نشطاء ينتقدون غياب الرئيس عباس عن جنازة القائد هنية
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
صفا
عبّر عدد من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يوم الجمعة، عن استيائهم من غياب رئيس السلطة محمود عباس، عن جنازة تشييع رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية في العاصمة القطرية الدوحة.
وانتقد النشطاء غياب عباس عن جنازة هنية، مقابل مشاركته في تشييع الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيرز، فيما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن عباس أوفد نائب رئيس حركة فتح محمود العالول وأمين سر اللجنة المركزية للحركة جبريل الرجوب إلى الدوحة، للمشاركة في مراسم التشييع والجنازة.
وجرت في العاصمة القطرية الدوحة، مراسم تشييع رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب، إسماعيل هنية، بعد صلاة الجمعة من مسجد محمد بن عبد الوهاب، الأكبر في قطر، ثم ووري الثرى في مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل.
وأمّ عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خليل الحية، آلاف المصلين في صلاة الجنازة على هنية وحارسه، والتي شهدت حضور الآلاف.
ودعا خطيب الجمعة في مسجد "الإمام محمد بن عبد الوهاب" بالدوحة، محمد حسن المريخي، بالرحمة ومنازل الشهداء للشهيد هنية.
جاء ذلك وفق تلفزيون قطر الرسمي الذي قال إن المسجد شهد حضورًا كبيرًا تزامنًا مع الصلاة على جثمان هنية، التي شهدها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
من جنازة شمعون بيريز 2016 ومحمود عباس في المقدمة!
واليوم لم يحضر تشييع قائد المقاومة إسماعيل هنية! pic.twitter.com/Z2giOBfmou
#فيديو من عام 2016
حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصائب عريقات في جنازة الرئيس الاسرائيلي السابق شيمون بيريز في #القدس يوم #الجمعة يُعزي #نتنياهو وزوجته
ورغم العداوة المفترضة بينهم تجاوزوا كل ذلك ،ولكنهم لم يشاركوا في جنازة ابن بلدهم #اسماعيل_هنية !! pic.twitter.com/bgJG0b7L4F
هكذا ظهر رئيس السلطة محمود عباس متأثراً جداً لعظيم الفقد الذي يجده..
هنا في جنازة رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيرس
وهناك في فرنسا في شارلي ديغول
أما الدوحة فالله أعظم من أن يُشرفه بالمشاركة في جنازة #شهيد_الأمة .. pic.twitter.com/pndEiYGVz5
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الاقصى العدوان على غزة اسماعيل هنية اغتيال هنية الشهيد هنية محمود عباس فی جنازة
إقرأ أيضاً:
في الذكرى الأولى لاستشهاده.. إسماعيل هنية كما عرفته
المستشار د. أحمد يوسف
لم يكن يخطر ببالي يومًا أن أكتب في رثاء الصديق والأخ إسماعيل هنية، "أبو العبد"؛ ذاك الذي كنت أراه أصغر من أن يُرثى، وأقرب إلى روح الحياة من أن يخطفه الموت بهذه الطريقة الفاجعة. لقد أصابت عملية اغتياله في طهران الجميع بالذهول، وأعادت مشاهد التغريبة الفلسطينية بكل ما فيها من جراح ونزيف ومآسٍ، فيما شيّعه الآلاف من رفاقه ومحبيه من إيران إلى قطر، حيث دُفن بين دعاء القلوب ودموع العيون.
في الذكرى الأولى لاستشهاده، أجدني أسترجع ما يقارب العقدين من الزمن قضيناها معًا في ميادين العمل السياسي والفكري والتنظيمي، جمعتنا تفاصيل كثيرة من المسؤولية اليومية والحوارات والمواقف التي تكشف عن معدن هذا الرجل وعمق تجربته وإنسانيته.
صفحات من الذاكرة
لم أعرف الشهيد إسماعيل هنية عن قرب قبل الانتخابات التشريعية عام 2006، لكن خطاباته خلال الحملة كانت لافتة؛ يمتلك حنجرة قوية وكاريزما خطابية تلامس وجدان الجماهير، خاصة في الأوساط الإسلامية التي تهتم بقوة البيان وبلاغة الطرح. فاز هنية، كما فازت حماس، بأغلبية مفاجئة، وتشكلت الحكومة العاشرة التي كنت أحد مستشاريها السياسيين، بتكليف مباشر منه، في لقاء جمعنا في القاهرة.
كان أبو العبد قريبًا من الجميع، هادئًا، مستمعًا جيدًا، وصاحب صدر رحب للحوار والتعدد. لم يكن رجل تصادم، بل رجل توازن، يسعى للتوفيق أكثر من فرض الرأي. تلك الروح التوافقية جعلته محبوبًا حتى عند خصومه، وكانت إحدى أبرز نقاط قوته.
