انتصار بطعم الهزيمة.. أسباب تراجع دعم مودي في الهند
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
فاز حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي وحلفاؤه، الثلاثاء، في الانتخابات الهندية، غير أنه فشل في الحصول على غالبية برلمانية مطلقة، وفق الأرقام الصادرة عن مفوضية الانتخابات، الثلاثاء.
وحصل حزب بهاراتيا جاناتا على 240 مقعدا، مقارنة مع 303 مقاعد فاز بها قبل خمس سنوات، ما يعني أنه سيضطر للاعتماد على شركائه، من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.
بالمقابل، حقق تحالف يضم أكثر من 20 مجموعة معارضة بزعامة "المؤتمر الوطني الهندي" مكاسب في عدة دوائر انتخابية رئيسية، محققا 99 مقعدا، أي تقريبا ضعف ما حصل عليه في 2019 وهو 52 مقعدا.
ووفقا لوكالة "بلومبرغ"، فقد شكلت نتيجة الانتخابات بمثابة "صدمة" بعد أن توقعت استطلاعات الرأي قبل أيام فوزا ساحقا لتحالف حزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات الماراثونية التي شارك فيها 640 مليون شخص على مدار سبعة أسابيع.
ما التالي؟وعلى الرغم من خسارة حزبه للأغلبية البرلمانية، أعلن مودي عزمه على الاستمرار في منصب رئيس وزراء الهند.
ووفقا للنظام البرلماني الهندي، يقوم الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد بمحاولة تشكيل حكومة ائتلافية في حال عدم حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة.
ويتكون الائتلاف الذي يقوده مودي من حلفاء متعددين، لكن ولاء بعضهم متذبذب". وفي حال إخفاقه في الحصول على الدعم الكافي لتجديد ولايته كرئيس للوزراء، فقد يطالب هؤلاء الحلفاء باختيار زعيم بديل أو الانشقاق عن الائتلاف والانضمام للمعارضة، غير أن الوكالة تذكر أنه أنه لا توجد دلائل قوية تشير إلى احتمالية حدوث هذا السيناريو.
وقال مودي في أول تعليق منذ بدء فرز الأصوات إن الناس وضعوا ثقتهم في الائتلاف الذي يقوده حزب بهاراتيا جاناتا للمرة الثالثة، وهو أمر تاريخي.
وقال مودي لأعضاء الحزب الفرحين في مقره بنيودلهي "تأييد الشعب للمرة الثالثة بعد 10 سنوات ترفع معنوياتنا وتمنحنا قوة جديدة".
ومضى يقول "خصومنا، على الرغم من اتحادهم، لم يتمكنوا حتى من الفوز بعدد المقاعد الذي فاز به حزب بهاراتيا جاناتا".
وعلى مدى معظم تاريخ الهند بعد الاستقلال، كانت الحكومات الائتلافية هي القاعدة، وقد نُسب لمثل هذه الحكومات الفضل في تحقيق إنجازات بارزة كانفتاح الاقتصاد الهندي مطلع التسعينيات.
بحسب وكالة "بلومبرغ"، فقد ارتكزت حملة الحزب بشدة على الوفاء بالوعود القومية الهندوسية وعلى القوة الشخصية لمودي. لكنها لم تكتسب جاذبية كافية بين ناخبين قلقين من أن الاقتصاد رغم كونه ضمن الأسرع نموا عالميا لا يوزع الفوائد بالتساوي.
بدورها، هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أن نتائج الانتخابات تظهر تراجع بريق "علامة مودي التجارية"، مشيرة إلى أن شعبيته ارتبطت في السابق بقدرته على التسويق وتحويل الأحداث الروتينية إلى مشاهد مثيرة.
وأعيد انتخاب مودي عن دائرته الانتخابية التي تمثل مدينة فاراناسي المقدسة لدى الهندوس بفارق 152.300 صوت مقارنة بنحو نصف مليون صوت قبل خمس سنوات.
وأثرت قضايا مثل البطالة المرتفعة وخاصة بين الشباب الذين يمثلون حوالي خُمسي سكان الهند، وارتفاع تكلفة المعيشة إضافة إلى تزايد أوجه عدم المساواة، بشدة على الناخبين، وفقا لـ"بي بي سي".
وعلى الجهة المقابلة، ركزت المعارضة النشطة على هذه القضايا الجوهرية ضد الحزب الحاكم.
ويرى بعض المحللين أيضا أن هدف الحزب الطموح للحصول على 400 مقعد مع حلفائه ربما انقلب عليه سلبا، مما دفع بعض المؤيدين للتقاعس عن التصويت، وأثار مخاوف بأن الحزب سيستغل أغلبيته الضخمة لتقليص سياسات التمييز الإيجابي تجاه الأقليات.
