هل حوّل أسرى الضفة الغربية العشب إلى أشجار يصعب جزّها؟
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
تجاوز تعداد الأسرى الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم بعد عميلة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 9600 أسير، انضموا إلى ما يقارب 5 آلاف أسير محتجزين قبل انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي تعرض الفلسطينيون فيه إلى التنكيل في معتقلات أعدها الاحتلال خصيصا لهم وكان أبرزها "سدي تيمان".
لم يعد بالإمكان تحديد عدد الأسرى بدقة لدى الاحتلال لصعوبة التعرف على مصير المفقودين من الأطفال والنساء والرجال في قطاع غزة، إن كانو من الشهداء أم من الأسرى، ما يعني إمكانية تضاعف تعداد الأسرى في حال خضوع المعتقلات للتفتيش الأممي والدولي.
الاحتلال لا يفصح عن الأرقام الحقيقة ويرفض السماح لمندوبي الصليب الأحمر زيارة الأسرى الفلسطينيين الذي يعانون من أشد صنوف التعذيب، فضلا عن الإعدامات وسياسة التجويع والأمراض القاتلة التي أودت بحياة العشرات منهم؛ سياسة حرص وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على تنفيذها في السجون والمعتقلات، ولم تُبد الدول والمؤسسات المكونة للمجتمع الدولي موقفا صارما تجاهها، الاحتلال لا يفصح عن الأرقام الحقيقة ويرفض السماح لمندوبي الصليب الأحمر زيارة الأسرى الفلسطينيين الذي يعانون من أشد صنوف التعذيب، فضلا عن الإعدامات وسياسة التجويع والأمراض القاتلة التي أودت بحياة العشرات منهمإذ لا زالت تتحرك ببطء بتأثير من الضغط الأمريكي وعدد من القوى الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا؛ الدولة المحورية في الاتحاد الأوروبي.
واقع السجون والأسرى المتدهور وغياب الرقابة الأممية يدفع الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى مقاومة القوات المقتحمة لقراهم وبلداتهم ومدنهم، رفضا للاعتقال ومواجهة الموت البطيء، ما قاد إلى تحول المواجهات إلى اشتباكات عنيفة ومسلحة تفضي إلى ارتقاء شهداء، فالاعتقال بمثابة حكم بالإعدام إن لم يكن ما هو أسوأ؛ بتعرض المعتقل لإصابات تفقده أعضاء من جسمه، الداخلية أو الخارجية، فالفلسطينيون في الضفة باتت ظهورهم إلى الحائط.
الصور التي خرج بها الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء في قطاع غزة، حول واقع الأسرى، وإلى جانبه قائمة طويلة من شهادات الأسرى المفرج عنهم؛ أكدت هذه الحقيقة، الممثلة بوحشية الاحتلال وتحويلة معتقل "سدي تيمان" المخصص للغزيين بالقرب من مدينة بئر السبع في النقب إلى معسكر للإبادة، غير أن الصورة الصادمة جاءت من الضفة الغربية التي عكسها رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عبد العزيز دويك لدى خروجه؛ وقد فقد وزنه وجزءا كبيرا من كتلته الحيوية التي تحفظ حياته كإنسان، وآخرها صورة الأسيرين معزز العبيات من بيت لحم ومعاذ العمارنة، التي أكدت أن الاحتلال لا يعبأ بالجغرافيا التي ينتمي لها الفلسطيني بقدر ما يعبأ بتنفيذ سياساته القمعية التي يريد من خلالها بث الرعب والخوف في صفوف الفلسطينيين، وتنفيذ سياسته بالتطهير العرقي على مرأى من العالم.
إنها صور صادمة لواقع المعتقلين؛ تعزز الاتجاه العام في الضفة الغربية لمقاومة الاعتقال والتصدي لقوات الاحتلال بكل الوسائل، إذ يُتوقع أن تزيد حالة المعتقلين من قوة وعنف التصدي للقوات المقتحمة للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، والأهم من ذلك كله أنها ستحشد عائلات أكثر من 10 آلاف أسير من الضفة الغربية للتحرك لحماية أبنائهم من التعرض لعملية تصفية وإبادة داخل المعتقلات الإسرائيلية، فالمعتقلات باتت نسخة عن معتقل "أوشفيتز" النازي في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، فالكيان الإسرائيلي استنسخ التجربة النازية بكامل تفاصيلها، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة على الأرجح.
