قال 7 مسؤولين ودبلوماسيين إقليميين إن إسرائيل كثفت ضرباتها السرية في سوريا على مواقع للأسلحة وطرق الإمداد وقادة على صلة بإيران، وذلك قبل تهديدها بشن هجوم واسع النطاق على حزب الله اللبناني.

وقالت 3 مصادر إن غارة جوية في الثاني من يونيو/حزيران الجاري تسببت في مقتل 18 شخصا، بينهم مستشار في الحرس الثوري الإيراني، كانت تستهدف موقعا سريا محصنا للأسلحة قرب حلب.

كما ذكرت 4 مصادر أن غارة جوية استهدفت في مايو/أيار الماضي قافلة شاحنات كانت متجهة إلى لبنان وتحمل أجزاء صواريخ، في حين أدى هجوم آخر إلى مقتل عناصر من حزب الله.

وتقصف إسرائيل منذ سنوات جماعات مسلحة متحالفة مع إيران في سوريا وأماكن أخرى، في حملات محدودة تحولت إلى مواجهة مفتوحة بعد أن بدأت حربها العنيفة ضد قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

عشرات الاغتيالات

ووفق إحصاء أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فقد قتلت إسرائيل عشرات من قادة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا منذ بدء الحرب على غزة، فيما اغتالت اثنين فقط منهم العام الماضي قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع.

ووصلت المواجهة ذروتها في أبريل/نيسان الماضي عندما قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، مما أدى إلى مقتل قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني. وردا على ذلك، أطلقت إيران نحو 300 صاروخ وطائرة مسيرة على إسرائيل، أُسقطت كلها تقريبا، ثم هاجمت إسرائيل مجددا الأراضي الإيرانية بطائرات مسيرة.

وتوقفت هذه المواجهة المباشرة عند هذا الحد، وهي الأولى من نوعها بين البلدين.

وقالت سيلين أويسال، وهي دبلوماسية فرنسية منتدبة في معهد واشنطن، إن إسرائيل قلصت لفترة قصيرة ضرباتها ضد الجماعات المتحالفة مع إيران، مستدلة بالإحصاء الذي أجراه المعهد للهجمات المعلن عنها في الأسابيع التي سبقت هذه المواجهة مباشرة والأسابيع التي تلتها.

وأضافت أنه حدث تراجع (في الضربات) بعد المواجهة التي دارت في أبريل/نيسان الماضي، "لكنها تتزايد مرة أخرى بسبب الاشتباه في نقل إيران أسلحة إلى لبنان. هناك تحركات في سوريا ولبنان لتعطيل سلسلة الإمداد بين إيران وحزب الله".

وسرد مسؤولون سوريون لرويترز تفاصيل لم ترد تقارير عنها سابقا فيما يتعلق بأهداف الضربات الإسرائيلية في محيط مدينتي حلب وحمص في الأشهر القليلة الماضية، ومنها هجوم الثاني من يونيو/حزيران الجاري.

وقال جميع من أجرت الوكالة مقابلات معهم، وهم 3 مسؤولين سوريين ومسؤول في الحكومة الإسرائيلية و3 دبلوماسيين غربيين، إن تحركات إسرائيل تشير إلى أنها تستعد لحرب واسعة النطاق على حزب الله في لبنان المتاخمة لسوريا، والتي يمكن أن تبدأ عندما تخفف إسرائيل حملتها العسكرية في غزة.

استهداف قيادات

صارت سوريا، الحليفة لإيران منذ زمن بعيد، القناة الرئيسية لإمدادات الأسلحة من طهران إلى حزب الله بعد أن نشرت طهران أفرادا من الجيش والآلاف من القوات شبه العسكرية المتحالفة معها منذ عام 2013 تقريبا لمساعدة نظام الرئيس بشار الأسد في الحرب.

وقال المسؤولون السوريون الثلاثة إن بعض أجزاء الأسلحة يتم تهريبها إلى سوريا، في حين يتم تجميع أجزاء أخرى هناك.

