تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بانيش سيد قريشي، طالبة في المدرسة الثانوية في سالفورد، جنوب مانشستر، عانت من الآثار الحادة لأزمة تكلفة المعيشة في المملكة المتحدة. باعتبارها ابنة مهاجرين باكستانيين، نشأت بانيش في أسرة من الطبقة العاملة حيث كانت الصعوبات المالية شائعة. وكان والداها، اللذان كانا يعملان كسائقي سيارات أجرة، يضطران في كثير من الأحيان إلى الاختيار بين الاحتياجات الأساسية والفرص التعليمية لأطفالهما.


أحد الأمثلة على ذلك كان عندما لم يتمكنوا من تحمل رسوم تسجيل قريشي في جائزة دوق إدنبرة، البالغة ٤٠٠ جنيه إسترليني (٥٠٥ دولارات)، وهو برنامج مصمم لمساعدة الشباب على تطوير مهارات القيادة. وتقول: "لقد كانت إحدى تلك الحالات التي جعلتني أعتقد أن المدرسة مصممة للأطفال الأغنياء، وليس لأطفال الطبقة العاملة".
التصويت وسط الصعوبات المالية
أكملت قريشي، التي تبلغ الآن ١٨ عامًا، دراستها في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، لكنها لا تستطيع تحمل تكاليف التعليم العالي. بدلاً من ذلك، تعمل في نوبات عطلة نهاية الأسبوع في مطعم للوجبات السريعة، وتشعر بأنها تتقاضى أجرًا زهيدًا وتضيع إلى حد ما في الحياة.
وهي تتوقع بفارغ الصبر الإدلاء بصوتها الأول في الانتخابات العامة المقبلة في الرابع من يوليو، في تناقض صارخ مع كثيرين من جيلها الذين يعبرون عن لامبالاة الناخبين. وجدت دراسة استقصائية أجرتها شركة Techne UK لصالح صحيفة الإندبندنت أن ما يقرب من ٤٠٪ من الجيل Z وجيل الألفية لا يخططون للتصويت، ويشعرون أن أياً من الحزبين الرئيسيين لا يعالج مخاوفهم.
حصيلة السياسات المحافظة
تشير الأبحاث إلى أن إجراءات التقشف التي نفذتها الحكومات التي يقودها المحافظون في الفترة من ٢٠١٠ إلى ٢٠١٩ أثرت بشكل كبير على الشباب. وأدت هذه السياسات، التي تهدف إلى خفض الإنفاق العام، إلى تخفيضات حادة في الرعاية الاجتماعية، مما أدى إلى زيادة البطالة بين الشباب وأزمة تكاليف المعيشة، وخاصة بين أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات منخفضة الدخل.
وكشف متتبع تكلفة المعيشة التابع لمؤسسة جوزيف راونتري أن ٩٢٪ من الأسر التي لديها شباب لم تعد بحاجة إلى الضروريات بين عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣. بالإضافة إلى ذلك، يرى تسعة من كل ١٠ أفراد تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٢٤ عامًا أن الحصول على ما يكفي من المال لتلبية الاحتياجات الأساسية هو طموح كبير.
وجد استطلاع مقياس الثقة المالية الذي أجراه مكتب تقييس الاتصالات في ديسمبر ٢٠٢٢ أن الشباب أكثر عرضة بسبع مرات من أجدادهم لتحمل ديون جديدة أو إضافية.
نظام غير مجهز للشباب
يشير تقرير صادر عن الجمعية الملكية للفنون بعنوان "عصر انعدام الأمن" إلى أن الشباب اليوم يواجهون نظامًا غير مصمم لدعم الانتقال الآمن إلى مرحلة البلوغ، مما يؤدي إلى أزمة متنامية في الصحة العقلية. وجد مؤشر Prince's Trust NatWest للشباب لعام ٢٠٢٤ أن واحدًا من كل خمسة شباب غاب عن المدرسة أو العمل بسبب مشاكل الصحة العقلية، وأرجع الكثيرون ذلك إلى أزمة تكلفة المعيشة.
صراعات شخصية وتداعيات أوسع
تسلط تجربة قريشي الضوء على النضالات الأوسع التي يواجهها الشباب في المملكة المتحدة. عندما شاهدت رئيس الوزراء ريشي سوناك وهو يناقش مصاعب طفولته على قناة ITV News، شعرت بالانفصال عن واقع شباب اليوم. وتقول: "لقد تحول جميع الشباب الذين أعرفهم من الرغبة في كسب العيش إلى البقاء على قيد الحياة بالكاد".
ووجد تقرير RSA أن ٤٧٪ من الشباب في المملكة المتحدة يعانون من عدم الاستقرار المالي، مدفوعين بارتفاع تكاليف المعيشة وتناقص الأمن الجماعي. تضرب جذور هذه القضايا في السياسات الطويلة الأجل في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام ٢٠٠٨، والتي أدت إلى تخفيضات كبيرة في وظائف الضمان الاجتماعي والقطاع العام في ظل التحالف بين المحافظين والديمقراطيين الليبراليين.
تراجع دعم الشباب
كما تم تقليص برامج مثل "علاوة صيانة التعليم"، التي كانت تقدم الدعم المالي للشباب على أساس اختبار الإمكانات المالية. والآن تساعد برامج الدعم الأخرى، مثل الائتمان الشامل واستحقاقات الإسكان، عددا أقل بكثير من الأفراد. تروي قريشي كيف أثرت هذه التخفيضات على تعليمها، خاصة أثناء الوباء عندما اضطرت إلى التدريس الذاتي بسبب عدم كفاية التمويل للمعلمين.
ارتفاع معدلات فقر الأطفال
وصل فقر الأطفال في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياته منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، مع انخفاض الإنفاق الحكومي لكل طفل بشكل كبير. وتواجه المدارس تخفيضات جذرية، ولم تعد العديد من الخدمات اللامنهجية متوفرة. ويشير إليوت جونسون، زميل أبحاث أول في السياسة العامة بجامعة نورثمبريا، إلى أن تخفيضات الدعم هذه شديدة بشكل خاص في الشمال وميدلاندز، حيث تشتد الحاجة إليها.
الدعوة للتغيير
على الرغم من التحديات، لا تزال قريشي متفائلة وملتزمة، وهي تعمل مع مجلسها المحلي لرفع مستوى الوعي بهذه القضايا وتعتقد أن صناع السياسات يجب أن يختبروا الحياة في مجتمعات الطبقة العاملة لفهم النضالات. وهي تؤيد اقتراح زعيم حزب العمال كير ستارمر بخفض سن التصويت إلى ١٦ عاما، بحجة أن الشباب يجب أن يكون لهم رأي في القرارات التي تؤثر على حياتهم.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، فإن حماس قريشي للتصويت يسلط الضوء على قدرة الشباب على قيادة التغيير. وتقول: "لقد أثار ذلك الأمل في قلبي عندما عرفت أن الشباب يريدون أن تكون حياتهم أفضل ويحاولون بنشاط أن يفعلوا شيئًا حيال ذلك".
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المملكة المتحدة الصعوبات المالية فی المملکة المتحدة أن الشباب

