الجزيرة:
2025-08-05@11:54:29 GMT

تجويع غزة.. حين يتساوى الميسورون والفقراء

تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT

تجويع غزة.. حين يتساوى الميسورون والفقراء

غزة- لم تعد الفوارق الطبقية ذات معنى في قطاع غزة، فحتى أولئك الذين كانوا يصنَفون ضمن "ميسوري الحال" أو يُشار إليهم بـ"الشخصيات العامة"، وجدوا أنفسهم أمام موائد خاوية، ووجبات لا تسد رمقا، في ظل حالة تجويع غير مسبوقة تعصف بالقطاع منذ ما يقارب العامين.

ومع استمرار الحرب الإسرائيلية الوحشية على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنع إدخال الطعام والمساعدات الإنسانية بغرض تجويع السكان، انهارت مصادر الدخل، وبات حتى أصحاب رؤوس الأموال يعانون من الاستنزاف المالي، والجوع، وسوء التغذية، ولم يعد في أسواق القطاع ما يمكن شراؤه، حتى لمن يملك المال.

معتز عبدو صاحب مطعم فاخر بغزة فقد 12 كيلوغراما من وزنه ويعاني من استنزاف مدخراته (الجزيرة)مدير مطعم

يروي معتز عبدو، مدير مطعم فاخر ومعروف في مدينة غزة، تجربته الشخصية قائلا "لم أتخيل يوما أن أقف عاجزا عن إطعام أطفالي، أن يطلب ابني الدجاج، وابنتي الحليب، ولا أجد".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شاهد.. الفلسطيني محمد الهجين في رحلته الخطرة لحصوله على المساعداتlist 2 of 2الجزيرة ترصد معاناة كبار السن في ظل المجاعة التي تضرب قطاع غزةend of list

ويضيف "حتى الطحين لم يكن متوفرا مؤخرا، مشيت عدة كيلومترات لأشتري فقط 2 كيلو بسعر 240 شيكلا (72 دولارا)، رغم أن سعر الكيلو الحقيقي 3 شواكل فقط".

تأثرت صحة عبدو وأولاده، فقد خسر 12 كيلوغراما من وزنه، وابنه الصغير (7 سنوات) انخفض وزنه 3 كيلوغرامات.

ويتابع "انهار جسدي بسبب المجاعة، أما الطفل فلا يستطيع صعود الدرج، وهو في عمر يفترض أن يركض فيه".

ورغم أنه يعتبر نفسه من ميسوري الحال، إلا أن مدير المطعم، يعيش اليوم على هامش ما تبقّى من مدخراته، في ظل إغلاق مطعمه منذ بداية الحرب، وتوقف الحياة الاقتصادية بالكامل.

ويقدّر خسائر مطعمه، بسبب إغلاقه منذ بداية الحرب، وتعرضه لأضرار جراء القصف الإسرائيلي بما بين 2.5 إلى 3 ملايين دولار.

الشوّا: نبحث عن وجبة وحيدة وهي بضع كسرات من الخبز أو بعض الأرز (الجزيرة)في الخندق نفسه

يتحدث أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، بكلمات يغلب عليها الإرهاق "ما نعيشه اليوم يتجاوز كل ما عرفناه في سنوات الحصار، ليس مجرد نقص في الطعام، بل غيابه التام، نحن نأكل وجبة واحدة في اليوم، وهي لا تُشبه الوجبة بمعناها الطبيعي، بل كسرات خبز أو أرز قليل".

إعلان

ورغم وضعه الاعتباري، لا يرى الشوا في ذلك أي امتياز، حيث يقول "إننا جميعا في الخندق ذاته، لا فرق بيني وبين أي مواطن عادي، فالجميع يأكل نفس الطعام، ويشرب من نفس المياه، ويتقاسم نفس الهم".

ويشير الرجل إلى حالة والدته التي تحتاج دواء لم يعد متوفرا، ويذكر كيف يخرج ابنه للبحث عن الطحين، ليصطدم بأسعار خيالية، ثم يدخل في دوامة أخرى: أين سيطبخ؟ وعلى أي نار؟

ويكمل "أحيانا لا نقدر حتى على ابتلاع ما نأكله، الشعور بالذنب حين ترى النساء والأطفال جائعين يجعلك تفقد شهيتك، نأكل فقط لأننا مجبرون على البقاء أحياء".

