السودان: الجيش والمعادلة السياسية

ناصر السيد النور

اتجهت مداولات الأزمة السودانية مؤخراً شمالا إلى مصر، فيما دعا إليه من لقاء بين فرقاء الحرب والسياسة السودانية، مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية التي تتقدمها مدنياً «تقدم»، تنسيقية القوى المدنية لإيقاف الحرب. والدور المصري الرسمي وساطة، أو تدخلا في الشأن السوداني، يتجاوز لعوامل تاريخية واستراتيجية الأدوار المجاورة، حتى تلك التي تمتلك دوراً مباشراً في مسارات الأزمة، ولكن يظل الموقف المصري لا يعتمد عليه من حيث وصايته التاريخية على السودان، وإنما في ما يعنيه بعيداً عن حساسيات علاقات الجغرافيا والتاريخ في هذا الظرف الاستثنائي.

ومهما تكن مخرجات هذا الاجتماع، الذي ضم لفيفا من أطياف الفرقاء السودانيين، وغاب عنه التمثيل الرسمي لطرفي الصراع، الجيش وقوات الدعم السريع، مع استثناء عناصر عديدة غير مرغوب فيها، حسب تقديرات السلطات المصرية. وبيان المؤتمر يأتي بما هو متوقع، بالدعوة إلى إنهاء الحرب، وعلى عادة ما تحمله مثل هذه المؤتمرات في بياناتها، من دون آليات ملزمة في تطبيق ما تنص عليه، وإن بدا اتجاهاً نحو الاعتراف بواقع الحرب ونتائجها.

وإذا كان اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل/نيسان من العام الماضي على خلفية صراع السلطة، بين قوى متصارعة عسكريا ومدنيا، فإن مسؤولية إدارة العلميات العسكرية وما نتج عنها يتحملها الطرفان. ولم ينطلق الجيش في هذه الحرب، من حيث دوره المنوط به في الدفاع صداً لميليشيا متمردة، إذ أنه يمثل امتدادا لسلطة انقلبت على حكومة الفترة الانتقالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك في محاولة مستميتة للإبقاء على الحكم العسكري، بطبيعته الديكتاتورية وبما يمثله كذراع سياسي لأنصار النظام السابق. وما طال الجيش وقادته من انتقادات لأدائه في الحرب إزاء التقدم الذي أحرزته قوات الدعم السريع، ببسط سيطرتها على ولايات ومدن فشل الجيش في استعادتها، مع إطالة أمد الحرب، يثير من الأسئلة عن طبيعة إدارة الجيش نفسه، وعن مدى مهنيته وقوميته، وخضوعه لقوة سياسية مدنية تقوده، لها أجندتها السياسية والأيديولوجية. فقد صرحت في وقت سابق إحدى قيادات التنظيم الإسلامي، بإجراء تحقيق مع قيادات عسكرية، حول عزل الرئيس المخلوع عمر البشير، مع قادة الجيش، مما كشف عن طبيعة الجيش ودوره من حماية البلاد إلى حراسة السلطة. ولأن الجيش ظل من أكبر معضلات الصراع السياسي عن طريق الانقلابات العسكرية، التي أصبحت من أقصر الطرق للوصول الى السلطة، وكيف باتت وسيلة وحيدة دون غيرها، للانقضاض على شرعية السلطة وممارستها. وإن لم تعد الانقلابات في سياق ممارسة السياسة والتسلط ظاهرة ينشغل بها الباحثون والمهتمون بالشأن السياسي وحسب، بل تشكل وعيا جديدا لدى طائفة واسعة من المواطنين، أدركت معه فداحة الكلفة المرتفعة لمغامرات الانقلابيين على صعيد التطور الاقتصادي والحقوق السياسية والحريات والكرامة الإنسانية، وكل ما تقول به سلطات الانقلابات، وتعمل عكسه تماما. ويعد الجيش السوداني من أكثر الجيوش التي استأثرت بالسلطة والحكم الشمولي كغالب نظم المنطقة العربية والافريقية، في مرحلة الدولة الوطنية دولة ما بعد الاستعمار، وكان دائماً ضمن الأدوات الموظفة سياسياَ في صراع السلطة، ما جعل منه محوراً جاذباً للطموح السياسي غير المحدود، ضمن امتيازات اجتماعية أخرى متراكمة، وأفضى هذا الوضع «المتميز» إلى تكوين نخبة عسكرية أوليغارشية، فاقمت أزمة الحكم واحتكار السلطة، حاملة معها عاهات الدولة الاجتماعية في الإقصاء والتهميش وغيره من جذور الأزمة السودانية. وبما أن المؤسسة العسكرية، على قول منظر السياسة الأمريكي صاموئيل هنتنغتون، الوحيدة في العالم الثالث الأكثر تنظيما فقد وُظف هذا التنظيم والضبط في تراتبية صارمة ليس كقوة ضاربة في ترجيح كفة الصراعات السياسية، ولكن أيضا في حصر الامتيازات غير العسكرية. والمفارقة أن هذا الجيش يخوض حرباً ضد جسم تخلق من رحمه بدعم كامل، إلى جانب وجود أرتال من التنظيمات المسلحة تحيط به، تحالفاً وحربا، مما عقد من مهمته ودوره وتعريفه ضمن التركيبة الهجين للمنظومات الأمنية خارج سلطة الدولة في البلاد. والشاهد أن هذا التعدد في القواعد العسكرية، جعل الجيش نفسه فصيلاً ضمن الفصائل المسلحة، وبما يقل بالنتائج والأداء عن قوة وحجم القوى الأخرى الموازية له كقوات الدعم السريع.

ولم يكتف الجيش بإدارة سير المعارك، بل تواصل دوره السياسي في إدارة العملية السياسية والدبلوماسية، وبطبيعة الحال الهيمنة بالسلطة المطلقة في أوضاع يصعب الحديث فيها عن اختصاصات دستورية. ولأن استمرار الفريق البرهان على مجلس السيادة منذ 2019 عام اقتلاع النظام وحتى انقلابه في أكتوبر /تشرين الأول 2021 في إقصاء شامل للقوى المدنية الديمقراطية، من مكونات السياسة السودانية، أصبح الخطاب العسكري، إن كان بذريعة الحرب، أو السلطة، محدداً لتوجهات الدولة على ما تبقى منها، ثم إن الجهات المدنية التي تدعم وتحرض على استمرار الحرب مهما كانت الكلفة، تدرك ألا قوى تعيدها إلى السلطة أو تحافظ على ما اكتسبته من السلطة في السابق، إلا عن طريق قوة الجيش المطلقة وما يمثله من عنف مشروع في بنية الدولة! فخلال عقود ثلاثة تحول فيها الجيش من مهام الأمن القومي، إلى دائرة تتدخل بشكل غليظ في النشاط الاقتصادي، ما أثر على كفاءته.

فما هي الحلول والتصورات في ذهن المؤسسة العسكرية لحسم أو إنهاء الأزمة السودانية؟ من واقع مجريات الأمور، وتحديداً سير المعارك، يصدر الجيش بالحسم العسكري، وكما تردد ألا تفاوض مع الميليشيا (قوات الدعم السريع) ونتائج المعارك على الأرض المستمرة لا تدعم فرضية استمرارها على الوتيرة نفسها من الهزائم الماثلة، أما التفاوض فإن التحركات الدولية والإقليمية والشعبية، ربما تضغط على قادة الجيش للعودة إلى منبر جدة للتفاوض، كما أكد عليها المؤتمرون في القاهرة وما يتعرضون له من ضغوط. ففي زيارة من الرئيس الإثيوبي آبي أحمد وقبلها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي من دولتي رعاية التفاوض للفريق البرهان، في مقر حكومته المنفية في بورتسودان كلها تشير إلى تحرك بشأن الموقف المتوقع لنهاية الحرب الجارية، التي لم يعد للجانبين إمكانية الاستمرار فيها بوزن حقائق الوقائع. وعلى فرض أن تمضي المؤسسة العسكرية في اتجاه الحرب فإن الخطر الذي قد يواجهها قد يفقدها القدرة على التحكم بمجريات الأمور، ليس على مستوى ما يحقق عسكرياً وإنما بما يهدد وجود الدولة نفسها.

وفي خضم هذه التطورات المتلاحقة عسكرياً ودبلوماسياً والحاجة الإنسانية للتفاهم حول إيجاد مخرج من الأزمة السودانية، يتعين على قادة السلطة العسكرية استيعاب المعادلة السياسية، التي تقتضي في ما تقتضي أن للقوة العسكرية ـ إن وجدت- حدوداً حتى في الحرب، لتبدأ عندها العملية السياسية والتفاوض، وهذا ما يعني عملياً التحرك من مرحلة القتال إلى الحوار. ويحتاج إلى تغيير في الوسائل والخطاب والشخصيات بما يلائم مرحلة مقبلة لا يملك منها إلا بما تضعه كواجهة شرعية مسلحة للدولة والجيش معا، ويلزم ذلك أيضا فكَّ ارتباطه الأيديولوجي، أو التقليل من غوغائيته في سبيل الأمن القومي؛ فمفهوم كل من الجانبين الجيش وحاضنته السياسية يختلف في تقديرات الموقف من الحرب، فبينما تتشدد الواجهة السياسية في مواصلة القتال، على الرغم من الخسائر يبرهن موقف الجيش الميداني على استحالة تحمل الضغط إلى ما لا نهاية.

نقلا عن “القدس العربي”

 

الوسومالجيش السوداني العملية السياسية في السودان حرب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش السوداني العملية السياسية في السودان حرب السودان

إقرأ أيضاً:

للحرب وجوه كثيرة

لم تكن الحرب يوماً ما بكل آلامها ومآسيها غريبة عن البشرية، فقد صاحب انتشار الحروب في أنحاء كثيرة من العالم تطور كبير في الأسلحة المستخدمة فيها ، ونتيجة لذلك ظهرت أنواع من الأسلحة بالغة الأثر في هلاك البشرية، من تلك الأسلحة الفتاكة ؛ الأسلحة الكيميائية التي ظهرت لأول مرة في الحرب العالمية الأولى حينما أطلق الجيش الألماني غاز الكلورين على مساحة أربعة أميال مربعة وأصاب خمسة عشر ألف جندي، ثم استعمله البريطانيون بعد ستة أشهر في نفس المعارك وخلفت قتلى ومصابين كثر ، إلا أن الاستخدام في تلك الحرب كان بدائياً إلى حد كبير إذا ما قورن بالتقدم الذي حدث للأسلحة الكيميائية فيما بعد ، حيث لم تقتصر على غاز الكلور واكتشفت غازات أخرى كثيرة أكثر فتكاً بالإنسان ، وأصبحت قدرتها تفوق آلاف الأميال ولها آثار واضحة يسهل الاستدلال عليها و تسبب أنواعاً كثيرة من الأمراض مثل السرطانات والتشوهات الخلقية للأجنة وبعضها يحدث شللا للإنسان و آخر يحدث حروقاً تؤدي إلى الوفاة – لكنها في كل الأحوال لن تكون (كوليرا) مثلاً !!

هذا السلاح (الكيماوي) لابد له من عدة عوامل أهمها :

1/أن يكون غازاً ساماً جداً، حارقاً يؤثر على الإنسان والحيوان والبيئة من حوله.

2/يجب ألا يكون سهل التحلل خلال صناعته وحفظه إلى حين استعماله.

3/أن يكون له مواد خام سهل الحصول عليها وبكميات تكفي للعمليات الحربية.

4/يجب أن يكون سهل الحمل والنقل تحت احتياطات شديدة الحيطة والحذر لخطورته.

هذه الغازات – على حسب حديث الخبراء – إن لها آثارا على المسطحات المائية وتربة الأرض والتلال والمباني العالية ، وأنه يسهل فحص هذه العناصر الكيميائية بواسطة لجان مختصة وعبر تقارير من منظمات متخصصة ، وقد أفردت اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وأوضحت الإجراءات التي تتبع عند الادعاء وإجراء التفتيش وجمع الأدلة حول استخدام دولة ما أسلحة كميائية وإرسال فريق خبراء وكيفية إعداد التقارير المتخصصة التي تدين الدولة إذا ثبت فعلا أنها استخدمت أسلحة كميائية ،، وليس بالادعاءات والافتراضات دون أدلة أو براهين عبر وسائل الاعلام ، فهل زارت لجنة خبراء متخصصة موقع الهجمات المزعومة في السودان ؟ و هل تم فحص عينات للتربة أو المياه في ذات المنطقة ؟ وهل تم تحليل للمخلفات البيولوجية فيها؟؟ وهل تم فتح تحقيق دولي رسمي عبر آليات المنظمة أو الأمم المتحدة حول استخدام الأسلحة الكيميائية؟؟ ،، هذه التساؤلات لابد وأن تكون حاضرة أولاً.

لخطورة الوضع سعى العالم للحفاظ على البشرية من خطر الأسلحة الكيميائية بوضع اتفاقية دولية عرفت بمعاهدة (حظر الأسلحة الكيميائية) وتكونت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) ومقرها لاهاي (هولندا) ، ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 29 أبريل 1997م ، وتمثل المعاهدة نسخة موسعة ومنقحة من بروتوكول جنيف للعام 1925م حول الأسلحة الكيميائية، ومنعت المعاهدة استخدام الأسلحة الكيميائية وانتاجها وتخزينها ونقلها ، وأعطت المنظمة الحق في إجراء تفتيش لأي دولة عضو فيها يثور الشك حول استخدامها سلاحاً كميائياً وفق إجراءات معينة موضحة في الاتفاقية، وتضم الاتفاقية 193 دولة.

حصلت هذه الاتفاقية على جائزة نوبل للسلام في العام 2013م للجهود المبذولة في مكافحة استخدام الأسلحة الكيميائية في العالم .

علي الصعيد الوطني فقد إنضمّ السودان للاتفاقية في 16مايو 1999م ، ومنذ ذلك التاريخ والسودان عضو فاعل وملتزم بالاتفاقية وعضو داخل المنظمة الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وترأس المجموعة الأفريقية فيها ثم أصبح عضوا في المجلس التنفيذي لها وترأس المجلس التنفيذي ثلاث مرات ، آخرها كان حينما انتخب للمجلس التنفيذي في الدورة التاسعة والعشرين للدول الاعضاء في المنظمة والذي عقد في لاهاي نوفمبر 2024 للفترة من 2025 إلى 2027 م ، بالتالي من البدهي أن يكون السودان مدركا وملتزما بالاتفاقية وأحكامها وأن يحافظ على وضعه داخل المنظمة – بأقل تقدير – ووضعه الدولي أمام العالم كدولة فاعلة نالت ثقة رصيفاتها من الدول الأعضاء في ملف حظر الأسلحة الكيميائية.

لذلك فالادعاءات التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية ماهي إلا وجه آخر للحرب أو (نوعية جديدة) لكروت الضغط علي الحكومة السودانية بعد فشل خطط أبوظبي في تدمير السودان وهزيمة المليشيا الإرهابية أمام القوات المسلحة – رغم دعم ومساندة وتمويل أبوظبي لها بسخاء – وما أبوظبي إلا أداة لأيد خبيثة تود تدمير بلادنا لكن هيهات! !!

بالتالي جاء تدخل واشنطن بادعاء استخدام الجيش السوداني لأسلحة كميائية، دون الرجوع للمنظمة المعنية ودون إجراء تفتيش قانوني ودون أدلة تشير لهذا الادعاء المزيف متجاوزة بذلك أحكام الاتفاقية الدولية لحظر استخدام الاسلحة الكيميائية وأحكام الأمم المتحدة التي تحدد الإجراءات في مثل هذا الوضع ، وتوقيع عقوبات على السودان بسبب تصريح صحفي أو معلومات مغلوطة يعد تسييساً للقانون الدولي لا يمت للعدالة بصلة .

وللولايات المتحدة سوابق بافتعال مثل هذه الادعاءات في العراق ثم في قصف مصنع الشفاء بالسودان بصواريخ كروز في 22 اغسطس 1998م .

بالتالي ما يحدث الآن ماهو إلا استمرار في سياسة استهداف السودان منذ سنين عبر العديد من صور الاستهداف منها تطبيق عقوبات اقتصادية وحظر دولي وعزلة عن العالم ، وحظر بعض الصادرات الأميركية للسودان ووضع قيود علي إمكانية الحصول علي قروض أمريكية وضمانات الائتمان ، واستغلال لحالة الحرب التي تعيشها البلاد ، لنشر الفوضى ، حتي تقبل بالحلول السياسية المفروضة من الخارج ولكن أيضا هيهات فالارادة والقيادة السودانية لا ولن تقبل هذا مهما حدث ، وهل هناك شئ أمر وأصعب من الحرب ؟!!!

لكن على بلادنا أن تتمسك بحقها القانوني وأن تواصل إجراءاتها عبر منصات القانون ووفق أحكام اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية للوصول لحقها القانوني والتعامل الجاد مع هذه الاتهامات المزيفة .

والتحية لقواتنا المسلحة التي أينما حلت حل الأمن والأمان ودخل معها السلام والطمأنينة للمواطن ، واستقبلها الشعب بالفرح والزغاريد ، وحل الاستقرار والإعمار بوجودها .

د .إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • للحرب وجوه كثيرة
  • برلماني: التنسيقية تسعى لتعزيز التكامل بين القوى السياسية والأحزاب
  • إنهم الآن يذوقون من الكأس ذاتها التي أرادوا أن يذيقوها للسودان
  • البرهان يصدر قرار عاجل بشأن إتهامات أمريكية بإستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في الحرب
  • الصفدي يطلع على الانجازات التي حققتها سلطة إقليم البترا
  • عائلات إسرائيلية تفند ادعاء نتنياهو “تحقيق إنجازات” بالحرب
  • دمار كبير في القطاع الصناعي سببه الحرب في السودان
  • الشعبوية بين الشعارات السياسية وبناء الدولة
  • سيفقد أولاد دقلو كل المدن التي سيطروا عليها وسيتحولون إلى مجرد مجرمين هاربين
  • أحمد موسى: الصحة السودانية أعلنت أكثر من 170 وفاة خلال أسبوع بسبب تفشي الكوليرا