مواسم الأعاصير.. ظواهر جوية متطرفة أم طبيعة غاضبة؟!
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
عندما تغضَب الطبيعة لا يستطيع أن يقف أمامها شيء، لقد تغيَّرت للأبد، فما بين دول لم يعد لها وجود، وأشخاص لم يعد لهم أثر، ومناخات تبدَّلت، ومشاهد مؤلمة ترسَّخت في الأذهان والذاكرة، لا يزال العالم متسمِّرًا أمام طيف واسع من الكوارث والظواهر الكونية، أوجدها معدل التغير الهائل في المناخ.. وخلال الآونة الأخيرة تردَّدت في الأرجاء أسماء متعددة لأعاصير مدارية هاجمتْ بلدانًا عدَّة في مناطق شتى من جغرافية عالمنا المعاصر.
. فما هي الأعاصير؟ وكيف تنشأ؟ وما هي وسائل الاحتراز وأدوات المواجهة؟.. "الرؤية" تحاول عبر هذا التقرير الوقوف على إجابات.
الرؤية - سارة العبرية
يُعرَّف الإعصار بأنَّه عاصفة مدارية تتراوح سرعة رياحها المستمرة بين 63 و118 كيلومترًا في الساعة، ويُصنَّف حسب مقياس "سافير- سيمبسون" وفق 5 فئات رئيسية؛ إعصار الفئة الأولى عندما تصل سرعة الرياح المستمرة إلى 119 إلى 153 كيلومترا في الساعة، والفئة الثانية تكون الرياح بسرعة ما بين 154 إلى 177 كيلومترا في الساعة، والفئة الثالثة مع سرعة رياح تتراوح ما بين 178 إلى 208 كيلومترات في الساعة، والفئة الرابعة بسرعة رياح 209 إلى 251 كيلومترا في الساعة، أما الفئة الخامسة والأخطر فعندما تزيد سرعة الرياح المستمرة على 252 كيلومترا في الساعة.
هذا ووفقا لوكالة ناسا، تعدُّ الأعاصير أعنف العواصف على الأرض؛ حيث يتغذى الإعصار على مكونين فقط وهما الحرارة والماء، وتنشأ الأعاصير فوق المياه الدافئة عند خط الاستواء، ويمتص الهواء فوق سطح المحيط الحرارة والرطوبة، لتنشأ بعدها دوامات من الهواء نتيجة ارتفاع الهواء الساخن للأعلى من منطقة الضغط المنخفض إلى منطقة الضغط المرتفع. وما إن يرتفع هذا "الهواء الساخن" بدرجة كافية في الغلاف الجوي، حتى يبرد ويتكثف في السحب، لتنشأ عندها دوامة من الهواء والسحب المتنامية وتتحول إلى عاصفة رعدية.
الأنماط المناخية
وفي تقرير -نُشر على موقع "لايف ساينس"- قال جيري بيل المختص بالأعاصير الموسمية الرئيسية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا" في واشنطن: إنَّ "هناك نوعين من الأنماط المناخية السائدة التي تتحكم في أنماط الرياح والضغط عبر المحيط الأطلسي"؛ الأولى هي دورة "النينيو" أو "النينا"، وهي دورة مناخية تحدث في المُحيط الهادي، وتؤثر بشكل كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم؛ حيث تبدأ عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادي من الجهة الغربية للجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أمريكا الجنوبية على طول خط الاستواء، لتطفو بعد ذلك على مياه شمال غرب أمريكا الجنوبية.
والنمط المناخي الثاني هو التذبذب المناخي متعدد العقود في المحيط الأطلسي، والذي يُعرف بأنَّه نمط من التذبذب المناخي الذي يستمر في أي مكان لمدة تتراوح ما بين 25 إلى 40 عاما، ويرتبط بالمياه الأكثر دفئاً في المحيط الأطلسي والرياح الموسمية الأفريقية الأقوى.
ووفقاً لدراسة نُشرت بدورية "بي ناس" في مايو 2020، خلص باحثون من مراكز عدة مختصة بعلوم المناخ والمحيطات في أمريكا إلى أن الاحتباس الحراري يتسبب بزيادة عدد العواصف المدارية وزيادة تواترها أيضًا. كما يتسبب الاحتباس الحراري أيضا بنشوء ما يُسمَّى بـ "عواصف الزومبي"، تلك التي تتلاشى تدريجياً لفترة زمنية بسيطة ثم تعود لتشتد من جديد.
