كيف غيّر تيك توك قواعد اللعبة في وسائل التواصل الاجتماعي؟
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
لسنوات، كانت وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة قلاع عظيمة يحكمها المؤثرون بجيوش متابعيهم الهائلة. هؤلاء المؤثرون سيطروا على المحتوى الذي نستهلكه، وامتلكوا سلطة كبيرة في توجيه الرأي العام. ولكن، مع ظهور منصات مثل تيك توك، تغيرت هذه الديناميكيات بشكل جذري.
تيك توك وتغيير القواعد التقليديةأحد الابتكارات البارزة في تيك توك هو صفحة "من أجلك" (For You)، وهي ميزة فريدة تميز المنصة وتعيد تشكيل مفهوم التفاعل الاجتماعي.
صفحة "من أجلك" تعتمد على خوارزميات متقدمة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل مجموعة من العوامل بهدف تقديم محتوى يلائم اهتمامات كل مستخدم. تشمل هذه العوامل:
التفاعل مع الفيديوهات السابقة: تشمل الإعجابات، التعليقات، المشاركات، وإعادة المشاهدة. مدة المشاهدة: تحدد الخوارزمية مدى اهتمام المستخدم بالفيديو من خلال المدة التي يقضيها في مشاهدته. التفضيلات المعلنة: مثل الفيديوهات التي قام المستخدم بحفظها أو التفاعل معها بشكل متكرر. بيانات الفيديو: تشمل العناوين، الهاشتاغات، والموسيقى المستخدمة في الفيديوهات.هذا النظام يتيح لأي مستخدم أن يظهر في صفحة "من أجلك" الخاصة بالآخرين إذا كان محتواه جذابا ومبدعا. هذا النموذج يشبه الساحة المفتوحة، حيث يمكن لكل فرد عرض مهاراته وإبداعاته بدون الحاجة إلى قاعدة جماهيرية كبيرة مسبقا.
بفضل ميزة "من أجلك"، حقق تيك توك انتشارا كبيرا وأصبح قادرا على جذب جمهور واسع من مختلف الأعمار والاهتمامات.
ووفقا لتقرير "آب أنيي" (App Annie) لعام 2021، أصبح تيك توك التطبيق الأكثر تنزيلا في العالم، متفوقا على فيسبوك وإنستغرام. وبلغ عدد مستخدميه النشطين شهريا أكثر من مليار مستخدم في سبتمبر/أيلول 2021، وهذا ما يدل على جاذبيته الواسعة.
وتظهر دراسة من "سوشيال ميديا توداي" (Social Media Today) أن متوسط معدل التفاعل على تيك توك يبلغ 5.3%، مقارنة بـ0.83% على إنستغرام و0.13% على فيسبوك. وهذا يعكس قدرة تيك توك على جذب اهتمام الجمهور بشكل كبير.
تأثير هذا النموذج على المنصات الأخرىبدأت المنصات الأخرى في تقليد نهج تيك توك. على سبيل المثال، قدم إنستغرام ميزة "ريلز" (Reels) في عام 2020، وتبعه يوتيوب بإطلاق "شورتس" (Shorts) عام 2021. حتى فيسبوك بدأ بتقديم ميزات مشابهة، وهذا ما يدل على تأثير تيك توك الكبير على صناعة وسائل التواصل الاجتماعي.
في هذا العصر الرقمي الجديد، لم يعد الأشخاص يملكون مجرد "متابعين" بل "مشاهدين". يمكن لأي شخص أن يحصل على مشاهدات تفوق مشاهدات أولئك الذين يمتلكون جيوشا من المتابعين، بشرط أن يكون محتواهم صادقا وفريدا.
هذا التحول يعزز من الديمقراطية الرقمية، حيث يصبح الجمهور هو الحكم النهائي لجودة المحتوى، وليس المؤثرين أو عدد المتابعين.
