بوابة الوفد:
2025-08-01@00:17:15 GMT

أبعد من مسألة «تتلظى»

تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT

ليست المشكلة هى الجدل الذى أفتى فيه من يعلم ومن لا يعلم، فى امتحان اللغة العربية للثانوية العامة هذا العام، حول ما قيل إنه شكوى الطلاب وأولياء الأمور من صعوبته، وخروجه عن المنهج، بسبب سؤال عن معنى كلمة «تتلظى». حدثت الضجة، رغم أن السؤال وضع بدائل للاختيار فيما بينها. ليست تلك هى المسألة. إنها غربة اللغة العربية فى بلادنا وتهميشها والاستهانة بها لصالح اللغات الغربية والأجنبية عموما، لا كلمة «تتلظى».


فكرتنى الضجة المفتعلة والمختلقة لتتلظى، بالأستاذ «حمام» المدرس البائس فى فيلم غزل البنات، الذى ما أن أخذ يصحح لتلاميذ الفصل الشياطين جهلهم باللغة العربية ومعانيها، وسخريتهم منه ومنها، ليدخل الثعلب فى لغتهم «يحتال» فى كبرياء، ويتملك «الغيط» من الأسد، ويقول له يا «أبلة» حتى تسببوا فى فصله من المدرسة. فكرتنى الضجة بمظاهرات أولياء الأمور قبل سنوات حين تصدت لهم السلطات التنفيذية لمنعهم من مواصلة حملات الغش الجماعى عبر استخدام الميكروفونات، لقراءة الإجابات الصحيحة لأوراق الامتحان أثناء تأدية أبنائهم له. حينذاك خرجت القضية من سياق اعتداء صارخ على القانون والقيم التعليمية والخلقية، إلى ما تم وصفه بعنف الأجهزة الأمنية فى التصدى لأولياء أمور يعتدون عليه وعليها، ويهدرون كل القيم، ولا يجدون فيما كانوا يفعلونه، أى جريمة لا تعليمية ولا خلقية ولا قانونية!
لكن الواقع يقول إن الاثنين، الآباء والأبناء ضحية لنظام تعليمى مهترئ، يقدس سياسة الحفظ والتلقين، عن نظم الفهم والإدراك وتنمية العقول. وتُركت مهام مصيرية مثل وضع مناهجه، لموظفى الوزارة مع كامل الاحترام لهم. لكن شغل وظيفة فى وزارة التعليم، لا يعنى القدرة المعرفية والفكرية والثقافية لوضع المناهج التعليمية، التى أخذت تكتفى بتستيف مواد دراسية فى كتب مدرسية، الهدف الأول منها هو الربح المادى، وتيسير اجتياز الامتحانات للطلاب، والنجاح بها، لا تكوين خبرة معرفية وثقافية ولا تنمية الوعى والإدراك. ومنذ عقود، بات النظام التعليمى بمجمله، ساحة للتجارب المتراكمة والفاشلة، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من حالة تعليمية متردية يتخرج طلابه فى التعليم الأولى والجامعى وهم لا يعرفون لا القراءة ولا الكتابة، ولا لغتهم القومية.
يكشف امتحان اللغة العربية للثانوية العامة السنة الحالية، جانبا من هذا التردى. فمعظم الأسئلة يغيب عنها أى بعد جمالى، أو قيمة إنسانية عليا رفيعة المستوى، أو مسئولية اجتماعية، وفضلا عن ذلك تعبر عن ذوق سقيم. فالسؤال الذى تنسب إليه المشكلة يقول: أى من الكلمات التالية تعبر عن معنى عبارة «تتلظى القلوب من نعمتك».. تتطلع أو تتناسى أو تحقد أو تتحسر؟!
ولو أن المناخ العام السائد يعتنى باللغة العربية، ويتأمل فى مفردات معانيها ولا أقول جمالها، ويفكر بعقلانية، لا بمشاعر عاطفية عشوائية بدائية، تبحث عن المصالح فى الخربات، ما كانت تتلظى تصبح مشكلة. وكلمة تتلظى هنا واضحة المعنى عن الحسد والحقد والحُرقة واللهب، وهى فى النص القرآنى «نارا تلظى» أى لهيب النار. وفى رباعيات الخيام تقول الست ثومة: أطفئ لظى القلب بشهد الرضاب، أى أن القبلات تخفف حرقة قلوب العاشقين. لكن البحث دائم عن مشجب نعلق عليه الأخطاء والخطايا، فكانت «تتلظى».
أما ما هو مدهش ويدعو للاستغراب، أن يزج مجمع اللغة العربية نفسه فى المشكلة فيزيدها تعقيدا حين يعطى لها بعدا دينيا ليس واردا بها. ويدلى رئيس المجمع بتصريحات صحفية تزيد الطين بللا، حين يطالب بإلغاء درجة هذا السؤال من أجوبة الامتحان. أما السبب فجاء أكثر غرابة من الطلب، إذا استشهد بنص قرآنى لا علاقة له بجملة السؤال، متسائلا: تتلظى هنا بمعنى تشتعل، فكيف يمكن أن تشتعل القلوب بسبب النعمة، ناسيا أنها تشتعل القلوب حسدا من النعمة التى آل إليها صاحبها، أى إن الاشتعال حسدا للشخص على نعمته، لا على النعمة نفسها.
لم تكن المأساة تكمن فى تتلظى فقط. فقد ورد فى سؤال آخر فى نفس الامتحان ما يلى: استنتج مبعث سعادة المنفق الذى قصده الكاتب فى قوله «لأنك ملأت الأيدى الفارغة، وسترت الأجساد العارية». ولا اعتراض على أن الخيارات التى منحها السؤال للطالب، يمكن أن تجلب السعادة للإنسان، مثل إحراز المكانة والتضحية من أجل الآخرين، وقضاء حوائج الناس، والحياة والتعفف، لكنها بجانب ركاكتها ترسخ لدى جيل يستعد للالتحاق بالجامعة، أن السعادة تتحقق بالتبرع، الذى بات فى السنوات الأخيرة يعزز الحلول الفردية للمشاكل بدلا من البحث الجماعى عن حلول اجتماعية. وهى فضلا عن ذلك تطرح السؤال التالى: إذا كانت تلك هى نماذج لامتحانات اللغة العربية فى المدارس الثانوية، فما هى يا ترى نوعها فى الأزهر؟!
فى هذه المعركة اختلطت المفاهيم والقيم للتغطية على أصل الداء وفصله، وهو امتهان اللغة العربية فى كافة المجالات، والتدهور الشامل فى كافة المراحل التعليمية، والتعدد العشوائى لمناهجه وأنواعه، التى فرقت عن قصد بين تعليم الفقراء وتعليم الأغنياء، وذلك هى جوهر المسألة.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش امتحان اللغة العربية للثانوية العامة اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

وزير الداخلية بحث مع الخازن مسألة الأمن في المعاملتين والشارع البحري

 استقبل وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، في مكتبه، النائب فريد هيكل الخازن، يرافقه رئيس بلدية ذوق مصبح إيلي صابر.    
وخلال اللقاء، تم عرض الأوضاع العامة في البلاد والبحث في المسائل المتعلقة بالأمن في المعاملتين والشارع البحري.   وأكد وزير الداخلية "أهمية ضبط المخالفات وتعزيز الأمن"، واعدا بـ"إيلاء هذا الملف المتابعة اللازمة من الأجهزة المختصة".  
وفي السياق عينه، استقبل وزير الداخلية وفدا ضم رؤساء بلديات غزير كريستوف باسيل، جونية فيصل إفرام وطبرجا جورج البواري، ومختار غزير روبير التحومي، المحامي جورج همام، وأنطوني الدب.  
أيضاً، التقى الحجار المحامي جوزيف أبو فاضل، وتم التداول في الأوضاع العامة في البلاد.  
وكذلك، استقبل وزير الداخلية وفداً من جمعية "فرسان مالطا" ضم رئيسها مروان صحناوي، مديرتها التنفيذية ليليا الخازن، وعلي قصقص. وخلال اللقاء، عرض الوفد نشاطات الجمعية والتعاون القائم بينها وبين مؤسسات الدولة. مواضيع ذات صلة الخازن وصابر زارا وزير الداخلية: لمعالجة ظاهرة الدعارة والتفلت في المعاملتين Lebanon 24 الخازن وصابر زارا وزير الداخلية: لمعالجة ظاهرة الدعارة والتفلت في المعاملتين 30/07/2025 23:57:44 30/07/2025 23:57:44 Lebanon 24 Lebanon 24 فريد هيكل الخازن: جريمة المعاملتين صدمة تهزّ الضمير Lebanon 24 فريد هيكل الخازن: جريمة المعاملتين صدمة تهزّ الضمير 30/07/2025 23:57:44 30/07/2025 23:57:44 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الداخلية بحث مع عبد الله في دور قوى الأمن الحيوي في حفظ الأمن Lebanon 24 وزير الداخلية بحث مع عبد الله في دور قوى الأمن الحيوي في حفظ الأمن 30/07/2025 23:57:44 30/07/2025 23:57:44 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الاتصالات بحث التعاون البحري مع مشغّل "Cyta" القبرصي Lebanon 24 وزير الاتصالات بحث التعاون البحري مع مشغّل "Cyta" القبرصي 30/07/2025 23:57:44 30/07/2025 23:57:44 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً مقدمات نشرات الأخبار المسائية Lebanon 24 مقدمات نشرات الأخبار المسائية 23:56 | 2025-07-30 30/07/2025 11:56:00 Lebanon 24 Lebanon 24 ماذا قرّر "حزب الله" مالياً؟ مركز إسرائيلي يكشف Lebanon 24 ماذا قرّر "حزب الله" مالياً؟ مركز إسرائيلي يكشف 23:44 | 2025-07-30 30/07/2025 11:44:31 Lebanon 24 Lebanon 24 وقفة تضامنية مع غزة في النبطية Lebanon 24 وقفة تضامنية مع غزة في النبطية 23:32 | 2025-07-30 30/07/2025 11:32:26 Lebanon 24 Lebanon 24 تطورٌ جديد في ملف كازينو لبنان.. استدعاء وزيريْن للتحقيق Lebanon 24 تطورٌ جديد في ملف كازينو لبنان.. استدعاء وزيريْن للتحقيق 23:21 | 2025-07-30 30/07/2025 11:21:34 Lebanon 24 Lebanon 24 مساء.. قنابل إسرائيلية تستهدف عيتا الشعب Lebanon 24 مساء.. قنابل إسرائيلية تستهدف عيتا الشعب 23:14 | 2025-07-30 30/07/2025 11:14:24 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة سحب أوراق نقدية من السوق.. هذا ما يقوم به مصرف لبنان Lebanon 24 سحب أوراق نقدية من السوق.. هذا ما يقوم به مصرف لبنان 09:45 | 2025-07-30 30/07/2025 09:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 لهذا السبب ارتفعت فاتورة الكهرباء Lebanon 24 لهذا السبب ارتفعت فاتورة الكهرباء 14:40 | 2025-07-30 30/07/2025 02:40:22 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد ماجدة الرومي.. فنانة لبنانية شهيرة تجثو على ركبتيها أمام السيدة فيروز شاهدوا ردة فعلها (فيديو) Lebanon 24 بعد ماجدة الرومي.. فنانة لبنانية شهيرة تجثو على ركبتيها أمام السيدة فيروز شاهدوا ردة فعلها (فيديو) 06:00 | 2025-07-30 30/07/2025 06:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصور.. هذا ما حصل داخل الضاحية Lebanon 24 بالصور.. هذا ما حصل داخل الضاحية 18:23 | 2025-07-30 30/07/2025 06:23:58 Lebanon 24 Lebanon 24 لم يكن يرد على الهاتف.. غسان الرحباني يكشف الوضع النفسي للراحل زياد الرحباني في أيامه الأخيرة (فيديو) Lebanon 24 لم يكن يرد على الهاتف.. غسان الرحباني يكشف الوضع النفسي للراحل زياد الرحباني في أيامه الأخيرة (فيديو) 07:03 | 2025-07-30 30/07/2025 07:03:58 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 23:56 | 2025-07-30 مقدمات نشرات الأخبار المسائية 23:44 | 2025-07-30 ماذا قرّر "حزب الله" مالياً؟ مركز إسرائيلي يكشف 23:32 | 2025-07-30 وقفة تضامنية مع غزة في النبطية 23:21 | 2025-07-30 تطورٌ جديد في ملف كازينو لبنان.. استدعاء وزيريْن للتحقيق 23:14 | 2025-07-30 مساء.. قنابل إسرائيلية تستهدف عيتا الشعب 22:54 | 2025-07-30 عن القيادي في "الحزب" فؤاد شكر.. ماذا قال أدرعي؟ فيديو انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو) Lebanon 24 انحنى ليواسيها.. هذا ما قالته السيدة فيروز للسفير المصري (فيديو) 09:31 | 2025-07-30 30/07/2025 23:57:44 Lebanon 24 Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو) Lebanon 24 ستنافس سامسونغ وآبل.. هذه مواصفات ساعة غوغل المنتظرة (فيديو) 08:32 | 2025-07-30 30/07/2025 23:57:44 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا! Lebanon 24 لبنانيون يشربون البلاستيك.. هذا ما تحتويه مياهنا! 19:35 | 2025-07-29 30/07/2025 23:57:44 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • جوجل تعزز تجربة الطلاب التعليمية بميزات ذكاء اصطناعي جديدة
  • التربية تحدد مواعيد الدراسة والامتحانات لجميع المراحل التعليمية
  • 80 ألف مواطن حملوا تطبيق الوطنية للانتخابات تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 25 سنة
  • شوبير: تجديد أليو ديانج مع الأهلي مسألة وقت
  • وزير الداخلية بحث مع الخازن مسألة الأمن في المعاملتين والشارع البحري
  • نعيم قاسم: مسألة السلاح شأن داخلي ولا علاقة لإسرائيل به
  • الوزراء: سنحل أزمة كثافات الفصول التعليمية خلال 3 سنوات في تلك الحالة
  • تعطل رحلات جوية في المملكة المتحدة بسبب مسألة فنية
  • 33 لاعبا في معسكر منتخب 20 سنة
  • غزة ليست الحصار .. غزة هي السؤال