إعصار "جامني"
ومنذ الأربعاء الماضي، تواجه الفلبين تداعيات الإعصار الأقوى "جامني"، الذي تسبب رياح شديدة وهطول أمطار غزيرة، مما دفع السلطات لوقف العمل والدراسة، كما جرى وقف تداول العملات والأسهم. وأوقف المكتب الرئاسي الدراسة في كافة المراحل الأكاديمية والعمل في معظم المكاتب الحكومية بمنطقة العاصمة التي تتكون من 16مدينة ويسكنها ما لا يقل عن 13 مليون نسمة بسبب العاصفة الاستوائية. وقالت وكالة الأرصاد الجوية الفلبينية إن الإعصار جايمي، الذي تبلغ سرعة رياحه القصوى 155 كيلومترا في الساعة، يتجه نحو تايوان.
ويوم الخميس الماضي، ضرب الإعصار "جايمي" تايوان، بعواصف عاتية بلغت سرعتها 227 كيلومترا في الساعة، وأدى لهطول أمطار بلغ منسوبها أكثر من 1800 ملليمتر على الجبال الجنوبية للجزيرة، مُحدثا فيضانات في عدة مدن وبلدات. وأسفر كذلك عن وفاة خمسة وإصابة أكثر من 500 شخص. كما تسبب في غرق سفينة شحن قبالة سواحل تايوان، وفي مقتل 32 شخصاً في الفلبين وغرق ناقلة بحرية قبالة سواحلها.
ومع الساعات الأولى من فجر الجمعة، توجَّه الإعصار "جايمي" إلى بلدات إقليم فوجيان الصيني الساحلي محملا بأمطار غزيرة ورياح قوية ليشق طريقه إلى المناطق الداخلية المكتظة بالسكان. ولا يزال الإعصار مصحوبا برياح تصل سرعتها إلى 100.8 كيلومتر في الساعة قرب مركزه بعد انخفاضها قليلا عن سرعة 118.8 كيلومتر في الساعة عندما وصل اليابسة في مدينة بوتيان في فوجيان.
ورغم تخفيض تصنيف جايمي إلى عاصفة مدارية بسبب تباطؤ سرعة الرياح، إلا أن السحب الكبيرة المصاحبة له لا تزال تهدد بحدوث فيضانات، خاصة في الأنهار بوسط الصين التي ارتفع منسوبها بالفعل بسبب موجة سابقة من الأمطار الصيفية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصين توسّع نفوذها البحري في المحيط الهادئ: استعراض لقدرات خفر السواحل وخطط لدوريات مشتركة
في خطوة قد تُشعل التوترات في المحيط الهادئ، تتجه الصين نحو تفعيل عمليات تفتيش وصعود على سفن الصيد في أعالي البحار بالمحيط الهادئ للمرة الأولى، في منطقة تُعد مسرحاً لتداخل المصالح الإقليمية والدولية. اعلان
مسؤولون من جزر المحيط الهادئ أكدوا لوكالة رويترز أن بكين باتت تُظهر استعداداً فعلياً للدخول في مجال إنفاذ القانون البحري، بما يشمل منافسة أساطيل كبرى مثل تايوان وخفر السواحل الأميركي.
وفي تطور لافت استعرض خفر السواحل الصيني الأسبوع الماضي، قدرات إحدى أضخم سفنه "هايشون 60" التابعة لخفر السواحل، "والتي تُستخدم عادة في تطبيق القانون البحري بمضيق تايوان"، أمام وزراء من دول جزرية في المحيط، كما أظهرت بكين انخراطًا متزايدًا في النقاشات الخاصة بوضع قواعد عمليات التفتيش في أعالي البحار، بحسب وثائق رسمية ومقابلات مع مسؤولين.
Relatedفرنسا وإندونيسيا تُعززان التعاون الأمني في المحيط الهادئ وسط تصاعد التوترات مع الصينمناورات صينية في بحر تسمان تُجبر رحلات جوية مدنية على تغيير مسارها الصين تختبر صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات في المحيط الهادئ وسط تصاعد التوتر مع الولايات المتحدةوفي هذا السياق قال آلان راهاري، مدير العمليات بوكالة منتدى مصايد الأسماك، في مقابلة مع رويترز: "استضافة القادة، واستعراض قدراتهم في العمليات البحرية... كلها مؤشرات على رغبتهم في الدخول إلى هذا المجال".
وتعد وكالة منتدى مصايد الأسماك الجهة المسؤولة عن مراقبة أنشطة الصيد غير القانوني لـ18 دولة من دول المحيط، بدعم من دوريات بحرية وجوية من أستراليا والولايات المتحدة وفرنسا ونيوزيلندا.
ووفقاً لمسؤولي المصايد، فإن المنطقة تشهد بالفعل ازدحاماً في أنشطة المراقبة، حيث تُعد الأساطيل الصينية والتايوانية الأكبر والأكثر تسجيلاً للمخالفات من قبل المفتشين، ورغم ذلك، تبقى الصين شريكاً أساسياً لبعض دول المنطقة في قطاع المصايد، ما قد يتيح لها توقيع اتفاقيات أمنية تُجيز لدوريات خفر سواحلها العمل في المياه الساحلية. وأوضح راهاري: "الاتفاقيات بشأن دوريات خفر السواحل الصيني قد تُبرم ضمن صفقات أمنية مع هذه الدول".
وفي 2024، سجّلت الصين 26 سفينة تابعة لخفر السواحل لدى لجنة مصايد الأسماك في غرب ووسط المحيط الهادئ (WCPFC)، بغرض تنفيذ عمليات صعود وتفتيش في منطقة شاسعة تسيطر فيها الولايات المتحدة وأستراليا على الجزء الأكبر من أساطيل الرقابة.
حضور سياسي دون تنفيذ فعليحتى الآن، لم تُبلّغ اللجنة بأي عمليات تفتيش صينية في أعالي البحار، لكن مسؤولين صينيين أصبحوا أكثر نشاطًا في النقاشات المتعلقة بالقواعد التنظيمية، بحسب المديرة التنفيذية للجنة، ريا موس-كريستيان، التي قالت: "الصين دعت العام الماضي إلى مراجعة الإرشادات، وفي مارس، شارك مسؤولون صينيون في اجتماع افتراضي لمناقشة مبادرة تقودها أستراليا لتعزيز القواعد الطوعية".
ويشترط القانون الدولي في الوقت الراهن على مفتشي اللجنة الحصول على موافقة من "دولة العلم" التابعة للسفينة المشتبه بها قبل الصعود إليها، وقال راهاري: "قد يكون الأمر معقدًا جدًا دبلوماسيًا إذا حاولت سفينة خفر سواحل صينية الصعود إلى سفينة صيد تايوانية"، مشيرًا إلى أن بكين لا تعترف أصلاً بتايوان كدولة مستقلة.
استعراض القدرات في عرض البحرالأسبوع الماضي زار وزراء خارجية من عشر دول جزرية في المحيط الهادئ مدينة شيامن الصينية، حيث صعدوا على متن السفينة Haixun 06 التابعة لخفر السواحل الصيني — وهي قادرة على الإبحار لمسافة 18,500 كيلومتر (أو 60 يومًا متواصلة) دون إعادة التزوّد بالإمدادات.
وقال وزير خارجية بابوا غينيا الجديدة، جاستن تكاتشينكو، إن الوزراء شاهدوا عرضًا لحالة طوارئ بحرية، لكنهم لم يناقشوا تفاصيل تتعلق بالدوريات الصينية في المحيط.
يُذكر أن بابوا غينيا الجديدة تتفاوض على اتفاقية دفاع جديدة مع أستراليا، وكانت قد وقّعت اتفاقًا أمنيًا مع الولايات المتحدة في عام 2023 يتيح لخفر السواحل الأميركي تسيير دوريات في منطقتها الاقتصادية الخالصة التي تبلغ 2.7 مليون كيلومتر مربع، أما فيجي، فأعلنت هذا الأسبوع إقرار اتفاقية أمنية بحرية جديدة مع أستراليا.
بدورها، نشرت هيئة الإذاعة الرسمية في ناورو صورًا لتمرين Haixun 06، مشيرة إلى أنه "يعزز أهمية التعاون البحري بين الصين ودول جزر المحيط"، وبموجب اتفاقية أمنية وُقعت في ديسمبر، تلتزم ناورو بإخطار أستراليا قبل السماح لأي سفينة صينية بالدخول إلى موانئها.
سباق نفوذ متسارعبدورها وقعت الولايات المتحدة اتفاقيات مع 12 دولة من جزر المحيط الهادئ، تتيح لخفر سواحلها تنفيذ القانون داخل المناطق الاقتصادية الخالصة لهذه الدول، وقد كثّفت من وتيرة دورياتها خلال العام الماضي.
وفي سابقة توتر مشابهة، كشفت رويترز أن أول دورية لخفر السواحل الأميركي في مياه فانواتو هذا العام، شهدت صعود مسؤولين محليين إلى عدة سفن صيد صينية، حيث تم تسجيل مخالفات، الأمر الذي قوبل بانتقاد من بكين.
منذ عام 2008، تم تسجيل 158 مخالفة ضد سفن صيد صينية، تمثل 46% من عمليات الصعود التي نفذها مفتشون من الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا، وفق بيانات لجنة WCPFC، وفي المقابل، سُجلت 233 مخالفة ضد سفن صيد تايوانية، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها المنطقة في ضبط هذا القطاع المتشابك.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة