الفاشر- قالت تنسيقية لجان المقاومة في مدينة الفاشر إن قصفا مدفعيا شنته قوات الدعم السريع اليوم الثلاثاء، أسفر عن مقتل 4 مدنيين وإصابة 16 آخرين، جميعهم من مخيم أبو شوك للنازحين، وجرى نقلهم إلى المستشفى السعودي لتلقي العلاج، كما تعرض مستوصف "إقراء" الخاص بحي تكارير وسط المدينة للدمار في الجزء الأمامي منه جراء القصف.

ومنذ أكثر من 4 أسابيع تشهد مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور غرب السودان، قصفا مدفعيا كثيفا من قبل الدعم السريع على المستشفيات ومنازل المدنيين، نتج عنه أزمة إنسانية خانقة تهدد حياة آلاف المدنيين.

وأدت الاشتباكات المستمرة إلى قطع الطرق الرئيسية وتعطيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، وأصبحت آلاف العائلات محاصرة دون إمكانية الحصول على الغذاء والمياه، أو الرعاية الطبية الضرورية.

النازحون أصبحوا بلا مأوى أو طعام أو مصادر للدخل (مواقع التواصل) "الوضع صعب للغاية"

ووفقا لتصريحات سابقة لوالي شمال دارفور المكلف حافظ بخيت لإذاعة محلية، فإن أغلب سكان المدينة هم نازحون يعيشون في العراء، بسبب القصف المدفعي المتواصل من قبل قوات الدعم السريع بهدف تهجيرهم، وأكد أن النازحين يعيشون بلا مأوى أو غذاء أو أية خدمات إنسانية، متسائلا عن مصيرهم مع اقتراب فصل الصيف.

كما ناشد بخيت رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بأهمية فك الحصار المفروض على المدينة من الاتجاهات الأربعة، لتسهيل عملية دخول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وذكر أن هذا الحصار قد فاقم الوضع وأدى لارتفاع الأسعار، وأن قوات الدعم السريع تمثل الحلقة الأضعف في الولاية بعد مقتل قائدها علي يعقوب وضرب إمداداتها اللوجستية من قبل الطيران الحربي.

وتؤكد التقارير الميدانية لبعض الناشطين انتشار سوء التغذية وبعض الأمراض بين السكان، في ظل نقص حاد في الأدوية والمعدات وإغلاق بعض المرافق الصحية، ورغم جهود المنظمات الإنسانية، إلا أن قيود الأمن تحول دون توفير المساعدات بالشكل الكافي.

وتقول السيدة فاطمة إبراهيم، وهي نازحة مقيمة في مركز إيواء وسط المدينة، للجزيرة نت إن الوضع في الفاشر "صعب للغاية"، وإن النازحين بحاجة ماسة للمساعدة قبل فوات الأوان، وقالت إنهم يعانون من نقص الطعام والرعاية الصحية، ولا يعرفون إلى أين يتجهون في ظل هذه الحرب والفوضى.

كما أشارت إلى أنهم "يفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة"، في ظل استمرار عمليات القصف المدفعي على المنازل السكنية، وأوضحت أن نقص الإمدادات الأساسية يزيد من معاناة الناس التي تزداد سوءا يوما بعد آخر.

معاناة متفاقمة

وبدورها تقول سعاد الفاتح، وهي ربة منزل، للجزيرة نت، إن أسعار السلع الاستهلاكية شهدت ارتفاعا حادا خلال الأسبوع مقارنة بالفترة الماضية، مع ندرة بالبضائع الموجودة في الأسواق، وأضافت أن معظم التجار نقلوا بضائعهم من الأسواق إلى أماكن أخرى أكثر أمانا، في حين لجأ آخرون إلى القرى المجاورة.

وناشدت المسؤولين في الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لتقديم المساعدات الضرورية للسكان المحتاجين، والتخفيف من آثار هذه الأزمة وقالت إن الأسعار الباهظة والندرة في المواد الأساسية قد فاقمتا من وضع الأسر، وهو ما يتطلب تدخلا سريعا من قبل الجهات المعنية لتوفير الإغاثة اللازمة.

كما نبه الباحث في علم الاجتماع محمد سليمان إلى أن النازحين في مدينة الفاشر يواجهون معاناة مريرة جراء عدم وجود مأوى لهم، وقال للجزيرة نت إنه مع اقتراب موسم الخريف، ليس لديهم ما يحميهم من الأمطار أو البرد، وهم في ظروف إنسانية سيئة بعد أن دمر القصف المدفعي منازلهم وكل ما يمتلكونه، وأصبحوا بلا مأوى أو طعام أو مصادر للدخل.

