نظام مدني بالضفة.. مخطط إسرائيلي ينسف اتفاق أوسلو
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
رام الله- أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا سلسلة إجراءات من شأنها تعزيز قبضة المستوطنين على الأرض في الضفة الغربية من جهة، وملاحقة البناء الفلسطيني من جهة ثانية.
فقد كشف وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش -في تسجيل صوتي- عن خطة واضحة لانتزاع السيطرة على الضفة الغربية بالتدريج من أيدي الجيش الإسرائيلي، وتسليمها إلى موظفين مدنيين إسرائيليين يعملون تحت إمرته في وزارة الدفاع.
ويظهر التسجيل أنه تم بالفعل نقل بعض السلطات "لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وإجهاض أي محاولة لأن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية".
والخميس الماضي، أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي تطبيق القانون الإسرائيلي في مناطق تسيطر عليها السلطة الفلسطينية إداريا، وتطبيق القانون في المناطق "ب" ضد المساس بالمواقع التراثية والمخاطر البيئية.
مفهوم نقل السلطاتتوجهت الجزيرة نت إلى اثنين من المختصين في مجالي الاستيطان والشأن الإسرائيلي لسؤالهما عن معنى نقل السلطات من الجيش إلى أشخاص مدنيين، ومعنى العمل في المنطقة "ب" الخاضعة لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية فلسطينية.
اتفق الضيفان على أن مضمون الإعلانين يتلخص في إطلاق يد المستوطنين في الضفة من حيث البناء والتوسع الاستيطان وحتى ملاحقة بناء الفلسطينيين، وتحييد الجيش الذي عمل في الضفة بوصفه قوة احتلال.
وعلى الأرض، بدت خطوات التطبيق متسارعة، فمنذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم ترحيل 25 تجمعا فلسطينيا من قبل المستوطنين، يسكنها قرابة 1200 نسمة وفق مدير التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية أمير داود.
ويقول مدير التوثيق إن ما جرى بخصوص نقل بعض السلطات من الجيش إلى المدنيين هو استحداث منصب جديد في الإدارة المدنية التابعة للجيش، أطلقوا عليه "نائب رئيس الإدارة المدنية" وعينوا فيه شخصا يدعى هيليل روس وهو شخص مدني، بعكس ما كان عليه الوضع قبل هذه الحكومة، إذ كان يتولى فيها المواقع موظفون ذوو رتب عسكرية.
أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي، مجموعة من القرارات الاستيطانية في الضفة الغربية، بناء على مقترحات قدّمها وزير المالية الإسرائيلي والوزير المسؤول عن الإدارة المدنيّة سموتريتش، منها شرعنة 5 مستوطنات كانت مصنفة "غير قانونية"، والتدخل في قوانين البناء في مناطق "ب" التابعة… pic.twitter.com/KCAo2JU5dg
— متراس – Metras (@MetrasWebsite) June 29, 2024
وأضاف داود أن هدف سموتريتش، وهو وزير في وزارة الجيش، هو تحويل طابع الإدارة المدنية -التي يرأسها نفسه أيضا- من طابع عسكري إلى مدني وتسهيل السيطرة على أراضي الضفة الغربية.
ووفق المسؤول الفلسطيني في الهيئة، فإن روس -وهو مقرب من سموتريتش- منح صلاحيات غير مسبوقة على صعيد الأبنية وأوامر الهدم، أو مصادرة الأراضي وتعديل حدود المحميات الطبيعية، والاستيلاء على المواقع التراثية والمياه.
وذكر أن قرارات المصادرة سواء تحت بند "أراضي دولة" أو "وضع يد لأغراض عسكرية" أو "أوامر استملاك" كلها كان يوقع عليها يهودا فوكس قائد المنطقة الوسطى في الجيش، واليوم يستطيع المسؤول المدني تنفيذها من دون العودة للجيش.
وأشار داود إلى اختصار خطوات المصادقة على البناء في المستوطنات من 4 خطوات إلى خطوتين، منذ تولي وزير المالية منصبه وزيرا في الجيش، ورئيسا للإدارة المدنية بالإضافة لمنصبه الوزاري.
ما الجديد؟عن الفرق بين ممارسة شخص مدني أو عسكري لمشاريع التوسع والضم، يوضح المسؤول الفلسطيني أن الاحتلال -بوصفه قوة قائمة- يُبقي على وجوده في الأرض المحتلة باعتبارات أمنية وعسكرية، حيث ينظم القانون الدولي عمل الجهة القائمة بالاحتلال في الأراضي المحتلة باعتبارها قوة عسكرية.
واعتبر أن نزع البُعد الأمني والعسكري في الصلاحيات المتعلقة بالأرض والمباني ومنحها لشخص مدني يسمى "ضما إداريا"، مما يمنح مستوطني الضفة إمكانية تلقي الخدمات من الوزارات ذات الاختصاص بدل الذهاب إلى الإدارة المدنية العسكرية للحصول عليها، وهو ما كان قائما حتى وقت قريب.
