هل يعمل حفتر على استخدام الحقول النفطية في ليبيا دعما لمصالحه الشخصية؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
تكشف حقول النفط الليبية عن التقلبات السياسية في ليبيا وخارجها وإمكانية استخدام بعض القادة التهديد بإغلاقها لتحقيق أجندة شخصية، حسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن التعقيدات السياسية في الصناعة النفطية الليبية كانت في مركز الضوء نهاية الأسبوع عندما قيل إن حلفاء أمير الحرب، خليفة حفتر حاولوا إغلاق حقل نفطي تديره إسبانيا انتقاما لمذكرة اعتقال أصدرتها ضد واحد من أبناء حفتر بتهم تهريب السلاح.
وكان صدام حفتر، وهو شخصية عسكرية بارزة في جيش والده المسمى، الجيش الوطني الليبي قد احتجز يوم الجمعة لساعة في مطار نابولي، إيطاليا، وذلك بعد ظهور اسمه على قاعدة بيانات الإتحاد الأوروبي العامة. وقال المقربون من حفتر إن الشرطة الإيطالية حققت معه فيما يتعلق بالاتهامات الإسبانية ولكنها أكدت أنه لم يعتقل، حسب التقرير.
وانخفض إنتاج النفط من حقل الشرارة في نهاية الأسبوع، وهو واحد من أكبر حقول النفط في ليبيا وبقدرة إنتاجية تزيد عن 300,000 برميل في اليوم. ووصفت الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة والتي تعارض حفتر، التحرك بأنه "ابتزاز سياسي".
ونفت قوات حفتر، التي تسيطر على مناطق شرق وجنوب البلاد حيث تقع معظم حقول النفط، أن تكون محاولة إغلاق حقل الشرارة جاءت للانتقام السياسي، لكنها زعمت بأن الحقل يعاني من مشاكل متكررة تتعلق بالظروف التي يتعرض لها العمال.
وقالت الشركة الوطنية للنفط الليبية، الثلاثاء، إنها ستقوم بتخفيض الإنتاج تدريجيا نظرا للاحتجاجات قرب الحقل. وأكدت حركة فزان، وهي جماعة احتجاج محلية وأغلقت الحقل في السابق ألا علاقة لها بمحاولة الإغلاق الأخيرة.
وقال القيادي في حركة فزان، بشير الشيخ، إن "أمر صدام حفتر بإغلاق الحقل بمكالمة هاتفية وبدون استخدام القوة العسكرية، في محاولة منه للرد على اعتقاله الجمعة الماضية في إيطاليا، وبناء على مذكرة اعتقاله في إسبانيا"، "ولا علاقة لي بإغلاق الحقل وأرفض أن أتهم بذلك".
وذكرت صحيفة "كورنيكا غلوبال" ومقرها برشلونة أن مذكرة الاعتقال جاءت بسبب مصادرة الشرطة الإسبانية العام الماضي معدات وأسلحة عسكرية كانت في طريقها للإمارات العربية المتحدة ولكن من المفترض نقلها إلى شرق ليبيا.
ولم يعلق حفتر على مصادرة الشرطة الإسبانية ولم تنجح محاولات "الغارديان" بالتواصل مع الجيش الوطني الليبي.
ولا تزال الأمم المتحدة تحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا لكن لم يتم فرضه إلا بشكل متقطع. ففي الفترة الأخيرة صادرت إيطاليا شحنة أسلحة كانت قادمة من الصين إلى حفتر. إلا أن الحادث الأخير يكشف عن الكيفية التي يحاول فيها قادة في ليبيا استخدام التهديد بإغلاق حقل نفط من أجل أجندة سياسية شخصية، حسب التقرير.
وقد عانت ليبيا من الانقسام السياسي بين الشرق والغرب منذ الانتخابات التي جرت في عام 2014 بعد سقوط معمر القذافي. ولم يتمكن المبعوثون الخاصون المتعاقبون للأمم المتحدة حل هذا المأزق - ويرجع ذلك جزئيا إلى استفادة النخبة السياسية على الجانبين من الوضع الراهن.
وبات البلد الغني بالنفط عالقا في وضع غريب حيث بات يتعين عليه استيراد معظم وقوده وبيعه بعد ذلك محليا وبأسعار مدعمة. وهذه الممارسة ليست مكلفة فقط، بل وتشجع المهربين لبيع الوقود المدعم مرة ثانية إلى الأوروبيين وبربح. ويقع حقل الشرارة في صحراء مرزق، جنوب ليبيا وهي منطقة فقيرة وخاضعة لقوات حفتر منذ سنوات، وفقا للتقرير.
ووصف المبعوث الأممي السابق عبدالله باتلي، ليبيا بأنها "بلد مافيا" تسيطر عليه العصابات المتورطة في عمليات التهريب. وأضاف باتلي أن ليبيا أصبحت سوقا مفتوحة للسلاح المستخدم في التنافس الداخلي وخارج حدود البلد.
