باريس- بعد مرور قرن على النسخة الأخيرة لأولمبياد باريس، ستستضيف العاصمة الفرنسية دورة الألعاب الأولمبية من 26 يوليو/تموز الجاري إلى غاية 11 أغسطس/آب المقبل لترك إرث تاريخي ورياضي كبير وسط تحديات أمنية واجتماعية ضخمة.

وتشهد كل المناطق المحيطة بنهر السين تقييدات أمنية وحواجز معدنية وانتشارا غير مسبوق لقوات إنفاذ القانون، حيث يقوم نحو 30 ألفا من ضباط الشرطة والدرك بدوريات منتظمة وبشكل يومي، في مشهد يجعل باريس تظهر -فعليا- وكأنها في "حالة حرب".

أما بالنسبة للباريسيين، فحياتهم اليومية لم تسلم من تداعيات الاستعداد للأولمبياد، بما في ذلك الازدحام الخانق في وسائل النقل أو إلغاؤها والحصول على رمز خاص للتنقل في المناطق القريبة من الألعاب، فضلا عن المشاكل التي يواجهها أصحاب المطاعم والفنادق، والسياح أيضا ضمن دائرة هذه التحديات.

صعوبة التنقل

وعلى الرغم من تفكير اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية -وبقية الوزارات المتعاونة معها- في وضع خطط عديدة لتقديم نسخة خالية من المشاكل، لا تزال شبكات المترو والقطارات والحافلات تواجه خطر التعرض لضغوط شديدة وأحمال زائدة مما قد يتسبب في وقوع تأخيرات وإزعاج للمستخدمين.

وتخيّم علامة استفهام كبيرة قبل بداية المنافسات: هل ستتمكن وسائل النقل في إيل دو فرانس من استيعاب 7 ملايين مسافر إضافي؟ إذ سيتعين نقل قرابة 15 مليون متفرج إلى مواقع الأحداث الرياضية الـ25، (12 في باريس و13 في ضواحيها)، فضلا عن 4 ملايين آخرين بين 28 أغسطس/آب و8 سبتمبر/أيلول المقبلين خلال الألعاب البارالمبية.

ومنذ 20 يوليو/تموز الجاري، دخلت قائمة جديدة للأسعار حيز التنفيذ، إذ ارتفع سعر التذكرة الفردية من 2.15 يورو إلى 4 يوروهات، دون تأثر سكان إيل دو فرانس بهذه الزيادة. وقبل أسبوع من افتتاح الألعاب، تم إغلاق العديد من محطات المترو في العاصمة وإلغاء مرور الحافلات في بعض المناطق.

ومع تفعيل المحيط الأمني المقرر لحفل الافتتاح، أصبح من المستحيل على المشاة وراكبي الدراجات والسيارات تجاوز الأسوار البالغ ارتفاعها مترين دون رمز الاستجابة السريعة أو "بطاقة الألعاب"، ويخص الأمر الباريسيين والسياح على حد سواء.

وفي حديث للجزيرة نت، أكد أحد رجال الشرطة أنه لا يمكن لأي أحد -بمن فيهم الصحفيون- العبور دون إظهار الهوية ورمز الاستجابة السريعة. وبينما يعدّ الباريسيون هذه القيود "سجنا في الهواء الطلق"، وصفت سائحة أميركية الوضع الحالي بـ"كوفيد باريسي".

وقالت للجزيرة نت إنها كانت ترغب في الاستمتاع بالعطلة وأجواء الأولمبياد رفقة أسرتها لكن هذه القيود تجعلهم يمشون لمسافات طويلة ولا يستطيعون حتى الاقتراب أو زيارة أهم معالم باريس السياحية. وتعتقد أن فكرة المجيء إليها خلال هذه الفترة بالذات "لم تكن خطوة موفقة".

ازدحام مروري على جسر ألما في باريس (الجزيرة) قطاعات متضررة

وبينما يُتوقع وصول عدد السياح إلى 15 مليونا خلال الألعاب، بزيادة 5 ملايين عن العام السابق، تتضاءل آمال مديري الفنادق في الحفاظ على أرباحهم المعتادة خلال فترة الصيف إذ لا تتجاوز الحجوزات نسبة 50% في الوقت الراهن، وفق أرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.

وقد استنكر رئيس اتحاد الحرف والصناعات الفندقية تييري ماركس -في حديثه لوسائل إعلام محلية- تأثر التجار وأصحاب المطاعم والفنادق.

وأوضح أنهم يشهدون الكثير من عمليات الإلغاء ويتراوح معدل الخسارة بين 30% و60% من الأرباح رغم أنهم كانوا يدقون ناقوس الخطر منذ عدة أشهر بسبب الاستعدادات للأولمبياد والمناخ السياسي العام في البلاد، وأضاف أنهم سيعملون في المرحلة المقبلة على ملف التعويضات المالية.

وفي السياق، أكد صاحب مطعم بالقرب من جسر "ألما" بالدائرة السابعة في باريس -للجزيرة نت- أن وجود الحواجز الحديدية أمام شرفة المطعم لا تشجع أحدا على الجلوس، لافتا إلى أن أرباحه تقلصت إلى أكثر من النصف بسبب إلغاء الحجوزات وعدم تمكن الزبائن المعتادين من الوصول لعدم حيازتهم على رمز الاستجابة السريعة.

من جانبه، أبدى مدير فندق 5 نجوم في الدائرة الأولى بباريس غيوم رومييل -في حديث للجزيرة نت- عن خيبة أمله وقلقه بشأن غياب العملاء.

وأكد أن فندقه يشهد انخفاضا حادا في حجم الحجز بمقدار النصف مقارنة بالعام الماضي على الرغم من تخفيض أسعار الغرف. وأنه تم حجز 32% فقط من الغرف خلال فترة الأولمبياد بالمقارنة مع نحو 90% السنة الماضية.

استمرار الأشغال في محيط برج إيفل (الجزيرة) سباق مع الزمن

ولا تزال الاستعدادات لأولمبياد 2024 مستمرة على قدم وساق حتى آخر لحظة إذ لم تكتمل الأشغال في عدد من المناطق، كما أعلنت اللجنة المنظمة الأربعاء الماضي أن هناك 1.2 مليون تذكرة متاحة للبيع لحضور الفعاليات الرياضية.

وحتى بعد إنفاق الدولة والمجتمعات المحلية في منطقة باريس 1.4 مليار يورو لتنظيف نهر السين على مدى العقد الماضي وسباحة عمدة العاصمة آن هيدالغو ووزيرة الرياضة أميلي أوديا كاستيرا في النهر لتقديم مثال يحتذى به وحشد ثقة الفرنسيين والرياضيين، لا يزال جدل جودة المياه في قلب النقاش ويشغل منصات التواصل الاجتماعي.

فقد أظهرت تقارير أن النهر داخل العاصمة لا يستوفي المعايير والشروط إذ يجب تقديم جودة كافية على مدى 4 مواسم ساحلية، أي 4 سنوات، وفق اللوائح الأوروبية.

وبالتالي، لا يُعتبر نشر بلدية باريس لنتائج العينات كل أسبوع كافيا، إذ يجب عرض التصنيفات من السنوات السابقة ومعلومات مفصلة عن المخاطر التي يمثلها التلوث الناتج عن البراز أو غيرها من العناصر المسببة للأمراض.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات رمز الاستجابة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

وزير صحة الخرطوم يكشف للجزيرة نت أسباب انتشار الكوليرا بالولاية

الخرطوم- بسبب ما أفرزته الحرب من استهداف لمحطات الكهرباء والمياه في ولاية الخرطوم، اضطر المواطنون لشرب مياه ملوثة، وبدأت الكوليرا تنتشر في أرجاء الولاية لا سيما في مدينة أم درمان، فضلًا عن انتشارها في ولايات أخرى من بينها سنار جنوبي شرقي البلاد.

وانتشر هذا المرض بشكل واسع في ضاحية "الصالحة" جنوب أم درمان- آخر المناطق التي استعادها الجيش السيطرة عليها من قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي- حيث ذكرت تقارير طبية أن المواطنين في هذه المنطقة درجوا على شرب الماء من إحدى محطات المياه الملوثة نتيجة الحرب المستمرة في السودان، مما تسبب في إصابة عدد منهم ووفاتهم لاحقا.

وأسهم تنقل المواطنين بين الصالحة ومدن ولاية الخرطوم الأخرى، مثل أم درمان وجبل أولياء، في انتشار هذا المرض وسط السكان المحليين.

أزمة الكوليرا

وتسببت معاناة الخرطوم بسبب انقطاع شبكات التيار الكهربائي والماء الصالح للشرب في تأزيم الوضع الصحي، حيث أفاد وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم بأن عدد الحالات الأسبوعية للإصابة بالكوليرا يتراوح بين 600 و700 معظمها في العاصمة الخرطوم، مع وجود وفيات ضمنها.

بعد انتشار الكوليرا في أم درمان، شكلت وزارة الصحة بولاية الخرطوم لجنة طوارئ لمتابعة تداعيات هذه الأزمة التي تأتي وسط معاناة في الحصول على الماء والكهرباء.

جلب مياه شرب ملوثة من مناطق غير نظيفة بسبب تدمير شبكات المياه جراء الحرب (الجزيرة)

وقال وزير الصحة المكلف بالولاية فتح الرحمن الأمين للجزيرة نت إنهم في حالة انعقاد دائم لمتابعة أزمة انتشار مرض الكوليرا، مشيرا الى إنشاء 10 مراكز للعزل الصحي بالخرطوم معظمها في أم درمان لاستقبال المصابين.

إعلان

وأضاف أنهم يعملون على مواجهتها، وأن عددا من الحالات التي وصلت إلى مراكز العزل والمستشفيات قد تعافت، لافتا إلى أن عدد الوفيات اليومية في الأسابيع الماضية لا يتجاوز 20 حالة، وأن معدل الإصابة الأسبوعي بلغ حوالي 600 إصابة.

سودانيون يشربون مياه النيل الملوثة دون معالجتها ما سبب لهم أمراضا عدة (الجزيرة) مياه ملوثة

ووفق الأمين، فإن "الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيا المتمردة بضرب محطات الكهرباء والمياه، ساهمت في إجبار المواطنين على شرب مياه ملوثة مما أدى لإصابتهم بالإسهالات والكوليرا"، وأكد أن وزارة الصحة بولاية الخرطوم تبذل قصارى جهدها للتصدي لهذا المرض، وأنهم تمكنوا من معالجة عدد من الإصابات "مما يعني أنها ستنحسر في الأيام المقبلة".

يبدو لافتًا في مدينة أم درمان لجوء المواطنين لجلب المياه من النيل مباشرة قبل معالجتها، أو من محطات المياه التي تعاني صحيا أو من مناطق آسنة واستخدامها في الشرب.

ورصدت كاميرا الجزيرة نت اصطفاف عدد من المواطنين في ضفة النيل يقودون عربات الكارو التقليدية لجلب المياه وتوزيعها على المنازل وهي غير صالحة للشرب بحسب خبراء في مجال الصحة، كما رصدت أزمة سكان أم درمان بعد انقطاع المياه في عدة محطات منذ أكثر من أسبوع، مما أجبر المواطنين على شراء المياه المستجلبة من النيل مباشرة.

توافد المصابين بالكوليرا على مراكز العزل بأم درمان (الجزيرة) إجراءات العزل

في الأثناء، خصصت وزارة الصحة عددا من المستشفيات والمراكز الصحية بالخرطوم لاستقبال المصابين بالكوليرا، من بينها مستشفى النور ومستشفى الأطفال بأم درمان و10 مراكز للعزل، ورصدت كاميرا الجزيرة نت تدافع العشرات من المصابين إلى هذه المراكز وهم في وضع صحي حرج وسط انتشار لفرق الطوارئ الصحية.

كما لاحظت الجزيرة نت أن معظم القادمين لهذه المراكز من النساء وكبار السن، مع تكدس وازدحام فيها بسبب زيادة حالات الإصابات وسط انقطاع في الكهرباء والماء.

إعلان

انتقل مرض الكوليرا إلى ولايات أخرى بينها سنار جنوب شرقي السودان، وقالت وزارة الصحة في تعميم صحفي، أمس الاثنين، إن عدد حالات الكوليرا في هذه الولاية ارتفع إلى 51 حالة تضمنت 5 وفيات و14 حالة شفاء، و31 ما زالت تتلقى العلاج بمراكز العزل.

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم: تكمنّا من التغلب على 4 تحديات مزمنة خلال العام الدراسي الحالي
  • محافظ القاهرة:رفع درجة الاستعداد بجميع مجازر العاصمة
  • الملك تشارلز: كندا تواجه «تحديات غير مسبوقة»
  • الداخلية تفرض سيطرتها.. انتشار أمني واسع في طرابلس
  • وزير صحة الخرطوم يكشف للجزيرة نت أسباب انتشار الكوليرا بالولاية
  • باريس سان جيرمان يتحضر لنهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم وعينه على الثلاثية لأول مرة بتاريخه
  • استعرض الجاهزية العامة لضمان سرعة الاستجابة.. أمير الباحة يرأس اجتماع لجنة الدفاع المدني الرئيسية بالمنطقة
  • نائب أردوغان للجزيرة نت: إسرائيل تحاول استثمار الفوضى بالمنطقة لمصالحها
  • ندى بسيوني تخطف الأنظار أمام برج إيفل: "واِبتدي المشوار من باريس"
  • سماء عمّان تتزين بعروض الألعاب النارية بمناسبة عيد الاستقلال الـ 79