في ظلال #طوفان_الأقصى “77”
اللهم لا رجاءَ إلا منكَ ولا شكوى إلا إليكَ
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
لَكَأَّنَ أهل #غزة اليوم يتعرضون إلى ما تعرض إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعانون مما عانى منه، ويشكون مما كان يشكو منه، وتنزف دماؤهم غزيرة كما نزفت دماؤه الطاهرة، وقتلوا وذبحوا وتقطعت أطرافهم، واحترقت أجسادهم، وتبعثرت أشلاؤهم، ودفنوا أحياءً تحت الركام، وقضوا خنقاً تحت الأنقاض، كما أدميت أطرافه صلى الله عليه وآله وسلم، وتشققت قدماه، وسال منها دمه الطاهر، وقد تخلت عنه قريش وأهلها، وعادته ثقيف ورجمه صبيانها، وتنكبت له القبائل وحاربته، واستفردوا به وأرادوا قتله، وتآمروا عليه لينهوا دعوته، ويطفئوا نور الله عز وجل بأفواههم، ولكن يقينه بالله عز وجل كان أكبر، وثقته في رحمته كانت أوسع، وثباته على دينه وتضحيته في سبيل عقيدته كانت أقوى.
ما أشبه أهل غزة القابضين على حقهم الأصيل كالقابض على الجمر المتقد، برسولهم الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الواثق المؤمن، المستبصر المستنير، العارف الخبير، الثابت المعتصم بحبل الله المتين، الذي علمهم كيف يثبتون ويصمدون، وإلى أي مدى يصبرون ويحتسبون، وكيف يتحدون ويواجهون، وكيف يكون القتال بشرف والإصرار على الحق بأمل، وكيف وهم على الأرض وفي الميدان، يخوضون الحرب ويمارسون القتال، يميزون الغث من السمين، والطالح من الصالح، ومن هو معهم ومن ضدهم، ومن ينافقهم ومن يساندهم، ومن يتآمر عليهم ومن يؤيدهم، ومن هو حليفهم البعيد ومن هو صديق عدوهم القريب.
ولعله يكفيهم شرفاً أن يكون عليه الصلاة والسلام هو أسوتهم ونموذجهم، ومثالهم وقدوتهم، كما هو نبيهم ورسولهم، منه يتعلمون، وعلى هديه يسيرون، وبسنته يتمسكون، وعلى حقوقهم يحافظون، وعن أرضهم يدافعون، وعنها ولو وضعوا الشمس في يمينهم والقمر في يسارهم لا يتخلون، وعليها لا يسامون وبها لا يفرطون، فهي آيةٌ من كتاب ربهم، وجزءٌ من قرآنهم العظيم، الذي به يؤمنون وعلى نهجه يسيرون، وقد خصها الله عز وجل بمسجده الأقصى، وبارك فيها وحولها، وأسرى برسوله الكريم إليها، ومنها عرج به إلى السموات العلى، فلا ينسوها ما عاشوا وأجيالهم، ولا يتخلوا عنها ما بقي قرآنهم، ولا يستعظمون ما يقدمون في سبيلها، ولا يتأخرون عن التضحية من أجلها، وعقيدتهم تسبقهم بالقول، إلا إن سلعة الله هي الجنة.
لكن ما أصابنا نحن الشعب الفلسطيني عموماً وأهل غزة على وجه الخصوص كبير، وما لحق بنا عظيم، وما نواجه خطير، وما يخطط ضدنا خبيث، وقد والله نالت منا المحنة كثيراً، واستحكمت حلقاتها وما فرجت، وعضتنا بنابها، وقست علينا وما رحمت صغيرنا ولا أشفقت على كبيرنا، بل خنقتنا وطحنتنا، وهشمت عظامنا وكسرت أضلعنا، وتحشرجت أرواحنا وضاقت صدورنا، وبلغت قلوبنا الحناجر تستغيث “متى نصر الله”.
وبات أطفالنا أيتاماً وقتلوا، ونساؤنا أرامل وقتلن، وأمهاتنا ثكلى ولم يسلمن، ورجالنا جرحى وشهداء، وأسرى ومصابين، وكما امتلأ جوف الأرض بالشهداء فقد غصت السجون والمعتقلات بالأسرى والمعتقلين، وقد ابيضت عيون شيوخنا حزناً وألماً، وحسرةً وأسى على من فقدوا وخسروا، وعلى قطاعهم الحبيب الذي دمر وخرب، وقد غدت الحياة فيه صعبة وسبلها مستحيلة، فما أصابنا ولحق بنا يفوق النكبة ويتجاوز النكسة، وكأنها المحرقة الحقيقة التي يدعيها “اليهود”، ويتباكون عليها ويتسولون بها، بينما يرتكبون على عين العالم وبرعاية دوله الكبرى وسلاحهم أشد منها وأفظع، وأسوأ منها وأبشع.
وما زالت أزمتنا مستعصية، والحرب ضدنا مستعرة، ودول الاستكبار العالمية قد تكالبت علينا واتفقت مع عدونا، وتآمرت ضدنا وغدرت بنا، وتريد الاستفراد بنا، وتخلى عنا الأخوة والأشقاء، واكتفوا بمشاهدتنا ومتابعة معاناتنا، ولم يقدموا لنا شيئاً به نصمد أو نقاتل، ومنهم من انقلب علينا وتضامن مع عدونا، وصدق روايته وكذب ما تراه عيون العالم كله.