وطالما قال ساسة الشرق والغرب إنهم على خطوة واحدة من التوافق على انتخابات وطنية أو أنهم سيشكلون حكومة وحدة وطنية، ليظهر خطأ هذا.
ويرتبط حفتر بروسيا، وبحسب تقرير للمجلس الأطلنطي فإن ليبيا باتت "مركز مهم لموسكو في أفريقيا نظرا لموقعها الجغرافي وعدم استقرارها السياسي". ويمنح موقع ليبيا الإستراتيجي على مفترق الطريق بين أوروبا وأفريقيا، موسكو بوابة لعملياتها في السودان وتشاد والنيجر ودول الساحل وكذا استعراض القوة والتأثير في هذه المناطق، حسب مركز البحث الأمريكي.
وعبر السفير البريطاني في ليبيا، مارتن لونغدون، عن قلقه من تزايد التأثير الروسي.
وفي الأسبوع الماضي قال النائب المحافظ السابق نيكولاس سومز وعضو مجلس اللوردات حاليا والذي لاحظ أهمية حفتر للروس، إن الغرب "بحاجة لأن يستفيق لهذه اللعبة السياسية" التي يقوم بها فلاديمير بوتين في ليبيا، وفقا للتقرير.
وكتب سومز قائلا إن "هذه الصداقة الجديدة لم تمكنه فقط من إرسال قواته المرتزقة إلى البلاد وخارجها، مما أدى إلى زعزعة استقرار جزء كبير من منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا في هذه العملية، بل وسمحت له أيضا ببدء النقاشات حول بناء قاعدة غواصات نووية روسية جديدة في ميناء طبرق الليبي".
وأضاف أنه "بالنسبة لي فهذا يستحضر سيناريو أزمة الصواريخ الكوبية، وهذه المرة في أوروبا الواقعة على مرمى حجر من البحر الأبيض المتوسط، كساحة حرب محتملة لغرب أوروبا.. وفي الوقت الذي تظل فيه أوكرانيا مهمة وبحاجة لدعم شامل، فعلينا عدم التفكير بأن بوتين يفكر فقط بحملة عسكرية واحدة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية النفط ليبيا حفتر ليبيا النفط حفتر سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
دول الخليج هي التي ستملي سياسة أمريكا الخارجية
درج دونالد ترامب على أن يحقق مراده بطريقته. ولكن هذا قد يتغير هذا الأسبوع حينما يواجه الفوضى التي تسبب فيها في الشرق الأوسط. ففيما يبدأ رحلة على مدى ثلاثة أيام إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، يتعهد رئيس الولايات المتحدة بأمور عظام. وهو كدأبه واهم. فالواقع هو أن سياسات الولايات المتحدة المتهورة المتعارضة المهملة في المنطقة تحقق فشلا عاما. ولا غنى عن تصحيح مسار جذري.
وقادة الخليج لديهم من القوة ما يتيح تقويم مسار ترامب، لو أنهم قرروا استعمال هذه القوة. فهو يعتمد عليهم اعتمادا غير مسبوق ـ يفوق كثيرا اعتماده على أوروبا ـ بوصفهم وسطاء دبلومسيين، وشركاء أمنيين، وداعمين ماليين. والنهج الذي يتبعه في فلسطين فيوشك أن يبلغ بها نكبة ثانية هو مزيج من الانحياز والقسوة والجهل المحض. ودونما عون من العرب، قد تبقى الولايات المتحدة وإسرائيل في شرك مأزق سياسي مدمر لا نهاية له.
يعرف ترامب أنه ليس بوسعه تجاهل رؤى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظرائه في الخليج بشأن غزة وسوريا واليمن. وهم يعارضون محاربة إيران التي سبق أن هددت بها الولايات المتحدة وإسرائيل. وترامب بحاجة إليهم حلفاء له في نزاعه التجاري والجمركي مع الصين. وقد استضاف دبلوماسيون خليجيون محادثات سلام أوكرانية روسية دعمها ترامب شخصيا. وهو حريص أشد الحرص على إبقاء أسعار النفط على انخفاضها.
فضلا عن أنه طامع في صفقات استثمارية ومبيعات سلاح في الشرق الأوسط بمليارات الدولارات.
غير أن للدعم الخليجي ثمنا لا بد من دفعه. وانظروا على سبيل المثال إلى أمل ترامب في توسيع ما يعرف بالاتفاقات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية. فمهما يكن ما يقوله ترامب، يتعهد محمد بن سلمان بأن هذا لن يحدث بدون ضمان تقدُّم نحو دولة فلسطينية مستقلة، وذلك احتمال تمقته حكومة إسرائيل. وقد وصف محمد بن سلمان ما وقع من قتل بعد السابع من أكتوبر لأكثر من اثنين وخمسين ألف فلسطيني في غزة بـ«الإبادة». وفي الرياض، سوف يلاقي ترامب ضغطا كبيرا لإنهاء الحصار الإسرائيلي وإعادة فرض وقف إطلاق النار.
