يتوقع كثيرون قرب وقوع حرب عالمية ثالثة، ويستندون فى توقعهم هذا إلى الأزمات الساخنة والحروب المشتعلة فى أكثر من دولة، ويقولون إن بعض تلك الحروب قد تنطلق منها شرارة تشعل حرباً عالمية ثالثة..
ومثل هذ الكلام له وجاهته، خاصة أن الحربين العالميتين الأولى والثانية اندلعتا بشرارتين كان يمكن بسهولة إطفاؤهما ولكن كل شرارة منهما أشعلت العالم كله وأحرقته بنارها، وبالتالى ليس هناك ما يمنع أن تندلع حرب عالمية ثالثة بشرارة من الشرر المتطاير فى كل قارات العالم حاليا، وخاصة الشرر المتطاير فى الشرق الأوسط بسبب غطرسة الصهاينة فى المنطقة العربية، وعدوانهم المجنون منذ أكثر من 300 يوم على شعب أعزل بلا حول ولا قوة، ثم دخولهم فى مرحلة الاغتيالات والتصفية الجسدية لبعض قيادات حماس، وحزب الله والحرس الثورى الإيراني.
الشرر المتطاير أيضا فى الحرب الروسية الأوكرانية المشتعلة منذ أكثر من عامين و4 شهور مهيأ هو الآخر لإشعال حرب عالمية ثالثة.
ولكن الحقيقة أن إشعال حرب عالمية ليس بالأمر اليسير وإنما يكون وراءه قوى تسعى إلى تغيير موازين القوى فى العالم، ففى الحرب العالمية الأولى لم تعد إنجلترا وفرنسا وحدهما على قمة العالم، وإنما ظهر إلى جوارهما قطبان جديدان هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، وهكذا صار العالم متعدد الأقطاب، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية لتقصى إنجلترا وفرنسا بعيدا عن القمة وتجعل العالم ثنائى القطبية فقط، فلم يعد فى قمة العالم سوى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وبالحرب المخابراتية فككت الولايات المتحدة الاتحاد السوفيتى وصارت القطب الأوحد فى العالم!
بالله عليه إذا كان فى العالم قطب واحد فهل سيسعى لإشعال حرب عالمية ثالثة؟ .. طبعا لا.
ستقول: ولكن قد تحاول أطراف أخرى إشعال تلك الحرب كمحاولة منها لتغيير موازين القوى فى العالم.
والرد على ذلك هو أن الأطراف العالمية التى يمكنها القيام بمثل هذا الأمر مشغولة الآن بأزماتها؛ فروسيا فى حرب منذ أكثر من 28 شهرا والمؤكد أن تلك الحرب استنزفت جزءا كبيرا من قوتها، والصين مشغولة إلى حد كبير بالاقتصاد ومشغولة أيضا بتوتراتها مع تايوان، أما كوريا الشمالية ، فأعتقد أنها أصغر من أن تشعل حربا عالمية.
سبب آخر قد يحول دون وقع حرب عالمية ثالثة قريبا، وهو أن هناك تسع دول تمتلك ما يزيد عن 12 ألف رأس نووي، وكل رأس منها بإمكانه أن يصل إلى أى مكان فى العالم ويقضى على ملايين البشر فى ثوان، ووجود هذه الترسانة النووية يعنى أن لا أحد سيكون فى مأمن إذا اندلعت حرب عالمية ثالثة، وبالتالى لن يقدم أحد على محاولة إشعال حرب عالمية ثالثة لأنه ببساطة سيحترق بنارها مهما كانت قوته.
وهذا ما أكدته الكاتبة الأمريكية آنى جاكوبسن فى كتابها «سيناريو الحرب النووية: والذى قالت فيه إنه خلال 72 دقيقة من نشوب حرب عالمية ثالثة ستتمكن 3 دول مسلحة نووياً من قتل مليارات البشر، بينما سيبقى الباقون يتضورون جوعاً على أرض مسمومة، حيث لم تعد الشمس تشرق ولا الغذاء ينمو».
