بغداد- أطلقت القوات الأمنية العراقية نهاية الأسبوع الماضي عملية واسعة لملاحقة أنصار "جماعة القربان" جنوبي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، وفق وسائل إعلام محلية، وذلك للحيلولة دون تحولها لجماعات مسلحة تضر بالاستقرار الأمني في البلاد.

وتعتقد "جماعة القربان" أو "العلاهية" بألوهية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وأنه لا بد من الانتحار وفق القرعة قربانا له، وتكرر ظهور هذه الحركة بين الحين والآخر، فيما تلاحقهم القوات الأمنية وتعتقل العديد منهم لكونهم يتبعون ديانة مخالفة للدين والدستور والقانون.

ويؤكد مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا أن أجهزة الاستخبارات تراقب تحركات وسلوك هذه العقائد المنحرفة بشكل مستمر، حيث تمكنت قوات الأمن من إلقاء القبض على عدد منهم وإحالتهم إلى المحاكم بعد التحقيقات واعترافات المتهمين، مشيرا إلى أن الوزارة تتعامل معهم وفق القانون.

حملة ذي قار

تأتي العملية الأمنية الواسعة وسط تخوف أمني وقلق مجتمعي بعد انتشار أفكار الجماعة في محافظات الوسط والجنوب في الآونة الأخيرة، حيث أكد المحنا للجزيرة نت وقوع حالات انتحار في ذي قار، إذ أقدم شابان لم تتجاوز أعمارهما 18 عاما على الانتحار بدعوى القربان، بتحريض من أحد قادة هذه الحركة، وقد تم إلقاء القبض عليهما لاحقا.

في منتصف يونيو/حزيران الماضي، أعلنت مديرية الاستخبارات في محافظة الديوانية، في بيان، أن مفارز مديرية الاستخبارات ألقت القبض على مسؤول "حركة العلاهية" في ذي قار لحظة وجوده في الديوانية متوجها إلى كربلاء، وبعد التحقيق معه اعترف صراحة بقيامه بقتل شخصين قربانا لما يعتقده.

كما أكدت وزارة الداخلية في وقت سابق أن الحملة ضد الجماعة أسفرت عن اعتقال 10 أشخاص، مبينة أن أوامر الاعتقال جاءت نتيجة اعترافات أدلى بها رئيس الجماعة، حيث يخضع المعتقلون حاليا لتحقيق مشدد، وقد تطال أوامر الاعتقال أشخاصا آخرين خلال الأيام المقبلة.

امتداد فاسد

يبين الخبير الأمني فاضل أبو رغيف أن "جماعة القربان" أحد بطون جماعة المغالين، وأنهم ليسوا حركة وليدة اليوم، وإنما هم امتداد تاريخي إلى الكيسانية والأفطحية والإسماعيلية والحرورية، ويمثلون امتدادا عقائديا فاسدا، مشيرا إلى أن هذه الجماعة نشطت في تسعينيات القرن الماضي، وتصدى لهم في حينها المرجع الديني محمد صادق الصدر، وعادت مرة أخرى للظهور لكن تم كبح جماحها.

وعن مخاطر هذه الجماعة أمنيا، يوضح أبو رغيف للجزيرة نت أن الجماعة عادت للظهور عدة مرات في الأعوام 2005 و2011، وخلال الأعوام الثلاثة الماضية أيضا ولكن بشكل طفيف، مؤكدا أن الجماعة خاملة في الوقت الحاضر، حيث أخفقوا في حمل السلاح، وألقي القبض على أبرز قادتهم الروحيين.

ونوه الخبير إلى أن أعدادهم تتراوح ما بين 1500 إلى 2000 شخص، وينشطون في المحافظات الجنوبية مثل ذي قار وواسط وفي أطراف البصرة، كما ينتشرون في أطراف مدينة مشهد الإيرانية.

وعن طبيعة تلك الحركات وأسباب ظهورها يقول الباحث في مجال الأنثروبولوجيا وعضو مجلس إدارة مركز رواق بغداد للسياسات العامة الدكتور علاء حميد، إن مفهوم القربان حاضر في التراث الديني، وله حضور في المرويات الاجتماعية، وإن قضية انحراف هذه الجماعة لم تكن ذات أهمية إلا بعد أن أخذت تمارس طقوسها.