تزداد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية توترا، في ظل رفض ترامب حتى الآن الدعوات لإضافة العاصمة الإسرائيلية إلى جدول زيارته. وبغض النظر عن أثر الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس، فإن بنيامين نتنياهو وحلفاءه في اليمين المتطرف يخططون لاحتلال عسكري طويل الأمد لغزة ولعمليات طرد جماعي للفلسطينيين. وبرغم دعم ترامب قبل شهرين وحديثه الأهوج عن إقامة «رفييرا في الشرق الأوسط»، يبدو أنه قد أدرك متأخرا أن السلام لا يتحقق على هذا النحو.
ولقد فوجئ نتنياهو ـ المستمر في تحريضه للولايات المتحدة على الانضمام إلى إسرائيل في عمل عسكري ضد إيران هذا العام ـ بإعلان ترامب المفاجئ الشهر الماضي عن محادثات مع طهران حول البرنامج النووي. كما جاء تراجع ترامب الفجائي بالقدر نفسه الأسبوع الماضي بإنهاء الضربات الجوية الأمريكية لليمن بمثابة ضربة مفاجئة لإسرائيل المستمرة في قصف الحوثيين. ويأتي هذان التحولان في السياسة، بجانب تغير نبرة ترامب فيما يتعلق بغزة، نتيجة ضغط خليجي فعال.
كما يريد القادة العرب بدعم تركي أن يحجِّم ترامب عمليات إسرائيل العسكرية في لبنان، وفي سوريا بصفة خاصة التي تتعرض لضرباتها المتكررة منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر. فجميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الستة يؤيدون التعامل مع رئيس سوريا المؤقت أحمد الشرع وحكومته الائتلافية.
ويقول الشرع: إنه لا يريد القتال مع إسرائيل وينصب تركيزه على إعادة توحيد بلده المحطم. وقد أسفرت زيارته المهمة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر عن عروض سخية بمساعدات في إعادة الإعمار. غير أن ترامب، خلافا لبريطانيا والاتحاد الأوروبي، يرفض تخفيف عقوبات حقبة الأسد. وهذا خطأ جسيم يعرقل آمال السوريين في بداية جديدة، وقد يسمح لإيران وروسيا بالرجوع إليها. صحيح أن تحول سوريا إلى بلد ديمقراطي موال للغرب مغنم عظيم، لكنه يبدو في الوقت الراهن أشبه بفرصة مهدرة.
لو أن ترامب يريد أن يضمن دعم الخليج لأجندته الأوسع، فعليه أن يعطي في المقابل شيئا ذا قيمة. وقد يكون ذلك إحياء للاتفاق النووي الأمريكي الأوروبي لعام 2015 مع إيران في عام (الذي تراجع عنه بحماقة في عام 2018)، مع ضمان ألا يشن نتنياهو والمتشددون في طهران حربا أخرى. ويحتمل جدا أن يقدم ترامب على هذه الخطوة. فهو يزعم أنه «رئيس السلام». وهذه فرصته ليثبت هذا.
يمكن لاتباع أمريكا نهجا أكثر استنارة تجاه غزة وسوريا أن ينقذ أهدافا أخرى لترامب، من قبيل: تخفيض أسعار الطاقة وتعزيز الاستثمار الخليجي في الشركات والوظائف بالولايات المتحدة. ومواقف المملكة العربية السعودية محورية في كلا الأمرين. فالتخفيضات المستدامة في أسعار الوقود بالنسبة للمستهلك قد تهدئ ناخبي ترامب المحبطين وتساعد في ترويض التضخم في الولايات المتحدة. وقد طرح محمد بن سلمان في يناير صفقة استثمارية أمريكية لمدة أربع سنوات بقيمة ستمئة مليار دولار. وقد يليها المزيد.
فهل بوسع هذه الجزرة البدينة أن تكون السبب الرئيسي لاختيار ترامب للسعودية لتكون أول زيارة رسمية له بعد تنصيبه مثلما فعل في 2017؟ وثمة إغراء إضافي يتمثل في الاتفاقية الأمنية الأمريكية السعودية التي تشمل حزمة أسلحة أولية للرياض بقيمة مائة مليار دولار يجري العمل عليها. وسوف تنشأ فرص كثيرة لشركات ترامب العائلية أيضا لو كان لنا مؤشر في منتجع الجولف الفاخر في قطر. فرغبة ترامب العارمة في تحقيق الأرباح لا تتأثر أوهى تأثر باحتمال تضارب المصالح.
إن تنامي قوة ونفوذ دول الخليج حقيقة لا مهرب منها في الحياة الجيوسياسية والاقتصادية في القرن الحادي والعشرين. لكن لو كان ترامب رجلا أكثر شجاعة، وأكثر استقامة، لذهب إلى غزة في الأسبوع القادم ليرى بنفسه الخراب الذي تسبب فيه هو وحلفاؤه في اليمين المتطرف.
ولكنه لن يفعل هذا. فمعروف للكافة أن ترامب ليس هذا الرجل النبيل. ومعروف أيضا أنه ليس برجل دولة.
سيمون تيسدال معلق الشؤون الخارجية في صحيفة ذي جارديان.
عن الجارديان البريطانية