وإذا كنت أستبعد قرب حدوث حرب عالمية ثالثة، فإن السؤال الذى سيطرح نفسه هو: إذا لم يكن ما يجرى فى العالم حاليا بوادر حرب عالمية ثالثة.. فماذا يكون؟
وإجابتى أنه بداية عهد جديد من الاستعمار الأمريكى .. والله أعلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات حرب عالمية دولة حرب عالمیة ثالثة فى العالم أکثر من
إقرأ أيضاً:
عقيدة ترامب للأمن القومي.. من أكثر المتضررين في العالم؟
في تحول جذري يعيد صياغة دور الولايات المتحدة في الساحة الدولية، كشفت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الجديدة، المكونة من 37 صفحة، والتي تؤسس لمرحلة "الواقعية التجارية" وتنهي حقبة "تصدير الديمقراطية".
هذا التحول لم يبق حبرا على ورق، بل ترجم بشكل فوري لتحركات تشريعية في الكونغرس لإنهاء "قانون قيصر" ورفع العقوبات عن سوريا، في خطوة يصفها المراقبون بأنها "تاريخية".
وتأتي وثيقة إدارة ترامب للأمن القومي الجديدة بفكر مغاير عن نمط تعامل أسلافه من رؤساء أميركا، إذ يهدف ترامب بسياسته الجديدة إلى تجاهل مفهوم الديمقراطية، ويعمل على إعادة صياغة شكل علاقته مع الحلفاء والمنافسين.
وحسب تقرير عرضه برنامج "من واشنطن"، فإن الوثيقة تستند إلى 3 محاور رئيسية، وهي إعادة ترتيب الخصوم (الصين وروسيا)، والقوى المزعزعة للاستقرار (إيران)، والمسارح المتغيرة مثل (أميركا اللاتينية والبحر الأحمر وأفريقيا)، غير أن الجوهر يكمن في "تغيير الأدوات".
ومن ضمن المتغيرات التي شملتها إستراتيجية ترامب، هي تخليها عن حماية أمن الدول الغنية والمتقدمة، مطالبا تلك الدول بأن تتحمل المسؤولية الأولى عن أمن مناطقها.
وتتبنى الوثيقة لهجة مغايرة عن الإستراتيجيات الأميركية السابقة، إذ تتحدث بصراحة عما سمته "محو الطابع الأوروبي" في خطاب يقترب من سرديات اليمين المتطرف ويثير توترا عميقا داخل أوروبا نفسها.
ويتخلل الإستراتيجية عدة تساؤلات حول أبعادها على السياسة التجارية والدبلوماسية، وملامح العلاقات الدولية الأميركية في العالم إذ تقلص من سيطرة واشنطن على النظام الدولي.
الاقتصاد هو الأمنويرصد برنامج "من واشنطن" بتاريخ (2025/12/11) آراء مراقبين ودبلوماسيين سابقين حول أبعاد التغيرات الأساسية التي كشفتها إستراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي.
ويرى السفير الأميركي السابق روبرت فورد تحولا جذريا في وثيقة ترامب للأمن القومي، إذ تتعامل الإدارة مع الشرق الأوسط باعتباره منطقة "أكثر استقرارا" مما يظن البعض، وميدانا مفتوحا للشراكات التجارية بدلا من الحروب.
وأوضح فورد أن الإستراتيجية تهمش الشرق الأوسط كمنطقة تهديد أمني، معتبرة إياه منطقة "أكثر استقرارا" وجاهزة لاستحداث شراكات تجارية بدلا من التدخلات العسكرية، مضيفا أن هذا التحول يعني عمليا انسحابا عسكريا أميركيا متوقعا من سوريا والعراق، حيث تستعيض الإدارة عن الجنود بالشركات، والتدخلات العسكرية بصفقات الاستثمار.
واللافت -حسب فورد- هو الغياب التام لمصطلح "حقوق الإنسان" في الوثيقة، مقارنة بذكرها 8 مرات في إستراتيجية سلفه الرئيس جو بايدن، مما يؤكد أن المعيار الجديد للعلاقات هو "المصلحة"، لا "المبادئ".
كما أوضح الدبلوماسي السابق أن الإستراتيجية تصب تركيزها على النصف الغربي من الكرة الأرضية وهو الأمر الجديد فيها، كما تشدد على أهمية منطقة شرق آسيا، وهو ما يشبه توجهات أوباما وبايدن.
