ألقى الشيخ الدكتور ياسر الدوسري خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله فإن من اتقاه وَقَاهُ، وَمَنْ حَفظَ حَدَّهُ حَفِظَهُ وَرَعَاه.
وأوضح أن من علامات القبول استمرار العمل في نيل المراد، وأن يكون الخير آخذًا في الازدياد، وأن من أعظم ما يُعينُ على الثبات، والاستمرار في الطاعات، أن يحفظ الله عبده في كل الأوقات، لينال حفظ الله في الحياة وبعد الممات، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كنتُ خَلَفَ رسولُ اللهِ ﷺ يَوْمَا، فَقَالَ: “يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهِ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهِ تَجِدُهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهِ، وَإِذَا اسْتَعْنَتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمُ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهَ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهَ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ”.


وقال: إن أَهْمَ ما يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ وحقوقه: حِفْظُ التَّوْحِيدِ، وتجريده من كل شوائب الشرك وَالتَّنْدِيدِ، فَالتَّوْحِيدُ هُوَ أَسَاسِ الدِّينِ وَقِوَامُهُ، فَلْا يرجى مَعَ اختلالِه ثواب عملٍ، وَلاَ يَخْيَبُ مَعَ تحقيقه ظَّن وَلاَ أَمَل. وإن من أهم ما يجبُ على العبد حفظه بعد توحيد الله: المحافظة على الصلاة، فهي عُمُودُ الإسلام، وأولُ ما يُحَاسبُ عليه الإنسان، وهي سِرُّ النجاح، ومفتاح الفلاح، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوسطى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}. ثم عليكم – عباد الله – بِسَائر أركان الإِسْلامِ، مِن زَكَاةٍ وَحُجِّ وَصَيَامٍ، فَارْعَوْهَا حَقّ رَعايَتِهَا، وَقَوْمُوا بِحَقِّهَا خَيْر قَيام.
وأبان فضيلة الشيخ الدوسري أن حفظ الله للعبيد نوعان، وأشرف النوعين حِفْظُ الله للعبد في دينه وإيمانه، واتَّبَاعِهِ لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ، فيحفظُهُ في حياتِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ المُضَلَّلَةِ وْمِنِ الشَّهَوَاتِ المُحَرَّمَةِ، ويَحُولُ بينه وبين ما يُفْسِدُ عليه دينه، ويحفظه عند موته فَيَتَوَفَّاهُ على الإيمانِ والسُّنَّةِ. ويكون الثاني حفظ الله في مصالح دنياه، كحفظه في نفسه وولده وأهله وماله، فلا يخلص إليه قذى، ولا يناله فيها أذى، مستشهدًا بقول الله عز وجل: {له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفَظُونه من أمْرِ الله}.
وشدد على أن قَدْرِ حَفِظَ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ هُوَ حَفِظَ اللَّهِ لَهُ، مستشهدًا بقَولَه- صلى الله عليه وسلم-: “احْفَظُ اللَّهِ تَجِدُهُ تُجَاهَكَ”، فَمَنْ حَفِظَ حَدَّ ٱللَّهِ، وَرَاعى حَقَّهُ، وَجَدَ ٱللَّه مَعَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالهِ، يَحُوطُهُ وَيَنَصُرُهُ وَيُوَفِّقُهُ وَيَسَدِّدُهُ، قَالَ ٱللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ اتَّقَوْا وَٱلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.
واختتم فضيلة الشيخ خطبته قائلًا: واعلموا -رحمكم الله- أن مَن تعرَّف إلى الله في حال رخائِهِ، كَانَ اللهُ معهُ، وحَفِظَهُ فِي كل أحوالِهِ، ودَفَعَ الضُّرَّ عنه عند حوادث الدهرِ إِذَا ادْلَهَمَّتْ، وَخُطُوبِ الزمانِ إِذَا أَلَمَّتْ.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى خطبة الجمعة فضيلة الدكتور علي الحذيفي، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله تعالى، وشُكره سبحانه على نعمه التي لا تُعدّ ولا تُحصى، مستشهدًا بقوله سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
وأوضح فضيلته أن أعظم بُشرى من الله تعالى للخلق أن العلاقة بين رب العالمين وخلقه هي الرحمة، مبينًا أن الرحمة العامة يرحم الله بها البَر والفاجر، والمؤمن والكافر، في هذه الحياة الدنيا، مستشهدًا بقوله تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا}. وأما في الآخرة فقد اختص الله المؤمنين برحمته، لعملهم بالطاعات واجتنابهم المحرمات، قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}.
وقال فضيلته: الرحمة صفة الله تعالى، حقيقة تختص بالله كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته، نعلم معناها ونفهم هذا المعنى، وكيفيتها لله وحده العليم بحقائق صفاته على ما هي عليه. والخير في اتباع من سلف والشر في ابتداع من خلف، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- “إن لله مئة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخّر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة” رواه البخاري ومسلم.
وأبان الدكتور الحذيفي أن الرحمة تطيب بها الحياة، وتصلح المجتمعات، ويعيش الضعفاء والفقراء والمظلومون في كنف الأقوياء والأغنياء والقادرين على العدل، فإذا فقدت الرحمة فقد الناس بهجة الحياة، وتعرضوا لقسوتها وويلاتها، وأصابهم من الشرور بحسب ما فقدوا من الرحمة. فربكم الرحمن جل وعلا الموصوف بالرحمة أنزل الكتاب رحمة للناس، مستشهدًا بقوله تعالى: {هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
وأضاف فضيلته: إن الشريعة كلها رحمة وكمال، وإن أوامر الله جل وعلا رحمة وخير ورفعة بعمل الصالحات، وإن نواهيه رحمة تحجز عن الشرور والمهلكات، وإن سيد المرسلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أُرسل رحمة للناس، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، فهو -عليه الصلاة والسلام- رحمة للمؤمنين في الدنيا والآخرة، ورحمة للكافرين بتقليل وتخفيف شرورهم.
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أن من رحمة الله تعالى، وخيراته المتتابعة، تلك النعم والعطايا والنفحات الرحمانية التي أفاض بها على من حج بيته الحرام، ووقف على صعيد عرفات، وتضرع إلى الرب الجواد الكريم في تلك المشاعر المقدسة، مشيرًا إلى أن فضل الله تعالى قد عمَّ كل مسلم على وجه الأرض، من خلال الأجور المضاعفة، والخيرات المترادفة، بصيام يوم عرفة، والذكر في العشر، والصلوات والدعوات، وقرابين الأضاحي التي يُعظِّم الله بها الأجر، ويدفع بها البلاء والشرور، مبينًا أن الناس بخير ما أقاموا شعائر الدين، وما دام الحج قائمًا، فالخير باقٍ، والرحمة واسعة.
وختم فضيلته الخطبة موصيًا المسلمين بالمحافظة على ما قدموا من الحسنات، والمداومة على الاستقامة، والابتعاد عن السيئات، والإكثار من الدعاء لأنفسهم، ولولاة أمورهم، ولجميع المسلمين بالهداية والصلاح، والاستقامة على هذا الدين، مستشهدًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية مستشهد ا بقوله الله تعالى ظ الله