الدكتور غانم العطار، مستشار قانوني، وحامل دكتوراه في القانون الدستوري الدولي من جامعة دمشق

في بلد آخر، كان يجلس خلف مكتبه، يناقش مواد الدستور، ويُدافع عن الحقوق.
أما في غزة، فهو يركض خلف قطرة ماء، حُرم منها هو أهله، بسبب الاحتلال، وتواطؤ العرب، وصمت العالم عن وجع غزة. pic.twitter.com/4CUKr8jVYi

— Salah Safi ???????? صلاح صافي (@iSalahSafi) July 29, 2025

لسد الجوع فقط

أما البروفيسور نافذ بركات، أستاذ الإحصاء والرياضيات في الجامعة الإسلامية بغزة، ويدير مركزا خاصا بالاستشارات والتحليل الإحصائي، فيختصر الوضع بأنه "مأساوي" وليس فقط "صعبا".

ويقول "نأكل وجبتين فقط باليوم، والوجبة صغيرة فقط لسد الجوع، نعمل عدس أو معكرونة، أو باذنجان نشويه ونأكله، هي وجبات غير مشبعة وغير مغذية، لا فواكه ولا خضروات ولا سكر".

ويضيف "التكلفة باهظة جدا، وأنا عندي عائلة، والجامعة لا تدفع رواتب".

ويشير إلى أن رب الأسرة يحتاج إلى 140 دولارا في اليوم، فقط ليستطيع أن يطعم أفراد أسرته، علما أن غالبية السكان لا يملكون أية أموال حاليا، بعد مرور نحو 20 شهرا على الحرب.

أماني الكحلوت: الحصول على الطعام في غزة أصبح أمرا مرهقا ومؤذيا نفسيا (الجزيرة)إرهاق نفسي وجسدي

أما أماني الكحلوت، وهي سيدة أعمال وصاحبة متجر ملابس معروف ومؤثرة على صفحات الشبكات الاجتماعية، فتصف واقعا يتجاوز الجوع إلى الإرهاق النفسي.

وتقول "يتكوّن غذاؤنا بشكل أساسي من الخبز، الذي يتراوح سعر الكيلو منه بين 60 إلى 100 شيكل (18-30 دولارا)، إلى جانب كميات محدودة من البقوليات ذات الجودة المتدنية، مثل العدس، الفاصوليا، والمجدّرة".

وتشير إلى أن إسكات جوع أطفالها "بحد ذاته إنجاز، حتى وإن كان الطعام رديئا ويفتقر إلى المعادن والفيتامينات الأساسية التي يحتاجها جسمهم للنمو السليم" وهو ما تسبب بإصابتها وأطفالها بالإرهاق المستمر، وتساقط الشعر، ومشاكل هضمية، وتقلبات مزاج، ودوخة مزمنة، وضعف الطاقة.

وتضيف "ابنتي تطلب مني مثلجات، أو شوكولاتة، أو لحوم كما كانت تأكل قبل الحرب.. ماذا أقول لها؟ لا يوجد شيء. فقط خبز مع دقّة (زعتر مجفف ومطحون)".

وتكمل "زوجي يخرج يوميا سيرا على الأقدام، يقطع مسافات طويلة تحت الشمس والقصف، فقط ليؤمّن لنا وجبة متواضعة".

وتشرح التحدي المضاعف الذي تعيشه كميسورة فقدت مصدر دخلها "البوتيك مغلق، لا بيع، لا دخل، والمال يتآكل، وعند سحب المال تُخصم 40-50% منه عمولة، تخيّل أن كيلو العدس بين 50 و80 شيكلا".

الشيف وريف: موائدنا غير مشبعة ونأكل فقط حتى لا نسقط أرضا (الجزيرة)"كي لا نسقط"

أما الشيف وريف قاسم، صاحب مطعم معروف، وهو شخصية مشهورة على منصات التواصل، فهو الآخر صار يأكل كما لا يليق بعمله وشهرته.

إعلان

ويشرح قائلا "نزل وزني 7 كيلوغرامات، كل من أعرفه فقد من وزنه، لا أحد يشبع، بل فقط يأكل ما يمنع سقوطه أرضا".

وحول وجباته خلال المجاعة، يقول "نطبخ معكرونة بملعقة صلصة، أو أرز فقط، كل شخص له رغيفان فقط في اليوم، وأحيانا نأكل خبزا فقط مع دُقّة".

ويشير إلى أن مجهود الحياة اليومي في غزة، من حمل المياه، والسير لمسافات بسبب عدم توفر المواصلات، والطهي على النار، بات يفوق قدرة الجسم الضعيف، وهو ما يتسبب بفقدان الوزن المستمر.

