شبكة انباء العراق:
2025-05-12@16:36:37 GMT

ثورة ( عشر جنود ) والقائد عريف !!

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

بقلم : فالح حسون الدراجي ..

مرةً سألني أحد الأصدقاء قائلاً: لماذا يتدافع الشيوعيون نحو موتهم بهذه الطريقة العجيبة وكأنهم خلُقوا ليموتوا (شهداء) فقط ؟!

لم اجبه أول الأمر، فقد احتجت لبرهة من الوقت، لأستوعب قسوة هذا السؤال أولاً، ولأسيطر أيضاً على أعصابي وأبدو هادئاً أمام هذا السؤال المستفز والغريب ..!

قلت له: بالعكس، إن الشيوعيين معروفون بحبهم الشديد للحياة، والفرح والجمال، والفن .

.

قال: إذا كانوا هكذا فعلاً، فلماذا يقدمون على أبواب الإستشهاد بهذه الحماسة.. حتى يقال إن عدد شهداء وشهيدات الحزب الشيوعي يفوق مجموع شهداء الأحزاب والقوى الوطنية العراقية؟

قلت له: كلامك صحيح تماما، والشيوعيون يعشقون الشهادة حين يكون (الموت) سبباً وحيداً لحرية الوطن، وسعادة الشعب ..

قاطعني صديقي قائلاً: ولكنّ ثمة حلولاً أخرى غير الموت.. فمثلاً، الم يكن بإمكان فهد ورفيقيه، أو حتى سلام عادل وجمال الحيدري وستار خضير وأبو العيس وحسن عوينه وغيرهم ان يخرجوا من الحلبة دون أن يفقدوا حياتهم ؟

قلت له: كيف يخرجون من (الحلبة) أحياءً، إذا كان (خروجهم ) يؤدي إلى موت مئات الرفاق الذين اؤتُمنوا على حياتهم..؟ واكملت قائلاً: نعم، فقد كان بإمكان سلام عادل أن ينفذ بحياته ويغادر المعتقل الفاشي حياً لو قدم للبعثيين القتلة ما طلبوه من أسماء رفاقه المناضلين في الخط العسكري (السري)، لاسيما وأن قادة الانقلاب قد وضعوا حياته مقابل قائمة الأسماء تلك، فكان من الطبيعي أن يقرر سلام عادل (الموت) من أجل أن يعيش رفاقه الآخرون.

والشيء نفسه حدث مع الحيدري وابو العيس وعوينة وغيرهم من قادة النضال الشيوعي الأبطال.

لقد فضلوا (موتهم) على (حياتهم) فمنحوا بذلك الحياة لرفاقهم الطلقاء، والفخر لحزبهم وعوائلهم.

واكملت حديثي: وهنا أذكر أني قابلت شخصين قبل فترة قصيرة، أحدهما احتضنني وقبلني من جبيني وهو يقول لي: هذه قبلة الشكر والامتنان لشقيقك الشهيد خيون حسون الدراجي، الذي كان مسؤولي في الحزب، وحين اعتُقل لم يعترف علينا جميعاً رغم التعذيب الوحشي الذي تعرض له، فأُعدم هو وعشنا نحن.. اما الشخص الثاني- وأتمنى أن يقرأ هذه المقالة- فقد قال لي: حين اعتقلت في مطلع تموز عام 1980 كان شقيقك خيون قبلي في المعتقل، ولما رآني- وقد كنت صغيراً – احتضنني، وقال لي – رغم أنه لا يعرفني- : اسمع يا رفيقي، لو صمدت في التحقيق ولن تعترف، فستحمي حياتك وحياة رفاقك معك

، أما إذا اعترفت فستفقد حياتك انت، وحياة رفاقك ايضاً..لذلك عليك الصمود حتى الموت ليحيا ويعيش رفاقك البعيدون..

قاطعني صديقي قائلاً: إذا كان فهد، وسلام والعبلي، وشقيقك خيون وغيرهم من الشيوعيين، معذورين في استشهادهم، فهل ستعذر العريف (حسن سريع) الذي غامر وقام بعملية غير محسوبة، هي أشبه بعملية انتحارية، قدم فيها السريع حياته مجاناً للإنقلابيين – وهو يعلم مسبقاً – أن حركته لن تنجح مطلقاً، بسبب عدم التكافؤ الشامل بينه وبين سلطة البعث ؟!
أجبته بضحكة لا إرادية، و قلت له: عجباً عليك، كيف تصف عملاً ثورياً أسطورياً، وحركة بطولية فريدة في التاريخ الثوري- بالعملية الإنتحارية-وكيف تتحدث عن فتى شجاع بل خارق في شجاعته، بمثل هذه النبرة وهذه الطريقة التي لا تتناسب مع رمز عظيم من رموز الوطنية العراقية

رغم أنك تعرف حتماً أن (حسن سريع) قام بحركته العظيمة في الثالث من تموز عام 1963 ليرد بها الاعتبار لحزبه الشيوعي الذي تأثر بشكل كبير بعد انقلاب 8 شباط وجرائم الاعتقالات والاعدامات الدموية التي طالت أغلب أعضاء قيادته وكوادره المتقدمة بل وحتى لجانه القاعدية، ويرفع من معنويات الجماهير الشعبية التي تدنت بعد إعدام الزعيم، وفي الوقت ذاته، فقد أعاد (حسن سريع) الاعتبار والفخر للشعب العراقي الذي تعرضت طبقاته الشعبية للأذى الشديد بسبب عشقها وولائها للزعيم عبد الكريم قاسم، فضلاً عن الإهانة والإذلال التي تعرض لها العراقيون من النساء والرجال على يد البعثيين، والممارسات اللا اخلاقية التي قام بها أفراد الحرس القومي الفاشي بحق حرائر العراق ، لذلك كانت (حركة) حسن سريع بمثابة الرد العراقي والصفعة الجريئة التي وجهها أبناء الفقراء الأطهار للطغمة العفلقية الناصرية الإنگلو أمريكية..

لقد وضع حسن سريع بحركته التي قام بها بعد أقل من خمسة أشهر من انقلاب البعث الدموي، وضع العالم في حيرة وشك، بعد أن أعلن قادة الإنقلاب، ومعهم السفير الأمريكي عبر إذاعة صوت العرب من القاهرة، وإذاعة الكويت، عن سحق الحزب الشيوعي العراقي، وتدميره تدميراً تاماً، بينما يقوم الجنود الشيوعيون في الوقت ذاته بحركة مسلحة مباغتة وسريعة، يعتقلون فيها نصف حكومة الانقلاب، وثلاثة ارباع قيادة حزب البعث والحرس القومي.. وينجحون بإحراج حماة الانقلاب البعثي في الداخل والخارج، فماذا يحصل في بغداد بالضبط؟

لقد أعادت ثورة (حسن سريع) العالم إلى رشده، وأفاقت العراقيين الذين أدار انقلاب شباط للأسف رؤوسهم، كما عجّل كثيراً بانشقاق البعثيين بل وبانقلابهم على بعضهم، ومن ثم سقوط سلطتهم بعد ثلاثة أشهر لا أكثر.. فضلاً عن الدرس العظيم الذي قدمته هذه الحركة بقائدها (العريف) حسن سريع وجنودها العشرة البواسل، والعبرة البليغة التي أفرزتها بما حققته من مكاسب مهمة، أو حتى بما وقعت به من أخطاء، حيث كان بالامكان تجاوزها وعدم الوقوع فيها، ومن بينها العجالة وعدم التنسيق مع قيادة الحزب الشيوعي، ومعتقلي سجن رقم واحد، ذلك المعتقل الذي ضم وقتها خيرة الطيارين والضباط الشيوعيين الافذاذ.

وكم كان حسن سريع عظيماً حين طلب منه رفاقه الجنود الثوار إعدام الأسرى الذين وقعوا في يد الحركة من قيادة البعث، وقادة معسكر الرشيد القوميين، والقيادة الكاملة للحرس القومي، ووزير الداخلية ووزير خارجية البعثيين وغيرهم، لكن (القائد) حسن سريع قال لهم بضرس قاطع: نحن شيوعيون لدينا مبادئ وقيم واخلاق، ولسنا بعثيين قتلة لنقوم باعدام المتهمين بلا محاكمات !!

لقد ضرب (العريف) حسن سريع مثلاً عظيماً في السيطرة على الغرائز الانتقامية، والحفاظ على القيم الشيوعية والمثل الإنسانية السامية رغم صعوبة الموقف وخطورته.. واذا كانت حركة حسن سريع قد فشلت في تحقيق هدفها المادي باسقاط سلطة شباط الأسود، إلا أنها نجحت اخلاقياً وثورياً ومعنوياً وتربوياً، فاصبحت بحق أنموذجاً للشجاعة والبسالة، وبات قائدها مفخرة للعراقيين بشكل عام والشيوعيين بشكل خاص..

في الختام، أود أن أستذكر اللحظات الوجدانية التي سجل فيها فنان الشعب فؤاد سالم أغنية حسن السريع ضمن البوم أغاني الشهداء الذي ضم عشر اغنيات والتي كتبتُها له وسجلها عام 2000، إذ انهمرت دموعه أثناء تسجيل ذلك الألبوم مرتين، مرة عندما سجل أغنية سلام عادل، والثانية عند أغنية حسن السريع.. فقد طلب من المخرج ايقاف التسجيل ليقول لي: نعم هي فعلاً ثورة عشر جنود والقائد عريف، فأي ثورة عظيمة هذه.. وأي تصوير عظيم صورتها يا أبا حسون !!

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات سلام عادل قلت له

إقرأ أيضاً:

تفاعل واسع مع “ثورة النسوان” في عدن

يمن مونيتور/وحدة الرصد/خاص

شهدت ساحة العروض في مديرية خور مكسر بمدينة عدن، مظاهرة حاشدة للنساء السبت، تحت عنوان “ثورة النسوان”.

احتجت المشاركات في الفعالية على تدهور الخدمات الأساسية والأوضاع المعيشية الصعبة، حيث رفعت المتظاهرات لافتات تؤكد أن حقوق الكهرباء والتعليم والمياه والصحة هي حقوق أساسية لكل مواطن.

ورفعت المتظاهرات عبارات مثل “مطالبنا شرعية لا انتماءات حزبية” و”الماء والكهرباء أبسط حقوق المواطن”، بالإضافة إلى استخدام “الفانوس” كرمز لانقطاع الكهرباء المستمر.

في سياق متصل، نالت هذه التحركات النسائية تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر الناشط صلاح السقلدي عن أهمية الاعتذار للنساء اللواتي تم انتقادهن، مشيرًا إلى أن هذه التظاهرة تعكس المعاناة والفقر المستشري في البلاد.

كما أشار الناشط ياسر اليافعي إلى أن خروج نساء عدن يعبر عن رفضهن للذل والمعاناة، مطالبًا المجلس الانتقالي بالتحرك لإنقاذ المواطنين من الظروف الصعبة.

مطلب جوهري

المحامية هدى الصراري، رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات، أكدت أن النساء خرجن للمطالبة بحقوقهن الأساسية، مشددة على أهمية أن تُفهم المطالب كقضية حياة أو موت، مشيرةً إلى محاولات تسييس هذه القضايا.

وأضافت الصراري أن الحديث عن الخدمات الأساسية ليس مجرد شعار سياسي، بل هو مطلب جوهري، وأن محاولات تشويه نضال النساء لن تنجح في طمس معاناتهن.

وأوضحت أن بعض المكونات السياسية الجديدة تحاول الظهور كمنقذة بينما هي جزء من المشكلة، وتستورد أزمات لتشتيت انتباه المواطنين عن جذور معاناتهم.

وفي تعليق له على الحدث، قال الصحفي فيصل المجيدي: “في عدن، ترفع هذه المرأة الماجدة لافتة الحقوق لتظهر عجزنا جميعاً، في تعبير صادق عن معاناة الناس مع أبسط أساسيات الحياة. النساء خرجن إلى الشارع، ليس لمطلب سياسي أو حزبي، بل لأمر أهم: الحياة بكرامة… الكهرباء، الماء، الراتب… ليست رفاهية، بل حقوق أساسية تحوّلت إلى أحلامٍ مؤجلة”.

وأضاف المجيدي: “عندما تضطر الأمهات والفتيات للمطالبة بما يُفترض أنه بديهي، فاعلم أن الفشل بلغ مداه”.

البكري فخور بالمرأة العدنية

من جهته، عبر وزير الشباب والرياضة نايف البكري عن فخره واعتزازه بالمرأة العدنية قائلاً: “نحيي بكل فخر وإجلال المرأة العدنية الحرة، التي خرجت بصوتها الشجاع تطالب بحقها في أبسط مقومات الحياة، خدمة الكهرباء. إنها ليست مجرد مطالبة، بل رمز حي للنضال والصمود، والصبر”.

وتابع البكري: “المرأة العدنية لم تكن يومًا على الهامش، بل كانت في قلب المعركة، وفي صدارة المشهد، مثالا للصبر ومحفزة للأمل. لقد قدمت تضحيات لا تُعد ولاتُحصى، فقدت الزوج والابن والأخ والأب في ملحمة 2015، لكنها لم تضعف، بل أصبحت سنداً للمقاومة، وركناً من أركان النصر. هي التي واجهت الحرب بصبر، والحصار بكرامة، والإهمال بعزة”.

وأعاد المسؤول تأكيده على أن المرأة تمثل نبض الثورة، وشعلة التغيير، وضمير المدينة الكبير، داعياً الجميع إلى الالتفاف حول مطالبهم المشروعة، وتحقيق حياة تتوفر فيها أبسط الحقوق الإنسانية.

عدن مدينة الشجاعة والكرامة

من جانبه كتب ياسر محمد الأعسم عن مدينة عدن، مشيدًا بدور نسائها في النضال والثورة. منذ الأزل، كانت حرائر عدن في صدارة المحاربين، حيث ساهمن في تشكيل حياة المدينة وهويتها.

وأشار إلى أن من غير العدالة تقليل شأن أبناء عدن، الذين عانوا من خيبات الأمل ويعيشون تحت وطأة القهر. المعادلة صعبة، فالضغوط التي يتعرض لها العدنيون تجعلهم يعيشون في صراع دائم، فيما يعاني الكثيرون من تداعيات الأحداث التاريخية.

وتحدث الكاتب عن التضحيات التي قدمها أبناء المدينة عندما طردوا الاستعمار، لكنهم سرعان ما واجهوا الاتهامات بالرجعية. ورغم مرور الزمن، يظل التاريخ يعيد نفسه، حيث يعيش العدنيون اليوم بين مناضلين ونازحين، في وقت تعاني فيه المدينة من التهميش.

وأوضح الأعسم أن التركيبة السكانية لعدن تمثل مزيجًا من جميع المناطق، لكن الكرامة تبقى حاضرة في قلوب أهلها. ورغم كل المعاناة، لا تزال عدن تعاني من الإهمال، حيث يُغتال صوتها ووجودها يومًا بعد يوم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • دي يونج يقود ثورة برشلونة بصمت تحت قيادة فليك
  • ثورة نسوية ضد الفساد في عدن
  • التعادل.. آرسنال يخمد ثورة ليفربول في أنفيلد
  • انتشار سريع لإنفلونزا الخيول في الهند وأكثر من 1000 حيوان في الحجر
  • تفاعل واسع مع “ثورة النسوان” في عدن
  • كيف تنجح ثورة تونس الجديدة؟
  • ثورة النساء في عدن: صوت الحق يعلو في وجه الإهمال
  • اقتصاد المؤثرين في المغرب.. نمو سريع وتحديات قانونية
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • ثورة الهواتف المتوسطة.. هل تموت فئة الهواتف الرائدة؟