القيادة بالكاريزما والمرونة
لم يكن هنية مجرد وجه إعلامي أو خطيب مفوه؛ بل كان سياسيًا حاذقًا، يتقن فن الإدارة واللعب ضمن تعقيدات المشهد الفلسطيني والإقليمي.
كان -رحمه الله- يدرك أن السياسة ليست شعارات بل توازنات، ولهذا سعى بذكاء إلى فتح قنوات الحوار مع العالم الخارجي، والتواصل مع الدبلوماسيين والسفراء، رغم التحريض المتواصل ضده وضد الحكومة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
كنت أرافقه في كثير من هذه اللقاءات، وأشهد له ببساطة التعبير، ورشاقة العرض، وقدرته على نقل الرسائل بلغة يفهمها الغرب دون أن يفرّط في ثوابت القضية. لم يكن يخشى النقد الداخلي، وإن ضاق به أحيانًا، لكنه بقي ثابتًا على قناعته بأهمية الانفتاح السياسي والدبلوماسي.
وحدة لم تكتمل
كانت العلاقات بين أبو العبد وعدد من قيادات حركة فتح، وعلى رأسهم الرئيس أبو مازن والنائب محمد دحلان، علاقات قديمة تتجاوز حدود الخصومة السياسية. لقد ظل أبو العبد يرفض الانزلاق إلى القطيعة، ويحرص على "شعرة معاوية"، حتى في أشد الأوقات حرجًا بعد الانقسام عام 2007.
لم يُعرف عنه أنه أساء لخصومه، بل ظل متمسكًا بلغة الاحترام، محافظًا على ما تبقى من خيوط الوحدة الممكنة. ولكن الواقع الفلسطيني بانقسامه المعقّد لم يكن ليسمح بإصلاحٍ يسير، وقد باءت كل محاولاته -رغم إخلاصه- بالفشل، نظرًا لتشعب المصالح وتعقّد الحسابات.
مدرسة الاعتدال داخل الحركة
كان أبو العبد يمثل تيارًا معتدلًا داخل حركة حماس. وقد جلب عليه ذلك انتقادات المتشددين، خاصة مع ما كان يُكتب عني-كمستشار له- من توصيفات غربية مثل "الوجه الباسم لحماس" أو "الذي يهمس في أذن هنية". ورغم ذلك، كان يحتضن هذا التنوع داخل فريقه ويؤمن بأهمية تعدد الآراء.
وقد ساعدت تجربته كابن للمخيم وصاحب مسيرة طويلة في النضال والميدان في أن يوازن بين منطق القيادة وشعور القرب من الناس. لم تكن المناصب عنده تشريفًا، بل تكليفًا، ولهذا بقي قريبًا من الجميع، يحمل همّ الوطن والمخيم والقضية في قلبه، دون أن تغريه الأضواء أو يفسده الكرسي.
الإرث الذي تركه
لا يمكن الحديث عن مسيرة أبي العبد دون التوقف عند محطات رئيسة: توليه رئاسة الوزراء، ثم قيادة الحركة سياسيًا، وصولًا إلى تمثيلها على المستوى الإقليمي والدولي. لقد عرّف العالم بحماس بلغة جديدة، وأكسبها حضورًا لم تكن تحظى به من قبل.
فتح له خطاب الاعتدال أبواب العواصم العربية والإسلامية، واحتضنته القاهرة وتونس وقطر وتركيا، كما استقبله قادة الحركات الإسلامية والعلماء والدعاة باعتباره نموذجًا لحكم الإسلاميين عبر صناديق الاقتراع. وحتى في الغرب، حيث الصورة مشوّهة، استطاع أن يكسر بعض الحواجز، رغم حملات "الشيطنة" التي لم تهدأ.
كلمة وداع
في عام على استشهاده، لا يسعنا إلا أن نذكره بما له لا بما عليه. ليس من باب المجاملة، بل اعترافًا بالفضل، واحترامًا لما قدمه من تضحيات وخدمة، وبذل دمائه من أجل القضية والوطن.
سيكتب التاريخ عن إسماعيل هنية أنه كان رجل وحدة، وأنه سعى -رغم كل المعوّقات- إلى تجاوز الانقسام. وستذكره الأجيال كقائد حمل همّ شعبه، وصبر على التجربة بكل ما فيها من تعقيد وضغوطات، دون أن يتخلى عن إنسانيته أو يُسقط البُعد الأخلاقي من العمل السياسي.
رحم الله الأخ الشهيد، وتقبله في الصالحين، وألحقنا به على خير، وجعل من ذكراه منارة يهتدي بها القادة الجدد في درب التحرر والكرامة.