صحيفة البلاد:
2025-07-02@05:54:50 GMT

الغيرة الصامتة

تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT

الغيرة الصامتة

تنشأ منذ الصغر لدى الأفراد العواطف و المشاعر التي تكوّنت من خلال المواقف و الأحداث التي يعيشها الأفراد من خلال التجارب المختلفة ،وتختلف حدّة قوة المشاعر لدى الأفراد حسب المواقف التي يمرون بها، و يتنقل الأفراد من مشاعر إلى أخرى و تتكرر دورة هذه المشاعر بشكل مستمر و مختلف حيث انً المشاعر تختلف في حدِّتها و توهّجها من موقف إلى آخر.

قد تنشأ لدى البعض مشاعر قوية تجاه الآخرين نتيجة لشعوره بالتهديد من نجاح الآخرين أو تميزهم ، وينعكس النجاح بشكل سلبي على الفرد حيث أنه يشعر بالغيرة و لكنه لا يصرح بهذا الشعور أبدا بل يظل يلتزم الصمت دون معالجة هذا الشعور و عدم الاكتراث بتزايد الشعور وتجاهله دون تفكيك الشعور أو ردعه.

و يجد الفرد نفسه في دوامة من الغضب العارم و الانزعاج و الخوف و الترقب و عدم الرغبة في أن يكون اجتماعيًا ، ليس هذا فحسب بل يتعمّد أن يؤذي الآخرين الناجحين بطرق غير مباشرة ،و يميل إلى انتقادهم والاستنقاص من قدراتهم و تسفيهها ،وتعود جميع هذه الانفعالات إلى شرارة الغيرة التي أُشتعلت ولم تُخمد ،بل تُركت لتأكل تألق الفرد وتحطمه و تحيله إلى فرد ساخط و مؤذٍ.

و لا يخفى علينا أن لكل شيء نقيضه، فإن للغيرة نقيضتها ألا وهي المنافسة التي تجعل الفرد مقدامًا و غير متوار و متسائلاً غير صامت حتى يتعلم و يتقدم ، لذا يجب على الفرد ألّا يستسلم لحديث نفسه و لا لشعوره السلبي تجاه الآخرين بسبب أنهم ناجحون فقط بل عليه المسارعة و المحافظة على مكانته و نجاحاته التي حققها و العمل على الحصول على المزيد منها ،
و ممّا لا ريب فيه أن جميع الأفراد الذين يعيشون في المجتمع الواحد ،تساورهم هذه المشاعر ،ولكن يتم التعامل مع هذه المشاعر بشكل سليم و صحي من خلال الوعي والادارة الذاتيه والرغبة الصادقة في نجاح الآخرين و توفقهم ينعكس ايجابًا على الأفراد ويصبحوا ناجحين ايضًا ،ولايخفى علينا أن ارادة الشر للآخرين و عدم الرضا بنجاحهم و الشعور بالغيرة، ليس إلا انعكاساً لطغيان المشاعر السلبية على تفكير الفرد و تدميراً لوعيه.

fatimah_nahar@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

الاستدامة المالية .. بين الضريبة على الدخل وهيئة المشاريع

صدر يوم الأحد، الموافق 22 يونيو 2025، قانون الضريبة على دخل الأفراد في سلطنة عمان، في خطوة تعد الأولى من نوعها لإشراك الأفراد ذوي الدخل المرتفع في تمويل الإنفاق العام. وقد قوبل هذا القانون بتفاعل واسع، تراوحت فيه الآراء بين من يراه ضرورة لتعزيز الاستدامة المالية، ومن يتحفظ على توقيته وجدواه بالنظر إلى طبيعة المرحلة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

تباينت القراءات حول القانون، لكن يبقى السؤال الجوهري: هل يُفترض أن تأتي الضريبة بعد أن يتنوع الاقتصاد وتتسع قاعدته أم يمكن أن تستخدم كأداة لتسريع هذا التنوع ودعمه؟ هذا التساؤل لم يغب عن النقاشات الاقتصادية المعاصرة، بل طُرح مرارا مع كل محاولة إصلاح في الدول التي تعتمد على مصادر تقليدية للتمويل.

يناقش جوناثان جروبر، أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في كتابه «المالية العامة والسياسة العامة»، المفارقة التي تواجه بعض الدول حين تسعى إلى فرض ضريبة الدخل قبل أن تتوفر لديها قاعدة اقتصادية متنوعة. ففي بيئات يعتمد فيها النشاط الاقتصادي بدرجة كبيرة على الإنفاق الحكومي، فإن الشرائح ذات الدخل المرتفع غالبا ما تستمد مداخيلها من عقود الدولة أو من فرص مرتبطة بالسياسات العامة، أكثر من اعتمادها على سوق تنافسية حقيقية.

وهذا يعني أن هذه الدخول ليست ناتجة عن اقتصاد منتج ومستقل، بل عن دورة مالية تبدأ وتنتهي في القطاع العام. فإذا ما تراجعت المشاريع الحكومية نتيجة لانخفاض الإيرادات - مثلا بسبب تراجع أسعار النفط - فإن هذه الدخول تنكمش تلقائيا، وهو ما يضعف من فعالية الضريبة على المدى الطويل، سواء من حيث عدد الخاضعين لها أو من حيث الإيرادات المحصّلة.

وفي سلطنة عمان، ما زال جزء كبير من المالية العامة يعتمد على الموارد الطبيعية، التي تتأثر بعوامل خارجية يصعب التحكم فيها. لذلك، فإن استدامة الضريبة تظل مرهونة بمدى تنوع الاقتصاد وقدرته على توليد دخول حقيقية من قطاعات إنتاجية متنوعة.

في المقابل، يرى اقتصاديون آخرون أن الضريبة يمكن أن تكون بداية للإصلاح، لا نتيجته. دوجلاس نورث، الحائز على نوبل في الاقتصاد، وريتشارد بيرد، أستاذ السياسات الضريبية في جامعة تورنتو، يقدمان وجهة نظر مختلفة مفادها أن إشراك الأفراد في تمويل الميزانية يدفع الدولة إلى تحسين كفاءة الإنفاق، وتوسيع فرص الاستثمار المحلي، ومراجعة أولوياتها بقدر أكبر من الانضباط المالي. فحين ترتبط الإيرادات بدخل الأفراد، تصبح الدولة أكثر التزاما بتحقيق بيئة اقتصادية مستقرة وعادلة.

ويرى الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، أستاذ في مدرسة باريس للاقتصاد، وزميله جابرييل زوكمان من جامعة كاليفورنيا - بيركلي، أن إعادة توزيع الأعباء المالية من خلال ضرائب مدروسة تُعد من الأدوات التي تساعد على بناء توازن مالي مستدام، خصوصا إذا استُثنيت منها نفقات التعليم والعلاج والإنفاق المجتمعي كالزكاة والتبرعات والوقف. وهذا ما فعله قانون الضريبة في سلطنة عمان، حين حدد نطاقها بوضوح، وركز على الشرائح القادرة دون أن يمس الحاجات الأساسية للأسر.

ومن اللافت، وربما ليس من باب المصادفة، أن يصدر بعد يومين فقط المرسوم السلطاني رقم 57 / 2025 القاضي بتحويل الأمانة العامة لمجلس المناقصات إلى «هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي». هذا التعديل المؤسسي لم يكن شكليا، بل يؤشر إلى تحوّل أعمق في طريقة إدارة الإنفاق العام. فهذه الهيئة الجديدة، بصلاحياتها الواسعة، تتولى تنظيم الصرف على المشاريع، ومتابعة المحتوى المحلي، وضبط العقود، وتقديم خدمات الشراء الموحد، ما يعني أن الدولة - وهي تفرض ضريبة جديدة - تعيد في الوقت نفسه هندسة منظومة الإنفاق لضمان أعلى مردود من كل ريال يُنفق.

هذا التوازي بين قانون الضريبة وهيئة المشاريع يعكس رؤية متماسكة: لا معنى لأي مساهمة مالية من الأفراد إذا لم تقابلها مراجعة حقيقية لكفاءة الجهاز الإداري. ولا طائل من توسيع قاعدة الإيرادات إذا لم تتوازَ مع رفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق قيمة مضافة حقيقية داخل الاقتصاد الوطني.

من هنا، لا ينبغي أن يُفهم قانون الضريبة على دخل الأفراد في سلطنة عمان بمعزل عن بقية أدوات الإصلاح. فالتنويع الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق بإجراءات مالية فقط، بل لا بد أن يتزامن مع إصلاحات في التعليم، وسوق العمل، وبيئة الاستثمار. وما لم تكن هناك قدرة على إنتاج دخل مستقر خارج نطاق المشاريع الحكومية، فإن الضريبة ستظل محصورة الأثر، مهما بدت عادلة.

فالتحدي لا يكمن في فرض الضريبة بحد ذاته، بل في قدرتنا على توجيه عوائدها نحو أنشطة اقتصادية منتجة توفر فرصا جديدة وتدفع بعجلة النمو. الضريبة التي تُستخلص من دخل حقيقي ويُعاد توظيفها بكفاءة في مشاريع واضحة الأثر، يمكن أن تُسهم في بناء مستقبل أكثر استقرارا. أما إذا بقيت محصورة في دورة إنفاق حكومي غير متجددة، فإن أثرها لن يتجاوز المدى القصير.

فالاستدامة لا تتحقق من خلال القوانين وحدها، بل من خلال ما تثمره هذه القوانين على أرض الواقع. وعندما يرى الناس أثر مساهماتهم في تحسين التعليم، وتوسيع فرص العمل، وتطوير الخدمات، تنمو الثقة، ويتحول الالتزام المالي إلى شراكة واعية في بناء الغد.

سليمان بن سنان الغيثي محامٍ عماني

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي: على أفريقيا ألا تنتظر المعجزات من الآخرين بعد الآن
  • «الوطني للتأهيل» يكشف إشارات الاستغاثة الصامتة لمتعاطي المخدرات
  • العمل التطوعي.. ضمير المجتمع ونهضته الصامتة
  • الاستدامة المالية .. بين الضريبة على الدخل وهيئة المشاريع
  • الصمت لا يصنع إعلاما حرا
  • تعرف على تفاصيل قانون الضريبة على دخل الأفراد
  • قوة المجتمع في ترابطه الأسري وتماسكه
  • 30 يونيو بعد 12 عاما: انقلاب على الثورة وتكريس لحكم الفرد
  • هل تشعر بالقلق والتوتر؟ 5 أطعمة تساعدك على استعادة توازنك النفسي
  • لماذا لا يشمل غلاء المعيش المتقاعدين المدنين على قانون التقاعد المدني اسوة بالمتقاعدين الآخرين ؟