الضفة الغربية واقعا وحقيقة على شفير الانفجار، أمر أكده الجنرال المستقيل يهودا فوكس، قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، وصاحب نظرية "جز العشب". فالعشب تحول إلى أشجار وغابات يصعب جزها بعد أن سقاها نتنياهو وسموتريتش وبن غفير بمياه الإجرام والتنكيل
ختاما.. ما يحدث في المعتقلات فتيل وصاعق فجّره واقع الأسرى المفرج عنهم، وشهاداتهم عن واقع معتقلي الضفة وقطاع غزة، وهي قوة دفع إضافية نحو إشعال جبهة الضفة الغربية التي لم يعد أمامها خيار سوى المقاومة أمام هجمة الاستيطان والمستوطنين، وأمام الاستهداف لواقعهم الاقتصادي الذي وإن غاب في تفاصيل المشهد ووحشية الاحتلالإلا أنه بلغ من السوء والتردي مستوى يمهد لانفجار كبير يطال تأثيره كافة شرائح المجتمع الفلسطيني ومكوناته، وصولا إلى أجهزة السلطة وعناصرها؛ التي تعاني من ذات الضغوط الاقتصادية والإنسانية والأمنية.
فالضفة الغربية واقعا وحقيقة على شفير الانفجار، أمر أكده الجنرال المستقيل يهودا فوكس، قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، وصاحب نظرية "جز العشب". فالعشب تحول إلى أشجار وغابات يصعب جزها بعد أن سقاها نتنياهو وسموتريتش وبن غفير بمياه الإجرام والتنكيل، مفقدين الحياة معناها ومغزاها، ومحاصرين الفلسطينيين الذين باتو أمام خيار واحد ووحيد وهو المواجهة والاشتباك الشامل مع الاحتلال.
x.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة التنكيل الاحتلال الضفة الغربية اسرى غزة الضفة الغربية الاحتلال تنكيل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفلسطینیین الذی فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
ما هي فصائل السلام التي شكلتها بريطانيا لقمع ثورة الفلسطينيين؟
في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، ظهرت في فلسطين الانتدابية تشكيلات شبه عسكرية عُرفت باسم "فصائل السلام"، بدعم مباشر من سلطات الانتداب البريطاني، وذلك في سياق قمع الثورة الفلسطينية الكبرى (1936–1939)، وهو ما يتكرر حاليا مع مجموعة "أبو شباب" المدعومة إسرائيليا.
وتألفت هذه الفصائل من عناصر فلسطينية وعربية محلية، أغلبهم من الخصوم السياسيين للمفتي أمين الحسيني، الزعيم الوطني والديني البارز في تلك المرحلة، وهدفت بريطانيا إلى استغلال الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين لضرب المقاومة، من خلال تجنيد متعاونين محليين لملاحقة الثوار وتقديم المعلومات عن تحركاتهم.
وتشكلت فصائل السلام أساساً من عناصر عشائرية ووجهاء محليين، خصوصا من القرى والمناطق التي تضررت بفعل الثورة، أو من أشخاص تربطهم مصالح خاصة مع السلطات البريطانية، ورغم تسميتها بـ"فصائل السلام"، فقد تورطت هذه المجموعات في مواجهات مسلحة ضد رجال المقاومة، وأسهمت في اعتقال عدد كبير منهم، مما أثار عداءً واسعاً تجاههم في الأوساط الشعبية.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
مع تراجع الثورة الفلسطينية الكبرى واقتراب الحرب العالمية الثانية، لم تعد فصائل السلام تمثل أولوية استراتيجية لبريطانيا، التي بدأت تتخلى تدريجياً عن دعمها لها.
وبعد أن استُخدمت هذه التشكيلات لضرب الثوار وتفكيك البنية التنظيمية للانتفاضة، قامت سلطات الانتداب بحل معظم وحداتها وسحب الغطاء عنها، خاصة مع تصاعد الانتقادات الدولية والمحلية لطبيعة عملها.
وقد تعرض العديد من أفراد هذه الفصائل للاغتيال أو الانتقام الشعبي بعد انكشاف تعاونهم، بينما انسحب آخرون من المشهد السياسي بهدوء، بذلك انتهى دور فصائل السلام بوصفها أداة مرحلية وظّفتها بريطانيا لتفتيت الجبهة الوطنية الفلسطينية، ثم تخلّت عنها بعد أن استنفدت وظيفتها.
ويتكرر هذا الأسلوب حاليا في قطاع غزة، وكشفت إذاعة جيش الاحتلال تفاصيل جديدة عن التعاون والدعم الإسرائيلي الذي تحظى به مجموعة "أبو شباب"، والتي تنشط في رفح، جنوب قطاع غزة.
وقالت الإذاعة، إن قوات "الجيش" نقلت أسلحة إلى عناصر المجموعة، من طراز "كلاشنكوف" والتي تمت مصادرتها من حماس والاستيلاء عليها في القطاع خلال العمليات الجارية.
ويتركز نشاط المجموعة في منطقة رفح، وهي المنطقة التي احتلها جيش الاحتلال، والآن يعمل رجال أبو شباب هناك.
وتزعم الإذاعة أن من بين مهام عناصر المجموعة حماية المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة، ومحاربة حماس، رغم أن الدلائل والتقارير تشير إلى ضلوع المجموعة بعمليات السطو على المساعدات، وتعمدها خلق حالة من الفوضى في غزة.
ومن ناحية أخرى، ذكرت صحيفة معاريف العبرية، أن "الجهة التي تقف وراء تجنيد مجموعة أبو الشباب الإجرامية هي جهاز الأمن العام (الشاباك)، فقد أوصى رئيس المنظمة، رونين بار، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالمضي قدمًا في تجنيد العصابة، وتزويدها ببنادق كلاشينكوف ومسدسات غُنِمت من حركتي حماس وحزب الله خلال حرب السيوف الحديدية، وهي الآن في مستودعات جيش الدفاع الإسرائيلي".
وبحسب تقرير آفي أشكنازي مراسل الصحيفة العسكري، فقد "قدّم رونين بار وجهاز الأمن العام (الشاباك) لرئيس الوزراء خطةً تجريبية ملخصها أن قطاع غزة يحتوي على كميات هائلة من الأسلحة المتنوعة - بنادق، وقاذفات قنابل، وصواريخ محمولة على الكتف، وغيرها ، وأن إدخال بعض البنادق والمسدسات بشكل مدروس ومُراقَب لن يُغيّر من سباق التسلح في غزة".
وذكرت الصحيفة، أن "مجموعة أبو الشباب تضم عشرات العناصر، وهي مكونة من عائلات عشائرية، ومعظم الشخصيات التي جندها جهاز الأمن العام (الشاباك) كعصابة مرتزقة لإسرائيل هم مجرمون غزيون يتاجرون في جرائم المخدرات والتهريب وجرائم الممتلكات"، وفق التقرير.
وكان أساس الفكرة العملياتية لجهاز الشاباك هو استخدام المجموعة كقيادة عمليات، ودراسة إمكانية تشكيل حكومة بديلة لحماس في خلية صغيرة ومحدودة المساحة داخل رفح بحسب الصحيفة.
وقالت المؤسسة الأمنية إنها "لا تُحيط بهذه المجموعة بحواجز ضخمة لتكون بديلاً عن حماس، بل هي عبارة عن بضع عشرات إلى بضع مئات من الأعضاء. الهدف الأساسي هو دراسة إمكانية بناء عناصر محلية تحل محل أنشطة حكومة حماس في مناطق محددة جغرافيا".
بدوره، زعم صحفي إسرائيلي أجرى مقابلة مع ياسر أبو شباب، الذي يقود المجموعة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، أن الأخير ينسق مع جيش الاحتلال، ويعمل في مناطق تقع تحت سيطرته في القطاع.
وقال دورون كادوش المراسل العسكري لإذاعة جيش الاحتلال: إنه أجرى مقابلة مع أبو شباب، كاشفا عن تفاصيل أنشطته وتعاونه مع السلطة الفلسطينية، وعلاقة مجموعته بالاحتلال.
وزعم أبو شباب أن "مئات العائلات تلجأ إلينا، ونستقبل العشرات منها يوميًا، نحن نحميها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، يصلون إلينا عبر ممر إنساني، ونطالب بالسماح بنقل عشرات الآلاف من الأشخاص بأمان، وأن يكون الممر الإنساني تحت إشراف دولي".
وأضاف في مقابلة ترجمتها "عربي21" أن "هناك علاقات تربطه مع السلطة الفلسطينية، وهي شريكة في عمليات التفتيش الأمني على مداخل المنطقة التي يتواجد فيها، علاقتنا مع السلطة قائمة في إطار المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وفي إطار شرعيتها القانونية، نجري عمليات تفتيش أمنية عبر جهاز المخابرات الفلسطينية، الذي يتعاون معنا في هذا الشأن لضمان عدم دخول عناصر معادية تُخرب مشروعنا للتحرر من حماس، دون أن نتلقى تمويلًا من السلطة".
وأوضح أننا "لا نعمل مع إسرائيل، لكن هدفنا حماية الفلسطينيين من حماس، أسلحتنا ليست من إسرائيل، بل هي أسلحة بسيطة جمعناها من السكان المحليين، دون استبعاد إمكانية التنسيق معها في المستقبل، وإذا تم أي تنسيق، فسيكون إنسانيا، لصالح أهلنا في شرق رفح، وسيتم تنفيذه من خلال قنوات الوساطة".