كُتّاب: مناسك الحج لحظة فارقة في حياة المبدعين
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتشكل المناسبات الدينية مصدراً مُلهماً للمبدعين، ويأتي الحج في مقدمتها، حيث يعكس ثراء روحياً فياضاً بالمعاني والمشاعر التي تضيف بعداً خاصاً وعميقاً لأي عمل إبداعي، وستظل مناسك الحج والعمرة موضوعاً أثيراً للعديد من الأعمال الأدبية والفنية بمختلف أنواعها.
وفي هذا الصدد، يقول سعيد البادي، كاتب وروائي: «اضطربت نفسي، بينما كنت أقوم بأداء مناسك الحج، وشعرت بمزيج من المشاعر، تراوحت بين الرهبة والسكينة، بين الخوف والرجاء، فعندما شاهدت الكعبة المشرفة لأول مرة، سيطرت عليّ تلك الرهبة التي سرت في أوصالي، وذلك الخشوع الذي اعتراني عندما وقفت أمام هذا المشهد العظيم». ويضيف: مثل هذه المشاهد راسخة في النفس منذ الفطرة، وغريزة تسكن ذات البشرية، وبلا شك مؤثرة على الجميع، فما بالك إن كان الشخص مبدعاً وقادراً على التعبير بلمساته ومشاعره وأفكاره، فمن المؤكد سيكون هناك طرح مختلف في التعبير عن ما رآه وأثر فيه.
ومن جانبه، أكد الكاتب عبدالله محمد السبب، أن المبدع معني تماماً بالمناسبات، سواء الوطنية أم المجتمعية أم الدينية، فهو الأجدر والأقدر على التعبير عنها من خلال أمرين، أو لسببين: الأول لأنه مرتبط بالذاكرة الشعبية، وثانياً، لديه المقدرة على ترجمة تلك المناسبات إلى واقع إبداعي ملموس، على اختلاف المناسبات، بما في ذلك المناسبات الدينية، كليلة النصف من شعبان، وشهر رمضان، وعيدي الفطر والحج، ومع المعتمرين وحجاج بيت الله الحرام، وما إلى ذلك من مناسبات دينية تتطلب دوراً إبداعياً توفيقياً، سواء بالقصة والقصيدة والمقال والمسرح والسينما، أم بالصور الفوتغرافية والفنون التشكيلية على اختلاف مدارسها. ومن ذلك، مناسبتا الحج والعمرة، مناسبتان روحانيتان واجتماعيتان، يمكن تسليط الضوء عليهما، من خلال البحث والتأريخ والمقال، أو التعبير عنهما شعرياً وسردياً عبر القصة والرواية.
وقالت الكاتبة مريم الرميثي: اللحظات الروحانية دائماً تشعر المرء بالراحة والطمأنينة والسكينة، والهدوء الذي يجعله يتأمل جيّداً لما حوله، فهذه الميزة بحد ذاتها إضافة للإنسان بشكلٍ عام، فماذا لو كان مبدعاً وقادراً على سرد ما يجوب في خاطره من مشاعر، بلا شك سيكون هناك فرق واضح ورسالة ملهمة للآخرين. مؤكدة أن جمالية هذه اللحظات تحفز المبدع على الإنتاجية، فكل ما يلامس الوجدان دائماً يكون أجمل، ويبقى في الذاكرة.
من جانبه، يقول الكاتب ياسر سعيد الفليتي: تُعدُّ رحلة الحج والعمرة من أبرز التجارب الروحية التي يمر بها المسلم في حياته، وإنها رحلة تطهر الروح وتغذيها، وتجمع بين الملايين من المسلمين من مختلف أنحاء العالم، مما يُظهر الأبعاد الاجتماعية العميقة لهذه التجربة، ولكثير من المبدعين، تكون هذه الرحلة مصدر إلهام لا ينضب، تعزز إبداعهم، وتعمق فهمهم للمعاني الروحية والاجتماعية لديننا الحنيف.
يضيف الفليتي: من أجمل الأمثلة لتجارب المبدعين هي تجربة الكاتب أحمد الشقيري، حيث يُعدُّ أحمد الشقيري من أشهر المبدعين الذين نقلوا تجربتهم في الحج والعمرة إلى جمهور واسع. بالإضافة إلى التجربة الرائعة للخطاط حسن المسعود، وهو فنان وخطاط شهير، وجد في رحلاته المتكررة إلى مكة والمدينة مصدر إلهام لا ينضب، فالأجواء الروحية والتاريخ العريق لهاتين المدينتين المقدستين ألهمته لابتكار تصاميم فنية مستوحاة من الجماليات الإسلامية والروحانية العميقة، مما أثرى أعماله الفنية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مناسك الحج الحج موسم الحج الحجاج سعيد البادي عبدالله السبب مريم الرميثي الحج والعمرة
إقرأ أيضاً:
“فن الزير” في العُلا.. إيقاع شعبي يُجسّد التراث ويُحيي المناسبات الاجتماعية
يُعد “فن الزير” من أبرز ألوان الفنون الشعبية المتوارثة في محافظة العُلا، حيث يُجسّد جانبًا من الهوية الثقافية ويُعبّر عن التقاليد المجتمعية الراسخة في وجدان أهل المحافظة، عبر أداء جماعي يتميّز بالإيقاع المنسجم وترديد الأهازيج الشعبية في المناسبات الاجتماعية.
ويقوم هذا الفن على حلقات يؤديها الرجال، يتناوبون خلالها على ترديد القصائد والأهازيج التي تتناول موضوعات الفخر والمدح والكرم، مصحوبة بإيقاعات تصدر من آلة “الزير”، المصنوعة من جذع نخلة مجوّف يُغطّى بجلد مأخوذ من جلود الحيوانات، ويُقرع بالأيدي أو بالعصي في مشهد يعبّر عن التلاحم المجتمعي ويُجسّد جانبًا من الموروث الموسيقي الشعبي.
ويتميّز فن الزير في العُلا عن غيره من مناطق المملكة باختلاف أدواته ونمط أدائه، حيث احتفظ بخصوصيته في الإيقاع والأسلوب، ما يمنحه طابعًا فنيًا محليًا يعكس البيئة والثقافة الشعبية في العُلا.
وأوضح أيمن جمعة، المهتم بالموروث الشعبي، أن “فن الزير” كان يُستخدم قديمًا في أوقات الحروب لإثارة الحماسة وشحذ الهمم بين الفرسان، إلا أنه تحوّل مع مرور الزمن، وفي ظل ما تنعم به المملكة من أمن واستقرار، إلى وسيلة احتفالية تُمارَس في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، تعبيرًا عن الفرح وروح التآلف.
وأشار أيمن إلى أن هذا الفن يشهد رواجًا واسعًا في فصل الصيف الذي تكثر فيه المناسبات العائلية والاجتماعية، مؤكّدًا أن الدعم الذي توليه الهيئة الملكية لمحافظة العُلا للتراث غير المادي أسهم في الحفاظ عليه، وتفعيله ضمن العديد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية المقامة في العُلا.
ويُعد “فن الزير” اليوم أحد الرموز التراثية في العُلا، ويُدرج ضمن قائمة الفنون الشعبية التي تعبّر عن تاريخ المنطقة الثقافي، وتُجسّد تنوّع الفلكلور المحلي في المملكة.