وذكر المسؤولون السوريون والمسؤول الإسرائيلي أن الحملة الإسرائيلية في سوريا تهدف إلى التأكد من أن حزب الله، أكثر الحلفاء ولاء لإيران والركيزة الأساسية في جهود طهران لاستعراض عضلاتها في المنطقة من خلال شبكة الجماعات المسلحة المتحالفة معها، صارت ضعيفة قدر الإمكان قبل بدء أي نوع من القتال.

وأشار المسؤولون السوريون إلى أن مقتل سعيد أبيار، الذي عرفته وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية بأنه مستشار للحرس الثوري، في الثاني من يونيو/حزيران الجاري أظهر مدى قدرة إسرائيل على القضاء على قيادات كبيرة واستهداف المعدات حتى مع تجريب إيران لأساليب جديدة لحماية الأسلحة وأجزاء الأسلحة الموجهة إلى حزب الله بما في ذلك نقل تصنيع الأسلحة إلى مواقع خفية أو محصنة بشكل أكبر.

وقال المسؤولون السوريون إن أبيار كان يزور مصنعا لإنتاج الصواريخ تابعا لحزب الله داخل محجر إلى الشرق من مدينة حلب عندما تم استهدافه. وذكر أحد المسؤولين، وهو ضابط مخابرات، أن "المنشأة تقع في منطقة اختيرت لأنها يصعب الوصول إليها ويصعب ضربها".

واتهمت إيران إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم الذي أسفر عن مقتل أبيار، وتعهد قائد الحرس الثوري بالرد. وقال المسؤولون إن الضربة أسفرت عن مقتل 17 آخرين، من بينهم أعضاء جماعات متحالفة مع إيران، وأن هذا هو أول استهداف لقائد في الحرس الثوري منذ أن قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية.

أسلحة ومستودعات

لكن هذا ليس الهجوم الوحيد الذي نفذته منذ ذلك الحين. وقال ضابط المخابرات السوري إن غارة جوية قرب مدينة حمص السورية يوم 29 مايو/أيار الماضي استهدفت مركبة تحمل أجزاء صواريخ موجهة كانت في الطريق من سوريا إلى لبنان، مشيرا إلى أن ضربة أخرى في 20 مايو/أيار الماضي استهدفت أعضاء في حزب الله.

وأضاف أنه قبل الهجوم على القنصلية الإيرانية، أصابت سلسلة من الضربات الجوية في أواخر مارس/آذار الماضي في أنحاء حلب مستودعات لتخزين مواد شديدة الانفجار لرؤوس الصواريخ الحربية.

وقال مسؤول عسكري سوري إن هجمات أخرى استهدفت أنظمة الدفاع الجوي السورية التي منحت في السنوات القليلة الماضية حزب الله وأفرادا من الجيش الإيراني بعض الأمان خلال تحركاتهم، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي "بانتسير" روسية الصنع وقاذفات صواريخ متنقلة يستخدمها الجيش السوري. وقال المسؤول إن ضربات أخرى استهدفت أنظمة رادار للإنذار المبكر.

وأضاف المسؤول أن في بعض الحالات نفذت إسرائيل ضربات حتى قبل أن يتم تركيب المعدات.

وقال المسؤول الحكومي الإسرائيلي إن ما استهدفته إسرائيل كانت أسلحة متطورة مضادة للطائرات وصواريخ ثقيلة وأنظمة توجيه دقيقة للصواريخ.

هل تقلب إسرائيل الموازين؟

قفز عدد الهجمات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقالت أويسال من معهد واشنطن إن إسرائيل نفذت 50 غارة جوية في سوريا خلال الأشهر الستة التي تلت شن الحرب على غزة "وتضمن ذلك هجمات على مطارات حلب والنيرب العسكري ودمشق والمزة العسكري، وهي نقاط رئيسية لنقل الأسلحة. كما كانت مستودعات الأسلحة من بين الأهداف".

