هل نتعامل مع أزمة الصحة العقلية للشباب بشكل خاطئ؟.. دراسة حديثة تجيب
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
يُظهر تقرير أن الاتجاهات العالمية في الاقتصاد والمناخ والتكنولوجيا تؤثر على البالغين الشباب، ويوصي بإصلاح كيفية التعامل مع رعاية الصحة العقلية، بالإضافة إلى ضرورة التركيز بشكل جماعي على التغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية
على سبيل المثال ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير ترجمته "عربي21"، أن كلوي جونسون، 22 عاما، كانت تشعر باليأس مؤخرا.
تعطلت سيارتها، لذا فإن مبلغ 500 دولار الذي تمكنت من توفيره سيذهب الآن إلى دفعة أولى لسيارة مستعملة. وقد تم تجاوزها مؤخرا في الترقية.
قالت جونسون، التي تم تشخيصها العام الماضي باضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني والاكتئاب واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة: "في الوقت الحالي، أشعر بالاختناق الشديد لوجودي في هذا الموقف. أنا لا أحقق أي إنجاز أو تقدم".
إنها حلقة لا نهاية لها: تدهورت الصحة العقلية لجونسون بسبب مشاكلها المالية وتزايدت مشاكلها المالية، ويرجع ذلك جزئيا إلى تكلفة علاج الصحة العقلية ولكن أيضا لأن اضطراباتها جعلت من الصعب عليها الحصول على شهادة جامعية يمكن أن تؤدي إلى وظيفة أفضل.
قالت: "لقد فشلت في عدة فصول دراسية. أحترق بسهولة في الواقع، لذلك استسلمت".
لقد تدهورت الصحة العقلية للمراهقين والشباب، ويرجع ذلك جزئيا إلى "الاتجاهات الكبرى الضارة" مثل التفاوت المالي، وفقا لتقرير جديد نُشر يوم الثلاثاء في المجلة العلمية The Lancet Psychiatry. تشمل الاتجاهات العالمية التي تؤثر على الأجيال الأصغر سنا أيضا سرقة الأجور من أرباب العمل، ووسائل التواصل الاجتماعي غير المنظمة، وانعدام الأمن الوظيفي وتغير المناخ، وكلها تخلق "حاضرا ومستقبلا قاتما للشباب في العديد من البلدان"، وفقا للمؤلفين.
وقد تم إعداد التقرير على مدى خمس سنوات من قبل لجنة تضم أكثر من 50 شخصا، بما في ذلك خبراء الصحة العقلية والسياسات الاقتصادية من عدة قارات والشباب الذين عانوا من أمراض عقلية.
ويزعم المؤلفون أن الصحة العقلية ليست مجرد قضية فردية يجب معالجتها بعد أن يصبح شخص ما مريضا؛ بل من الضروري أيضا التركيز بشكل جماعي على التغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية التي تساهم في الضائقة العقلية.
وفي حين أن "الاتجاهات الكبرى" التي تم تحديدها في التقرير موجودة منذ عقود، يزعم المؤلفون أنها ساءت.
وقال الدكتور باتريك ماكجوري، المؤلف الرئيسي للتقرير وطبيب نفسي في أستراليا: "نحن بحاجة إلى الاستثمار بسرعة في التدخل المبكر" بالإضافة إلى العلاجات الجديدة وطرق جديدة لرعاية الناس. "إذا انتهى الأمر بالشباب إلى الموت، أو الاعتماد على الرعاية الاجتماعية أو حتى مجرد ضعف الإنجاز بأعداد كبيرة، فإن التماسك الاجتماعي والإنتاجية يتأثران بشكل خطير. وهذا يحدث الآن".
وفي حين يميل البحث والخطاب العام إلى التركيز على الآثار السلبية المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي والوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات، أكد مؤلفو التقرير أن العوامل الاقتصادية والبيئية يمكن أن تلعب أيضا دورا كبيرا في تدهور الصحة العقلية للشباب.
