يقول رب العزة فى كتابه العظيم «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»، والخطاب هنا موجه للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) باعتباره حينئذ قائدا للدولة الإسلامية فى بدء تأسيسها، وواو الجماعة هنا فى الفعل الماضى «جنحوا»، إنما تعود إلى أعداء الإسلام وقتها، والمتمثلين فى يهود بنى قريظة.
والسلم أمر إلهى ورد فى الديانات جميعا، فهكذا تحدث الكتاب المقدس عن السلام «طُوبَى لِصَانِعِى السَّلامِ، فَإِنَّهُمْ سَيُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ»، «عِيشُوا بِالسَّلاَمِ، وَإِلهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ».
والسلم فعل إنسانى يلجأ اليه المؤمنون بقيمة الإنسان وقيمة وجوده، أما هؤلاء الذين يتحينون الفرص للقفز على محاولات السلام، من يرفضون أيادى ممتدة إليهم بإيقاف هدير الدماء وبراكين المذابح على الأرض، هم فى الواقع أدعياء حقوق، ومصاصو دماء، وكهنة يتكسبون من جهل جاهل ومصلحة منافق، لا لشيء الا للتوسع الكاذب لدولة قامت كطحلب متطفل فى أرض زلقة، غفا عنها العالم وتكالبوا على اختطافها وتسليمها لمغتصبها.
ومنذ طوفان غزة الذى انطلق منذ ٧ أكتوبر الماضي، وتلك الإبادة الجماعية لشعب أعزل لم تتوقف حتى تلك اللحظات، رغم عديد المحاولات والوساطات لعقد سلام ولو حتى هدنة مؤقتة، ورغم المظاهرات والاحتجاجات وبيانات الشجب، ومحاولة إيران التكشير عن أنياب وهمية، وأحكام دولية بالإدانة والتجريم، ورغم ورغم... ظل مجرمو الحرب على عهدهم الذى لم يغب عنا منذ نقضهم عهودهم مع الرسول، أى منذ ألف وخمسمائة عام تقريبا، وحتى عصرنا الحالى.. فماذا ننتظر من حارقى أغصان الزيتون سوى العديد من المحارق والإبادات..
وهنا، فى السطور التالية نستعرض معا بعضا من محاولات الدول ومواقفها وردود أفعال العديد من المؤسسات والقطاعات فى العالم، التى رغم رفضها التام لمجازر العدو الصهيوني، مازال المجتمع الدولى المسئول يصم الآذان ويعقد اليدين متفرجا لمزيد من حروب الابادة لشعب فلسطين الأبى.
ردود أفعال المثقفين والفنانين:
خرجت العديد من الوقفات والمظاهرات على مستوى الوسطين الثقافى والفنى بمصر والعالم كله منذ بدء طوفان الأقصى فى أكتوبر الماضي، تنديدا بممارسة إسرائيل للإبادة الجماعية ضد شعب غزة، فبدءا بنقابة الصحفيين المصريين ونقابة المهن التمثيلية بمصر، واعلان الكثير من الفنانين المصريين والعالميين تضامنهم مع غزة سواء تصريحا أو باتخاذ موقف عملى برفض إعلانات سلع أمريكية، مما عرض البعض منهم للاضطهاد فى محيط عملهم، بينما ارتفعت أسهمهم جماهيريا.
كما وقع المثقفون والأدباء المصريون والعرب على بيان مشترك انتشر على وسائل التواصل، يدين بشدة ويرفض الحرب على قطاع غزة جملة وتفصيلا.
* الفن التشكيلي:
فى مجتمع يرزح تحت وطأة حرب تشنها آلة عسكرية احتلالية منذ نحو 80 عامًا، واجه المجتمع الفلسطينى بكل أطيافه هذه الاعتداءات والهجمات، كلًا بحسب موقعه ومهنته. لكن حجم العدوان الأخير على قطاع غزة، بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، جعل تساؤلًا قديمًا حديثًا يطفو إلى السطح مجددًا عن مدى أهمية الفن وجدواه فى توثيق الاعتداءات ومساندة القضية الفلسطينية، وقام بعض الفنانين والمثقفين والمبادرات والمؤسسات بإطلاق حواريات فى هذا الشأن، كحوارية «الفن وقت الحرب» على سبيل المثال، والتى نظمها «مرسم 301» فى مدينة بيت لحم.
وقد تم استهداف القطاع الثقافى فى غزة، فقد تعرض المشهد الثقافى فى القطاع إلى اعتداءات كثيرة منها استشهاد خمسة عشر مثقف ومبدع بينهم طفلتان وتدمير خمس دور نشر ومكتبات وستة مراكز ثقافية وتدمير جزئى لأكثر من 146 منزلًا قديمًا إضافة إلى المساجد والكنائس وميناء غزة القديم.
كما دمّر القصف الإسرائيلى الكثيف والمتواصل على قطاع غزة ما يقارب 100 معلم أثرى فى القطاع بعضها عمره يزيد عن 2000 عام، من أصل 325 موقعًا أثريًا فى غزة، من أبرز المواقع الأثرية التى تعرضت للتدمير كانت الكنيسة البيزنطية وكنيسة القديس برفيريوس ثالث أقدم كنيسة فى العالم والمسجد العمرى والمقبرة الرومانية التى يزيد عمرها عن 2000 عام.
مظاهرات:
خرجت مظاهرات ومسيرات فى دول عربية وإسلامية عدة تأييدا للفلسطينيين وللتنديد بالضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، فمن مصر والعراق إلى الأردن والبحرين وإيران وقبلها تونس، وأمريكا وألمانيا وهولندا وفرنسا وجنوب إفريقيا والهند وغيرها، رددت شعارات مناهضة لإسرائيل ودول غربية.
* اتهامات وادانات دولية لإسرائيل:
جرائم الحرب خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية هى اتهامات وجهت لإسرائيل وذلك بسبب ارتكابها لجرائم حرب ضد المدنيين. وقد جاءت هذه الاتهامات من هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، وجماعات وخبراء حقوق الإنسان، بما فى ذلك مقررو الأمم المتحدة. وقد أعطت إدارة بايدن موافقة ضمنية على جرائم الحرب الإسرائيلية. وأشار أنتونى بلينكن إلى أن إدارة بايدن لديها «قدرة عالية على التسامح» مع كل ما يحدث فى غزة.
وفى 25 مارس 2024، قالت فرانشيسكا البانيزى مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضى الفلسطينية، إن هناك أسبابًا منطقية للقول إن اسرائيل ارتكبت العديد من أعمال الإبادة «بحق الفلسطينيين فى غزة، لافتة إلى حصول تطهير عرقى. وفى 5 أبريل 2024 دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى محاسبة إسرائيل على احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى قطاع غزة مطالبًا جميع الدول بعدم تصدير الأسلحة إلى تل أبيب.
قطع وإلغاء العلاقات الدبلوماسية واستدعاء السفراء:
بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين فى 31 أكتوبر، قطعت بوليفيا جميع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وطالب وزير الرئاسة البوليفى بوقف الهجمات على غزة، وأشار الرئيس التشيلي غابرييل بوريك إلى «العقاب الجماعى الذى تمارسه إسرائيل ضد السكان المدنيين الفلسطينيين»
فيما استدعت تسع دول على الأقل، بما فى ذلك الأردن والبحرين وتركيا وكولومبيا وهندوراس وتشيلي وبليز وجنوب إفريقيا وتشاد سفراءها فى الأسابيع التالية.
إجلاء الرعايا الأجانب
أعلنت عدة دول إجلاء رعاياها من إسرائيل، حيث أعلنت البرازيل عن عملية إنقاذ مواطنيها من إسرائيل وغزة، وكذلك بولندا والمجر ورومانيا وأستراليا، وفر 300 حاج نيجيرى فى إسرائيل إلى الأردن قبل نقلهم جوًا إلى وطنهم. وأعلنت وزارة الخارجية الإيطالية عن عودة نحو 200 من مواطنيها من إسرائيل فى طائرتين عسكريتين. وفى 12 أكتوبر، نظمت المملكة المتحدة رحلات جوية لإجلاء مواطنيها فى إسرائيل، كما أجلت نيبال ما لا يقل عن 254 من مواطنيها الذين كانوا يدرسون فى إسرائيل. وأطلقت الهند عملية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل. وكذلك فعلت سلطات أوكرانيا وأعلنت تايلاند، أن الحكومة تسعى لإجلاء آلاف التايلانديين، وعاد أكثر من 7000 من حوالى 30000 تايلاندى يعملون فى إسرائيل إلى تايلاند.
**المحكمة الدولية
فى 26 أبريل 2024 قالت القناة «12» الإسرائيلية إن المسؤولين الإسرائيليين يخشون أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء نتنياهو ومسؤولين آخرين بسبب الحرب على غزة. لكن نتنياهو رد فى تغريدة على منصة إكس: «لن تقبل إسرائيل أبدا تحت قيادتى أى محاولة من جانب الجنائية الدولية لتقويض حقها الأصيل فى الدفاع عن النفس.
وهدد أعضاء فى الكونجرس الأميركى من الحزبين الجمهورى والديمقراطي، المحكمة الجنائية الدولية، بـ»انتقام»، حال صدور أى مذكرات توقيف بحق كبار المسؤولين فى إسرائيل. وردا على ذلك اتهمت روسيا، الولايات المتحدة بالنفاق لمعارضتها تحقيقًا تجريه الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل، لكنها فى الوقت نفسه دعمت قرار المحكمة بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسى بوتين.
موقف رؤساء الدول مما يحدث
انتقد العديد من رؤساء الدول جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، حيث أدان الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى والملك عبد الله الثانى ملك الأردن العقاب الجماعى على غزة، وانتقد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الدول الغربية لتواطؤها مع ارتكاب إسرائيل جرائم حرب. ووصف الرئيس الكولومبى جوستافو بيترو الحملة الإسرائيلية بأنها إبادة جماعية. . طالب الرئيس الأيرلندى مايكل د. هيغنز بالتحقيق فى انفجار المستشفى الأهلى العربى باعتباره جريمة حرب. وأدان الرئيس التشيلى غابرييل بوريتش «العقاب الجماعي» الذى تمارسه إسرائيل على السكان المدنيين فى غزة، وكذلك رئيس جنوب أفريقيا وأدان سيريل رامافوسا العقاب الجماعى لغزة. وصرح الرئيس البرازيلى لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، «إنها ليست حرب، إنها إبادة جماعية».
ودعت نائبة رئيس الوزراء البلجيكى بيترا دى سوتر إلى فرض عقوبات على إسرائيل وفرض حظر من الاتحاد الأوروبى على الدول المسؤولة عن جرائم الحرب. وصرح رئيس الوزراء النرويجى جوناس جار ستور بأن تصرفات إسرائيل تنتهك قوانين الحرب الدولية. ووصف رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز التصرفات الإسرائيلية فى غزة بأنها «قتل عشوائي» وذكر أن لديه «شكوك جدية» فى أن إسرائيل تتبع القانون الدولى. ووصف الرئيس الفلسطينى محمود عباس تصرفات إسرائيل فى غزة بأنها إبادة جماعية. وصرح رئيس الوزراء الأيرلندى ليو فارادكار أن إسرائيل ترتكب عقابًا جماعيًا. كما دعا رئيس الوزراء القطرى محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثانى إلى إجراء تحقيق دولى فى جرائم الحرب الإسرائيلية.
وفى 12 ديسمبر، وصف جو بايدن الهجمات الإسرائيلية بأنها «عشوائية».
المنظمات الإنسانية
فى 6 ديسمبر، ذكرت منظمة أوكسفام أن المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص حلفاء إسرائيل، «متواطئون فى القتل الجماعى والتهجير القسرى والمجاعة والحرمان الذى تعرض له أكثر من مليونى شخص». الاتحاد الدولى لحقوق الإنسان وذكرت الحقوق أن تصرفات إسرائيل فى غزة تشكل إبادة جماعية ودعت إلى اعتقال مسؤولى الحكومة الإسرائيلية. وكتبت مجموعة مكونة من 31 منظمة فلسطينية لحقوق الإنسان، بقيادة مؤسسة الحق، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تفيد بأن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تنتهك القانون الدولى من خلال مساعدة أهداف الحرب الإسرائيلية. وذكر المجلس النرويجى للاجئين أن أى دفع لسكان غزة إلى مصر سيكون بمثابة جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية. وأصدرت حركة عدم الانحياز، وهى هيئة مكونة من 120 دولة، بيانا وصفت فيه حرب إسرائيل على غزة بأنها «غير قانونية».
فى فبراير 2024، حذرت منظمة العفو الدولية من أن الدول التى تسلح إسرائيل تخاطر بانتهاك القانون الدولي، قائلة: «من خلال توفير الأسلحة لإسرائيل، تنتهك دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة مسؤوليتها فى منع الإبادة الجماعية وتساهم فى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».
الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية
وفى 16 نوفمبر، أفاد خبراء الأمم المتحدة أن «الانتهاكات الجسيمة» التى ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فى غزة «تشير إلى إبادة جماعية فى طور الإعداد» ودعوا المجتمع الدولى إلى منع هذه الإبادة الجماعية المتكشفة. وأعربت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء التقارير التى تتحدث عن «الاعتقالات الجماعية وسوء المعاملة والاختفاء القسرى لآلاف الفلسطينيين المحتملين» فى شمال غزة.
وفى 9 نوفمبر، رفعت ثلاث جماعات حقوقية فلسطينية دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. اتهمت هذه الجماعات إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، والفصل العنصري، والإبادة الجماعية، ودعت المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق كبار المسؤولين الإسرائيليين. وفى 10 نوفمبر، أعلن الرئيس غوستافو بيترو أن كولومبيا تشارك فى رعاية دعوى جزائرية أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب.
جنوب أفريقيا:
وفى 16 نوفمبر، صرح رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا بأن جنوب أفريقيا أحالت إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. فى 17 نوفمبر، ذكر كريم أحمد خان أن المحكمة الجنائية الدولية تلقت طلبًا مشتركًا من جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتى للتحقيق فى جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة، وأصدرت المحكمة الدولية قرارها بإدانة إسرائيل، وكذلك فعل مجلس الأمن، ووقفت أمريكا ضد قرار الهدنة الذى أصدره مجلس الأمن، باستخدام حق الفيتو،
وليس خفيا، أن أقامت جنوب أفريقيا إجراءات أمام محكمة العدل الدولية عملا باتفاقية الإبادة الجماعية، التى وقعت عليها كل من إسرائيل وجنوب أفريقيا، متهمة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين فى غزة، فضلا عن طلبات العديد من المنظمات الحقوقية الدولية وإدانتها أفعال إسرائيل فى غزة.
هكذا مازالت ردود الفعل الرافضة ومحاولات التقريب بين الأطراف مستمرة، لعقد هدنة أو مفاوضات سلام تحقن من خلالها بحور دماء الأبرياء، ومازال الصلف الصهيونى مستمرًا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة الفن التشكيلى المجتمع الفلسطيني السابع من أكتوبر القضية الفلسطينية القناة 12 الإسرائيلية نتنياهو لاهاي الرئيس التركي جنوب إفريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المحکمة الجنائیة الدولیة جرائم الحرب الإسرائیلیة الإبادة الجماعیة الأمم المتحدة رئیس الوزراء إبادة جماعیة جنوب أفریقیا ضد الإنسانیة على قطاع غزة إسرائیل فى فى إسرائیل من إسرائیل جرائم حرب العدید من على غزة فى غزة
إقرأ أيضاً:
حماس ترفض تقرير العفو الدولية وتتهمه بتبني الرواية الإسرائيلية
رفضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الخميس، تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر في وقت سابق الخميس واتهم فصائل فلسطينية مسلحة بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
واعتبرت الحركة أن التقرير يستند إلى رواية الاحتلال الإسرائيلي ويتضمن مغالطات وتناقضات جوهرية، في وقت يواصل فيه الاحتلال التغطية على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.
