بعد 10 شهور.. غزة تحتاج للدعم وليس التصريحات
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
لم تختلف المواقف الرسمية العربية والغربية من استمرار الإبادة الجماعية في غزة كثيرا، بعد استشهاد القائد إسماعيل هنية عما كانت قبل اغتياله، لكنها زادت من فضح وتعرية تلك المواقف المتواطئة مع العدو الصهيوني، والمشاركة في منع الغذاء والدواء عن سكان غزة، وكما سكتت عن استمرار تدفق دماء الأطفال والنساء، فقد سكتت أيضا مع نسف صهريج المياه بمدينة غزة، وعند اغتيال المفاوض هنية الذي يسعى منذ عدة أشهر لوقف الحرب لإحلال السلام.
وها هي المواقف العربية الرسمية تكشف عن انحدار أخلاقي غير مسبوق، حيث أن واجب العزاء أمر أساسي في التقاليد العربية والإسلامية، فما بالنا بالعزاء في شهيد ورئيس وزراء فلسطينى سابق ورئيس للمكتب السياسي لفصيل مقاوم يمارس دوره النضالي لتحرير فلسطين منذ 27 عاما، حتى أمين عام الدول العربية لم ينعَ الشهيد واكتفى بالتحذير من أن الاغتيالات تخرج على القانون الدولي، رغم أنه عندما اغتيل رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين في تشرين الثاني/ نوفمبر 995، شارك في جنازته الرئيس المصري حينذاك حسني مبارك والملك حسين، ووفود ثلاث دول عربية أخرى والعديد من قيادات الدول الغربية،إذا كان عدد قليل من القادة في قطر وتركيا وماليزيا وباكستان قد شاركوا في صلاة الغائب على روح الشهيد إسماعيل هنية، كما قامت تظاهرات منددة باغتياله في عدد من العواصم العربية والإسلامية، إلا أن الغالبية من تلك العواصم كان غير مسموح للجماهير فيها بإقامة صلاة الغائب أو تلقي التعازى فيه، كما كان يحدث قبل سنوات عند اغتيال قيادات فلسطينية بارزة، وهو ما يشير بوضوح إلى أن الحصار لا يقتصر على سكان فلسطين في غزة والضفة الغربية، ولكنه يمتد إلى العديد من الدول العربية والإسلامية رغم أنه كان من كبار قادة الهاجاناه الذين ارتكبوا المذابح ضد الشعب الفلسطينى بحرب 1948، وكان مهندس عملية تهجير الفلسطينيين، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حرب 1967 التي احتلت إسرائيل خلالها أراضي ثلاث دول عربية.
وتكرر الأمر بجنازة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في أيلول/ سبتمبر 2016، والتي شاركت فيها وفود من الأردن والمغرب ومصر والرئيس الفلسطيني محمود عباس، رغم تولي بيريز منصب وزير الدفاع قبلها ومسؤوليته عن بدء الاستيطان في الضفة الغربية، وقصف مخيم للأمم المتحدة في مذبحة قانا في لبنان عام 1996.
وإذا كان عدد قليل من القادة في قطر وتركيا وماليزيا وباكستان قد شاركوا في صلاة الغائب على روح الشهيد إسماعيل هنية، كما قامت تظاهرات منددة باغتياله في عدد من العواصم العربية والإسلامية، إلا أن الغالبية من تلك العواصم كان غير مسموح للجماهير فيها بإقامة صلاة الغائب أو تلقي التعازى فيه، كما كان يحدث قبل سنوات عند اغتيال قيادات فلسطينية بارزة، وهو ما يشير بوضوح إلى أن الحصار لا يقتصر على سكان فلسطين في غزة والضفة الغربية، ولكنه يمتد إلى العديد من الدول العربية والإسلامية، والتي وظفت وسائل إعلامها للنيل من الشهيد والمقاومة.
التصدي لعوامل الإحباط مهمة رئيسية
وحتى الدول التي سمحت لمواطنيها بالتعبير عن مشاعرهم تجاه الاغتيال، فقد قامت منصات التواصل الاجتماعي بحذف ما يتعلق باسم هنية أو حماس، أو كلمات لأشخاص من أسرة الشهيد أو نحو ذلك من صور المشاركة الوجدانية، ولهذا أصبح مطلوبا السعي لإيجاد منصة للتواصل الاجتماعي بديلة غير منحازة؛ تتيح للشعوب الحرة التواصل على صفحاتها.
