتسبب في إرباك إدارته

قال اللواء الدكتور سيد غنيم، أستاذ زائر بالناتو والأكاديمية العسكرية الملكية في بروكسل، إن الفلسطينيين يعلمون جيدًا أن ترامب لا يُعوّل عليه في حل قضيتهم، وهم لا يثقون في قدرته على إحداث تقدم في هذا الملف.

وأضاف "غنيم"، خلال مداخلة عبر الإنترنت مع الإعلامي إبراهيم عيسى، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن الصاروخ الحوثي الذي عطل مطار بن جوريون كان ضمن 27 صاروخًا، مشيرًا إلى أن الحوثيين يسعون إلى إظهار قدرتهم على ضرب إسرائيل، ويعملون على تصوير أنفسهم كأعداء يحاربون إسرائيل وأمريكا.

وأكد غنيم أن الحوثيين قد أعلنوا استهدافهم للسفن الإسرائيلية فقط، لكن ما حدث من جانبهم يتجاوز ذلك، مضيفًا: "حماية الممرات البحرية كانت من أولويات قوات الدفاع الأمريكية، ولكن في الوقت الحالي أصبحت حماية إسرائيل على رأس الأولويات".

وأوضح أن الرئيس ترامب لا "يفقه" شيئًا في الاستراتيجية، وهو ليس مرتبكًا فحسب، بل لا يعي ما يفعل، ما يتسبب في إرباك كبير لإدارته، مؤكدًا أن هذا الارتباك يؤدي إلى تضارب في التصريحات بين ترامب وإدارته، ما يسبب استمرار الإرباك داخل البيت الأبيض.

طباعة شارك غنيم الاستراتيجة الصاروخ

مقالات مشابهة

  • نصائح الشيخ د. عبدالرحمن السند لمن يسهو في الصلاة .. فيديو
  • أستاذ بالناتو: ترامب لا يفقه شيئا ويتسبب في إرباك إدارته
  • رمضان خرج من منزله ولم يعد.. هل من يعرف عنه شيئا؟
  • معنية برعاية الأيتام.. مساع حكومية للوصول الى 100 مدرسة في الأعوام المقبلة
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الزمان الأخرس يخطب)
  • خالد عمر يوسف يكتب: لهذه الأسباب يتخوفون من الحلول التفاوضية
  • التضامن: رعاية الأيتام هو الملف الأصعب بالنسبة لي
  • صورة اليهود في القرآن الكريم
  • حسين خوجلي يكتب: العرب يتألمون والعجم يتأملون
  • صلاة الاستخارة.. تعرف على حكمها وكيفية أدائها والدعاء المخصص لها