هنأ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، الرئيس عبد الفتاح السيسي، والشعب المصري وجميع الشعوب العربية والإسلامية بمناسبة حلول "عيد الأضحى المبارك" داعيًا الله عزَّ وجلَّ أن يديم على مصرنا الغالية وشعبها الأمن والاستقرار.

جاء ذلك خلال حواره في برنامج "اسأل المفتي" على فضائية "صدى البلد" مع الإعلامي حمدي رزق مضيفًا فضيلته أن العشر الأُول من شهر ذي الحجة هي أيام مباركة بثَّ الله خلالها نفحات إلهية وأشاع فيها الرحمة العامة، وهي تمتاز باجتماع أمهات العبادة فيها بكيفية لا تتأتى في غيرها كالصلاة والصيام والحج والصدقة والحث على فعل الخير والاجتهاد في الطاعة.

وعن فضل يوم عرفة، قال فضيلة المفتي إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج مرة واحدة، وخطب خطبة الوداع في هذا اليوم، وهي خطبة عظيمة فيها أسس الإسلام والقواعد التي ينبغي علينا أن نتمسك بها، كما أن فيها قضية المساواة بين البشر جميعًا، مشيرًا إلى أن صيام يوم عرفة "سُنَّة" فعلية مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيصح صوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفِّر عامين: عامًا ماضيًا وعامًا مقبلًا، كما ورد في الحديث.

وعن دور وأهمية حجة الوداع في يوم عرفة والرسائل الخالدة لها، فقد أكد فضيلته أن خطبة الوداع من الخطب الجامعة، حيث تكلم صلى الله عليه وسلم بكلمات موجزة قليلة تحمل مضامين عظيمة، فقد حملت كل ما يمكن أن نقول عنه: "حقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أنه من أهم ما نقف عنده في هذه الخطبة الجليلة قضية مهمة وهي التأكيد على حرمة الأموال والأعراض والنفوس، مشددًا على أنه لا يجوز لأحد أن يعتدي على أعراض الناس أو أموالهم أو أنفسهم تحت أي دعوى، فنفوس الناس وأموالهم وأعراضهم حرام آمنة بتحريم الله وبهذه الوصية النبوية الخالدة.

وتابع فضيلته قائلًا: إن وصية الرسول بالنساء على الخصوص في خطبة الوداع دليل على دور المرأة في الإسلام ومكانتها الكبيرة، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بالمرأة، حتى تُكْرَم، ويُعتنى بها، وتُرفع إلى منزلتها اللائقة بها، وتأخذ نصيبها من التكريم والرعاية، وتحظى بتقدير جميلها، والوفاء لدورها.

وردًّا على سؤال حكم صكوك الأضاحي، قال فضيلته إن صكوك الأضاحي جائزة شرعًا وهي آلية معتبرة فقهيًّا واجتماعيًّا، ولا حرج في توكيل المؤسسات المعتبرة والمعتمدة من الدولة للقيام بهذه المهمة في شكل صكوك. وصك الأضحية عبارة عن عقد شراء للأضحية، وعقد توكيل بالذبح، وهذا جائزٌ شرعًا إذا روعيت شروطه.

وفي ردِّه على سؤال عن حكم إخراج بعض المال عِوَضًا عن ارتفاع أسعار الأضاحي، قال فضيلته: إن شعيرة الأضحية سنَّة مؤكَّدة على المُفتَى به في دار الإفتاء المصرية، وشرطها الاستطاعة، والأمر على السَّعة، فمن لم يملك ثمنها كاملًا فلا وزر عليه، ولا داعي لتكلف الإنسان بشأنها، مشيرًا إلى أنه لا يجزئ إخراج المال أو شراء لحم وتوزيعه عن القيام بالأضحية، ولكن مساعدة المحتاجين أمر مستحب على سبيل الصدقة.

وعن حكم ذبح الأضحية في بلد آخر لأن الأسعار فيها أقل قال فضيلته: إن الأولى أن يذبح المضحِّي أضحيته ويوزعها في بلده وسط أهله، ومن لم يستطع القيام بالأضحية في بلده فلا وزر عليه.

وعن ضوابط الاشتراك في الأضحية قال فضيلته: إذا كانت الأضحية من الخراف فإنه لا يجوز الاشتراك فيها، وإنما تجزئ عن الواحد وأهل بيته، أما إذا كانت من الإبل أو البقر فإنه يجوز الاشتراك فيها وتجزئ عن سبعة، كلُّ سُبع يجزئ عن الواحد وأهل بيته.

واختتم فضيلة المفتي حواره بالتأكيد على أن صيغة تكبيرات المصريين، صيغة شرعية صحيحة، فالأمر فيه سَعة كبيرة، التكبير سُنَّة عند جمهور الفقهاء، وبالنسبة لصيغة التكبير فلم يرد شيء بخصوصها في السنَّة المطهَّرة، والأمر فيه على السَّعة، وينبغي في الأمور المختلَف فيها ألَّا يُنكِر فيها أحدٌ على أحد، وأن تُترك المذاهبُ الفقهية الموجودة في كل قرية من القرى أو قُطر من الأقطار على ما هي عليه ما دامت لا تخالف نصوص الشرع الشريف.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية جبل عرفات يوم عرفة شعيرة الأضحية صيغة تكبيرات المصريين صلى الله علیه وسلم قال فضیلته یوم عرفة

إقرأ أيضاً:

هل يجوز اقتراض أموال لشراء الأضحية؟.. الإفتاء تجيب

شراء الأضحية توزيعها يقوي الروابط الاجتماعية، وأفضل ما يدخل السعادة على العبد خاصة عند توزيعها لحوم الأضحية على المحتاجين، كما أن لها فضل عظيم والأضحية مشروعة بالاتفاق، والأصل في مشروعيتها: قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ ولكن قد يلجأ البعض إلى الاقتراض من أجل شراء الأضحية فما حكم الشرع في تلك الحالة؟ 

وفي إجابتها عن حكم الاستدانة من أجل شراء الأضحية، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الأضحية سنة مؤكدة، والاستطاعة والقدرة شرط في التكليف على العموم، وشرط في الأضحية خصوصًا؛ بحيث إنه لا يطلب من المكلف تحصيلها ما دام ليس قادرًا عليها.

وأضافت دار الإفتاء، في فتوى عبر موقعها الإلكتروني، أنه يجوز للمكلف أن يستدين ليشتري الأضحية ما دام قد علم من نفسه القدرة على الوفاء بالدَّيْن، وأما إن علم من نفسه العجز عن الوفاء به لم يجز له فعل ذلك، وعلى كلِّ حالٍ فإن الأضحية تقع صحيحة مجزئة إذا تمت من مال الدَّيْن.

الإفتاء تستقبل وفدا من أئمة 6 دول إفريقية في ختام تدريبهم بأكاديمية الأزهرحكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال.. الإفتاء تجيبحكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضححكم لبس المحرم قناعا طبيا للوقاية من الأمراض.. الإفتاء تجيب

ضابط القدرة والاستطاعة والاقتراض للأضحية

وذكرت الإفتاء آراء الفقهاء حول مسألة الاستطاعة والاقتراض لشراء الأضحية، موضحة أنه إذا كانت الاستطاعة والقدرة شرطًا في التكليف على العموم، فهي أيضًا شرط في الأضحية سواءٌ على القول بوجوبها أو باستحبابها؛ بحيث إنه لا يطلب من المكلف تحصيلها ما دام ليس قادرًا عليها.

ونوهت الإفتاء، بأن حدُّ القدرة والاستطاعة في خصوص الأضحية قد جعله فقهاء الحنفية: السعةَ والغنى؛ قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/ 64، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها -أي من شروط وجوب الأضحية-: الغنى؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من وجد سعة فليضح»؛ شرط -عليه الصلاة والسلام- السعة؛ وهي الغنى، ولأنا أوجبناها بمطلق المال، ومن الجائز أن يستغرق الواجب جميع ماله، فيؤدي إلى الحرج، فلا بد من اعتبار الغنى؛ وهو أن يكون في ملكه مائتا درهم أو عشرون دينارًا أو شيء تبلغ قيمته ذلك، سوى مسكنه وما يتأثث به وكسوته وخادمه وفرسه وسلاحه وما لا يستغني عنه وهو نصاب صدقة الفطر] اهـ.

ومن أقوال الفقهاء أيضًا وذكرته دار الإفتاء:

وعبر عنه المالكية بكون الأضحية لا تجحف بحال المضحي؛ فقال الشيخ الخرشي في "شرح مختصر خليل" (3/ 33، ط. دار الفكر): [الضحية يشترط فيها أن لا تجحف بمال المضحي، فإن أجحفت بماله من غير تحديد فإنه لا يخاطب بها، والذي يفيده كلام بعضٍ أن المراد بالجحف: ما يخشى بصرفه في الضحية الحاجة إليه في أي زمن من عامِهِ] اهـ.

وأما الشافعية فعبروا بمطلق القدرة، ولكن ضبطوها بأن تكون الأضحية زائدة عن حاجته وحاجة مَن يعول؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 534، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وإنما تسن لمسلم قادر حر كله أو بعضه، (ويحافظ عليها القادر)، أما غيره: فلا تسن له] اهـ.

وجاء في "مغني المحتاج" للشيخ الخطيب الشربيني (6/ 123، ط. دار الكتب العلمية): [قال الزركشي: ولا بد أن تكون فاضلة عن حاجته وحاجة مَن يمونه على ما سبق في صدقة التطوع؛ لأنها نوع صدقة] اهـ.

قال الشيخ الخطيب معلقًا: [وظاهر هذا أنه يكفي أن تكون فاضلة عما يحتاجه في يومه وليلته وكسوة فصله كما مر في صدقة التطوع. وينبغي أن تكون فاضلة عن يوم العيد وأيام التشريق، فإنه وقتها، كما أن يوم العيد وليلة العيد وقت زكاة الفطر. واشترطوا فيها أن تكون فاضلة عن ذلك] اهـ.

ولكن من لم يكن قادرًا فأراد أن يستدين ليضحي لينال فضل الأضحية، فإن كان علم من نفسه الوفاء جاز له، وإن علم من نفسه العجز عن الوفاء لم يجز له إلا أن يعلم المقرض بحاله.

وقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالدَّيْنِ»، قال رجل: يا رسول الله، أتعدل الدَّيْن بالكفر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « نَعَمْ».

وروى أبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا عَبْدٌ بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى اللهُ عَنْهَا أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَدَعُ لَهُ قَضَاءً»، وعلى كلٍّ فإن الأضحية تقع صحيحة مجزئة إذا تمت من مال الدين.

قال الإمام عبد الباقي الزرقاني في "شرح مختصر خليل" (3/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [وهل يلزم الفقير تسلف ثمنها -وهو قول ابن رشد، وبه جزم ابن ناجي على المدونة- أو لا -وهي طريقة ابن بشير، وهي ظاهر كلام ابن الحاجب-؟ خلافٌ محله حيث كان يرجو القضاء] اهـ.

وقال الإمام البهوتي في "كشاف القناع" (3/ 21): [ومن عدم ما يضحي به اقترض، وضحى مع القدرة على الوفاء] اهـ.

طباعة شارك شراء الأضحية الأضحية الاستدانة من أجل شراء الأضحية الإفتاء دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • سن الأضحية وأهم الشروط فيها.. اعرف ما يجزئ ومالا يجزئ
  • هل يجوز اقتراض أموال لشراء الأضحية؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجب الوضوء أو الاغتسال قبل الوقوف بعرفة؟ لجنة الفتوى تجيب
  • لماذا أوصانا الرسول بالنساء.. مركز الأزهر يوضح
  • مفتي الجمهورية: الأزهر الشّريف مصدر رائد في صناعة المجدّدين والمصلحين
  • مفتي الجمهورية: الأزهر مصدر رائد في صناعة المجدّدين والمصلحين
  • كيفية حج المفرد بالتفصيل والترتيب.. اعرف كيفية مناسك الحج من الإحرام إلى طواف الوداع
  • موعد وقفة عرفة 2025.. فضل الصيام والدعاء وأفضل الأعمال في هذا اليوم المبارك
  • مفتي الجمهورية يؤكد على أهمية دور المؤسسات الدينية في صناعة المصلحين
  • خطوة بخطوة.. اعرف مناسك وضوابط الحج