وإذا كنا قد تأكدنا من خذلان الحكومات والجيوش العربية لغزة، فإن نفس التأكد يجب أن يمتد إلى مواقف الدول الغربية التي ستظل منحازة للجانب الإسرائيلي متجاهلة ما يرتكبه من مذابح، بل إن هناك قناعة لدى الكثيرين بأن تلك الدول بصمتها تهدف لإبادة أكبر عدد من الفلسطينيين، مثلما فعلت مع البوسنة حين أجّلت تدخلها لفترة حتى يباد عدد أكبر من المسلمين هناك، باعتراف مفكرين غربيين حينذاك.
إذا كنا قد تأكدنا من خذلان الحكومات والجيوش العربية لغزة، فإن نفس التأكد يجب أن يمتد إلى مواقف الدول الغربية التي ستظل منحازة للجانب الإسرائيلي متجاهلة ما يرتكبه من مذابح، بل إن هناك قناعة لدى الكثيرين بأن تلك الدول بصمتها تهدف لإبادة أكبر عدد من الفلسطينيين
وحتى لا نبكى على اللبن المسكوب لا بد من النظر إلى ما بعد هنية، الذي قدم حياته وحياة أكثر من 60 شخصا من عائلته فداء للقضية، ومن ذلك التركيز على التصدى لعوامل إثارة الإحباط واليأس التي تسعى إليها إسرائيل والأنظمة العربية المتواطئة معها، سواء من خلال الطعن بالمقاومة بواسطة مشايخ مأجورين أو غيرهم، أو ترديد مزاعم العدو عن اغتيال محمد الضيف، والإغفال المتعمد لما تحققه المقاومة من خسائر بأفراد وآليات العدو الإسرائيلي.
كذلك لا مفر في المرحلة الحالية من التعويل على دور قوى المقاومة في كل من لبنان واليمن والعراق لتشتيت جهد العدو من التركيز على غزة وحدها، وعدم الالتفات للنعرات الطائفية وتبديد الجهد خلالها، فالمقاومة الغزاوية محاصرة من الجميع، إسرائيليين وعربا وأوربيين وأمريكان وهنودا وغيرهم، فإذا قدم لها أي طرف عونا فليتم الترحيب بهذا الدعم أيا كانت أهدافه، مثلما حدث مع المقاومة في فيتنام وغيرها، والحذر من الفتن التي تستهدف الإيقاع ما بين الشعوب في المنطقة.
السلاح والمال والغذاء والعلاج أولا
كذلك تقتضى المرحلة الحالية وبعد عشرة أشهر من عملية طوفان الأقصى ألا نعول كثيرا على الأمور الثانوية بإعتبارها إنجازا، بينما يواصل العدو مذابحه الدموية بلا انقطاع، ومن ذلك تصريحات بعض الحُكام أو الملاسنات التي تتم بين مسؤولين في بعض الدول الإسلامية ومسؤولين إسرائيليين، صحيح أنه أمر جيد أن يتم إعلان الحداد على روح الشهيد هنية أو تنكيس الأعلام حزنا على وفاته، أو وقف بث منصة إنستغرام اعتراضا على منعها للتدوينات المناصرة لهنية، أو استنكار موقف منصة فيسبوك التي منعت تدوينه لرئيس وزراء ينعى فيها هنية، يجب التركيز في المواقف من قبل الشعوب العربية والإسلامية المساندة لفلسطين على ما يصل بشكل حقيقي لسكان غزة والضفة الغربية، ويعينهم على استمرار الصمود بعد أن تحملوا أكثر من طاقتهم خلال الشهور والسنوات الماضية بسبب الحصارأو الدعوة لصلاة الغائب على الشهيد في المساجد.. كل تلك المواقف جيدة لكنها قاصرة ومحدودة الأثر مع شعب يتم قتله على مدار الساعة منذ عشرة أشهر. ومن هنا يحتاج الأمر إلى مواقف أكثر عملية للتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية.
وهكذا يجب التركيز في المواقف من قبل الشعوب العربية والإسلامية المساندة لفلسطين على ما يصل بشكل حقيقي لسكان غزة والضفة الغربية، ويعينهم على استمرار الصمود بعد أن تحملوا أكثر من طاقتهم خلال الشهور والسنوات الماضية بسبب الحصار، ليصبح التركيز على كيفية إدخال الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية والوقود والخيام والكهرباء لسكان غزة، وإدخال الأموال إليهم كي يستطيعوا شراء الطعام من خلال ما يتم تهريبه.