إقرأ أيضاً:

كيف فضل الله تعالى النبي ﷺ بين سائر الأنبياء؟

النبي.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الله تعالى شرف كثيرًا من الأنبياء بأن ذكرهم بأسماء من أسمائه سبحانه وتعالى، كنوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحق، وموسى، وعيسى، ويحيى.

النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

فقال تعالى في شأن نوح: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً). وعن إبراهيم: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ). وقال عن إسماعيل: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ). وفي إسحاق قال تعالى: (قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ). وقال تعالى في شأن موسى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ). وقال عنه كذلك: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ). وقال: (قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى). وذكر يحيى فقال سبحانه: (وَبَراًّ بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِياًّ). وفي شأن عيسى عليه السلام قال ربنا: (وَبَراًّ بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِياًّ).

ولكنه سبحانه فضل النبي ﷺ على كل الأنبياء حتى في هذه الفضيلة، فقد جمع له في آية واحدة بين اسمين من أسمائه سبحانه، ولم يحدث ذلك لأحد في كتاب ربنا إلا له ﷺ، قال تعالى : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).

كما أكثر الله من ذكر النبي ﷺ بأسمائه سبحانه وتعالى، فمن ذلك قوله: (وَرَسُولٌ مُّبِينٌ)، وقوله: (جَاءَكُمُ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ)، قيل هو: سيدنا محمد ﷺ،

وقوله تعالى: (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)، وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً)، وقوله تعالى ( وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)، وقوله عز وجل: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)، ومن ذلك قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيراً). قال القاضي بكربن العلاء: المأمور بالسؤال غير النبي ﷺ، والمسئول الخبير هو النبي ﷺ.

النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه

وقال غيره: بل السائل هو النبي ﷺ، والمسئول هو الله سبحانه وتعالى، فيكون "خبيرًا" بالوجهين: إما لأنه عليم على غاية الأمور بما أعلمه ربه، وإما أنه مخبر لأمته عن ربه. 
 

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 

 "‌اللهُمَّ ‌صَلِّ ‌عَلَى ‌مُحَمَّدٍ ‌النَّبِيِّ ‌الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" رواه أحمد.

مقالات مشابهة

  • في ذمة الله
  • علي جمعة: أثنى الله تعالى على النبي ﷺ ومدح ما يتعلق به
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
  • أذكار الصباح اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025
  • هل يجوز قول: «اللهم كما جعلت سورة الرحمن عروس القرآن عجّل بزواجي»؟
  • هل الكلام على الآخرين ينقض الوضوء؟.. الإفتاء ترد
  • كيفية سجود الشكر لله تعالى وما حكمه؟
  • دعاء الرحمة والسكينة "اللهم اصلح الحال وارح البال"
  • في زحمة الحياة
  • كيف فضل الله تعالى النبي ﷺ بين سائر الأنبياء؟