برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة -حفظه الله ورعاه-، وبحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق”، افتتحت هيئة الشارقة للآثار معرض “مليحة: مملكة عربية على طريق الحرير”، في متحف ميهو باليابان، في الفترة من 6 يوليو الجاري وحتى 15 ديسمبر 2024، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على تاريخ ودور مليحة العريق كمحور هام في طريق الحرير، ضمن جهود هيئة الشارقة للآثار لتعزيز الوعي العالمي بالإرث الثقافي والحضاري لإمارة الشارقة والإمارات العربية المتحدة.

وجاء افتتاح المعرض بحضور سعادة عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، والبروفيسور إيساو كوماكورا، مدير متحف ميهو ويوكيكو كوياما، رئيسة مكتب متحف ميهو، وسعادة شهاب أحمد الفهيم، السفير فوق العادة والمفوض لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليابان، وسعادة السفير الدكتور محمد بن سعيد البوسعيدي سفير سلطنة عُمان لدى اليابان، وسعادة هيروكي إيواناجا، عمدة مدينة كوكا، ومروان أحمد النقبي، نائب رئيس البعثة، وكوكبة من الشخصيات البارزة والدبلوماسية في مجالات الثقافة والآثار.

إرث مليحة جزء لا يتجزأ من هويتنا العربية

وأعربت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي عن امتنانها لهذا التعاون الثقافي مع اليابان، مؤكدةً أن تنظيم هيئة الشارقة للآثار لمثل هذه الفعاليات تعزز من العلاقات الدولية وتساعد على بناء جسور التواصل الثقافي بين الشعوب وتوثيق الروابط التاريخية التي تجمعنا، وأن مليحة وموروثها في التراث الثقافي العريق هو جزء لا يتجزأ من هويتنا العربية، في سعينا من خلال هذا المعرض إلى إظهار مدى الأثر العميق لحضارتنا على العالم، وتعزيزه كمصدر إلهام للأجيال القادمة.

دور مليحة كجزء من التاريخ البشري العظيم وكمصدر غني للهوية والفخر الوطني

من جانبه، أشار سعادة عيسى يوسف أن معرض “مليحة: مملكة عربية على طريق الحرير” يأتي في إطار الاستراتيجية الثقافية المتكاملة لإمارة الشارقة، والتي تركز على الاستثمار والاستدامة في الثقافة والمعرفة وتعزيز الهوية الوطنية من خلال إبراز التراث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة الشارقة في المحافل الدولية والمتاحف العالمية، حيث يؤكد تنظيم هذا المعرض العالمي دور مليحة كجزء من التاريخ البشري العظيم وكمصدر غني للهوية والفخر الوطني كونها من أهم المواقع التاريخية في شبه الجزيرة العربية، كما يُمثل جزءاً من سلسلة المبادرات الرامية إلى تعزيز السياحة الثقافية والأثرية، مُشيداً بالتعاون مع متحف ميهو في اليابان الذي يعكس متانة العلاقات الثقافية بين البلدين ويعزز من رؤية الإمارة باعتبارها مركزًا حضاريًا يستقطب المهتمين بالتراث الثقافي من كافة أنحاء العالم.”

عرض أكثر من 160 قطعة أثرية تعتبر كنوزًا وطنية، وتُمثل ممتلكات ثقافية مهمة توضح أشكال الحياة المختلفة في مملكة مليحة

ويتضمن المعرض وصفاً لأكثر من 160 قطعة أثرية، بما في ذلك 40 قطعة تعتبر كنوزًا وطنية، و 49 قطعة تُمثل ممتلكات ثقافية مهمة، بالإضافة إلى بعض الاكتشافات الحديثة التي تُعرض لأول مرة أمام الجمهور الياباني، متناولةً أشكال الحياة المختلفة في مملكة مليحة.