أدلة على هذه الديمقراطية الرقمية تظهر في دراسة أجرتها جامعة "كايس ويسترن ريسيرف" (Case Western Reserve)، حيث وجدت أن المحتوى الأصيل والابتكاري يجذب مشاهدات أكبر من المحتوى المكرر أو المروج له من قبل المؤثرين الكبار.
كما يُظهر تحليل "إنفلونسير ماركيتنغ هب" (Influencer Marketing Hub) أن الحسابات الصغيرة والمتوسطة على تيك توك تحظى بمعدل تفاعل أعلى مقارنة بالحسابات الكبيرة، وهو ما يعزز من فكرة أن الجودة تتفوق على الكمية. هذا التحول في الديناميكيات يعيد تعريف كيفية استهلاكنا للمحتوى ويجعل من الممكن لأي شخص أن يصبح نجما في العالم الرقمي، وهذا ما يعزز من مفهوم الديمقراطية الرقمية الحقيقية.
المستقبل.. انفتاح في الفضاء الرقمييشبه هذا الانفتاح في الفضاء الرقمي إزالة الجدران العالية التي كانت تفصل بين النخبة والعامة. ويصبح الوصول إلى الجمهور واسع النطاق ممكنا لأي شخص يمتلك الموهبة والإبداع، وهو ما يفتح الباب أمام نمط جديد من الديمقراطية الرقمية. وهذه التحولات تعيد تعريف مفهوم القوة والنفوذ في وسائل التواصل الاجتماعي، وتجعل من الممكن لأي شخص أن يكون نجما في العالم الرقمي.
وتشير هذه التغيرات إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي كما نعرفها اليوم قد تختفي قريبا، لتحل محلها نماذج جديدة تركز على الجودة والأصالة بدلا من عدد المتابعين. وفي هذا العالم الرقمي المفتوح، يمكن لأي شخص أن يكون له صوت مسموع، وهذا ما يعزز من ديمقراطية رقمية حقيقية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وسائل التواصل الاجتماعی تیک توک یعزز من من أجلک وهذا ما
إقرأ أيضاً:
د. هشام صالح يطرح أول مؤلفاته بعنوان "الإعلام الرقمي وثورة التحولات"
أعلن الدكتور هشام صالح عن إصدار أول كتبه تحت عنوان "الإعلام الرقمي وثورة التحولات"، وهو العمل الذي يعد امتدادًا لمضمون رسالة الدكتوراه التي أنجزها، ويأتي ليشكل مرجعًا علميًا مهمًا لكل المهتمين بمجالات الإعلام الرقمي والصحافة الإلكترونية وتكوين الرأي العام عبر المنصات الرقمية.
ويغطي الكتاب مجموعة واسعة من المحاور التي تهم الباحثين والمختصين، من بينها: صناعة المحتوى الإخباري الإلكتروني، ودور مواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل الوعي الجمعي، وتأثيرات البيئة الرقمية على عملية اتخاذ القرار، إضافة إلى تناول آليات تجنيد الشباب إلكترونيًا عبر الشائعات المنتشرة في العالم الرقمي، والإطار التشريعي المنظّم لهذه الظواهر.
ويتضمن الإصدار دراسة تطبيقية موسّعة حول حادث الواحات كنموذج لكيفية تناول الأحداث أونلاين، وتحليل مسارات تداول المعلومات وتعاطي الجمهور معها عبر الفضاء الرقمي.
الكتاب صدر عن دار العلا للنشر والتوزيع، وهو متاح حاليًا للراغبين في الاقتناء، ومن المنتظر تواجد الكتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026 داخل جناح دار العلا – صالة 1 جناح C31، وذلك خلال الفترة من 21 يناير 2026.
وختم الدكتور هشام صالح إعلانه بالتعبير عن امتنانه، داعيًا الله التوفيق، ومؤكدًا استعداده لدعم الباحثين في مجالات الماجستير والدكتوراه ممن لا يستطيعون شراء الكتاب ويحتاجون إليه، وذلك عبر التواصل المباشر معه بشكل خاص.