وقال ليئور أكرمان من جامعة رايخمان، وهو مسؤول سابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) "من المؤكد أن الهجمات في سوريا توقف تسليم الأسلحة والذخيرة، وتضر بقدرة حزب الله أو إيران على التحرك".

في المقابل، قال المسؤول في حزب الله نواف الموسوي في مارس/آذار الماضي إن الجماعة تواصل "فتح مخازن جديدة (للأسلحة والذخيرة)، ملء المخازن، الإتيان بصواريخ جديدة، صواريخ أكثر دقة، نوعية جديدة من الأسلحة بحرا وبرا وجوا. كل هذا جار على قدم وساق".

وتعليقا على هذه الهجمات في سوريا، قال فرزان ثابت، كبير الباحثين بمعهد جنيف للدراسات العليا والمتخصص في السياسة الخارجية الإيرانية، إن إسرائيل تأثرت بالهجمات عليها من حزب الله وحلفاء إيران في العراق واليمن خلال الحرب على غزة، "لكنها قتلت عددا أكبر من عناصر حزب الله ومن الشخصيات المهمة، ومنهم أعضاء بالحرس الثوري الإيراني في سوريا، وبالتالي فهي خسارة أكبر لحلفاء إيران".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحرس الثوری الإیرانی وقال المسؤول إن إسرائیل غارة جویة فی سوریا حزب الله

إقرأ أيضاً:

تصعيد خطير جنوب لبنان.. غارة إسرائيلية تقتل مدنياً والجيش يفكك جهاز تجسس جديد

أعلنت مصادر لبنانية مقتل شخص جراء غارة جوية نفذتها طائرة مسيرة إسرائيلية اليوم السبت، على سيارته في منطقة دير الزهراني جنوب لبنان، ما أسفر عن سقوط ضحية وإصابة آخرين، مع وقوع أضرار مادية في موقع الحادث، وتأتي هذه الغارة ضمن سلسلة من الهجمات التي تشنها إسرائيل على مواقع في لبنان، مستهدفة ما تصفه بـ”مواقع تابعة لحزب الله”، رغم وجود اتفاق وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين.

فيما صرح الناطق باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، في تغريدة عبر منصة “إكس”، بأن الجيش نفذ هجومًا في منطقة دير الزهراني جنوب لبنان، أسفر عن مقتل محمد علي جمول، قائد الوحدة الصاروخية في قطاع الشقيف بـ”حزب الله”.

وأوضح أدرعي أن جمول كان وراء مخططات لإطلاق عدة قذائف صاروخية تجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية وقوات الجيش، كما شارك مؤخرًا في محاولات إعادة بناء بنى تحتية إرهابية تابعة لـ”حزب الله” في المنطقة.

ووصف الناطق الإسرائيلي أنشطة جمول بأنها انتهاك واضح للتفاهمات القائمة بين إسرائيل ولبنان.

وخلال الأيام الماضية تصاعدت وتيرة الغارات الإسرائيلية، إذ أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، قبل يومين، أن سلاح الجو شن غارات جوية على عدة مواقع عسكرية وبنى تحتية في مناطق متفرقة من لبنان، بينها منطقة صيدا.

وأوضح أدرعي أن من بين الأهداف التي استهدفتها الغارات “بنية تحتية تحتوي على وسائل قتالية كان “حزب الله” يحاول إعادة ترميمها بعد تعرضها لقصف سابق”.

وتأتي هذه الهجمات في ظل استمرار حالة التوتر المتزايدة بين إسرائيل و”حزب الله”، وسط مخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 2006 برعاية الأمم المتحدة، والذي ظل إلى حد كبير يحافظ على الهدوء النسبي في جنوب لبنان منذ ذلك الحين.

