840 ألفًا سيموتون قبل أوانهم جرّاء مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية.. ما السبب؟
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة آخذة بالازدياد في جميع أنحاء العالم، وقد يكون سبب ذلك مفاجئًا: تلوّث الهواء.
فقد توصل العلماء في دراسة نُشرت في مجلة "Lancet Planetary Health" الإثنين، إلى وجود صلة بين هاتين الظاهرتين رُغم اختلافهما الظّاهري.
وابتكر الباحثون نموذجًا للنظر في مستويات تلوّث الهواء المعروفة بـ"PM2.
وكشف البحث عن وجود علاقة بين المستويات العالية لتلوّث الهواء من نوع "PM2.5"، والمستويات العالية من مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة التي أصبحت أقوى بمرور الوقت.
ومع ارتفاع مستويات التلوّث بالجسيمات، ارتفعت أيضًا مستويات مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة.
والتلوّث بالجسيمات عبارة عن مزيج من القطرات الصلبة والسائلة التي تطفو في الهواء، وفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية.
ويمكنه أن يكون على شكل تراب، أو غبار، أو سخام، أو دخان.
ويأتي التلوّث الجسيمي من المصانع التي تعمل بالفحم، والغاز الطبيعي، كما قد ينجم عن السيارات، والزراعة، والطرق غير المعبّدة، ومواقع البناء، وحرائق الغابات أيضًا.
وتحدث مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة، المعروفة أيضًا باسم مقاومة مضادات الميكروبات (AMR)، عندما يطوّر عامل مُمِْرض معيّن، كنوع من البكتيريا، أو الطفيليات، أو الفطريات، تحمّلاً لنوعٍ مُحدّد من الأدوية لدرجة أنّها تفقد قدرتها على محاربة تلك العدوى.
وأصبحت مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة تشكّل مشكلة كبيرة في جميع أنحاء العالم، إذ أنّها تتسارع "بوتيرة مثيرة للقلق"، بحسب تعبير بعض العلماء، وتتسبّب بنحو 700 ألف حالة وفاة إضافيّة كل عام تقريبًا.
وتعتبر الأمم المتحدة أنّ مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة يشكّل "تهديدًا أساسيًا" لصحة الكوكب بأكمله، وسلامته.
وقال العلماء إنّ معظم مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية ناتجة عن الإفراط في وصف المضادات الحيويّة، أو إساءة استخدامها، وضعف السيطرة على العدوى في المستشفيات، والإفراط في استخدامها في مزارع الحيوانات، إلى جانب رداءة المرافق الصحية.
ولكن أشار مؤلفو الدراسة الجديدة إلى أنّ هذه الأنشطة لا تُفسّر المشكلة بأكملها.
ويُظهر نموذجهم أنّ التلوث بالجسيمات هو المسؤول عن 11% من التغيرات في متوسط مستويات مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة حول العالم، ما يجعله من المحرّكات الرئيسية لمقاومة المضادات الحيويّة.
وتُشير الدراسة التي نظرت في 9 من مسبّبات الأمراض البكتيريّة، و43 نوعًا من المضادات الحيويّة، إلى أن كل ارتفاع بنسبة 1% بتلوّث الهواء مرتبط بزيادة مقاومة المضادات الحيويّة بين 0.5% و 1.9%، اعتمادًا على العامل المُمْرض.
وذكر الباحثون ضرورة خضوع عملهم للمزيد من الاختبارات.
ولكن إذا كان هذا التحليل دقيقًا، وفي حال بقيت مستويات التّلوث بالجسيمات عند المستوى عينه تقريبًا، فسيكون مستوى مقاومة المضادات الحيويّة في جميع أنحاء العالم في عام 2050 أعلى من مستواه الحالي بـ17%.
وقد لا يبدو هذا العدد كبيرًا، لكنّه يعني وفاة حوالي 840 ألف شخص إضافي قبل أوانهم بسبب أمراض لا يمكن علاجها بالمضادات الحيويّة.
والدّراسة قائمة على الملاحظة، لذا لا يمكنها إثبات وجود صلة بين التلوّث بالجسيمات، ومقاومة المضادات الحيويّة، ولا يمكنها تفسير الرابط المُحتمل.
وتشمل إحدى الاحتمالات مساعدة التلوث بالجسيمات على انتشار البكتيريا المقاوِمة للمضادات الحيويّة.
وأظهرت دراسات سابقة أنّ التلوث بالجسيمات قد يعمل كمصدر طاقة يحمل البكتيريا معه.
ورُصِدت جينات مُقاوِمة في الكائنات الحية الدقيقة المحمولة جوًا في المناطق التي توجد فيها المضادات الحيويّة عادةً، مثل المستشفيات، ومحطّات معالجة مياه الصرف الصحي، والمزارع.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أمراض دراسات ث الهواء
إقرأ أيضاً:
حين ترتجف “تل أبيب” من وقع الكلمة.. المصطلحات سلاح والأسماء جبهة مقاومة
محمد عبدالمؤمن الشامي
في زمن يتزاحم فيه الزيف لتشويه الحقائق وتزييف الوعي، تصبح الكلمة المبدئية والمصطلح الصادق طلقات وعي تصيب قلب العدو وتفكك أركان روايته المصطنعة.. من هذا المنطلق، تتجلى أهمية ما أكّده قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمته بتاريخ 26 شوال 1446هـ، عندما عرّى توتر الكيان الصهيوني من مجرد تسمية الطائرة اليمنية المسيّرة بـ”يافا”، ووصف المدينة، كما سائر المدن الفلسطينية، بأنها “محتلة”.
ليس هذا الانزعاج تفصيلًا ثانويًا؛ بل هو نافذة كاشفة على طبيعة الصراع، فالمعركة ليست محصورة في ميادين القتال أو الأجواء، بل امتدت إلى الميدان الأخطر: ميدان المصطلحات.. الكلمات لم تعد مجرد أدوات وصف، بل باتت خنادق مقاومة.. وعندما نُطلق على الأمور مسمياتها الحقيقية، نزعزع ركائز شرعية العدو المزعومة، ونفضح زيفه أمام العالم.. نحن لا نصف واقعًا فحسب، بل نمارس فعل المقاومة بالنطق.
العدو الصهيوني، منذ أن زرع كيانه على أرض فلسطين، وهو يشن حربًا نفسية ومعرفية ممنهجة: تحويل فلسطين إلى “إسرائيل”، والمسجد الأقصى إلى “جبل الهيكل”، والاحتلال إلى “دولة ذات سيادة”، ويافا إلى “تل أبيب”.. لكن حين تعود الأسماء إلى حقيقتها، يعود التاريخ إلى مساره، وتُستعاد الجغرافيا من بين أنياب التحريف.
“يافا المحتلة” ليست مجرد تركيب لغوي، بل هي قنبلة وعي. هي جرس إنذار بأن ذاكرة الأمة لم تُمحَ، وأن حقوقها لم تُفرَّط.. تسمية الطائرات المسيّرة بأسماء المدن الفلسطينية المحتلة ليس إجراءً شكليًا، بل عمل مقاوم محض، يبعث برسالة سياسية وعقائدية: هذه الأرض لنا، اسمًا ورسمًا، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
وعليه، فإن من أوجب واجبات الإعلام المقاوم، والخطاب العربي والإسلامي عمومًا، أن يلتزم الصدق في المصطلح، والصلابة في التوصيف.. لا مكان للغة التطبيع، ولا حيز لتزوير الجغرافيا.. فالكلمة المقاومة ترهب العدو أكثر من السلاح أحيانًا، ومسيّرة “يافا” خير شاهد على ذلك.
نحن في قلب معركة تحرر شاملة، أحد أعمدتها هو ميدان الوعي.. والمصطلح فيه ليس ترفًا بل ذخيرة، ليس تزيينًا بل سلاحًا.. وكل من يحمل وعيًا، يحمل مسؤولية استخدام المصطلح كمن يقبض على الزناد.