لجريدة عمان:
2025-06-13@12:46:49 GMT

هل من تبسيط لحوكمة مؤسسات التعليم العالي؟

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

‏حوكمة مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة قد ينظر إليها من جوانب كثيرة، ولكن في هذا المقال سوف يتم التركيز على الحوكمة التي تكون تطبيقًا للقوانين والإجراءات النافذة ومنها على سبيل المثال: الاعتماد المؤسسي، واعتماد البرامج الأكاديمية، وإدراج المؤهلات العمانية في السجل الوطني. ويدخل في مجال الحوكمة أيضًا توجه مؤسسات التعليم العالي في اعتماد برامجها الأكاديمية من الهيئات والمنظمات الخارجية.

هذا التوجه يهدف إلى الحيادية في تقييم البرامج أو المؤهلات الأكاديمية التي تمنحها مؤسسات التعليم العام العالي؛ للمحافظة على جودتها ويكسبها التنافسية والقبول الواسع على المستوى الوطني والدولي. كما أن بعض الدراسات أشارت إلى وجود علاقة إيجابية بين الاعتماد البرامجي من المنظمات الدولية وبين مستوى أداء الجامعة.

‏الحوكمة يفترض أن تكون متوافقة مع درجة الاستقلالية التي يجب أن تتمتع به مؤسسات التعليم العالي في إدارة برامجها الأكاديمية بحيث تتيح لها المرونة والديناميكية في إصدار الأنظمة واللوائح الداخلية فيما يخص الجوانب التعليمية. ومثالاً على ذلك: فإن نظام جامعة السلطان قابوس الجديد أضاف إلى استقلالها المالي والإداري أيضًا الاستقلال الأكاديمي. توازنا مع تلك الاستقلالية، تُطالب الجامعة أو المؤسسة التعليمية بالامتثال نحو تطبيق المعايير الوطنية وأن تخضع للرقابة؛ رغبة في أن تكون تلك البرامج متجانسة مع السياسة العامة للدولة، ولكن في ذات الوقت يجب ألا يطغى ذلك الامتثال في تطبيق القوانين والأنظمة ومستوى الرقابة ليصبح مصدر قلق على سير العمليات الأكاديمية والبحثية بالمؤسسات التعليمية.

الاعتماد المؤسسي نظام يطبق في أغلب مؤسسات التعليم العالي على المستوى الدولي ولكن ما يندرج تحته من معايير يختلف من دولة إلى أخرى حسب حوكمة النظام التعليمي بكل دولة. على المستوى الوطني ‏الاعتماد المؤسسي يتكون من عدد من المعايير، كان عددها تسعة معايير (Standards)، حيث تم تقليصها لتصل إلى ستة معايير، وكل معيار يحتوي على معايير فرعية (Criteria) أيضا تم تقليصها من (79) معيارا فرعيا إلى (45). الهدف الأساسي من ذلك التقليص هو فصل المعايير التي لها علاقة بالاعتماد المؤسسي عن المعايير التي تدخل في صميم البرامج الأكاديمية. أيضًا ذلك التقليص قد يُنسب إلى الجهود التطويرية التي تقوم بها الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم (الهيئة العمانية للاعتماد).

بيد أن سير العمليات للمعايير المحدثة من حيث جمع الأدلة الإلزامية والأدلة الداعمة لها أصبحت أكثر صرامة عما كانت عليه سابقا، وليس بها مرونة في الإجراءات. أيضا تلك الأدلة أصبحت إلزامية من حيث العدد وأن تكون بطريقة ((ADRI والتي تتمثل في أولاً: التحقق من وجود إجراءات وأدلة عمل بالمؤسسة.

ثانيا: الإجراءات أو أدلة العمل يتم تحديثها والتعريف بها على مستوى مجتمع الجامعة.

ثالثا: بأن تكون نتائج تطبيق الإجراءات أو الأدلة تم تحليلها. رابعا: أن يؤدي ذلك التحليل إلى التحسين المستمر من واقع الملاحظات التي يتم جمعها باستخدام طرق إحصائية كمية أو نوعية. حيث أن الاعتماد المؤسسي الهدف منه التحسين المستمر، لذا فهو يتم مرة كل (5) سنوات. ‏كما إنه يأخذ وقتا طويلا لكي تستطيع المؤسسات التعليمية استكمال مراحله بالكامل والتي تصل ما بين (2 إلى 5) سنوات، وبالتالي هناك جهد ووقت إضافي، وتكاليف مالية يتم دفعها لكي يكتب له النجاح، وليس كل المؤسسات تجتازه من المرحلة الأولى.

ثم نأتي للنوع الآخر من الحوكمة على مؤسسات التعليم العالي، وهو الاعتماد الوطني للبرامج الأكاديمية التي تقدمها المؤسسات التعليمية. وهذا الاعتماد هو شكل جديد من أشكال الرقابة على البرامج الأكاديمية التي تفضي إلى مؤهلات تعليمية تلي دبلوم التعليم العام وحتى برامج درجة الدكتوراه.

اعتماد البرامج الأكاديمية بدأ تطبيقه في الفترة الأخيرة ويتضمن ثلاثة معايير، كل معيار يتبعه معايير فرعية يصل مجموعها (22). وكما أسلفنا هذه المعايير هي نتائج التقليص الذي تم في الاعتماد المؤسسي. والفرق يكمن في أن اعتماد البرامج الأكاديمية يشمل البرنامج الأكاديمي ذاته وليس المؤسسة أو الكلية. على سبيل المثال: برنامج اللغة العربية أو برنامج بكالوريوس في الطب أو برنامج الهندسة الميكانيكية. وهذا الاعتماد البرامجي أصبح إلزاميًا حسب القوانين الحالية. حيث يطلب من مؤسسات التعليم العالي بأن تسير في إجراءات الاعتماد بعد إدراج المؤهل أو البرنامج المطلوب اعتماده بالسجل الوطني للمؤهلات العمانية. ‏

ولعل الجميع يتفق على أهمية الحوكمة المتعلقة بالاعتماد المؤسسي والبرامجي، ولكن قد يكون هناك نوع من التداخل أو التكرار في المعايير الفرعية. عليه قمت بعمل مقارنة بين المعايير الفرعية للاعتمادين ووجدت درجة من التداخل أو التشابه في حدود (10) معايير فرعية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. على سبيل المثال: فيما يتعلق بإدارة المخاطر، وعمليات الجودة، والخطط التشغيلية، ومعايير قبول الطلبة، والإرشاد الأكاديمي، والتنمية المهنية للموظفين، والنزاهة الأكاديمية.

إضافة إلى ما سبق، هناك بعض من مؤسسات التعليم العالي اعُتمدت برامجها الأكاديمية منذ سنوات طويلة من الهيئات والمنظمات الدولية، وعليه يفترض ضمنيا أن يتم استثناؤها أو إعفاؤها من الاعتماد الوطني للبرامج الأكاديمية. حيث إن تلك الهيئات أو المنظمات الدولية هي ضمن الجهات المدرجة بالسجل الوطني للهيئات الدولية المعترف بها في ضمان جودة التعليم من قبل الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم. حيث لا تستطيع أية مؤسسة تعليمية القيام باعتماد برامجها الأكاديمية إلا بعد أخذ الموافقة من الهيئة. فعلى سبيل المثال، برامج كلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس، اعُتمدت من قبل المنظمة الدولية (ABET) وحصلت على اعتراف دولي، وبالتالي الطلب منها مرة أخرى بالسير في نفس الاعتماد ولكن عن طريق هيئة الاعتماد العمانية، يعتبر هدرا في الوقت والمال وتكرارا لنفس العمليات. أيضا إجراءات الحوكمة والتي أشرنا بأنها تتعلق بالامتثال للقوانين تشمل السير في إجراءات الإدراج بالسجل الوطني للمؤهلات العمانية. وإن كان هذا النظام المستحدث والذي هو مطبق في عدد من دول العالم، له إيجابيات كثيرة في تجويد البرامج ووضعها ضمن إطار وطني موحد، فإن إدارج المؤهلات وما يتضمنه من إجراءات في مجال الحوكمة ومقاييس ضمان الجودة، يساند الطرح السابق في اقتصار اعتماد البرامج الأكاديمية ليكون من جهة واحدة.

أيضا، فإن القيام بعمليات الاعتماد للبرامج مرتين: الأولى عن طريق الهيئات الدولية والثانية عن طريق الهيئة العمانية للاعتماد، قد لا ينسجم مع منهجيات الجودة ومنها ( (Leanالتي تعتبر مثل هذه الإجراءات لا تفضي إلى قيمة مضافة للمنتج أو الخدمة، وإنما عبئا إضافيا وهو بمثابة ((Over Processing. كما إنه لا ينسجم مع مبادئ علماء إدارة الجودة ومنهم إدوارد دومينج الذي يدعو إلى تقليل عمليات الرقابة التي هي ضمن الحوكمة. كما أن القائل بأنه ليست جميع البرامج الأكاديمية الوطنية معتمدة من منظمات دولية قول صحيح، ولكن يجب أن تكون هناك مساحة للمرونة مع التفريق بين البرامج المعتمدة من المنظمات الدولية وغير المعتمدة، عند النظر في إجراءات اعتماد البرامج الوطنية وذلك لمنح المؤسسات التعليمية ميزات تنافسية وتشجعيها التوجه نحو الاعتراف الدولي لمؤهلاتها وهذا يتم بتقليص الإجراءات الحالية.

‏ونحن نتفق، بالحاجة نحو حوكمة مؤسسات التعليم العالي والذي أحد مكوناته هو الامتثال للاعتماد المؤسسي والبرامجي نظرا للرغبة في تجويد البرامج وتجويد المخرجات التعليمية، ولكن في حال أن الامتثال لبعض عوامل الحوكمة بها نوع من التداخل أو التشابه في العمليات والإجراءات، فإنه قد يكون من المناسب المضي قدما في تعديل ما يلزم من قوانين، توفيرا للوقت والنفقات المالية سواء من قبل الهيئة العمانية للاعتماد، التي تحتاج إلى كفاءات من الموارد البشرية، وأيضا من قبل مؤسسات التعليم العالي التي تدفع مبالغ مالية نظير إجراءات الاعتماد. وإن كان غالبية العاملين بمؤسسات التعليم العالي، يرون بأن الإجراءات المتعلقة بالاعتماد المؤسسي والبرامجي وعمليات الإدراج في السجل الوطني للمؤهلات العمانية مطلوبة للتحسين المستمر، ولكن في نفس الوقت هناك حاجة للنظر في ترشيق تلك الإجراءات وتبسيط تلك العمليات للحصول على جودة وكفاءة عالية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مؤسسات التعلیم العالی المؤسسات التعلیمیة برامجها الأکادیمیة الاعتماد المؤسسی على سبیل المثال الأکادیمیة ا أن تکون تطبیق ا ولکن فی من قبل

إقرأ أيضاً:

وفد وزارة التعليم العالي يشارك في اجتماع G20 البحثي بجنوب أفريقيا

شاركت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في فعاليات الاجتماع الثاني لمجموعة عمل البحث والابتكار لمجموعة العشرين، الذي عُقد في الفترة من 25 إلى 27 مايو 2025 بجامعة مبومالانجا–جنوب أفريقيا، تحت رعاية الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلم.

التعليم العالي تستجيب لـ 7,956 شكوى خلال عام 2024/2025 .. عاشور: تعزيز جسور الثقة مع المواطنتوقيع 42 اتفاقية تعاون بين مصر وفرنسا.. حصاد وزارة التعليم العالي للتعاون الدولي في العام المالي 2024 _ 2025

جاءت مشاركة الوفد المصري تأكيدًا على الدور المحوري لمصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، بدعوة رسمية من رئاسة G20. وقد ركّزت المناقشات على صياغة الإعلان الوزاري بشأن البحث والابتكار والدول الضيوف، والمقرر توقيعه في سبتمبر 2025.

وتناولت الجلسات المحاور الآتية:

1. الابتكار المفتوح: تأسيس منصة تعاون عالمية؛

2. التنوع البيولوجي: تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، والتدريب وتبادل البيانات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؛

3. قاعدة بيانات عالمية: لرصد التقدُّم في التنوع والمساواة والإدماج وتيسير الوصول للعلوم والتكنولوجيا؛

4. مشروع جينوم أفريقيا: إطلاق دراسة موسعة لجينوم سكان القارة؛

كما عرض الوفد المصري تجربة دراسة الجينوم المرجعي للمصريين وقدامى المصريين، مسلّطًا الضوء على التقدّم العلمي الذي حققته مصر في هذا المجال.

تُعد مجموعة العشرين منتدى دوليًا يشمل 19 دولة وهيئتين إقليميتين، وتُوجّه دعوات للانضمام من خارج المجموعة من ضمنها مصر، انطلاقًا من أهمية دورها على المستوى العالمي. تأسس المنتدى في 1989، وتطوّر منذ 2008 ليشمل قمة رؤساء الدول، ووزراء المالية والخارجية ومراكز الفكر.

طباعة شارك وزارة التعليم العالي البحث العلمي أكاديمية البحث العلمي

مقالات مشابهة

  • التعليم العالي تواصل مسار الحوكمة الذكية وتقديم الخدمات الرقمية الشاملة
  • وفد وزارة التعليم العالي يشارك في اجتماع G20 البحثي بجنوب أفريقيا
  • التعليم العالي توجه بمراعاة الطلاب بخصوص الحضور العملي للفصل الثاني وإجراء جلسات تعويضية
  • جامعة الإمارات تستضيف منتدى التعليم العالي لتقنية المعلومات
  • حصاد التعاون الدولي في التعليم العالي بالعام المالي (2024 _ 2025):
  • ارتباك بوزارة التعليم العالي و ميداوي غاضب من ديوانه
  • “التعليم العالي” تعلن عن منح باكستانية لدرجة البكالوريوس
  • «التعليم العالي» تعلن حصاد التعاون الدولي في العام المالي 2024 - 2025
  • بعد فضيحة “قيلش”.. وزير التعليم العالي يعفي رئيس جامعة ابن زهر
  • صيدلة دمنهور تحصل على الاعتماد المؤسسي و البرامجي من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد