كوبا.. "دودة مضادة للثورة" بين "ماشية" العائلة واستخبارات الولايات المتحدة المركزية!
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
بعد ثلاث سنين من عملها مع الاستخبارات المركزية الأمريكية، هربت من بلادها أواخر يونيو 1964 لتعلن من المكسيك أن شقيقيها فيديل وراؤول جعلا من كوبا "سجنا ضخما محاطا بالمياه".
إقرأ المزيداسمها خوانيتا كاسترو، وهي الشقيقة الصغرى لزعيم الثورة الكوبية فيديل كاسترو.
في عام 2009 مع صدور كتاب سيرتها الذاتية باللغة الإسبانية "التاريخ السري لشقيقي فيديل وراؤول"، اعترفت أنها كانت مخبرة للاستخبارات المركزية الأمريكية وأنها كانت تحمل الاسم الرمزي "دونا"، وأن الجهاز علمها إخفاء المستندات في علب الطعام، والتخابر بنظام راديو مشفر بواسطة نغمتين محددتين.
كانت خوانيتا كما تقول قد شاركت شقيقيها في العمل للإطاحة بدكتاتور كوبا فولجينسيو باتيستا، وأنها سافرت إلى الولايات المتحدة في عام 1958 لجمع الأموال لهذا الهدف، إلا انها بعد مدة من نجاح الثورة المسلحة ووصول فيديل كاسترو إلى السلطة خاب أملها بسبب سياسات شقيقها "الاستبدادية"، وأصبحت مدافعة عن الحرية والديمقراطية ومعادية للشيوعية. وسائل الإعلام الأمريكية احتفت بها ولاتزال بهذه الصفة.
السبب المباشر لانشقاق خوانيتا كاسترو:
العلاقات بين خوانيتا وشقيقيها فيديل وراؤول فسدت بشكل نهائي في عام 1963، حين قرر فيديل فرض قوانين "الإصلاح الزراعي"، وتأميم أراضي كبار الملاك وكانت أسرة كاسترو من هؤلاء.
في ذلك الوقت، حاولت خوانيتا بيع ماشية عائلتها قبل أن تصل إليها يد الدولة. فيديل كاسترو حين علم بالأمر انفجر غاضبا وصاح في وجهها واصفا إياها بانها "دودة مضادة للثورة". إثر ذلك فرت من كوبا إلى المكسيك، ومن هناك أعلنت انشقاقها.
لم يكن فيدل الذي نفذت ضده 638 محاولة اغتيال فاشلة يرغب في اعتقالها، ولم يكن يتوقع أن يصل الأمر بشقيقته إلى درجة التعامل مع أعدائه، وأن تهاجمه وراؤول عبر وسائل الإعلام الأمريكية واصفة إياهما بالطاغيين.
زعيم الثورة الكوبية فيديل كاسترو التزم الصمت وحاول لسنوات تجنب الحديث عن شقيقته الصغرى. في إحدى المناسبات صرّح للصحفيين قائلا إن "الحدث بالنسبة لي مرير جدا"، وأمر الصحافة بعدم سؤاله عنها مرة أخرى.
خوانيتا من جانبها واصلت حربها ضد "شقيقيها"، وبقيت صوتا تستخدمه الاستخبارات المركزية الأمريكية ضد النظام الثوري في كوبا وضد الأنظمة الشيوعية في المنطقة. كانت الشقيقة الصغرى لفيدل كاسترو انتصارا معنويا هاما للولايات المتحدة.
خوانيتا قالت في إحدى المناسبات، لسوء الحظ إن شقيقها لم يستخدم ذكاءه لصالح كوبا، ووصفت في مناسبة أخرى الثائر الأرجنتيني الشهير تشي غيفارا بأنه "رجل من دون قلب".
بعد استقرارها في ميامي بين أوساط الكوبيين لعقود هناك، تحدثت عن انطباعاتها قائلة: "مما لا شك فيه أنني عانيت أكثر من بقية المنفيين، لأنه لا يوجد مكان على طول مضيق فلوريدا يمنحني استراحة. قليل من الناس يفهمون مفارقة حياتي. بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في كوبا، أنا هاربة لأني غادرت وأدنت النظام الحالي. بالنسبة للكثيرين في ميامي، أنا شخص غير مرغوب فيه لأنني أخت فيديل وراؤول".
واصلت خوانيتا خدمة الولايات المتحدة وتقديم تقارير لوكالة الاستخبارات المركزية ليس فقط عن الأوضاع في كوبا بل وعن النقاط الساخنة في أمريكا اللاتينية وخاصة في فترة الستينيات، وكان يعتمد عليها في بث رسائل مناهضة للشيوعية.
بنهاية المطاف جمع أمر واحد بين زعيم الثورة الكوبية التاريخي فيديل كاسترو وشقيقته الصغرى خوانيتا. كلاهما توفى عن عمر ناهز 90 عاما.
فيدل توفى بهافانا في 25 نوفمبر عام 2016، وحينها أعلنت خوانيتا أنها لن تحضر جنازته، فيما توفيت هي بعده في عام 2023 في ميامي.
لم تعد خوانيتا النظر في مواقفنا ولم تندم على ما فعلت. فقط حين علمت بموت شقيقها فيدل كاسترو في عام 2016، نظرت إليه بطريقة مختلفة ومتجردة. صرحت حينها قائلة: "إنه حدث من تلك التي أستطيع أن أقول عنها إن شيئا ما قد فُقد.. الشعب الكوبي أيضا سيقول إن شيئا ما قد فُقد".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الاستخبارات المركزية الأمريكية راؤول كاسترو فيديل كاسترو الاستخبارات المرکزیة المرکزیة الأمریکیة فی عام
إقرأ أيضاً:
حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
في صيف عام 1812، وبينما كانت أوروبا مشتعلة بنيران الحروب النابليونية، اندلعت حرب جديدة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمبراطورية البريطانية.
حرب قصيرة نسبياً، لكنها كانت مفصلية في رسم ملامح الهوية الأمريكية، وترسيخ استقلالها الناشئ.
جذور الصراع..سيادة مهددة ومصالح متشابكةبدأت الحرب نتيجة تراكم طويل من التوترات، أبرزها فرض البحرية البريطانية لحصار اقتصادي على فرنسا خلال الحروب النابليونية، ما أثّر على التجارة الأمريكية.
كما عمدت بريطانيا إلى تجنيد البحارة الأمريكيين قسرًا للخدمة في صفوفها، وهي سياسة أغضبت الإدارة الأمريكية واعتبرتها إهانة للسيادة الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، اتُهمت بريطانيا بدعم القبائل الهندية في الغرب الأمريكي بالسلاح، ما زاد من حدة الصراع في الداخل.
كل هذه الأسباب دفعت الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون إلى إعلان الحرب في يونيو 1812.
حرب بلا نصر حاسمشهدت الحرب معارك متفرقة عبر الأراضي الأمريكية والكندية، من بينها محاولة فاشلة للولايات المتحدة لغزو كندا، ومعركة بحرية شهيرة بين السفينتين USS Constitution الأمريكية وHMS Guerriere البريطانية.
وفي عام 1814، أحرقت القوات البريطانية العاصمة الأمريكية واشنطن، بما في ذلك البيت الأبيض، ردًا على هجوم أمريكي على مدينة يورك.
ورغم ذلك، فشلت بريطانيا في كسر المقاومة الأمريكية في معركة بالتيمور.
سلام بلا منتصرانتهت الحرب رسميًا بتوقيع معاهدة غنت في ديسمبر 1814، والتي أعادت الأوضاع لما كانت عليه قبل الحرب، دون أن يحقق أي طرف انتصارًا صريحًا.
لكن المعاهدة لم تصل إلى أمريكا إلا بعد أسابيع، وخلال ذلك الوقت خاض الطرفان معركة نيو أورلينز في يناير 1815، حيث حقق الجنرال الأمريكي أندرو جاكسون نصرًا مدويًا زاد من شعبيته وأدى لاحقًا إلى انتخابه رئيسًا.
تُعد حرب 1812 نقطة تحول في التاريخ الأمريكي، فقد أثبتت قدرة الولايات المتحدة على الصمود أمام قوة عظمى.
كما تراجعت بعدها المقاومة الهندية في الغرب، وبدأت أمريكا عصر التوسع نحو الغرب