سلاح الغاز الجزائري.. هل يخيف فرنسا بعد تفجر أزمة الصحراء؟
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
توعدت الجزائر بإجراءات إضافية ضد فرنسا ردا على موقف باريس الداعم لخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية، في أزمة دبلوماسية يرى خبراء أنها في بدايتها ولا يستبعد لجوء الجزائر إلى " الانتقام الاقتصادي" ضمن هجومها المضاد.
ومباشرة بعد إعلان فرنسا لموقفها الجديد من نزاع الصحراء، سحبت الجزائر سفيرها بأثر فوري من فرنسا وقال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الأربعاء، إن ذلك خطوة أولى ستليها خطوات احتجاجية أخرى.
وتنقل صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تحليل أن ما يحدث لم يكن متوقعا قبل بضعة أسابيع، مع زيارة كانت مبرمجة لرئيس الدولة الجزائري عبد المجيد تبون إلى فرنسا بعد الانتخابات الرئاسية في 7 سبتمبر. لكن عطّاف لمح إلى أن هذه الزيارة قد لا تتمّ بسبب موقف ماكرون.
يتوقع توفيق هامل، الباحث في معهد الدراسات الجيوسياسية التطبيقية (IEGA) أن تكون عواقب الأزمة بين البلدين ثقيلة، ولا يستبعد الباحث أن تلجأ الجزائر إلى سلاح الانتقام الاقتصادي ضمن هجومها المضاد.
"سلاح الغاز"ويأتي التحرك الجزائري بعدما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن المقترح المغربي "يشكّل، من الآن فصاعداً، الأساس الوحيد للتوصّل إلى حلّ سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي".
وتنقل "لوفيغارو" عن مصدر فاعل في التجارة الخارجية الفرنسية أن الأزمة قد تطال مجموعات اقتصادية كبيرة أو الواردات الفرنسية بشكل عام.
وتعود الصحيفة إلى العام 2022 عندما هددت الجزائر بفسخ عقد تصدير الغاز لإسبانيا، بعد اتخاذ مدريد موقف مشابه للموقف الفرنسي الحالي، وأشارت إلى أن الجزائر عادت للتلويح بهذا الإجراء الانتقامي مرة أخرى.
والجزائر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي في أفريقيا، تبيعه إلى فرنسا من خلال عقود طويلة الأجل تاريخيا مع شركة إنجي، ومؤخرا مع توتال للطاقة.
ومن المسلم به أن الواردات زادت بنسبة 30٪ على أساس سنوي في عام 2023، وفقا لمذكرة من وزارة الخزانة الفرنسية، لتصل إلى 3.1 مليار يورو. "ولكن عندما يتعلق الأمر بالطاقة، فإننا نأخذها على المدى الطويل" ، كما يقول فرانسيس بيرين، خبير الطاقة.
وفي السنوات الأخيرة، شكل الغاز الجزائري 8٪ فقط من استهلاك الغاز". ومن حيث الحجم، وفقا لوزارة الطاقة الفرنسية، كانت الجزائر مصدر ما يقرب من 12٪ من واردات فرنسا من الغاز الطبيعي في عام 2023.
ويعمل الاتحاد الأوروبي على تقليل مشترياته من منتجات الطاقة الروسية بعد غزو أوكرانيا، وتنويع إمداداته من كبار المنتجين. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى الحد من الاعتماد على أي بائع مهيمن، بما في ذلك الجزائر.
ويقول بيرين: "عندما يكون لديك مورد بنسبة 8٪ ، فمن السهل الاستغناء عنه". أما بالنسبة لفرضية الفسخ المفاجئ للعقود مع الفرنسيين، فيبدو ذلك غير محتمل. وأضاف "أوروبا متنفس طبيعي للجزائر، عدم الالتزام بالعقود، سيفقدها مصداقيتها في سوقها الأولى".
ولم تتطرق الجزائر بشكل رسمي إلى خيار صادرات الغاز في أزمتها مع فرنسا حتى الآن، ويقول هامل إن الجزائر قد تتشدد في العقود المستقبلية أما الحالية فستسعى إلى احترام التزاماتها.
وينتهي العقد مع شركة "توتال إنرجي" في 2025 وقد لا يتم تجديده حتى لو كان من السابق لأوانه النظر فيه، وفق الصحيفة، أما بالنسبة للمشاريع قيد المناقشة فسيكون ذلك أقل أهمية لكلا الطرفين، "إذ تم تقييم كل شيء من حيث التأثير الاقتصادي على العلاقات الجزائرية الفرنسية" وفق الخبير بيرين، في إشارة إلى أن فرنسا عملت على تقييم ذلك قبل إعلان موقفها من قضية الصحراء الغربية.