وفي هذا السياق، تزايدت الدعوات الدولية إلى ضبط النفس والتهدئة، وسط قلق متصاعد من أن أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى مواجهة واسعة النطاق تؤثر على استقرار المنطقة بأكملها، كما تعكس الهجمات الأخيرة استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، الذي يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.

يُذكر أن جنوب لبنان يشهد انتشاراً مكثفاً لقوات حفظ السلام الدولية “اليونيفيل”، التي تحاول مراقبة وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، لكنها تواجه تحديات متزايدة في تنفيذ مهمتها مع تجدد التوترات.

الجيش اللبناني يفكك جهاز تجسس إسرائيلي جنوبي البلاد ويواصل إزالة خروقات الحدود

أعلن الجيش اللبناني، الجمعة، تفكيك جهاز تجسس إسرائيلي مموه ومزود بآلة تصوير في منطقة بئر شعيب قرب بلدة بليدا التابعة لقضاء مرجعيون جنوب لبنان، في تطور جديد يعكس تصاعد حدة الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية.

وأكد بيان صادر عن قيادة الجيش أن الجهاز تم اكتشافه خلال عملية مسح ميداني، مشيرًا إلى أن القوات اللبنانية قامت كذلك بإزالة 13 ساترًا ترابيًا أقامها الجيش الإسرائيلي داخل البلدة في خرق واضح للخط الأزرق الذي يفصل بين لبنان وإسرائيل. وشدد البيان على أن الوحدات المنتشرة في الجنوب تواصل عمليات المسح الهندسي لتحديد وتفكيك التجهيزات المعادية وإزالة الخروقات الإسرائيلية.

وجاء في البيان أن التنسيق مستمر بين قيادة الجيش وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بهدف مراقبة الوضع في الجنوب، ومتابعة الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية، بما في ذلك تلك التي تقع داخل الأراضي اللبنانية.

ويعد هذا الجهاز هو الثاني الذي يتم اكتشافه خلال أقل من أسبوع، حيث أعلن الجيش اللبناني الثلاثاء الماضي عن تفكيك جهاز تجسس مشابه مزود بكاميرا، عُثر عليه في خراج بلدة بليدا ذاتها، ما يثير تساؤلات حول حجم عمليات التجسس الإسرائيلية وتكثفها في الفترة الأخيرة.

في سياق موازٍ، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية مؤخراً عن استخدام نظام دفاعي جديد قائم على أشعة الليزر لاعتراض صواريخ وطائرات مسيرة أُطلقت من الأراضي اللبنانية. ووصفت المنظومة، التي تم استخدامها للمرة الأولى خلال المعارك الأخيرة مع “حزب الله”، بأنها “الشعاع القاتل”، في إشارة إلى فاعليتها في صد الهجمات الجوية.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يدعون المستثمرين لمغادرة إسرائيل.. ويحذرون من تصعيد صاروخي
  • الشيخ: منع الوفد العربي من زيارة رام الله "تصعيد خطير وغير مسبوق"
  • تصعيد خطير جنوب لبنان.. غارة إسرائيلية تقتل مدنياً والجيش يفكك جهاز تجسس جديد
  • إسرائيل ترفض عقد اجتماع لوزراء عرب في رام الله
  • إسرائيل تواصل جرائمها.. تصعيد استيطاني يُقابل برفض برلماني واسع
  • أخبار العالم | ترامب يرفع الرسوم الجمركية على الصلب.. إسرائيل ترفض دخول وزراء خارجية عرب إلى رام الله.. إيران تحذر أمريكا من الخط الأحمر النووي
  • وزير خارجية ألمانيا: تسليم مزيد من الأسلحة لإسرائيل رهين بوضع غزة
  • وزير الخارجية الألماني: شحنات الأسلحة إلى إسرائيل تعتمد على الوضع في غزة
  • تطور دبلوماسي.. اليابان تخفف العقوبات عن سوريا وتشمل أربعة بنوك
  • ترامب يأمر بإيقاف التنسيق مع إسرائيل بشأن شن هجوم على إيران