ماذا تعني هذه الانتخابات بالنسبة للهند؟وبحسب بلومبرغ، فإن العديد من حلفاء حزب بهاراتيا جاناتا لا يشاركونه آراءه الهندوسية المتشددة التي تمثل جوهر أجندته. لذا قد يُضطر لتخفيف خطابه الحاد وتنحية طموحاته لتحويل الهند بشكل صريح لدولة هندوسية.
كما قد يُجبر على منح مناصب وزارية وتنازلات أخرى للحلفاء.
واقتصاديا، يُرجح أن تواصل حكومة بقيادته سياساتها المؤيدة للأعمال، لكن التفويض الأضعف قد يعني صعوبة تمرير إصلاحات طموحة في قواعد العمل والأراضي، والتي يعتبرها اقتصاديون ضرورية لاستمرار النمو.
ولحشد الدعم المتراجع لحزبه، قد تلجأ حكومته لتدابير إنفاق شعبوية، مما يعرض خططها المالية للخطر.
وأثارت نتائج الانتخابات قلق المستثمرين، مع انخفاض الأسهم بشكل حاد بعد أن أظهرت النتائج أن مودي سيعتمد للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة في 2014 على ثلاثة أحزاب إقليمية على الأقل، وفقا لرويترز.
ويقول محللون إن هذا قد يثير قدرا من عدم اليقين في عملية صنع السياسات في أكبر ديمقراطية في العالم من حيث عدد السكان بعد حكم مودي القوي على مدى عشر سنوات.
ماذا تعني بالنسبة لبقية العالم؟وفي ظل حكم مودي، تقوّى حضور الهند على الساحة العالمية بشكل كبير، بمساعدة معدل نموها الاقتصادي القوي الذي يزيد عن 8 بالمئة وبدعم من سكانها الشباب والمتزايدين الذين يجعلونها وجهة جذابة للشركات الأجنبية.
وسعى مودي إلى تعزيز شراكة أعمق مع الولايات المتحدة، التي ترى في الهند شريكاً استراتيجيا أساسيا لموازنة النفوذ الصيني، مع الحفاظ أيضا على استقلالية استراتيجية تجلت في رفض الانضمام للغرب في إدانة روسيا على غزوها لأوكرانيا أو تجنب صادراتها النفطية.
ولا يرى المحللون أن هذه المواقف من المرجح أن تتغير في أي وقت قريب. وينطبق الشيء نفسه على طموحات مودي لجعل الهند مركزا عالمياً للتصنيع والاستمرار في جذب المستثمرين الأجانب الباحثين عن قصة نمو جديدة مع تباطؤ الاقتصاد الصيني.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: حزب بهاراتیا جاناتا
إقرأ أيضاً:
يونامي ترحل: كفى وصاية
13 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: في لحظة تاريخية تلامس أعماق الروح العراقية، تغادر بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أرض الرافدين نهائياً، بعد اثنين وعشرين عاماً من الوجود الذي بدأ في 2003.
إنها ليست مجرد إغلاق لبعثة سياسية، بل هي شهادة حية على انتصار إرادة شعب، ودليل دامغ على أن العراق قد نضج ليحكم مصيره بيده، بعيداً عن أي وصاية خارجية.
أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بحكمة عميقة: انتهاء عمل يونامي لا يعني قطيعة مع الأمم المتحدة، بل بداية فصل جديد يقوم على الشراكة الحقيقية.
هذا الفصل الجديد يعكس حق العراق الأصيل في تقرير مستقبله بنفسه، بعد أن أثبت استقراره السياسي والأمني، ونجاحه في بناء مؤسسات ديمقراطية قادرة على الصمود.
الحكومة الحالية، أكملت مشوار السنوات السابقة، ونجحت في إبعاد العراق عن محاور الصراع الإقليمي، وأرسيت توازناً داخلياً وخارجياً يجعل بلادنا جسراً للسلام لا ساحة للنزاع.
المشاريع الإنمائية والعمرانية الضخمة، التي غيرت وجه المدن والأرياف، تؤكد أن ديمومة الإعمار أصبحت واقعاً ملموساً، لا حلماً بعيداً.
في هذا السياق، يبرز رحيل يونامي كرمز للتحرر الجماعي.
إنه انتصار للكرامة الوطنية، يشفي جراح الماضي ويفتح أبواب الأمل.
ومع ذلك، يظل الطريق أمامنا يتطلب يقظة مستمرة. يجب أن يستمر مسار التوازن الداخلي والخارجي، ليبقى العراق قوياً مستقلًا، جاهزاً لمواجهة التحديات، وأبرزها محاربة الفساد المستشري، الذي بدأ ينحسر في السنوات الأخيرة بفضل الإصلاحات الجريئة.
إن رحيل يونامي ليس نهاية، بل بداية عصر جديد من السيادة الكاملة، حيث يعود العراق إلى موقعه الطبيعي كقلب نابض للشرق الأوسط.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts