منذ 9 اشهر تستمر الحرب في قطاع غزة والمعركة في جنوب لبنان والتي تتوسع وتأخذ اشكال مختلفة بشكل دائم، وهذه المعارك ادت في لبنان الى خسائر بالارواح والماديات كبيرة، اذ ان الاستهدافات الاسرائيلية تركزت على منازل المدنيين في القرى الامامية وادت الى دمار واسع والى سقوط شهداء من المدنيين والمقاتلين. والى جانب هذه الخسائر هناك خسائر على المستوى السياسي تعرضت لها قوى مختلفة في الداخل اللبناني ولعل معظم الخاسرين هم ممن عارضوا معركة الحزب نظراً لتعقيدات التي تحكم الحرب وظروفها المحيطة.
بعيداً عن خسائره العسكرية والبشرية، يمكن القول بأن "حزب الله" هو الرابح الاكبر سياسياً لاسباب كثيرة، منها الانفتاح العربي والغربي عليه وعودة الوحدة السنيّة- الشيعية السياسية أقله، الى المشهد اللبناني، اضافة الى تكريس الحزب نفسه قوة لا يمكن هزيمتها او الغاء حضورها وعليه سيصبح أقدر على الحصول على مكاسب كما ان التفاوض مع معه سيؤدي الى زيادة نفوذه الداخلي في المرحلة التي تلي وقف إطلاق النار، وعليه كما ان الحزب حقق مكاسب من المعركة فإن خصومه، وبطبيعة الحال تعرضوا لخسائر سياسية.
من بين الخاسرين القوى والشخصيات السنيّة المتحالفة مع "القوات اللبنانية" إذ ان الشارع السنّي كان منذ اللحظة الاولى ل"طوفان الاقصى" متعاطفاً مع الفلسطينيين ومع حركة "حماس" وبالتالي فإن أي موقف معارض او منتقد او معادي لن يكون مقبولاً لدى الجمهور السنّي، وعليه فإن بعض الشخصيات التي تماهت مع معراب سياسياً وهاجمت "حزب الله" ودعمه العسكري لحماس من جبهة جنوب لبنان تعرضت لخسائر شعبية، لان الخلاف بين البيئة السنّية والحزب لم ينعكس على هذه الحرب.
على الضفة الأخرى، حققت القوى المسيحية مكاسب شعبية، وتحديداً القوى المسيحية المعارضة مثل "القوات" وحزب "الكتائب اللبنانية" إذ ان الخطاب المعارض للقوى الفلسطينية المسلحة في لبنان ول"حزب الله" يعطي مكاسب فعلية في الشارع المسيحي، لكن الخسائر السياسي التي تعرضت لها هذه القوى قد تنهي مفاعيل اي كل المكاسب، خصوصاً أن التسوية التي ستعقد لاحقاً ستضع "حزب الله" في رأس هرم الاهتمام الاميركي، لان الحزب هو من سيعطي ضمانات حدودية وهو وحده من يستطيع تقديم التنازلات، وعليه فإن كل مكسب سياسي تحصل عليه حارة حريك ستخسر مقابله المعارضة المسيحية.
حتى "التيار الوطني الحر" بات اليوم غير قادر على ضمان اي إيجابية من قبل "حزب الله" أي انه وبسبب موقفه من الحرب خسر عملياً رافعته السياسية المتمثلة بالحزب، وهذا بحد ذاته سيؤثر على حضور التيار ونفوذه ودوره في التسوية المقبلة، ما يعني أن ما حصلت عليه ميرنا الشالوحي بعد حرب العام 2006 من مكاسب داخلية لن بتكرر عام 2024، وهذا ما يعرفه باسيل جيداً ولأجل ذلك يقوم بإنعطافة حقيقية مرتبطة بموقفه من دور الحزب العسكري في الجنوب...
تعمل القوى السياسية كافة وتحديدا تلك المعارضة للحزب على فصل مسار المعركة العسكرية الحالي عن مسار التسوية في لبنان وقد لاقى "حزب الله" هذه القوى بإعلانه عدم الاستفادة من اي تطور في صراعه وحربه مع اسرائيل في الداخل اللبناني، لكن حتى لو رفضت كل الاطراف، فإن السياسة تفرض تطورات وتبدلات متصلة ببعضها البعض، وهذا يمكن ابطاؤه لكن لا يمكن منع حصوله. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
كتب توماس فريدمان أنه رأى هذه المرة إشارات جديدة في إسرائيل تشير إلى أن مزيدا من الإسرائيليين، من اليسار والوسط وحتى من اليمين، يستنتجون أن استمرار هذه الحرب كارثة على بلدهم أخلاقيا ودبلوماسيا وإستراتيجيا.
وذكر الكاتب المعروف بميوله الليبرالية -في عموده بصحيفة نيويورك تايمز- أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وهو من الوسط، كتب مقالا لم يتردد فيه في مهاجمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه، قائلا إن "حكومة إسرائيل تخوض حاليا حربا بلا هدف ولا تخطيط واضح، ودون أي فرص للنجاح"، وأضاف "ما نفعله في غزة الآن حرب إبادة، قتل عشوائي للمدنيين بلا حدود، وحشي وإجرامي"، وخلص إلى القول "نعم، إسرائيل ترتكب جرائم حرب".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدوليlist 2 of 2إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغربend of listأما من اليمين، فهذا أميت هاليفي، وهو عضو حزب الليكود اليميني الذي ينتمي إليه نتنياهو، وهو مؤيد شرس للحرب، يعتقد أن تنفيذها كان فاشلا، وأن إسرائيل لم تنجح في تدمير حماس.
ومن اليسار، صرح زعيم التحالف الليبرالي الإسرائيلي يائير غولان بأن إسرائيل في طريقها إلى أن "تصبح دولة منبوذة مثل جنوب أفريقيا، إذا لم تتصرف كدولة راشدة لا تحارب المدنيين، ولا تتخذ قتل الأطفال هواية".
الحرب أنهكت المجتمعوذكّر فريدمان بأنه لم يُسمح تقريبا لأي صحفي أجنبي مستقل بالتغطية المباشرة من غزة، وبالتالي عندما تنتهي الحرب وتمتلئ غزة بالمراسلين والمصورين الدوليين الأحرار، سيتم الإبلاغ عن حجم الموت والدمار وتصويره بالكامل، وستكون تلك فترة عصيبة للغاية بالنسبة لإسرائيل ويهود العالم.
إعلانولذلك كان غولان، وفقا لفريدمان، محقّا في تنبيهه شعبه إلى ضرورة التوقف الآن، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستعادة المحتجزين، وإرسال قوة دولية وعربية إلى قطاع غزة، ولكن نتنياهو أصر على مواصلة الحرب.
ومع استهداف الجيش الإسرائيلي مزيدا من الأهداف الثانوية، تكون النتيجة هي قتل مدنيين من غزة كل يوم، مع أنه ليس ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة وحده هو ما يثير غضب الإسرائيليين المتزايد ضد الحرب، حسب فريدمان، بل ما يثيره هو أن الحرب أنهكت المجتمع بأسره.
واستشهد فريدمان هنا بما قاله عاموس هاريل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس بأن مؤشرات الفشل تشمل كل شيء من "تزايد حالات الانتحار إلى تفكك العائلات وانهيار الشركات".
وإذا كان العديد من الإسرائيليين يشعرون بأنهم محاصرون من قبل قادتهم، فإن سكان غزة أيضا يشعرون بمثل ذلك -حسب فريدمان- وإذا كان بعض القادة الإسرائيليين سوف يواجهون الحساب عندما تصمت مدافع الحرب، فإن الشيء ذاته سيحدث لقادة حماس بغزة.
وإذا كان قادة حماس قد ظنوا أنهم ينزلون كارثة بإسرائيل، فإنهم -حسب فريدمان- منحوا نتنياهو فرصة لتدمير حليفهم حزب الله في لبنان وسوريا، مما أضعف قبضة إيران على هاتين الدولتين، وحتى على العراق، بل ساعد في إخراج روسيا من سوريا، فيما اعتبرها الكاتب هزيمة مدوية "لشبكة المقاومة" التي تقودها إيران.
وإذا كانت عمليات نتنياهو العسكرية مهدت للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يرى فريدمان، فإن نتنياهو يضيع فرصة السلام هذه برفضه أن يفعل الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يطلق العنان لسياسة المنطقة بأكملها، ألا وهو فتح الطريق أمام حل الدولتين مع سلطة فلسطينية مُصلحة.
قبيلة اليهود ضد قبيلة الديمقراطيةولا عجب أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يريد إضاعة الوقت مع نتنياهو، فهو يذهب إلى الدول التي تعطيه، لا إلى الدول التي تطلب منه مثل إسرائيل، ولكن نتنياهو لن يسمح لترامب بصنع أي تاريخ معه.
إعلان
غير أن ترامب، ربما ليست لديه أي فكرة عن مدى التغيير الداخلي الذي طرأ على إسرائيل، خاصة أن العديد من اليهود الأميركيين لا يدركون مدى ضخامة وقوة المجتمع الديني المتطرف والقوميين المتدينين الاستيطانيين في إسرائيل، ومدى اقتناعهم برؤيتهم لغزة كحرب دينية، كما يقول الكاتب.
وقد أوضح الرئيس السابق للكنيست أفروم بورغ، متحدثا عن اليمين القومي المتدين الاستيطاني في إسرائيل "بيبي (لقب نتنياهو) هو في الواقع بيدقهم وليس اللاعب الحقيقي".
وأضاف بورغ "حدِّثهم عن إمكانية تحقيق إسرائيل السلام مع السعودية، يتجاهلونك ويقولون إنهم ينتظرون المسيح، حدثهم عن فرصة إسرائيل لتحقيق السلام مع سوريا، يردون بأن سوريا ملك للشعب اليهودي، حدثهم عن القانون الدولي، يحدثونك عن القانون التوراتي. حدثهم عن حماس، يحدثونك عن العماليق".
وخلص بورغ إلى أن الانقسام الحقيقي في إسرائيل اليوم ليس بين المحافظين والتقدميين، "بل بين القبيلة اليهودية والقبيلة الديمقراطية. والقبيلة اليهودية هي المنتصرة الآن".
وختم فريدمان بمقارنة بين أسلوبي نتنياهو وترامب المتشابهين في تقويض ديمقراطيتيهما، حسب زعمه، فكلاهما يحاول تقويض محاكم بلاده و"الدولة العميقة"، أما الهدف فهو بالنسبة لترامب إثراء نفسه شخصيا ونقل ثروات البلاد من الأقل حظا إلى الأكثر امتيازا، أما بالنسبة لنتنياهو فهو التهرب من تهم الفساد ونقل السلطة والمال من الوسط الإسرائيلي الديمقراطي المعتدل إلى المستوطنين والمتدينين.