كما يقدم المعرض تحليلاً دقيقًا لدور مليحة المركزي في التجارة العالمية، ولا سيما طريق الحرير، الذي كان يربط بين الشرق والغرب، ومثال على التعايش السلمي في المنطقة، حيث تعتبر القطع الأثرية المعروضة شهادات حية على التواصل الثقافي والتجاري تتمثل في عدة مواضيع حول “ملتقى الشرق، أصول الثقافة العربية”، و”فترة مليحة: مواقع مليحة ودبا الحصن”، و”نِعَم الطبيعة: عالم النباتات والحيوانات”، والحياة اليومية، والعملات، بالإضافة إلى التجارة، والتبادل الثقافي، والمعتقدات الدينية، ومعايير الجمال.

زيارات لعدة مواقع مسجّلة ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في اليابان

وعلى هامش تنظيم المعرض، ستقوم هيئة الشارقة للآثار بجولة شاملة تتضمن متحف ميهو حول “الفن القديم من مصر، بلاد ما بين النهرين، إيران، أفغانستان، الصين، اليابان”، والتي تمثل مجموعة من أشهر المتاحف الفنية في العالم، وزيارة إلى ميسونو، مقر شنجي شوميكاي، ومزرعة الزراعة الطبيعية شوميه (بيت تقليدي)، بالإضافة إلى زيارة عدة مواقع مسجّلة ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي مثل معبد السرادق الذهبي (كينكاكو جي)، الذي يجمع أساليب العمارة اليابانية الثلاثة.

جديرٌ بالذكر أن استمراراً لبرنامج المعارض الأثرية لهيئة الشارقة للآثار على المستوى المحلي والدولي، شاركت الهيئة بمعرض “اتصال الحضارات: من آسيا الوسطى القديمة، إلى شرق آسيا” الذي أقيم بمتحف «ميهو» في اليابان عام 2022، من خلال عرضها لمجموعة من المكتشفات الأثرية النادرة، ومن أهمها مسكوكات نحاسية تعود لفترة نشوء طريق الحرير القديم، حيث ساهمت مناطق حيوية في شبه الجزيرة العربية في مدّ جسور اقتصادية وثقافية راسخة وراكزة، وسط الحراك التجاري والتبادل المعرفي بين الشعوب الآسيوية والجزيرة العربية وأوروبا في أزمنة تعود إلى فترة ما قبل الميلاد، والفترات اللاحقة عليها.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: هیئة الشارقة للآثار طریق الحریر فی الیابان

إقرأ أيضاً:

معرض المدينة للكتاب .. حراك ثقافي يوسّع أُفق المعرفة

في نسخة موسعة جمعت بين التنوع المعرفي والحضور المجتمعي والابتكار الثقافي شهدت المدينة المنورة انطلاقة جديدة لمعرضها الدولي للكتاب 2025.
وعلى مدى أيام المعرض، تحول مركز الفعاليات إلى مساحة تفاعلية يتقاطع فيها القارئ مع المؤلف، وتلتقي فيها دور النشر بالمجتمع، ضمن برنامج ثريّ احتضن مئات العناوين من مختلف التخصصات، وفعاليات مصاحبة تُجسد الرؤية الثقافية الحديثة للمملكة, ورغم تنوع المحتوى،كانت المدينة حاضرة في التفاصيل، لا كمادة مكتوبة فقط، بل كمكان يحتضن المعنى، ويفتح أبوابه لكل من يرى في الكلمة وجهًا من وجوه الهوية.
ويُقام المعرض بوصفه أحد أبرز التظاهرات الثقافية في المملكة، وواحدًا من ملامح التحول المعرفي بالمشهد السعودي.
ومع تنوع المؤلفات والجهات المشاركة من داخل المملكة وخارجها، كانت المدينة حاضرة لا كموضوع رئيس، بل كإطار روحي وثقافي شكّل خلفية فريدة لهذا الحراك المتجدد، ويمتد المعرض على مساحة واسعة، استضاف خلالها دور نشر من مختلف دول العالم العربي، ومؤلفين في شتى التخصصات مثل الفكر، والفلسفة، والعلوم، والفن، وكُتب الأطفال، والتاريخ، والرواية، وكانت الندوات المصاحبة والورش التفاعلية جزءًا أساسيًا من هذا الحضور النوعي، إذ لم يقتصر المعرض على بيع الكتب، بل تجاوز ذلك إلى تشكيل تجربة معرفية وحوارية شاملة.
ورغم أن معظم الكتب المعروضة لم تكن عن المدينة المنورة، إلا أن وجود المعرض على أرضها منح الحدث طابعًا خاصًا, المدينة بتاريخها وهدوئها وعمقها، حضرت كراوية صامتة في تفاصيل المشهد وأسلوب التنظيم، ونوعية الزوار، وتقاطعات الحديث، ولحظات التأمل بين جناح وآخر, وكان لجناح “أنا المدينة” دور بارز في توظيف التقنية لسرد جوانب من التاريخ المحلي عبر محاكاة الواقع الافتراضي، مما أتاح للزوار خوض تجربة بصرية وذهنية تستدعي الذاكرة وتعيد قراءتها، بعيدًا عن الأساليب التقليدية.
واللافت في دورة هذا العام هو اتساع الشريحة الحاضرة، من الأطفال الذين وجدوا مساحة إبداعية ومسرحية خاصة، إلى الأكاديميين الذين خاضوا نقاشات نوعية حول المحتوى الثقافي، مرورًا بالجمهور العام الذي تفاعل مع العروض الحيّة والجلسات المفتوحة, وقُدمت ورش مثل “تسويق المحتوى الثقافي”، و”كيف تصل بفكرتك إلى القارئ”، مساحة للتفكير في آليات الاتصال المعرفي، وصناعة الخطاب الثقافي في عصر يتغير فيه شكل التلقي والاهتمام.
وجاءت مشاركة وزارة الثقافة لتضيف بُعدًا خاصًا، عبر جناحها الذي احتفى بعام الحرف اليدوية 2025، مستعرضًا الحرف بوصفها جزءًا من التراث الثقافي الوطني، وموثقًا علاقتها العضوية بالهوية السعودية, وفي هذا الفضاء البصري الحي، تلاقت اليد التي تنقش مع اليد التي تكتب، في مشهد ثقافي متكامل أعاد الاعتبار للتجربة الحرفية كجزء لا يتجزأ من السرد الثقافي العام.
وفي دورته لهذا العام، لم يكن معرض المدينة للكتاب مجرد فعالية لبيع الكتب، بل ممارسة ثقافية حيّة أعادت تذكير الجميع بأن المعرفة ليست سلعة، بل موقف وتجربة واستدعاء للهوية في زمن التحولات والمدينة، رغم أنها لم تكن موضوعًا مباشرًا في معظم المؤلفات، ظلّت تؤطر الحدث، وتعيد تشكيل ذاكرتنا عبر الجو والتنظيم والحضور واللغة التي تتهامس بها الأروقة.
وفي هذا المعرض، لم تَعرض المدينة نفسها كموضوع، بل كمساحة يتقاطع فيها التنوع الثقافي مع الذاكرة، وخرج الزوار ليس فقط بعناوين جديدة بل بصورة مختلفة عن المدينة التي احتضنتهم، وعن الكتاب الذي يجمعهم، وعن الثقافة التي لا تزال حيّة، مادامت تُقرأ وتُحكى وتُحتفى بها.

مقالات مشابهة

  • معرض المدينة للكتاب .. حراك ثقافي يوسّع أُفق المعرفة
  • هل أنت مستعد لظلام دامس لمدة 6 دقائق؟ 8 دول عربية تنتظر “كسوف القرن”
  • مشاركةٌ فاعلةٌ للمركز الوطنيِّ للوثائق والمحفوظات في “كتاب المدينة”
  • اليابان تشهد أعلى درجة حرارة على الإطلاق في يوليو
  • ظاهرة نادرة تترقبها 9 دول عربية.. “كسوف القرن” يقترب!
  • افتتاحُ معرض الكتب المستعملة بولاية سناو
  • 9 دول عربية تترقب ظاهرة “كسوف القرن” في 2027
  • منها الجزائر.. 9 دول عربية ستشهد “كسوف القرن”
  • 9 دول عربية على موعد مع “كسوف القرن”!
  • افتتاح أكبر معرض متخصّص في ملابس و مسستلزمات الأطفال بمصر والشرق الأوسط .. غدًا