إقرأ أيضاً:

العراق يواجه الفقر المائي رغم الزيادة التركية الطارئة

بغداد – يسعى العراق جاهدا لتعزيز إمداداته المائية لتجاوز الأزمة الخانقة التي ضربت أغلب المحافظات العراقية، خصوصا محافظة البصرة. ويُعدّ التعاون مع تركيا في هذا الإطار خطوة محورية تجلت مؤخرا في موافقة الرئيس رجب طيب أردوغان على زيادة حصة العراق المائية بمقدار 420 مترا مكعبا في الثانية.

ورغم وصف بعض المراقبين هذه الخطوة بأنها إيجابية ومهمة في معالجة شح المياه الذي يواجهه العراق، فإن آخرين قللوا من أهميتها، مشيرين إلى أن الزيادة تمثل حلا مؤقتا لا يعالج جذور المشكلة المائية المزمنة.

 

من دول الجوار

أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال عن تفاصيل آلية التعامل مع الزيادة في الحصص المائية التي تلقاها العراق من تركيا، مؤكدا أن هذه الزيادة ستُستخدم لتعويض النقص في التخزين المائي وتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين والقطاعات الحيوية.

وقال شمال، للجزيرة نت، إن العراق يتلقى أكثر من 70% من وارداته المائية من دول الجوار، حيث تأتي 50% من تركيا، و15% من إيران، و5% من سوريا.

مشيرا إلى أن البلاد عانت مؤخرا من انخفاض كبير في الإيرادات المائية بسبب قلة الأمطار في المنطقة، بالإضافة إلى تأثير مشاريع السدود الكبرى التي نفذتها دول الجوار، خاصة تركيا، مما أضر بشكل كبير بحصة العراق من المياه.

ولفت إلى أن مستوى المياه في نهر دجلة كان متدنيا قبل هذه الزيادة، حيث وصل إلى أقل من 100 متر مكعب في الثانية، وفي بعض الأحيان إلى 60 مترا مكعبا في الثانية، بينما وصل نهر الفرات إلى أقل من 150 مترا مكعبا في الثانية، وإلى 100 متر مكعب في الثانية في أوقات أخرى.

خالد شمال: نعمل على استعادة المناسيب وتحسين نوعية المياه (الجزيرة)

وبيّن المتحدث، في حديثه للجزيرة نت، أن الوزارة ستعمل على تخزين ما يمكن تخزينه من هذه المياه ضمن الإطلاقات الإضافية لتعويض النقص في الإيرادات المائية وفي التخزين الذي استُنزف، موضحا أن هذه الزيادة من تركيا مؤقتة لمدة شهرين خلال فترة الصيف.

إعلان

وشدد شمال على أن الوزارة "لا تسعى للاستفادة من الزيادة بطريقة عشوائية، بل تتبع خطة إستراتيجية لإدارة الموارد المائية، والتي تتضمن تأمين 4 أولويات رئيسية وهي:

مياه الشرب. الاستخدامات المنزلية والصحية والبيئية والصناعية. الخطة الزراعية والحفاظ على المساحات المثمرة. بيئة شط العرب وبيئة الأهوار.

وأشار المتحدث إلى أن المحافظات الجنوبية مثل البصرة وذي قار وميسان والمكثنى والسماوة تعاني من شح المياه بسبب قلة التصاريف (أي الكميات التي يتم إطلاقها كحصص من سدود التخزين في العراق). "وستعمل الوزارة على دفع تصاريف مناسبة لاستعادة المناسيب وتحسين نوعية المياه".

وأضاف أن "جزءا من هذه المياه سيتم تخزينه في سد الموصل لتعويض العجز والنقص في الخزين (المخزون) الحالي، والذي يقل عن نصف التخزين الذي كان موجودا في اليوم نفسه من العام الماضي، كما أن التصريف الحالي لا يزيد عن 20% من نسبة التصاريف التي كانت في العام الماضي".

وكشف شمال عن اتخاذ وزارة الموارد المائية "عدة إجراءات فاعلة وحازمة ورادعة"، أبرزها حملة كبرى لإزالة التجاوزات على المنظومة والحصص المائية والأنهار، بالتنسيق مع مجلس القضاء والقوات الأمنية العراقية، بالإضافة لتطبيق نظام توزيع مياه صارم وعادل وشامل لتأمين وصول المياه على جانبي نهري دجلة والفرات والروافد والقنوات المرتبطة بهما.

تداعيات كارثية

من ناحيته، حذر الخبير في الشأن المائي تحسين الموسوي من تدهور الوضع المائي في العراق، ووصفه بـ"الكارثة الإنسانية"، وقال للجزيرة نت إن الإطلاقات المائية التي أعلن عنها الرئيس التركي، والتي تجاوزت 400 متر مكعب بالثانية على حوضي دجلة والفرات، قد دخلت حيز التنفيذ منذ يوم الأربعاء الماضي، وستستمر لمدة شهرين.

ولكنه قال إنه يضع "علامة استفهام كبيرة" حول هذه الإطلاقات، مؤكدا ضرورة وجود حصص مائية ثابتة للعراق، وإطلاقات متفق عليها يتم تحديد موعدها، وليست "منة أو منحة طوارئ"، حسب وصفه.

وشدد على أن العراق يمتلك حقوقا مائية راسخة مع دول الجوار، لا سيما تركيا وإيران، لكن الدبلوماسية العراقية "فشلت فشلا كبيرا" في تأمين هذه الحقوق.

وأوضح الموسوي أن الجميع يدرك أن وضع المياه في العراق قد وصل إلى مرحلة "سيئة جدا"، خاصة في محافظة البصرة حيث بدأ إيصال مياه الشرب للمواطنين بواسطة الحوضيات (الخزّانات المتنقلة).

وأفاد الموسوي، الجزيرة نت، بأن المخزون المائي العراقي هبط إلى ما دون 9 مليارات متر مكعب مع بداية ارتفاع درجات الحرارة التي يشهدها العراق، حيث يتم فقدان ما بين 6 إلى 7 مليارات متر مكعب سنويا نتيجة التبخر، مؤكدا أن العراق يواجه الآن "فقرا مائيا وإجهادا مائيا شديدا".

وأشار إلى أن طاقات سد الموصل قد وصلت إلى أسوأ مستوياتها تاريخيا، حيث تبلغ إطلاقاته حوالي 90 مترا مكعبا فقط، في حين يحتاج العراق إلى إطلاق ما بين 400 إلى 500 متر مكعب في هذه الظروف.

وأضاف أن أحواض النهر والخزانات وصلت إلى مرحلة الصفر، وتوقفت معظم المحطات الكهرومائية عند معالم الجفاف الواضحة. لافتا إلى أن الحكومة العراقية اضطرت إلى إيقاف عمليات الزراعة الصيفية، واقتصرت على توفير المياه للبساتين بطريقة "المراشنة" فقط (نظام لتوزيع المياه بالتناوب وبجداول زمنية محددة).

الموسوي انتقد السياسة المائية العراقية السابقة ووصفها بـ"الخاطئة" (الصحافة العراقية)

وأعرب الموسوي عن اعتقاده بأن الحكومة العراقية الحالية في وضع "حرج جدا"، وحتى لو تم عبور الأزمة الراهنة، فإن الأيام والأشهر المقبلة، لهذه الحكومة وللحكومات التي تليها، ستكون "في وضع صعب، وربما حتى الموسم الشتوي القادم، ما لم يتم إعادة التوازن المائي إلى سدود العراق بعد هذا الفقدان الكبير".

إعلان

كما حذر من وجود خلل في الجانب البيئي يؤثر على جودة المياه، مشيرا إلى وجود "نسبة تلوث عالية" حتى في المياه المتوفرة حاليا، مما يجعلها "لا تصلح للاستخدام حتى للزراعة في بعض الأحيان"، فضلا عن الجفاف التام الذي حدث للبحيرات والأهوار.

وأكد الموسوي، في حديثه للجزيرة نت، أن ملف المياه أصبح "ضرورة ملحة" كي يتخذ العراق موقفا حازما، مطالبا بضرورة اطلاع المنظمات العالمية وحتى الأمم المتحدة على الوضع المأساوي الذي وصل إليه العراق من جفاف أثر على أراضيه ومجتمعه ووضعه العام.

وذكر أن العراق يحتاج لتأمين حصصه المائية بما لا يقل عن 30 إلى 40 مليار متر مكعب سنويا لكافة الاستخدامات، بما فيها الزراعة وتأمين النظم البيئية والتنوع البيولوجي، موضحا أن ما تحقق خلال مواسم الجفاف الخمسة الأخيرة لم يتجاوز 20 مليار متر مكعب في الموسم الماضي، وهي "إيرادات ضعيفة".

وانتقد السياسة المائية العراقية السابقة التي وصفها بـ"الخاطئة"، مشيرا إلى التوجه نحو الزراعة الصيفية للأرز ثم التوسع في زراعة المحاصيل الإستراتيجية الشتوية "بخطة كاملة" من الحكومة، والتي تم تجاهلها مما أدى إلى الوضع الحالي.

وقال إن "ملف المياه بدأ يسير بخُطا أو بسرعة جنونية نحو منحدر خطر، وستكون له تداعيات كبيرة جدا على المستقبل القريب".

مقالات مشابهة

  • الفقر الخطر الذي يُهدد أمن الأمم
  • 123 مليون نازح قسري بالعالم في 2024 بسبب الحروب والصراعات والانتهاكات
  • وقفات غاضبة لنساء عدن تندد بانهيار المعيشة وتدهور الخدمات
  • التضاريس الوعرة والذخائر غير المنفجرة أبرز التحديات التي تواجهها فرق الدفاع المدني أثناء عملها لإخماد الحرائق في ريف اللاذقية
  • الصورة التي أربكت العلماء.. «الشبح الأحمر» يظهر بوضوح في الفضاء!
  • الأمم المتحدة تحذر: التصعيد في اليمن يدفع النساء والفتيات نحو حافة الكارثة
  • في يوم عاشوراء.. هذا العمل يقيك الفقر وضيق الرزق فهل تعرفه؟
  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!
  • ارتفاع كبير في تكلفة المعيشة في إسطنبول خلال يونيو 2025
  • العراق يواجه الفقر المائي رغم الزيادة التركية الطارئة