أبعاد الإستراتيجية على الحرب في غزةوفي قراءة دقيقة لمستقبل الحرب في غزة ضمن هذه الإستراتيجية، يؤكد فورد بشكل قاطع أن إدارة ترامب لا تملك أي رغبة "ولو بنسبة ضئيلة" في استخدام القوات الأميركية في أي شكل من أشكال في العمليات داخل قطاع غزة، سواء كانت عمليات قتالية أو حتى لحفظ السلام.
وستتبع واشنطن سياسية "النفس القصير"، فترامب يرفض سيناريو "الأحذية على الأرض" أو دخول أي جندي أميركي داخل غزة، حسب السفير الأميركي السابق.
واستشهد فورد بما حدث في التوتر الأخير بين إسرائيل وإيران كـ"نموذج مصغر" لعقيدة ترامب العسكرية، إذ تنفذ أميركا هجوما عسكريا قويا ومكثفا (ضربات صاروخية)، لمدة زمنية قصيرة جدا (يومين فقط)، ثم انسحابا فوريا وإعلان العودة للتفاوض بمجرد انتهاء المهمة المحددة.
ويعد هذا النموذج -حسب فورد- هو ما سيطبق على غزة، فواشنطن لن ترسل جنودها، ولن تتورط في المستنقع الميداني.
ويرى فورد أن المعضلة الكبرى في غزة لن تكون عسكرية فحسب، بل دبلوماسية، إذ يتساءل: "هل ستحافظ إدارة ترامب على اهتمامها المستمر في غزة؟".
ففي عالم ترامب، الدبلوماسية تشبه الصفقات التجارية السريعة، بينما يتطلب حل نزاع غزة "اهتماما مستداما"، وهو الأمر "الذي يفتقده ترامب الذي يُعنى بملفات أخرى بمجرد انخفاض حدة الصور الإعلامية".
ويرى الدبلوماسي السابق نبيل خوري أن الخطيئة الكبرى في عقيدة ترامب تكمن في قراءتها المعكوسة للواقع، فبينما أجمعت الإدارات السابقة على مركزية القضية الفلسطينية، يتجاهل ترامب ذكر "فلسطين" إلا مرة واحدة، ومتجاهلا قضية "حل الدولتين".
ويركز ترامب بدلا من ذلك على "دمج إسرائيل" وتوسيع التطبيع كبديل عن الحلول السياسية الجذرية، بحسب خوري.
بين "النرجسية" والواقعية المفرطةرغم احتفاء أنصار "الواقعية السياسية" بإستراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي، فإن هذا النهج يواجه انتقادات حادة، إذ يصف خوري الوثيقة بأنها "نرجسية وشخصية للغاية" وتتسم بتناقضات خطيرة، خاصة في افتراضها أن المنطقة مستقرة في وقت تشتعل فيه الجبهات من غزة إلى لبنان.
ويحذر خوري من هذا التناقض الجوهري في الوثيقة، إذ يرى ترامب أن إسرائيل تفوقت على أعدائها في غزة، وبالتالي لا داعي للوجود الأميركي، وهو الأمر غير الصحيح، يضيف خوري، "لأن خططه قد تتطلب انخراطا أكبر وليس أقل"، مرجعا تزايد التوتر في المنطقة إلى تجاهل ترامب للجذور السياسية الخاصة بالصراع في غزة والاعتماد على "ذكاء الرئيس الشخصي" بدلا من الخبراء.
من جانبه، يشير المحلل السياسي محمد المنشاوي إلى أن ترامب أعاد تعريف "الأمن القومي" ليشمل الأمن الاقتصادي والمجتمعي (مكافحة الهجرة والمخدرات)، موجها خطابه للداخل الأميركي بقدر ما هو للخارج، ومستبدلا المظلة العسكرية التقليدية بمفهوم "القبة الذهبية" الصاروخية وإحياء الترسانة النووية.
واتفق الخبراء على أن واشنطن في عهد ترامب تنظر إلى الشرق الأوسط بوصفه "سوقا تجاريا" وليس "مشروعا سياسيا"، موضحين أن غض النظر عن حقيقة الوضع هناك سيعمق الأزمات، بينما يرى المنشاوي أنها "الواقعية الفجة" التي يطلبها الشارع الأميركي.
Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 12:04 (توقيت مكة)آخر تحديث: 12:04 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