ترامب بين دعم إسرائيل وضغوط الداخل.. براعة سياسية أم رهانات انتخابية؟| محلل يجيب
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
في خضم التصعيد المستمر في غزة، يبرز الموقف الأمريكي، وتحديدا موقف الرئيس دونالد ترامب، كأحد أبرز محاور النقاش السياسي والدبلوماسي، تظهر مؤشرات على مقاربة أكثر تعقيدا، تحاول الموازنة بين الولاء التاريخي للحليف الإسرائيلي، وتنامي التحديات السياسية داخليا وخارجيا.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إن الموقف الأخير لـ دونالد ترامب من العدوان الإسرائيلي على غزة يكشف عن نهج براغماتي يتجاوز ظاهر التصريحات المتعاطفة مع إسرائيل نحو مقاربة أكثر تعقيدا، يحكمها توازن دقيق بين دعم الحليف التقليدي ومواجهة الضغوط المتزايدة على الساحة الدولية والداخلية.
وأضاف يونس- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "فبينما يصرح ترامب بإمكانية حدوث أخبار سارة تتعلق بوقف الحرب، فإن إشاراته المتكررة إلى إجراء اتصالات مع كل من إسرائيل وحركة حماس تعكس إدراكا أميركيا متناميا لتداعيات استمرار الحرب، سواء على صورة الولايات المتحدة في العالم أو على حساباته الانتخابية المقبلة".
وأشار يونس، إلى أن التحركات التي تقوم بها الإدارة الأميركية، بما فيها زيارة وزيرة الأمن الداخلي إلى القدس وتصريحاتها المؤيدة لحكومة نتنياهو، تؤكد استمرار التزام واشنطن بالدعم السياسي والأمني لإسرائيل، وهو موقف يصعب التخلي عنه في ظل معادلات القوة داخل الولايات المتحدة، إلا أن هذا الدعم لا يبدو مطلقا كما كان في السابق، بل بات يكتسي طابعًا وظيفيا، يهدف إلى تحقيق توازن بين ضمان أمن إسرائيل من جهة، واحتواء تبعات الحرب من جهة أخرى.
وأوضح يونس، أن المرحلة المقبلة تبدو مرشحة لتطورات على مستويين. الأول هو محاولة واشنطن لعب دور الوسيط، ليس بدافع إنساني خالص، بل لتحقيق مكاسب سياسية وإعادة تقديم ترامب كصانع صفقات قادر على إنهاء نزاعات معقدة، والثاني هو استخدام أدوات الضغط غير المعلنة لحث حكومة نتنياهو على القبول بوقف مؤقت لإطلاق النار، ربما في إطار صفقة تبادل أسرى، يمكن استثمارها في الداخل الأميركي كمؤشر على فعالية القيادة.
وتابع: "غير أن نجاح هذا المسار يظل مرهونا بمدى استعداد إسرائيل للانخراط في تسوية تكسر منطق "الحسم العسكري الكامل"، وهو أمر يبدو مستبعدا في المدى القريب، في ظل تمسك نتنياهو بسقف مرتفع من الأهداف، وهو ما قد يضع الإدارة الأميركية أمام خيارين: إما الاستمرار في منح الغطاء السياسي للحرب وتحمل كلفته، أو التدرج في رفع الغطاء بطريقة لا تفجّر العلاقة الاستراتيجية، ولكن تفرض تعديلا في السلوك الإسرائيلي".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب إسرائيل غزة الاحتلال وقف الحرب وقف إطلاق النار قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
السودان وفروقات الوعي السياسي
أن الحرب تعتبر أعلى درجات الأزمة في أية مجتمع، و العقل السياسي الذي تسبب في الأزمة حتى وصلت إلي الحرب، لا يستطيع أن يحدث تغييرا في واقعها، إلا إذا استطاع تغيير طريقة تفكيره.. و التغيير لا ينتج بعقول خاملة لا تستطيع أن تنتج أفكار جديدة، فقط تعيد إنتاج ذات المقولات التي تسببت في الحرب.. المطلوب عقول جديدة، تنتج أفكار جديدة، تستطيع من خلالها أن تحدث تنشيط في الفعل السياسي يتجاوز سلبيات الماضي.. لكن محاولات إعادة ذات العقليات برفع ذات الشعارات القديمة سوف تعيد إنتاج الأزمة.. أن النخب السياسية السودانية تتخوف من نقد ممارساتها التي أوقعتها في الأخطاء التي قادت إلي الأزمة.. لذلك الكل يميل للتبرير الذي يغيب معرفة الأسباب و يعيد إنتاج الأزمة بصور مغايرة..
أن أغلبية النخب السودانية السياسية، أو المثقفة التي تدور في المحور السياسي، لا يفكرون إلا من خلال مصالحهم الخاصة، أو مصالح أحزبهم، لذلك ينظرون لواقع الأحداث من خلال عدسات ضيقة لا تساعد على النظرة الكلية للأزمة.. مثالا لذلك نشرت سودان اندبندنت خبرا يقول ( طالب نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ز جعفر الميرغني رئيس الوزراء كامل إدريس بالعمل على تهيئة المناخ للانتخابات العامة في السودان) و أضاف قائلا ( إقامة مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات حرة و نزيهة) أن جعفر الميرغني لم يجد ما يقوله إلي رئيس الوزراء غير الانتخابات الأداة الموصلة للسلطة.. رغم أن البلد ماتزال الحرب مستمرة فيها، المؤامرات الخارجية تنوع في تحدياته.. فالعقل الذي لا ينظر للأزمة بكلياتها لا يكون مفيدا في معالجة الأزمة.. و أيضا هناك أحزاب و سياسيين متمسكين بالتفاوض ليس قناعة منهم إنه طريقا ناجعا للحل، بل لأنهم يعتقدون أن أنتصار الجيش على الميليشيا سوف يحدث واقعا سياسيا جديدا يصعب عليهم شروط الالتحاق به.. و أيضا هناك قوى سياسية تريد أن تنتهي الحرب لكي تواصل فعلها الثوري.. الأمر الذي يؤكد خمول العقل السياسي في إنتاج أفكار جديدة تتجاوز بها الأزمة..
أن الحرب ليست عملية سياحة للترفيه، أو حالة من حالات الغضب و بعدها ترجع الأشياء كما كانت قبل الحرب.. الحرب تستخدم فيها كل أدوات القتل و التدمير، و يظهر السلوك السالب بكل تفاصيله، و كلها أشياء سوف يكون لها انعكاسات على حياة الناس و سلوكهم و علي طريقة تفكيرهم.. الحرب حتما سوف تظهر قوى جديدة من الشباب الذين شاركوا في القتال، هؤلاء يجب أن يكون لهم دورا في مستقبل البلاد السياسي.. الجيش بعد الانتصار أيضا لديه مهمة أخرى.. هي حفظ الأمن و جمع السلاح من كل المقاتلين و فرض السلام الاجتماعي و السياسي في البلاد.. و وضع حد لتدخل النفوذ الخارجي في الشأن السياسي السوداني.. و كلها قضايا في حاجة للتفكير العقلاني الموضوعي... و ليس التفكير القائم على المصالح الضيقة..
معلوم في الفكر السياسي أن عملية البناء و النهضة تؤسس عن طريقين.. الأول أن تكون هناك أحزاب ناضجة و فاعلة، على رأسها قيادة لها مشروع سياسي، يلتف حولها الشعب و تعمل بجد، و عمل إداري بخبرات عالية، و نزاهة و شفافية. و التزام قوى بتطبق القوانين، و استطاعت أن تنجح في ذلك حدث ذلك في البرازيل و الهند و تركيا و ماليزيا و رواندا.. و هناك دول نهضت من خلال حزب واحد أو قيادات عسكرية أيضا استطاعوا أن يلتزموا بمعايير النهضة.. المشروع السياسي و حسن الإدارة و النزاهة و الشفافية و تطبيق القوانين و حدث ذلك في الصين و سنغافورة و كوريا الجنوبية و فيتنام.. و النجاح في الثاني الرهان عليه في التحول غلي الديمقراطية مرتبط بالتطور الاقتصادي الذي يبرز طبقة أوسطى جديدة تقود إلي تحول ديمقراطي من خلال دورها السياسي و الفكري و الثقافي في المجتمع..
إذا أردنا أن نقارن العملية السياسية في السودان.. بالتطورات التي حدثت بعد ثورة ديسمبر نجد أن الشارع كان أكثر وعيا من القوى السياسية، التي فشلت في إدارة الأزمة السياسية، لأسباب عديدة.. اولا - أنها لم تكن لديها مشروعا سياسيا.. ثانيا - القيادات التي قدمتها للمواقع الدستورية " الوزارات" أغلبيتهم كانت ذات خبرات ضعيفة، و بعض منهم أول وظيفة له في حياته و حياتها كانت وزارة.. ثالثا - خسارتهم للشارع الذي جاء بهم للسلطة.. رابعا – راهنوا على الخارج أن يعيدهم للسلطة.. خامسا - تحالفهم مع الميليشيا و أصبحوا جناحها السياسي.. سادسا - فشلوا في تقييم التجربة و مايزالون يرهانوا حتى الآن لكيفية العودة للسلطة، دون أن يكون لهم تصورا مقنعا للشارع... سابعا – عندما تفشل قيادة الأحزاب في معركتها و تخسر الشارع تبدأ بتغيير قياداتها في محاولة من أجل كسب الشارع، لكن قلة الخبرة، و عدم وجود قيادات أفضل ظلت الأحزاب تصارع بذات القيادات التي باتت غير مقبولة في الشارع..
أن البلد ليس كما قال جعفر الميرغني (بإنها في حاجة إلي مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات) البلد حتى يكون فيها أحزاب قادرة على تحمل المسؤولية الوطنية، هي في حاجة لتشريعات " قانون الأحزاب" أن تجرى الأحزاب مؤتمراتها قبل كل أنتخابات على أن لا يترشح أي عضو أكثر من دورتين.. و في الفترة الانتقالية أن تجري الأحزاب انتخاباتها مرتين قبل الانتخابات.. لكي يضمن الشعب ليس هناك احتكارية للأحزاب من قبل شلة أو مجموعات بعينها، أو بيوتات، أو أفراد، و بالتالي يضمن تداول القيادة في الأحزاب، و الانتخابات تضمن تجديد للأفكار و البرامج، و النافسة هي التي تخلق الوعي، و تقدم قيادات مدركة لدورها، إلي جانب مراقبة ألأموال حتى لا يتدخل النفوذ الخارجي عبر التمويل.. أن أهم خطوة قبل الانتخابات قانون الأحزاب.ز حتى تأتي قيادة ضعيفة القدرات لأنها لم تصعد لقمة الحزب إلا بسبب علاقة الأبوة و المحسوبية و الشللية و غيرها.. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com