حماس: تقرير العفو "مغلوط ومشبوه"
قالت حماس في بيان رسمي إنها ترفض "بشدة" ما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية، معتبرة أنه "يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم خلال عملية طوفان الأقصى"، وأنه يتجاهل الحقائق التي وثقتها منظمات حقوقية، بعضها إسرائيلية.
وأكدت الحركة أن التقرير "مغرض ومشبوه" ويحتوي على "مغالطات وتناقضات" تتناقض مع ما أثبتته تسجيلات ووثائق وتحقيقات ميدانية.
وأشارت الحركة إلى أن بعض مزاعم العفو الدولية، مثل "تدمير مئات المنازل والمنشآت"، ثبت أنها وقعت بفعل القوات الإسرائيلية نفسها عبر القصف الجوي والبري.
كما أوضحت أن "الادعاء بقتل المدنيين" يناقض تقارير عدة أكدت أن جيش الاحتلال هو من قتلهم في إطار تطبيقه "بروتوكول هانيبال" الذي يجيز إطلاق النار على الإسرائيليين لمنع أسرهم.
اتهامات بالاستناد إلى رواية الاحتلال
ورأت الحركة أن ترديد التقرير "أكاذيب الاحتلال" حول العنف الجنسي والاغتصاب وسوء معاملة الأسرى يؤكد أن الهدف الحقيقي هو "التحريض وتشويه المقاومة"، مشيرة إلى أن "العديد من التحقيقات الدولية" سبق أن فندت تلك الادعاءات.
وشددت حماس على أن "تبني منظمة العفو لهذه المزاعم يضعها في موقع المتواطئ مع الاحتلال، ومحاولاته شيطنة الشعب الفلسطيني ومقاومته الشرعية".
وطالبت الحركة المنظمة الدولية بالتراجع عن التقرير "غير المهني" ورفض الانجرار خلف الرواية الإسرائيلية الهادفة – بحسب البيان – إلى طمس حقيقة جرائم الإبادة الجماعية التي تحقق فيها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
غياب المنظمات الدولية عن غزة
وأكدت حماس أن حكومة الاحتلال منعت منذ الأيام الأولى للحرب دخول المنظمات الدولية وفرق الأمم المتحدة إلى قطاع غزة، كما حظرت وصول فرق التحقيق المستقلة إلى مسرح الأحداث.
وأوضحت أن "الحصار المفروض على الشهود والأدلة" يجعل أي تقارير تصدر عن جهات خارج القطاع "غير مكتملة ومنقوصة"، ويحول دون الوصول إلى تحقيق مهني يعتمد على الحقائق الميدانية.
تقرير العفو الدولية
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت في وقت سابق الخميس تقريرا موسعا من 173 صفحة، اتهمت فيه فصائل فلسطينية – وفي مقدمتها حماس – بارتكاب "انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، خلال هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر أو ما تلاه من احتجاز وإساءة معاملة للرهائن.
وجاء في التقرير أن الفصائل الفلسطينية "واصلت ارتكاب الانتهاكات" عبر احتجاز الرهائن وسوء معاملتهم، واحتجاز جثامين تم الاستيلاء عليها، مشيرا إلى أن "قتل أكثر من 1221 شخصا في إسرائيل" – وفق تصنيف المنظمة – يرقى إلى "جريمة إبادة ضد الإنسانية".
كما تضمن التقرير اتهامات بالاغتصاب والعنف الجنسي، رغم أن المنظمة أقرت بأنها لم تتمكن من توثيق سوى "حالة واحدة فقط"، الأمر الذي حال دون تقدير حجم الانتهاكات المزعومة بدقة.
إبادة إسرائيلية في غزة
وفي المقابل، تجاهل تقرير العفو الدولية – بحسب حماس – حجم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حين شن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة خلفت أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب تدمير 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية وتهجير معظم سكان القطاع قسرا.
وأفرجت حماس خلال مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء لديها، إضافة إلى تسليم جثامين المتوفين، باستثناء أسير واحد قالت إنها ما تزال تبحث عنه.