ويوضح حميد للجزيرة نت أن مسألة انحراف الجماعة تكمن فيما تقوم به وليس نابعا من موقف ديني، ولغاية الآن لم يظهر عليها أي توجه سياسي ولم تعبر عن مطالب، لكن تعامل الدولة معها نابع من أثر طقس التضحية بالنفس الذي تقوم به، والتفات المجتمع لمن يضحون بأنفسهم وموقف ذويهم مما يقومون به، وأشار إلى أن موقف المؤسسات الدينية جاء عبر خطاب رجال دين أكدوا أن هذه الجماعة منحرفة عقائديا.

انطلاق عملية كبيرة ضد انصار جماعة القربان جنوبي مدينة الناصرية واعتقال 10 اشخاص بينهم 5 من أصحاب المواكب الحسينية.

جماعة القربان أو العلاهية جماعة دينية غامضة تثير الجدل بالعراق ظهرت في محافظة ذي قار، وتطرح أفكارا وطقوسا غريبة منها الانتحار أو "التضحية بالنفس" بهدف التقرب من… pic.twitter.com/ePQNaWCtoI

— شاهو القرةداغي (@shahokurdy) July 6, 2024

رفض الدولة والمجتمع

يرى الباحث في الشأن الإسلامي الشيخ محمد الشويلي أن أي جماعة تدعي "المهدوية" تتلاشى وتضمحل بعد فترة من الزمن، وتبقى جماعة منبوذة داخل المجتمع ولا تؤثر تأثيرا معتدا به، بسبب ما تلاقيه من رفض قاطع من الدولة والمجتمع.

وحول أسباب ظهور تلك الحركات في مناطق جنوب العراق تحديدا، يؤكد الشويلي أن المجتمع فيه غير خارج عن مفهوم أن جميع الأديان السماوية تدعو للإيمان بيوم موعود للبشرية يسود فيه العدل والمساواة، وأن الأمر لا يقتصر على المسلمين أو غيرهم من أتباع الأديان السماوية، بل بجميع البشر حتى ممن لا يؤمن بدين أصلا.

وبصفته أستاذا في الحوزة العلمية الشيعية، يبين الشويلي أن حركة القربان تختلف عن سابقتها بأنها تعتمد مبدأ التضحية المباشرة للوصول إلى الغاية، وأن الموقف الديني لا يمكن إلا أن يقف ضدها، ويعتبر الانتماء لها محرم شرعا وقانونا، ويجب على المرجعيات الدينية اتخاذ موقف حازم منها، لأنها تحولت إلى مرض نفسي مبني على الوهم والخداع.

ومن الجدير بالذكر أن الدستور العراقي يجرّم ظهور مثل تلك الحركات، وتصل عقوبة تأسيسها أو الانتماء لها إلى المؤبد أو الإعدام وفقا لأحكام المادة رقم 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.

كما تنص المادة السابعة من الدستور على حظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرّض أو يمهّد أو يمجد أو يروج أو يبرر له.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جماعة القربان هذه الجماعة ذی قار إلى أن

إقرأ أيضاً:

تركيا تشن حملة أمنية موسعة.. اعتقال 77 مشتبهاً بـ«تنظيم غولن» في 26 ولاية

أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عن تنفيذ عمليات أمنية واسعة النطاق استهدفت عناصر مرتبطة بمنظمة فتح الله غولن، في إطار حملة متواصلة لملاحقة من تصفهم السلطات بـ”الكيان الموازي” داخل الدولة.

العمليات التي نُفذت خلال الأسبوعين الماضيين شملت 26 ولاية، وأسفرت عن توقيف 77 مشتبهاً بهم، تم اعتقال 56 منهم رسمياً، بينما لا تزال ملفات 21 آخرين قيد المعالجة القانونية والفحص الأمني.

وشملت الولايات المستهدفة بالحملة كلّاً من: آكساراي، أماسيا، أنطاليا، أيدين، دنيزلي، أدرنة، إيلازيغ، أرزينجان، إسكيشهير، غازي عنتاب، إسطنبول، إزمير، كهرمان ماراش، كيركالي، ملاتيا، مانيسا، مرسين، موغلا، نيڤشيهير، عثمانية، سامسون، سيڤاس، تيكيرداغ، توكات، طرابزون ويالوفا.

وأوضح يرلي كايا أن المشتبه بهم يواجهون اتهامات متعددة، من بينها الترويج للمنظمة الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والانخراط في بنيتها التنظيمية الحالية، والتواصل مع قياديين عبر الهواتف العمومية، بالإضافة إلى تمويل جمعيات إغاثية مرتبطة بالمنظمة.

وأشار إلى أن قوات الأمن صادرت خلال هذه العمليات كميات من الوثائق التنظيمية والمواد الرقمية التي توثق النشاطات غير القانونية للمتهمين، مؤكداً استمرار العمليات حتى “تجفيف بقايا المنظمة نهائياً”، على حد تعبيره.

وتُعدّ منظمة غولن، التي تتهمها أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، هدفاً دائماً للعمليات الأمنية، فيما يواصل زعيمها المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، نفي أي صلة له بالأحداث أو الأنشطة الإرهابية.

زعيم المعارضة التركية يتهم أردوغان بالكذب: “أكبر كذبة سمعتها بحياتي” بشأن مسؤولية طواقم الإطفاء

اتهم زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، الرئيس رجب طيب أردوغان بالكذب حول مسؤولية طواقم الإطفاء في المدن الكبرى، واصفاً تصريحاته بأنها “أكبر كذبة سمعها في حياته”.

جاء ذلك عقب تصريح أردوغان خلال اجتماع الحكومة، حيث قال إن مسؤولية فرق الإطفاء في 30 مدينة كبرى تقع على عاتق البلديات الكبرى، بينما تتولى هيئة إدارة الكوارث والطوارئ (أفاد) تنظيم خدمات الإطفاء في الولايات الأخرى البالغ عددها 51.

لكن أوزيل شدد على أن البلديات التي تديرها المعارضة في المدن الكبرى، منها إسطنبول وأنقرة وإزمير وأضنة وأنطاليا وغيرها، “لا تمتلك سلطة فعلية حتى على تشغيل الطائرات، ناهيك عن مهام الإطفاء”، معتبراً أن الحكومة تمنع هذه البلديات من ممارسة دورها الفعلي.

وأضاف أن على أردوغان “الامتناع عن الحديث في هذا الموضوع”، مشيراً إلى امتلاك الرئيس ووزراء حكومته 14 طائرة فاخرة، بينما لا توفر الحكومة استجابة كافية لمكافحة الحرائق، قائلاً: “عندما يتعلق الأمر بالحرائق، فإن أنظار الجميع تتجه نحو السماء.. ولا توجد استجابة كافية، وهذا أمر واضح”.

وكان أردوغان قد أعلن أن الدولة جهزت أسطولاً برياً وجوياً يضم 27 طائرة و105 مروحيات، بالإضافة إلى آلاف المركبات، مع 25 ألف عامل غابات و132 ألف متطوع في حالة استعداد. وأشار إلى استخدام تركيا للطائرات المسيّرة (الدرون) في مراقبة ومكافحة الحرائق، مؤكداً تقليص مدة الاستجابة إلى 10-11 دقيقة بفضل التكنولوجيا.

كما أوضح أن تركيا تدير 796 بركة مياه وأحواض طوارئ لدعم الطائرات، مع زيادة قدرة الإطفاء الجوي من 73 طناً في 2002 إلى 438 طناً حالياً، مضيفاً أن البلاد تعاملت مع 4,247 حريقاً منذ بداية العام، منها 3,102 حريق منذ الأول من يونيو.

أوجلان يلتقي عائلته في سجن إمرالي وسط تحركات جدية لإنهاء الصراع الكردي في تركيا

شهد سجن إمرالي شديد الحراسة تطوراً لافتاً مع لقاء زعيم حزب العمال الكردستاني المنحل عبد الله أوجلان بوكيله مظلوم دينش وابن أخيه عمر أوجلان في زيارة عائلية نادرة، وفق ما أوردته صحيفة “زمان”.

كما التقى أوجلان، الذي يعد أحد أبرز رموز القضية الكردية، مع عدد من المعتقلين الآخرين بالسجن، من بينهم حاملي يلدرم، عمر خيري كونار، إرغين أتابي، وزكي بايهان، حيث جرت لهم زيارات عائلية مماثلة مؤخراً.

