ما يدخل "فتات".. شبح المجاعة يُلاحق أهالي شمالي غزة من جديد
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
غزة - خــاص صفا
من جديد، تهدد المجاعة أهالي محافظتي غزة وشمالي القطاع، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي منع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والبضائع إليها منذ شهر تقريبًا، بفعل إغلاق المعابر، وإطباق الحصار.
ويتفاقم الوضع الإنساني في القطاع، ولا سيما في شماله يومًا بعد يوم، مع مواصلة جيش الاحتلال حرب الإبادة الجماعية وسياسة قصف المنازل فوق رؤوس ساكنيها، والتي تصاعدت وتيرتها عقب العدوان الإسرائيلي المتواصل على مخيم جباليا ومدينة رفح.
كارثة إنسانية
وبعد استقرار نسبي في أسواق شمالي القطاع قبل نحو شهر، عادت تعاني مجددًا شحًا كبيرًا في توفر المواد الغذائية والسلع الأساسية كاللحوم والدجاج والبيض والسكر والزيوت والأرز والخضروات والفواكه، بسبب منع الاحتلال إدخالها لغزة، ما ينذر بتعمق الكارثة الإنسانية، وحدوث المجاعة مجددًا، وسوء التغذية، خاصة لدى الأطفال والمرضى والمسنين.
ويتخوف الغزيون من عودة المجاعة إلى شمال القطاع، الذي يتواجد فيه نحو 600 ألف نسمة، وعدم وجود ما يتناولونه مع الخبز، جراء نفاد المواد الغذائية ومنع إدخال المساعدات، ما يتهدد حياة الأطفال والمرضى الذين تتفاقم معاناتهم، في ظل إصرار الاحتلال على تدمير المستشفيات وإخراجها عن الخدمة.
وتسمح سلطات الاحتلال فقط بإدخال عدد محدود من الشاحنات المحملة بالطحين للمخابز، بتنسيق من برنامج الأغذية العالمي، بالإضافة لبعض المعلبات، التي لا تلبي احتياجات المواطنين في شمال القطاع.
وما يتوفر في الأسواق من بعض السلع لا يتمكن معظم المواطنين من شرائها، بسبب ارتفاع أسعارها، والوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يعانون منه، وتعطّل مصالحهم منذ ثمانية أشهر.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن ما دخل من شاحنات عبر الرصيف البحري منذ بداية عمله، لم يتجاوز ١٠٠ شاحنة، فيما دخل لغزة والشمال الأسبوع الماضي من نقطة في السياج الأمني غرب بيت لاهيا ٢١٤ شاحنة، منها ١٠٩ محملة بالطحين للمخابز والمواطنين، و٦ شاحنات أدوية فقط.
وأكد أن كل حديث عن تسهيلات وزيادة أعداد شاحنات المساعدات هو ذر للرماد في العيون وتزييف للواقع.
واقع صعب
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام مهنا يقول إن الوضع الإنساني في كافة أنحاء القطاع صعب للغاية، لأن وتيرة إدخال المساعدات غير مستقرة، وبالتالي لا يمكن الحفاظ على الحد الأدنى المقبول فيما يتعلق بوصول الأهالي لكل ما يحتاجوه من المواد الغذائية والمياه وحتى الرعاية الطبية.
ويوضح مهنا، في حديث لوكالة "صفا"، أن ما يدخل إلى شمالي القطاع لا يتناسب إطلاقًا مع احتياجات عدد السكان المتواجدين في تلك المناطق، نظرًا لاستمرار "إسرائيل" في فرض قيودها على إدخال المساعدات إليها.
ويضيف "يجب على إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، أن تعمل على ضمان وصول الأهالي لكل ما يلزم من غذاء ودواء ومياه للشرب، من أجل بقائهم على قيد الحياة، وكذلك ضرورة التزامها بتوفير الحماية للمدنيين، بمن فيهم العاملون بمجال العمل الإنساني".
ويتابع "نحن نعمل جاهدين على إمكانية الوصول لأهالي شمالي القطاع، لأجل تقديم خدماتنا الإنسانية كما يحدث في الجنوب، بهدف التخفيف من معاناتهم والحد من حدوث المجاعة وسوء التغذية".
وفي جنوبي القطاع -كما يبين مهنا- كانت اللجنة الدولية توفر 50 ألف وجبة طعام يوميًا للنازحين، لكن العدد انخفض إلى 10 آلاف، بفعل العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح.
وللحد من المجاعة وسوء التغذية، يؤكد مهنا ضرورة تحويل "الفتات" التي تدخل من المساعدات والدعم الإنساني إلى شلال متدفق بشكل غير منقطع وآمن، بما يضمن للفرق الإنسانية الأمن والأمان أثناء محاولتهم إيصالها لمئات الآلاف من المواطنين الذين هم بأمس الحاجة لتلك المساعدات سواءً في شمالي القطاع أو جنوبه.
ويطالب بضرورة وقف الحرب وشلال الدماء في قطاع غزة، حتى يستطيع الأهالي لملمة ما تبقى من فتات الحياة التي فقدوها على مدار ثمانية أشهر متواصلة.
من جهتها، حذرت منظمات حقوقية من تسارع انتشار المجاعة ومعدلات سوء التغذية الحاد في القطاع بين جميع الفئات، خاصة بين الأطفال.
وأكدت أن مستويات انعدام الأمن الغذائي تتفاقم بشكل مضطرد في جميع أنحاء القطاع نتيجة إصرار "إسرائيل" على ارتكاب جريمة التجويع واستخدامه كسلاح حرب، في إطار جريمتها الأشمل في الإبادة الجماعية.
وطالبت المنظمات الحقوقية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إعلان المجاعة في القطاع، والتحرك لضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وفتح ممرات إنسانية وكل المعابر، بما يضمن دخول كل احتياجات الأهالي الإنسانية.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: مجاعة غزة حصار غزة طوفان الأقصى شمالی القطاع
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يتجه لـتوسيع العملية العسكرية في غزة.. ومجازر متواصلة
أوعز رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، بـ"توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، بحيث تشمل مناطق إضافية في شماله وجنوبه"، ضمن حرب الإبادة المستمرة للشهر الـ20.
وأفاد جيش الاحتلال بأن زامير، "أوعز خلال مشاركته، الأحد، في جلسة تقدير موقف وجولة ميدانية في جنوبي قطاع غزة، بتوسيع المناورة إلى مناطق أخرى هناك"، زاعما أن "هدف توسيع العملية العسكرية هو خلق الظروف المناسبة لإعادة المختطفين، وحسم حماس"، وفق تعبيره.
ووفق ادعاء بيان الجيش أمر رئيس الأركان الإسرائيلي بإقامة مراكز أخرى لتوزيع المساعدات الإنسانية بالقطاع، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول".
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت "إسرائيل" 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة إلى المجاعة، بإغلاقها المعابر لأكثر من 90 يوما بوجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 أيار/ مايو الماضي، تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.
ويجري توزيع المساعدات في ما تسمى "المناطق العازلة" جنوبي غزة، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط؛ إذ توقفت عمليات التوزيع بشكل متكرر بسبب تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، فضلا عن إطلاق القوات الإسرائيلية النار على الحشود، ما خلف قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وبعد إطلاق جيش الاحتلال النار، فجر الأحد، على آلاف المُجوّعين الفلسطينيين في مركز لتوزيع المساعدات بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان استشهاد 32 فلسطينيا وإصابة أكثر من 250 آخرين، منذ فجر الأحد، بينهم عشرات الحالات الخطيرة، في مدينة رفح ووسط القطاع.
وتأتي الأوامر الإسرائيلية العسكرية وسط استمرار الإبادة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن توسيع الحرب في إطار عملية "عربات جدعون".
ومن المرجح أن تستمر هذه العملية لأشهر، وتتضمن "الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق في جنوب القطاع"، على أن "يبقى" الجيش في أي منطقة "يحتلها"، وفق إعلام عبري.
وفي 22 أيار/ مايو المنصرم، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن مخطط جيش الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على 75 بالمئة من غزة خلال الشهرين القادمين.
في اليوم الـ76 من استئناف حرب الإبادة على غزة، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها على مناطق مختلفة، وعصر الأحد، استشهد 3 فلسطينيين، بينهم طفلة من ذوي الإعاقة، وأصيب أكثر من 20 آخرين في قصف مدفعي إسرائيلي على منطقة المواصي غرب خانيونس.
وعملت قوات الاحتلال الإسرائيلي على نسف مركز مخصص لمرضى الكلى في شمال قطاع غزة، كما استشهد مواطن فلسطيني وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف محيط مفرق ضبيط غربي مدينة غزة وسط قطاع غزة.
وفي وقت سابق، أكدت وزارة الصحة وصول 37 شهيدا (منهم 5 شهيد انتشال)، و 136 إصابة خلال 24 ساعة الماضية، إلى مستشفيات قطاع غزة.
وأوضحت أن عددا من الضحايا لازال تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
ويعاني قطاع غزة أزمة إنسانية وإغاثية كارثية منذ أن أغلقت إسرائيل المعابر في 2 آذار/ مارس الماضي، مانعة دخول الغذاء والدواء والمساعدات والوقود، بينما يصعد جيشها حدة الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق فلسطينيي القطاع.
وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 178 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
وتحاصر "إسرائيل" القطاع منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع مجاعة قاسية جراء إغلاقها المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.