وتقول الصحيفة إنه من الناحية النظرية، يمكن لفرنسا الاستغناء عن الغاز الجزائري من خلال زيادة وارداتها من البلدان الأخرى والاعتماد أكثر على الطاقات المتجددة. ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع التكاليف أو حتى التحديات اللوجستية على المدى القصير.
ويأتي قرار فرنسا الجديد ليضيف التوتر إلى العلاقات الفرنسية الجزائرية التي تعاني منذ فترة طويلة من أزمات أخرى عرضية، على خلفية الماضي الاستعماري، وهو موضوع لا يزال حساسا للغاية، كما أن باريس والجزائر على خلاف بشأن قضايا تتعلق بتأشيرات الهجرة والأمن والدبلوماسية.
والثلاثاء، قامت فرنسا ببادرة مهمة باتجاه الرباط بتأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب للصحراء الغربية معتبرة أنه "الأساس الوحيد" للتوصل إلى تسوية للنزاع المستمر منذ نحو خمسين عاما مع جبهة بوليساريو، وبعدما نددت الجزائر الداعمة للناشطين الصحراويين بالموقف الفرنسي منذ الأسبوع الماضي، أعلنت الثلاثاء "سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية بأثر فوري.
وكان المغرب الذي يعتبر مسألة الصحراء الغربية قضية وطنية، يترقب هذه الخطوة الفرنسية، في ظل الفتور الذي سيطر على العلاقات مع فرنسا في السنوات الأخيرة بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية.
والصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على 80% من مساحتها، لكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر تطالب باستفتاء لحق تقرير المصير فيها.
وتقترح الرباط منح هذه المنطقة حكماً ذاتياً تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة البوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نصّ عليه اتّفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.
وتعتبر الأمم المتحدة المنطقة التي تحتوي على ثروات سمكية واحتياطات كبيرة من الفوسفات، من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الصحراء الغربیة
إقرأ أيضاً:
خطة فرنسية - سعودية لنزع سلاح حماس.. المنفى مقابل السياسة
تسعى فرنسا والمملكة العربية السعودية إلى بلورة خطة سياسية وأمنية شاملة تهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، من خلال نزع سلاح حركة حماس وتحويلها إلى حزب سياسي يشارك في النظام السياسي الفلسطيني المستقبلي.
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن البلدان يعملان سويا على إعداد الخطة التي تهدف إلى نزع سلاح حماس وتحويلها إلى حزب سياسي يشارك في النظام السياسي الفلسطيني المستقبلي، في محاولة لإنهاء الحرب وإعادة هيكلة الواقع السياسي في القطاع.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن المبادرة لا تزال في مراحلها الأولية، إلا أنها تحظى بدعم من أطراف عربية وغربية تسعى لوضع حد لحالة الانقسام الداخلي الفلسطيني، وتهيئة الظروف لمرحلة انتقالية تؤدي إلى استقرار سياسي وأمني في قطاع غزة.
وتتضمن الخطة عدة بنود رئيسية، منها نقل قادة حماس العسكريين والسياسيين من غزة إلى الجزائر، ونشر قوات عربية لحفظ السلام في القطاع بغطاء دولي، وتشكيل مجلس انتقالي مشترك يضم ممثلين عن الفصائل الفلسطينية لإدارة غزة لمدة أربع سنوات، مع الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وجاء اختيار الجزائر كمكان لمنفى قيادات حماس يعود إلى عدة اعتبارات، من بينها العلاقة الجيدة التي تجمعها مع كل من قطر وإيران، الطرفين الداعمين للحركة، إضافة إلى امتلاك الجزائر القدرة الأمنية لضبط أنشطة القيادات المبعدة.
وتأتي هذه الخطة في سياق أوسع يشمل التفاهم على خطوات تطبيع محتملة بين السعودية و"إسرائيل"، حيث ترى الرياض أن التهدئة الدائمة في غزة هي أحد الشروط الجوهرية قبل الانخراط في أي مسار دبلوماسي رسمي مع تل أبيب.
الدور السعودي والفرنسي
وتأتي المبادرة في سياق حراك دبلوماسي تقوده السعودية على خلفية رغبتها في تحقيق تقدم في الملف الفلسطيني كجزء من شروطها للانخراط في عملية تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، وفي المقابل، تلعب فرنسا دورًا تنسيقيًا بين الأطراف الغربية والعربية، وتحاول طرح مقترحات واقعية لإنهاء الحرب الجارية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أكد في وقت سابق، خلال مكالمة مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ونزع سلاح "حماس"، مع فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، إلا أن نتنياهو أعرب عن رفضه المطلق لأي ترتيبات قد تسمح بعودة "حماس" للحكم أو إقامة دولة فلسطينية.