يأتي هذا اللقاء في ظل تحركات سياسية جادة نحو إنهاء الصراع الكردي في تركيا، خاصة بعد إعلان حزب العمال الكردستاني حلّ التنظيم، والذي كان أوجلان نفسه قد أعلنه سابقاً، ما دفع أعضاء التنظيم إلى إحراق أسلحتهم علناً كخطوة رمزية للتخلي عن العمل المسلح.

وفي إطار هذه التطورات، من المقرر أن تعقد اللجنة الثلاثية في البرلمان التركي، والتي تضم ممثلين عن الأحزاب الرئيسية، أولى جلساتها خلال أغسطس المقبل لمناقشة سبل تقنين مبادرة حل الأزمة الكردية تحت شعار “تركيا بلا إرهاب”.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الزيارة العائلية تُعد الأولى لأوجلان منذ عدة أشهر، فيما يشغل ابن أخيه عمر أوجلان منصب نائب في البرلمان عن حزب المساواة الشعبية والديمقراطية، وهو حزب معارض معروف.

الحزب الكردي يرفض تسمية “تركيا بلا إرهاب”: نطالب بمبادرة ترتكز على السلام لا الأمن

أثار اسم المبادرة الحكومية التركية الجديدة لحل الأزمة الكردية، المعنونة بـ”تركيا بلا إرهاب”، جدلاً داخل الأوساط السياسية، حيث عبّرت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المساواة الشعبية والديمقراطية، غوليستان كيليتش كوتشيغيت، عن رفض حزبها لهذه التسمية، معتبرة أنها “تكرّس مقاربة أمنية بدل فتح الباب لحل ديمقراطي حقيقي”.

وقالت كوتشيغيت، في معرض ردّها على أسئلة الصحفيين حول الجدل القائم قبيل انطلاق أعمال اللجنة الثلاثية المكلفة بصياغة الإطار القانوني للمبادرة، إن حزبها يرفض بشدة تسمية “تركيا بلا إرهاب”، وأضافت: “إذا أردنا فعلاً حل المشكلة الكردية بطريقة ديمقراطية، فالأجدر أن تُعطى المبادرة عنواناً يرتكز على السلام وبناء المجتمع الديمقراطي، لا على مفاهيم الإرهاب والسياسات الأمنية”.

وتضم اللجنة البرلمانية، التي ستبدأ مهامها مطلع أغسطس، ممثلين عن حزب المساواة الشعبية والديمقراطية، وحزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية، وهي مكلفة بوضع خريطة طريق سياسية وتشريعية بعد إعلان حزب العمال الكردستاني تفكيك تنظيمه المسلح وتسليم سلاحه.

وكان رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش قد أعلن الأحد عن موعد انطلاق عمل اللجنة، مشيراً إلى أنها تشكل مرحلة جديدة في مسار تسوية الأزمة الكردية في البلاد.

يُذكر أن المبادرة تأتي وسط مؤشرات سياسية على رغبة متزايدة في طي صفحة الصراع الممتد منذ عقود، خصوصاً بعد إحراق أعضاء من حزب العمال الكردستاني أسلحتهم علناً هذا الشهر، في خطوة رمزية تُعد سابقة في تاريخ الصراع الكردي–التركي.

آخر تحديث: 29 يوليو 2025 - 16:10

مقالات مشابهة

  • النيابة الأردنية تستدعي متهمين بالتستر على أملاك جماعة الإخوان
  • النيابة العامة تبدأ بملاحقة المتسترين على أملاك جماعة الإخوان المسلمين المحظورة
  • النيابة العامة تبدأ ملاحقة المتسترين على أملاك جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قضائيًا
  • الأردن.. النيابة تستدعي "متسترين" على أملاك جماعة الإخوان
  • النيابة العامة تستدعي أشخاصاً يتسترون على أملاك جماعة الإخوان المحظورة
  • هل من أدرك الصلاة في التشهد الأخير يأخذ ثواب الجماعة؟.. الأزهر يجيب
  • تكبح الجريمة.. حملة أمنية ناجحة في كرري
  • حملة أمنية باكستانية في مقاطعة باجور
  • تركيا تشن حملة أمنية موسعة.. اعتقال 77 مشتبهاً بـ«تنظيم غولن» في 26 ولاية
  • خطر يهدد الأرواح والممتلكات.. حملة أمنية تلاحق المخالفين في طرابلس