ومثالا على ذلك، يشير داود إلى أن المستوطنات كانت تأخذ الموافقات اللازمة لعمليات البناء والتوسع والمصادقات على المخططات من الجيش، مبينا أن التحول الجديد بات مقلقا ويترتب عليه تسريع عمليات التوسع الاستيطاني من جهة، وهدم البناء الفلسطيني من جهة ثانية كما يحصل منذ أسابيع قليلة.
وحدة #إدارة_الإستيطان هي وحدة مستحدثة داخل "الإدارة المدنية" الإسرائيلية، تم إنشاؤها في العام 2023 بناءً على توصية استراتيجية من #المستوطنين، وتم تسليمها إلى المستوطنين، وستعمل على حسم مستقبل الأراضي "ج" في #الضفة_الغربية لصالح المستوطنين. https://t.co/U1EfqQ7HDS pic.twitter.com/uv4c7ETcT8
— MADAR Center (@madar_center) June 24, 2024
ولفت إلى تحولات فعلية بعد قرارات الكابينت الأخيرة، التي تتحدث عن إنفاذ عمليات الهدم في المناطق المصنفة "ب" لتشمل المباني القريبة من المواقع الأثرية، وسحب الصلاحيات التخطيطية من السلطة في المحمية الطبيعية بين القدس وبيت لحم والخليل.
وبرأي المسؤول الفلسطيني، فإن سلسلة التحولات والإجراءات الأخيرة تمتد سياقاتها إلى اتفاقات تشكيل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، "وهم اليوم ينفذون أغلب الاتفاقات الائتلافية بينهم".
يقول داود إن "الفلسطينيين تاريخيا يقاومون مخططات الاحتلال بصمودهم، وسيواصلون ذلك"، مشيرا إلى شعار على المستوى الرسمي -تمثله هيئة مقاومة الجدار والاستيطان- وهو الاستثمار في "دعم صمود المواطنين" كتوجه إستراتيجي للسلطة والهيئة لإحباط تلك المخططات، وعدم السماح بترحيل المواطنين.
وأشار إلى استثمار الجانب القانوني والتوثيقي، بالتكامل مع الجهد الدبلوماسي على الصعيد الدولي، لبناء تراكمية سياسية قد تفضي إلى نتيجة مستقبلا.
ضم غير رسميمن جهته، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان إن ما تنفذه حكومة بنيامين نتنياهو يتبناه وزير المالية سموتريتش قبل أن يكون وزيرا، كونه من التيارات التي تنادي بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات بالضفة.
وأضاف أن هذه التيارات ترى وجوب تعامل المستوطنات مع الحكومة بوزاراتها المدينة وليس من خلال الجيش، على أساس أنهم "مواطنون إسرائيليون على أرض إسرائيلية"، ومن دون إعطاء أي اعتبار لكون الضفة أرضا محتلة، معتبرا أن "ما يجري ضم فعلي للضفة من دون إعلان رسمي، تجنبا لردود الفعل الدولية".
وذكر أنه أصبح بإمكان موظفين مدنين تابعين للصهيونية الدينية إصدار قرارات الهدم أو تراخيص البناء أو شرعنة المستوطنات، بعد أن كان البناء يتطلب موافقة اللجنة العليا للتنظيم والبناء، وضابط الإدارة الأمنية المسؤول.
ولفت أبو علان إلى أن القضية الجوهرية في التغيير الحاصل هي إحكام السيطرة على الأرض، فنحو 62% من مساحة أراضي الضفة مصنفة "ج" أي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، وهنا يأتي التوجه لفرض وقائع على الأرض تمنع إقامة دولة فلسطينية.
ولفت إلى نماذج عملية، منها أن مستوطنا واحدا يسيطر على ألفي دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) تحت عنوان "بؤرة رعوية"، وهذا الأمر يتكرر في منطقة الأغوار، حيث تتحول البؤر لاحقا إلى مستوطنات بكامل بنيتها التحتية.
ويتفق أبو علان مع داود بأن ما يجري هو تنفيذ لاتفاقيات الائتلاف المشكل للحكومة الإسرائيلية، نافيا أن يكون مجرد رد فعل على الاعترافات الدولية بفلسطين، أو إجراءات السلطة في المحاكم الدولية.
وعن الصلاحيات المتعلقة بالمناطق التراثية والسيطرة على مناطق "ب"، يقول أبو علان إنها تشمل "هدم المباني غير المرخصة، مع أن ذلك من صلاحيات السلطة، بالإضافة إلى الهيمنة على المواقع التراثية والأثرية والمحميات الطبيعية، التي ستؤول في النهاية للمستوطنين".
ويبين أن الاحتلال يريد تجريد السلطة من أي صلاحيات، وعدم إبقاء أي سيطرة لها إن كانت موجودة، وذلك لهدف أساسي وهو "منع إقامة دولة فلسطينية مطلقا".