ويختم بالقول "التغذية السيئة أفقدتنا الطاقة، لا أحد لديه قوة لمواصلة الحياة، لكننا نحاول".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات تجويع غزة

إقرأ أيضاً:

لأول مرة.. سلاح الردع الأمريكي مهدد بالنفاد بسبب إسرائيل

يبدو أن تأثير الحرب الإسرائيلية الإيرانية لم يكن على الشرق الأوسط فحسب، بل على الولايات المتحدة أيضا، حيث تواجه واشنطن أزمة بسبب تعرض مخزونها الاستراتيجي من صواريخ ثاد بعيدة المدى إلى استنزاف كبير، بسبب الدعم الذي قدمته لحليفتها إسرائيل.. فما هي القصة ؟

إرسال بطاريتي صواريخ إلى إسرائيل

مصادر مطلعة حذرت خلال تصريحات لشبكة سي إن إن الأمريكية، من أن المخزون الدفاعي للجيش الأمريكي من الصواريخ، أصبح في خطر، بسبب الدعم الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل خلال الأشهر الماضية، حيث أرسلت واشنطن منظومتين لصواريخ ثاد إلى تل أبيب من أصل سبع بطاريات تمتلكهم الولايات المتحدة.

150 صاروخاأطلقت لاعتراض الصواريخ الإيرانية

وخلال فترة الحرب الإسرائيلية الإيرانية، أطلقت الولايات المتحدة نحو مائة وخمسين صاروخا من أجل التصدي لوابل الصواريخ الباليستية التي أطلقتها طهران أثناء الحرب، إذ نجح بعض من صواريخ ثاد في اعتراض الصواريخ الإيرانية، فيما فشلت الأخرى في التصدي إلى تلك الصواريخ.

استنفاذ ربع مخزون صواريخ ثاد

وأدى استخدام هذا العدد الكبير من صواريخ ثاد الاعتراضية خلال فترة حرب الاثني عشر يوما إلى كشف فجوة في شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكية، حيث أن وتيرة التصدي للهجمات فاقت قدرات الإنتاج الحالية، كما تشير التقديرات أن الحرب استنفذت نحو استهلاك ربع مخزون ثاد من الصواريخ.

توفير مظلة دفاعية حتى 200 كيلومتر

وتشتمل منظومة "ثاد" الصاروخية على ست قاذفات، توجد في كل قاذفة ثمانية صواريخ اعتراضية، يمكنها اعتراض الأهداف داخل الغلاف الجوي وخارجه، وقد أثبت قدرتها على مواجهة الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، كما توفر "ثاد" مظلة دفاعية للأهداف التي تقع على مسافة تتراوح بين 150 و200 كيلومتر.

الولايات المتحدة وسباق التسلح العالمي

الاستنزاف السريع لصواريخ ثاد، أثار أيضا مخاوف بشأن الموقف الأمني الأمريكي على الساحة الدولية، والقدرة على تعويض الإمدادات بسرعة، في ظل سباق التسلح العالمي خاصة مع الصين وروسيا، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في منطقتي المحيط الهندي والهادئ.

شراء 37 صاروخ ثاد

مسؤولون دفاعيون سابقون حذروا من أن استمرار فقد مخزون "ثاد" يهدد الولايات المتحدة، مطالبين بتسريع وتيرة الإنتاج لتعويض ما فقد أثناء الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وهو ماد فع واشنطن إلى شراء نحو سبعة وثلاثين صاروخاً من طراز "ثاد" العام المقبل.

يشكل الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل حجر الزاوية في العلاقة بين البلدين، ويعكس التزامًا طويل الأمد من واشنطن بضمان تفوق إسرائيل العسكري في منطقة الشرق الأوسط.. فهل يمكن ان يختل هذا الدعم إذا تعلق الأمر باختلال مخزون واشنطن الاستراتيجي من الصواريخ.

طباعة شارك صواريخ ثاد ثاد الحرب الإسرائيلية الإيرانية إسرائيل الولايات المتحدة

مقالات مشابهة

  • تجويع وتصفية..الرئيس السيسي للعالم: حرب غزة تجاوزت أي منطق أو مبرر
  • أم صينية تُثير تعاطف الملايين بسبب ابنتها| تفاصيل
  • تحول لافت داخل الحزب الديمقراطي في أميركا: تزايد الانتقادات لإسرائيل بسبب حرب غزة
  • الخبز يصبح حلما بعيد المنال للفلسطينيين في غزة
  • وزير الخارجية الإسرائيلي: حماس تتعمد تجويع المحتجزين في قطاع غزة
  • بسبب التعذيب.. استشهاد أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي
  • لأول مرة.. سلاح الردع الأمريكي مهدد بالنفاد بسبب إسرائيل
  • كبار السن في غزة يعانون أوضاعا قاسية بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية
  • الفاشر .. أيقونة الصمود في مواجهة جريمة تجويع المدنيين