وطالب الباحث ذاته الحكومة والمنظمات الإنسانية بتوفير المساعدات العاجلة للنازحين، لا سيما في مجالي المأوى والإغاثة الغذائية، وقال إن عدم التدخل السريع قد يؤدي إلى كارثة إنسانية في ظل تفاقم أوضاعهم المعيشية.

الدمار طال مراكز صحية ومركز غسيل الكلى الوحيد في المدينة (مواقع التواصل) قلق متزايد

تستهدف قوات الدعم السريع يوميا منازل المدنيين في وسط المدينة بالمدفعية الثقيلة، وجرى استهداف مركز غسيل الكلى الوحيد الذي يعمل في الولاية مساء الأحد، وتكرر القصف الثلاثاء، كما قصف قبلها مستشفى النساء والتوليد السعودي غرب المدينة، إضافة لقصف عدد من منازل المواطنين، وهو ما أوقع عددا من القتلى والجرحى.

وشوهدت طائرة للجيش السوداني تحلق الأحد في سماء المدينة كما عزز الجيش السوداني وحلفاؤه دفاعاتهم المتقدمة في الأحياء الشرقية للتصدي لأي هجوم محتمل.

وعبر العديد من المواطنين في مدينة الفاشر عن قلقهم المتزايد إزاء ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين جراء القصف والاشتباكات التي تشهدها المدينة في الأيام الأخيرة، حيث ما زالت المدينة تشهد حركة نزوح واسعة من قبل المدنيين إلى القرى المجاورة وبعض المناطق الأخرى.

ويقول آدم إسحاق، أحد سكان حي الثورة في الفاشر، للجزيرة نت إنهم يشعرون بقلق كبير على أرواح المواطنين العزل في ظل تصاعد وتيرة القتال والقصف، "لا نريد أن نرى المزيد من الأبرياء يسقطون ضحايا لهذه المواجهات" وأضاف: "نناشد جميع الأطراف وقف إطلاق النار على الفور، والعمل علي إيجاد حل سياسي ينهي هذا النزاع الدامي الذي باتت كلفته باهظة على المدنيين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع القصف المدفعی مدینة الفاشر للجزیرة نت من قبل

إقرأ أيضاً:

بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع

فرضت بريطانيا عقوبات على كبار قادة قوات الدعم السريع السودانية، متهمة إياهم بالتورط في عمليات قتل جماعي وعنف جنسي بشكل ممنهج وهجمات متعمدة على المدنيين في السودان، وطالت العقوبات "نائب قائد قوات الدعم عبد الرحيم دقلو، قائد قطاع شمال دارفور اللواء جدو حمدان، القائد تيجاني إبراهيم موسى، والفاتح عبدالله إدريس المعروف بـ(أبو لولو)".

Britain sanctioned senior commanders of Sudan's paramilitary Rapid Support Forces on Friday, over what it said were their links to mass killings, systematic sexual violence and deliberate attacks on civilians in the African country. https://t.co/qLl1LxAIYV — Reuters Africa (@ReutersAfrica) December 12, 2025
وقالت الحكومة البريطانية إن هؤلاء القاعدة يُشتبه في تورطهم بهذه الجرائم، باتوا يواجهون تجميد أصول وحظر سفر، وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر في بيان "الفظائع المرتكبة في السودان مروعة إلى حد أنها تترك ندبة في ضمير العالم... والعقوبات التي نعلنها اليوم ضد قادة قوات الدعم السريع تشكل ضربة مباشرة لأولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء".

وتأتي هذه العقوبات بعد أن اقترحت الولايات المتحدة والإمارات ومصر والسعودية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي خطة لهدنة لمدة ثلاثة أشهر تليها محادثات سلام، وردت قوات الدعم السريع بقبول الخطة، لكنها سرعان ما شنت غارات جوية مكثفة بطائرات مسيرة على مناطق تابعة للجيش.

معاقبة شبكة تجند مقاتلين من كولومبيا
وفرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء عقوبات على شبكة عابرة للحدود تُجند عسكريين كولومبيين سابقين وتدرب جنودًا بينهم أطفال للقتال في صفوف قوات الدعم السريع، وذكرت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، أنها فرضت عقوبات على 4 أفراد و 4 كيانات ضمن الشبكة، التي قالت إنها تتألف في معظمها من مواطنين وشركات كولومبية.

BREAKING: The US government has imposed sanctions on a network that is fueling the conflict by recruiting former Colombian military personnel to train soldiers—including children—to fight for the Rapid Support Forces, a Sudanese paramilitary group.

"The Rapid Support Forces have… — Harun Maruf (@HarunMaruf) December 9, 2025
وأفادت بأن العقوبات على الشبكة تُعطل مصدرًا مهمًا للدعم الخارجي لقوات الدعم، ما يُضعف قدرتها على استخدام مقاتلين كولومبيين مهرة ضد المدنيين. واتُهمت قوات الدعم السريع باستهداف المدنيين وقتل الرجال وحتى الرضع، كما استهدفت النساء والفتيات عمدًا ومارست بحقهن الاغتصاب. وأكدت الوزارة في بيانها أنها ستعمل بالتنسيق مع دول المنطقة لإنهاء هذه الفظائع وتحقيق الاستقرار في السودان.

دعوة لقبول الهدنة
من جانبه، أكد مبعوث الرئيس الأمريكي إلى أفريقيا مسعد بولس، أن واشنطن تحاسب مرتكبي الفظائع بالسودان، داعياً الأطراف السودانية إلى قبول الهدنة لوقف العنف في البلاد، وكتب عبر حسابه على منصة "إكس": " تُحمّل الولايات المتحدة المسؤولية لأولئك الذين يرتكبون الفظائع في السودان".

Today, the United States is holding accountable those who commit atrocities in Sudan. The parties must accept a humanitarian truce to halt the violence and end external military support from transnational networks of murderers like the Colombians we sanctioned today. These… — U.S. Senior Advisor for Arab and African Affairs (@US_SrAdvisorAF) December 9, 2025
وأضاف "يجب على الأطراف القبول بهدنة إنسانية لوقف العنف وإنهاء الدعم العسكري الخارجي من الشبكات العابرة للحدود التي تضم قتلة، مثل الكولومبيين الذين فُرضت عليهم العقوبات"، مضيفًا "تعكس هذه الإجراءات التزامنا بدعم السلام ومساندة الشعب السوداني".

الملايين يواجهون انعدام الغذاء
من جانبه، أعلن مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود كينيث لافيل، انهيار كل الأنظمة التي تحفظ الحياة في السودان، محذرًا من أن نحو 9 ملايين يواجهون انعدام الأمن الغذائي في السودان، يأتي هذا في وقت أكد فيه وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبر اهيم، أن السودان يسجل أكثر من 3 ملايين إصابة سنويًا بالملاريا مع معدلات وفيات عالية، وفقًا للإحصاءات الرسمية المسجلة في المستشفيات.

الأمم المتحدة تحذر من أن المدنيين في منطقتي #دارفور و #كردفان لا يزالون يواجهون عنفا متصاعدا وعشوائيا،

وتجدد الدعوة لكافة أطراف النزاع في #السودان إلى وقف الهجمات على المدنيين فورا، والالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني.https://t.co/B8ikEvX8gk — أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) December 11, 2025
وأفاد شهود عيان بأن ولاية شمال كردفان باتت تحتضن العدد الأكبر من النازحين، وتؤوي حاليًا نحو 864 ألف شخص، ووفق مفوضية العون الإنساني في الولاية فإن قرابة 82 ألف نازح يقيمون داخل مراكز الإيواء، بينما تتوزع البقية بين مجتمعات مضيفة والأقارب.

مقالات مشابهة

  • تصاعد المعاناة الإنسانية في غزة: نقص المساعدات والطقس يزيدان الضغوط على المدنيين
  • الدعم السريع يسمح بدخول مساعدات محدودة إلى الفاشر وسط تفشي المجاعة
  • الدعم السريع تحتجز آلاف المدنيين في الفاشر بينهم نساء وأطفال
  • فرض عقوبات على قادة الدعم السريع السوداني
  • مصرع مواطن سوداني بنيران الدعم السريع في كردفان
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • عقوبات بريطانية على قادة بالدعم السريع بينهم «دقلو»
  • المملكة المتحدة تعلن فرض عقوبات على كبار قيادات قوات الدعم السريع
  • بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع
  • "لازاريني": العاصفة "بيرون" تحكم قبضتها على غزة والأوضاع الإنسانية مقلقة للغاية