وعما يمكن فعله فلسطينيا، يرى أبو علان أنه "ليس أمام السلطة -وهو نهجها المعلن- إلا الاستمرار في إجراءاتها بتقديم الشكاوى لمحكمة الجنايات والعدل الدوليتين، وتعزيز فكرة استصدار قرارات ضد قادة الاحتلال، لأن الاستيطان جريمة في القانون الدولي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإدارة المدنیة الضفة الغربیة وزیر المالیة السیطرة على على الأرض فی الضفة من جهة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يواصل حملته بالضفة واعتداءات جديدة للمستوطنين
واصلت قوات الإسرائيلي جملة اقتحاماتها مناطق عدة بالضفة الغربية فجر اليوم الجمعة، في حين هاجم مستوطنون مساء الخميس، مركبات فلسطينية في بيت لحم واعتدى آخرون على منزل واقتلعوا أشجارًا، في الخليل.
وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص -فجر اليوم الجمعة- على مركبة في محيط بلاطة البلد، في حين قالت مصادر محلية إن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة بزاريا شمال غرب نابلس واعتقلت 3 شبان.
مصادر محلية: قوات الاحتلال تقتحم محيط مخيم بلاطة شرق نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة pic.twitter.com/2a2IuBD7JO
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) July 11, 2025
كما أفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي داهمت منازل خلال اقتحامها بلدة صيدا إلى الشمال من طولكرم شمالي الضفة الغربية في وقت مبكر اليوم الجمعة.
وأوضحت المصادر أن قوات إسرائيلية اقتحمت -فجر اليوم- المنطقة الجنوبية لمدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، إلى جانب اقتحام مماثل في مدينة أريحا شرقي الضفة الغربية.
وكانت مصادر قالت للجزيرة إن قوات الاحتلال اقتحمت منزلي منفذي عملية غوش عتصيون في حلحول شمال الخليل وبزاريا غرب نابلس.
وجاء ذلك بعد مقتل جندي احتياط إسرائيلي يعمل حارس أمن أمس الخميس في هجوم مزدوج وقع عند مفترق مستوطنة غوش عتصيون جنوبي الضفة الغربية المحتلة بعد أن أقدم فلسطينيان على تنفيذ عملية طعن وإطلاق نار.
وعقب العملية فرضت قوات الاحتلال وشرطته طوقا أمنيا واسعا في المنطقة، وأغلقت مفترق غوش عتصيون في جميع الاتجاهات، ومنعت الدخول والخروج من 6 مستوطنات مجاورة.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن جيش الاحتلال أغلق مداخل مدينتي الخليل وبيت لحم، وبدأ عمليات تمشيط بحثا عن مشتبهين إضافيين.
وفي بيان لاحق، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته تطوق قرية حلحول شمالي الخليل، وتنفذ عمليات تفتيش في إطار التحقيقات الجارية.
على خلفية عملية طعن أصيب فيها جندي إسرائيلي بجروح.. الاحتلال يقتل فلسطينيا في رمانة غربي جنين بالرصاص مع دهسه بآلية عسكرية واحتجاز جثمانه، وحركة حماس تنعي منفذ العملية الشهيد أحمد علي عمور#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/V6jbXy2I1u
— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 10, 2025
إعلانوفي السياق نفسه، أعلن جيش الاحتلال إصابة أحد جنوده بجروح إثر تعرضه لطعن من فلسطيني في بلدة رمانة غرب جنين.
ولاحقا نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منفذ عملية الطعن في رمانة غربي جنين، مؤكدة أن العملية التي نفذها "رد على مجازر الاحتلال وجرائمه بغزة والضفة وبحق أسرانا ومقدساتنا".
اعتداءات المستوطنينمن جان آخر، هاجم مستوطنون إسرائيليون، مساء أمس الخميس، مركبات فلسطينية بالحجارة، في حين اعتدى آخرون على منزل واقتلعوا أشجارًا، جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
ففي محافظة بيت لحم (جنوب)، رشقت مجموعة من المستوطنين مركبات فلسطينية بالحجارة عند الدوار الغربي لبلدة تقوع جنوب شرقي المحافظة، مما أسفر عن وقوع أضرار في عدد منها، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
مستوطنون يهاجمون مركبات مواطنين قرب بلدة حوارة في #الضفة_الغربية pic.twitter.com/IXSgLqNlaq
— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 11, 2025
وفي السياق ذاته، اعتدى مستوطنون على منزل وأراضي الفلسطيني نادي العطاونة في بلدة بيت كاحل، شمال غرب مدينة الخليل (جنوب).
وأفادت وكالة وفا بأن المستوطنين هاجموا منزل العطاونة، الكائن في منطقة شعب مزو بالبلدة، وحطموا محتوياته بالكامل، واقتلعوا أشجارا من أرضه.
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذ المستوطنون خلال النصف الأول من العام الجاري ألفين و153 اعتداءً، تسبب في مقتل 4 فلسطينيين.
وبالتوازي مع الإبادة بقطاع غزة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس، مما أدى إلى استشهاد 996 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال أكثر من 18 ألفا آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
ويأتي ذلك بينما ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 195 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.