بعد تزايد عدد وفيات الحجاج المصريين.. الأزهر والإفتاء يحسمان الجدل حول حكم الحج بدون تأشيرة
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
حكم الحج بدون تأشيرة.. شهد موسم الحج هذا العام تزايد حالات الوفاة والفقد بين الحجيج المصريين الذين ذهبوا لأداء فريضة الحج بدون تأشيرة، إذ أن من هؤلاء من دخل الأراضي السعودية بتأشيرة زيارة قبل موسم الحج بأشهر، ومنهم من سافر لأداء العمرة، ومنهم من يستخرج تأشيرة عمل، وجميعهم يبقى في مكة المكرمة حتى حلول أيام الحج متحايلًا على القوانين التي سنتها المملكة العربية السعودية لتنظيم فريضة الحج.
وفي هذا الصدد، أوضحت هيئة كبار العلماء والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، ودار الإفتاء المصرية، والأزهر الشريف حكم الحج بدون تأشيرة.
وأوضح مفتي عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، أن أداء فريضة الحج دون الحصول على تصريح من السلطات في المملكة العربية السعودية أمرٌ محرم شرعًا، وأن التحايل على الأوامر والأنظمة لا يجوز أبدًا.
وأكد مفتي عام المملكة العربية السعودية، أن فتوى اشتراط وجوب حصول من أراد أداء فريضة الحج على تصريح من السلطات بالمملكة العربية السعودية، لم تصدر عبثًا، وإنما لكثرة التقارير التي تأتي بشكل يومي لولي الأمر عن الزحام وكثرة الحجاج، قائلًا: «الموضوع عُرض على هيئة كبار العلماء في عهد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، فاكتسب الأغلبية حيث أصدرت الهيئة قرارها».
وفي سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية يقول السائل فيه: هناك من تدفعهم الظروف الاقتصادية للتحايل على الإجراءات الرسمية لأداء فريضة الحج، مثل من يذهب بتأشيرة عمل أو زيارة، فهل تُقبل حجتهم؟
وأجاب فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، عن هذا السؤال، مؤكدًا أنه لا يجوز للإنسان أداء فريضة الحج عن طريق التلبس بالكذب والتحايل، قائلًا: «الذهاب لأداء فريضة الحج دون الحصول على تصريح رسمي من السلطات السعودية، سواء كان بتأشيرة عمل أو ما شابه، لا يُبطل الحج ويكون صحيحًا، ولكن يكون صاحبه مرتكبًا فِعلًا مُحرَّمًا من ناحية الطريقة، أما قبوله فهو فى علم الله».
وأوضح مفتي الديار المصرية، أن من مظاهر تيسير الشريعة الإسلامية في جانب أداء فريضة الحج، أنها جعلت من ضمن شروط هذه الفريضة الاستطاعة، والتي تشمل القدرة المالية والقدرة البدنية وسلامة الطريق، ويدخل في نطاق الاستطاعة في هذا العصر اتباع الأنظمة والالتزام بالإجراءات والقوانين المنظمة لأداء فريضة الحج، ومن ضمنها استخراج تأشيرة الحج من الجهات الرسمية المعتمدة، فتأشيرة الحج هي الأساس في ذلك دون التأشيرات الأخرى.
وأكد فضيلة الدكتور شوقي علام، أن اتباع التعليمات التنظيمية التي تضعها السلطات والالتزام بها أمر حثَّ عليه الإسلام، مصداقًا لما جاء في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»، مشيرًا إلى أن اتباع هذه التعليمات يتوافق مع مقاصد الشريعة في الحفاظ على نفوس وأرواح الحجاج، وفي التيسير على الحجاج بتسهيل أداء المناسك، وكذلك في دفع مفاسد الازدحام الذي يعوق تنقلات الحجاج ويسبب التدافع الذي قد يقود إلى التهلكة، كما أن الالتزام بهذه الإجراءات يضمن للحجاج الحماية القانونية ومنعهم من التعرض للمساءلة القانونية أو الترحيل.
وأوضح الدكتور مبروك عطية، عميد كلية الدراسات الإسلامية الأسبق بجامعة الأزهر، أن استخدام تأشيرات العمل أو الزيارة قبل موعد الحج بأشهر قليلة والاستمرار في البقاء داخل الأراضي المقدسة وحتى موعد الحج لأداء هذه الفريضة من الأمور المرفوضة شرعا، ويعتبر تحايلا على الله عز وجل، حيث إن الحج والعمرة من أركان الإسلام، والله جعل أدائهما حسب المقدرة المادية ولم يفرضهما مثل الصلاة والصوم على العموم، فليس على غير المقتدر ماديًا أن يلجأ لتلك الحيل والأساليب غير الشرعية لأنه بذلك يفسد المسألة برمتها، ويجعل حجه فاسدًا.
وأضافت الدكتوره آمنة نصير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، أن تعمد التحايل على السلطات في المملكة العربية السعودية باستخدام تأشيرات الزيارة والعمل يعد مخالفة شرعية تستوجب بطلان الحج.
وتابعت أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر: «للأسف في السنوات الأخيرة هناك كثير من الناس باتوا يلجأون إلى أداء فريضة الحج عن طريق التحايل باستخدام تأشيرات الزيارة والعمل للتهرب من دفع مبالغ مالية حتى أن البعض من المقتدرين ماليًا بات يلجأ لاستخدام تأشيرة زيارة لأحد الأقارب بالسعودية والتي يستمر فيها لموعد الحج ويستطيع وقتها أداء المناسك دون دفع رسوم وهذا أيضا مخالفة شرعية لأنه يتجاوز حقوق الغير».
اقرأ أيضاًيوسف زيدان يشكك في مواقيت الحج.. وعالم أزهري يرد: «افتراء على الله ورسوله»
الإفتاء: زيارة الأضرحة مشروعة بأدلة من الكتاب والسنة.. وهي من أقرب القربات
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر جامعة الأزهر الدكتور شوقي علام مفتى الجمهورية دار الإفتاء المصرية الدكتور مبروك عطية هيئة كبار العلماء بالسعودية المملکة العربیة السعودیة لأداء فریضة الحج أداء فریضة الحج
إقرأ أيضاً:
من يمنح الإرهابيين تأشيرة عبور؟
خلف كل طلقة رصاص قاتلة، ومتفجرات تُزرع، ودماء تُهدر، ودعوات تحريضية مضلِّلة تنتشر، هناك عقل خفي يُخطط، وراعٍ يُموّل، وغطاء يحمي.
التنظيمات الإرهابية، مهما بلغت من تطرف ووحشية، لا يمكن أن تنمو أو تنتشر من تلقاء نفسها، فهي بحاجة إلى تمويل، وحماية، وإيواء. من يُحرّك الزناد ليس سوى أداة، أما العقل المدبّر، فهو من يقف في الكواليس، يوجّه ويوفّر المنابر، ويُغذّي ماكينة الكراهية والتحريض.
عضو التنظيم الإرهابي ليس هو ذاك الذي نراه يلوّح بسلاحه، أو يتبجّح في مقاطع الفيديو المموّلة، أو يتراقص فرحًا بفيديو مفبرك يستهدف التحريض على الفوضى والخراب والدمار، بل هو مجرد مُجند، دمية تُحرّكها أيادٍ خفية تعرف جيدًا كيف تُخفي بصماتها.
العقل المدبّر هو من يستقبل هؤلاء في مطاراته دون مساءلة، ويمنحهم إقامات استثنائية في لمح البصر، ويوفر لهم مساكن، ودراسة، وتأمينًا صحيًا، ووظائف. ثم يتظاهر بالالتزام بمنظومة حقوق الإنسان، ويدّعي الدفاع عن مظلومين، أو يروّج لمزاعم حماية الديمقراطية واحتضان فكر "مضطهد"، بينما يقف من وراء الواجهة فرحًا بجرائمه.
المُموّل الحقيقي ليس بالضرورة هو من يدفع نفقات التهريب أو يزوّد الجماعات بالسلاح، بل هو من يُدير منظومة كاملة: من شركات وهمية، إلى شبكات غسل أموال، إلى واجهات إعلامية، تحت شعارات براقة مثل "نصرة القضايا القومية" أو "دعم الحريات"، بينما تُدار الحرب بالوكالة لنهب خيرات الدول وإضعاف مؤسساتها.
الإرهابي الأخطر لا يسكن الكهوف، بل المكاتب الفارهة. لا يتحدث بلغة الدم، بل بلغة القانون الدولي وحرية التعبير. لكنه، بتواطؤ مقصود، يغُض الطرف عن الشبكات الرقمية التي تحتضن صفحات الكراهية، وتصنع الشائعات، وتقود حملات منسقة للفوضى.
إنه من يملك مفاتيح المنصات، ويتركها مفتوحة على مصراعيها أمام حملات التحريض الممنهج، ويُمكّن أدوات التضليل من العمل على أراضيه، ويتذرع بسياسات "الحياد المزيف".
في ساحة أخرى من ساحات الفوضى، تتكرر الجريمة بثوب مختلف. الإساءة إلى رؤساء الدول، والتشهير بالقادة والمسؤولين، وتحويل الشخصيات العامة إلى مادة للتجريح، ليست تعبيرًا عن "النقد الحر"، بل أداة ممنهجة لإسقاط الرموز وتشويه صورة الدولة.
والفاعل هنا ليس صاحب الحساب المأجور الذي يطير فرحًا ببضعة دولارات، بل من يموّله، ويزوّده بالأدوات، ويهيّئ له المنصات، ويدعمه بسياسات ناعمة ومحيط إعلامي متكامل.
التنظيمات الإرهابية لا تتحرك في فراغ، بل تمتلك قنوات إعلامية متكاملة: استوديوهات، بثًا مباشرًا، حملات ترويج، ومنصات تُعيد تدوير خطاب الكراهية. فهل يمكن لكيانات مطاردة أن تُدير مثل هذه الإمبراطوريات؟ بالطبع لا.
من يمنحها هذا النفس الطويل، ويمدّها بالتمويل، والتقنيات، والحماية، هو جهة تملك نفوذًا وتدير أجندات تتجاوز الحدود.
السؤال الذي يتجاوزه الكثيرون: من يفتح للإرهابيين أبواب التنقّل من دولة إلى أخرى؟ من يسهّل عبورهم رغم قوائم الحظر والمراقبة؟ الإرهابي لا يتحرك بمفرده ولا يتسلل كأشباح. بل هو جزء من منظومة محمية، يُرفع اسمه من قواعد البيانات، وتُمنح له التأشيرات في دقائق.
من يتحكم في المعابر، ويُخفي الملفات، ويقدّم التسهيلات.. .هو من يزعم محاربة الإرهاب بينما يمهد له طريق العبور أو ينقله إلى دولة أخرى عند الضرورة.
"الأمير والمرشد" الحقيقي للتنظيمات الإرهابية ليس ذلك الذي يطلّ من مخبئه بعمامة وخطاب تكفيري مُضلل، بل من يحتضن تلك التنظيمات ويمنحها مظلة الأمان، ويتقن إخفاء نواياه خلف ابتسامة السلام والسلمية، بينما يمدّها بأدوات الحرب.
الإرهاب لا ينمو في فراغ، بل يتغذّى في أحضان ناعمة تُجيد التخفي خلف الخطابات الدبلوماسية.
المأوى هنا لا يعني بيتًا أو سقفًا، بل يعني غطاءً سياسيًا، وشرعية قانونية، ومنابر إعلامية مفتوحة.هذا هو الأوكسجين الذي تتنفسه تلك التنظيمات، ويُبقيها على قيد الحياة رغم كل محاولات الحصار والملاحقة.
التنظيمات الإرهابية، مهما بدت شرسة، تظل كيانات هشّة لا تملك مقومات البقاء بمفردها. فهي لا تعيش إلا في المياه الملوثة التي تُفرزها بعض الدول تحت شعارات الحرية والنفوذ الجيوسياسي.
لذلك، فإن الحرب على الإرهاب لا يجب أن تُوجّه نحو الرصاصة، بل إلى اليد التي أطلقتها، والعقل الذي خطّط، والفراش الذي منحه دفء الأمان.
تجفيف منابع الإرهاب لا يعني فقط وقف التمويل المالي أو ملاحقة العناصر الإجرامية، بل يعني مواجهة صريحة مع من يحرك هذه المنظومة.
وإذا كانت العلاقات الدبلوماسية تقف حائلًا، فعلى الأصوات الوطنية أن تقوم بواجبها في فضح أصحاب الأدوار الخفية، وتُسمي الفاعل الحقيقي الذي يطلق الرصاص ويوجه منصات التضليل.
نحن لا نحارب أشباحًا، بل نواجه منظومة كاملة تُخفي الإرهاب تحت عباءتها، وتُجيد التلاعب بخطاب مكافحة التطرف. والانتصار الحقيقي لا يبدأ من مطاردة الأدوات، بل من إسقاط القناع عن الفاعل الحقيقي، وكشف من يرعى، ويموّل، ويوجّه من خلف الستار.