لم يعد من نستجير به ونطلب النصر منه غير الله سبحانه وتعالى، فهو ناصرنا وحافظنا، وهو معنا ويكفينا، وحسبنا وراعينا، وهو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، ويلبي حاجة المحتاج إذا سأله، فله وحده سبحانه وتعالى نرفع الأكف نحو السماء وندعو، وتعلو أصواتنا وتبكي عيوننا، وندعوه صادقين، ونرجوه واثقين، أن يرأف بنا، وأن يخفف عنا، وأن يكون معنا، وأن يمن علينا بالصبر والاحتساب، وبالنصر والثبات، وألا يتركنا وحدنا ويتخلى عنا، وألا يخيب آمالنا ويمكن العدو منا وينصره علينا، ولسان حالنا يردد دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومناجاته لربه عز وجل يوم هجرته إلى الطائف، ومحنته فيها على أيدي أهلها وصبية ثقيف.
“اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربنا، إلى من تكلنا، إلى بعيد يتجهمنا، أم إلى عدو ملكته أمرنا، (أم إلى قريبٍ فرضته علينا وابتليتنا به)، إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، غير أن عافيتك أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بنا سخطك، أو يحل علينا غضبك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك”.
بيروت في 8/6/2024
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى غزة صلى الله علیه وآله وسلم عز وجل
إقرأ أيضاً:
نجا عدة مرات.. من هو رائد سعد الذي أعلنت “إسرائيل” اغتياله في غزة؟
#سواليف
أعلن #جيش_الاحتلال، اليوم الخميس، #اغتيال القيادي في #كتائب_القسام، الذراع العسكري لحركة #حماس، #رائد_سعد، في #غارة استهدفت سيارة على شارع الرشيد غرب مدينة غزة، في عملية أسفرت عن #استشهاد 5 #فلسطينيين على الأقل وإصابة نحو 20 آخرين.
ووصف جيش الاحتلال في بيان رسمي، سعد بأنه “الرجل الثاني” في #كتائب_القسام، والذي يتولى حاليا ملف إنتاج السلاح، وإعادة بناء القدرات العسكرية للجناح العسكري لحركة #حماس في قطاع غزة.
ويعد رائد سعد من مواليد العام 1972، وساهم في تأسيس الذراع العسكري لحركة حماس، وتدرج في شغل عدة مناصب ولعب أدوارا قيادية على مدار فترة عمله. وقبل #حرب_الإبادة_الإسرائيلية على غزة، كان سعد يُعتبر الرقم 4 في قيادة “القسام” بعد محمد الضيف ومروان عيسى اللذين اغتالتهما إسرائيل، وبعد عز الدين الحداد الذي تزعم المنظومة الأمنية الإسرائيلية توليه قيادة الذراع العسكرية لـ”حماس”.
مقالات ذات صلة البنتاغون يعلن حصيلة قتلاه الجنود والمصابين في كمين لداعش تعرضوا له في تدمر 2025/12/13وأصبح سعد الرقم 2 في “القسام” بعد عمليات الاغتيال التي طالت عددا كبيرا من أعضاء المجلس العسكري.
وشغل سعد قيادة لواء غزة، وهو أحد أكبر ألوية كتائب القسام، لسنوات حتى الفترة التي أعقبت الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005 وحتى عام 2021، حينما تولى مهمة جديدة في الذراع العسكرية لـ”حماس”. وانتقل سعد عام 2021، وبعد معركة “سيف القدس” التي يطلق عليها الاحتلال اسم “حارس الأسوار”، لشغل منصب مسؤول ركن التصنيع في الحركة، وهو المسؤول عن وحدة التصنيع التي تُعنى بتطوير وإنتاج الأسلحة، مثل الصواريخ، والقذائف المضادة للدروع، وشبكة الأنفاق.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن سعد أمضى في عام 1990 فترة اعتقال قصيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي على خلفية فعاليات تنظيمية. وفي بداية العقد الثاني من الألفية، أسس القوة البحرية التابعة لـ”حماس” في غزة، وتولى قيادتها. وبعد حرب عام 2014، انضم سعد إلى ما يُعرف بـ”هيئة الأركان” في “حماس”، وأصبح عضوا في المجلس العسكري المصغر للحركة.
وبحسب الإعلام العبري فقد “تم تعيينه قائدا لركن التصنيع، وفي إطاره أصبح مسؤولا عن إنتاج كافة الوسائل القتالية لصالح الجناح العسكري لحماس تمهيدا لعملية السابع من أكتوبر”. كما كان أحد مهندسي خطة “جدار أريحا”، التي هدفت إلى إخضاع فرقة غزة التابعة لجيش الاحتلال، خلال طوفان الأقصى.
وزعم الإعلام العبري أن سعد عمل بعد ذلك “لإعادة إعمار قدرات “حماس” في إنتاج الأسلحة خلال الحرب، وكان مسؤولا عن قتل العديد من الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة خلال الحرب، نتيجة تفجير عبوات ناسفة قام ركن التصنيع بإنتاجها”.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن الغارة التي استهدفت سعد جاءت بعد سلسلة محاولات اغتيال فاشلة خلال الفترة الأخيرة، من بينها محاولتان خلال الأسبوعَين الماضيين لم تنضجا في اللحظات الأخيرة، كما نجا من عدة محاولات اغتيال خلال الحرب.