لتكن كل الجهود متجهة لكيفية تخفيف المتاعب الحياتية عن هؤلاء الذين لن يسد جوعهم أو يشفي جراحهم تلك التصريحات الرسمية المتكررة عبر الشهور الماضية. فتخفيف معاناة سكان غزة أمر أساسي لاستمرار المقاومة، من أجل المزيد من إنهاك قوى العدو وزيادة حدة الصراع بين مكوناته ودفع بعض شرائحه إلى البحث عن موطن آخر، والتصدي في نفس الوقت لما يحاك له من مؤامرات عربية وغربية.
x.com/mamdouh_alwaly
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة إسماعيل هنية الإسرائيلي إسرائيل غزة إسماعيل هنية العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربیة والإسلامیة غزة والضفة الغربیة صلاة الغائب سکان غزة یمتد إلى عدد من
إقرأ أيضاً:
تفاصيل اجتماع المكتب التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية
استضافت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025، أعمال الاجتماع الخامس عشر للمكتب التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية، برئاسة السفير الدكتور علي يوسف الشريف، الأمين العام للرابطة.
حضر الاجتماع الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء مصر الأسبق، والسفير الفريق أول ركن المهندس عماد الدين مصطفى عدوي، سفير جمهورية السودان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة، إضافة إلى ماجد جانق رونق ممثل جمعية الصداقة الصينية العربية، ورؤساء وممثلي جمعيات الصداقة من الأردن وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق والكويت وفلسطين ولبنان وليبيا واليمن، وبمشاركة إدارات منظمات المجتمع المدني وآسيا وأستراليا والتعاون العربي–الآسيوي بالأمانة العامة.
افتتح السفير الشريف الاجتماع بكلمة، أكد خلالها أن العلاقات العربية–الصينية شهدت خلال الأعوام الماضية تطوراً نوعياً على المستويين الرسمي والشعبي، مشيراً إلى أهمية مضاعفة جهود الدبلوماسية الشعبية لتعزيز جسور التفاهم والحوار بين الشعوب في ظل التحولات الدولية المتسارعة.
وأشاد كذلك بالدعم الذي تقدمه جامعة الدول العربية، بقيادة أحمد أبو الغيط، في تعزيز دور الرابطة وإسناد مهمتها في خدمة مسار التعاون العربي–الصيني.
وفي كلمة الأمانة العامة للجامعة، أكدت الوزير المفوض نوال برادة، مدير إدارة منظمات المجتمع المدني، أن رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية تعمل تحت مظلة الجامعة منذ تأسيسها عام 2006 خلال الدورة الأولى لمؤتمر الصداقة العربية الصينية في السودان، لتكون نظيراً عربياً لجمعية الصداقة الصينية العربية.
وأشارت إلى عقد خمس دورات سابقة للمؤتمر بالتناوب بين الدول العربية والصين، لافتة إلى التحضيرات الجارية بشأن انعقاد الدورة السادسة عام 2026 في إحدى الدول العربية ضمن البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون العربي–الصيني.
كما أوضحت برادة أن الاجتماع يأتي متابعة لتنفيذ القرار رقم (2516) الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته العادية (116) بتاريخ 3 سبتمبر 2025، والقرار رقم (9201) الصادر عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته العادية (164) بتاريخ 4 سبتمبر 2025، اللذين أكدا أهمية المشاركة العربية الفعالة في الأنشطة والفعاليات المعنية بالتعاون العربي–الصيني، وتكليف الإدارات المختصة في الأمانة العامة بمواصلة التنسيق العربي–الصيني للإعداد لتلك الفعاليات، وفي مقدمتها الدورة السادسة لمؤتمر الصداقة العربية الصينية.
واختتمت كلمتها بالإشارة إلى أن عام 2026 سيشهد الذكرى السبعين للعلاقات الرسمية بين جامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية منذ عام 1956، إلى جانب انعقاد القمة العربية–الصينية الثانية، واحتفال رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية بمرور عشرين عاماً على تأسيسها، مؤكدة حرص الجامعة على توفير كافة سبل الدعم لإنجاح فعاليات الدورة السادسة للمؤتمر بما يعكس متانة الشراكة العربية الصينية.
وفي ختام الاجتماع، قام السفير الدكتور علي يوسف الشريف بتسليم درع تقديري باسم أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، تكريماً لجهوده في تعزيز أواصر العلاقات العربية–الصينية.