وفقا للجنة لانسيت، ساهمت الاتجاهات الاقتصادية في العقدين الماضيين في مشاكل مثل ارتفاع ديون الطلاب، والتفاوت في الثروة بين الأجيال الأكبر سنا والأصغر سنا وصعوبة العثور على وظيفة والاحتفاظ بها.
أفاد الشباب مثل كلوي جونسون بمعاناتهم من مستويات توتر أعلى من الأجيال الأكبر سنا، وفقا لمسح أجرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس عام 2023. ووجد المسح أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما هم أكثر عرضة من كبار السن للإبلاغ عن شعورهم "بالاستهلاك" بسبب مخاوفهم بشأن المال.
كما أصبح القلق بشأن المناخ شكوى أكثر شيوعا. ارتفعت عمليات البحث عبر الإنترنت عن مواضيع تتعلق بالقلق المناخي. أنشأ المهنيون مجموعات دعم الأقران، ودليلا عبر الإنترنت للمعالجين المهتمين بالمناخ، وبرامج الشهادات في علم نفس المناخ.
قال مايكل، 38 عاما، الذي يستخدم اسمه الأوسط لحماية خصوصيته، إن قلقه بشأن حالة البيئة بدأ عندما كان في أوائل الثلاثينيات من عمره، ومنذ ذلك الحين سعى للحصول على العلاج.
قال مايكل، الذي يعيش في بالتيمور: "يبدو الأمر وكأننا لا نهتم على الإطلاق بالعالم من حولنا". إن الأشياء الصغيرة، مثل رؤية أساطيل الشاحنات التي تقوم بتوصيل الأشياء إلى منازل الناس أو القمامة في المجاري المائية، تجعله يشعر بالغضب أو الخوف من المستقبل. وأضاف أنه "من الصعب جدا التعامل مع الانفصال المتهور".
وقالت الدكتورة ليزا فورتونا، رئيسة مجلس الجمعية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين وأسرهم، إن قرار اللجنة بالتركيز على التغييرات المجتمعية التي تساهم في مشاكل الصحة العقلية يشير إلى تحول نموذجي في هذا المجال.
وأضافت الدكتورة فورتونا، التي لم تكن جزءا من لجنة لانسيت، أنه في حين أنه من المهم التأكد من تلبية احتياجات الصحة العقلية للفرد، فإن الأطباء النفسيين وغيرهم من ممارسي الصحة العقلية يدركون بشكل متزايد أهمية التراجع للنظر في المشاكل الأوسع التي تؤثر على الناس، بما في ذلك العنصرية وعدم المساواة في الدخل والحواجز أمام الوصول إلى خدمات الصحة العقلية.
يقدم التقرير الجديد اقتراحات متعددة، بما في ذلك التمويل العام الإضافي للصحة العقلية للشباب، وتحسين الإسكان والقدرة على تحمل تكاليف الإيجار والفرص التعليمية المتاحة. كما أكد المؤلفون على الحاجة إلى توفير استمرارية الرعاية الصحية العقلية بين سن 12 إلى 25 عاما مع انتقال المرضى إلى خدمات البالغين عند بلوغهم سن 18 عاما.
قالت الدكتورة فورتونا: "كانوا في السابعة عشرة من العمر بالأمس. إنهم في الثامنة عشرة من العمر اليوم، لكنهم ليسوا مختلفين كثيرا". وأضافت أنه "عمر حساس للغاية"، ويمكن للمراهقين الاستفادة من الالتزام بمقدم خدمات صحية لديه فهم عميق لهذه المرحلة من التطور.
وتشمل الأولويات الأخرى الحاجة إلى تطوير خدمات الصحة العقلية الحساسة للهوية الثقافية للعميل والطلب من الشباب الذين عانوا من مرض عقلي الشراكة مع المنظمات التي تهدف إلى مساعدتهم.
وقال الدكتور ماكجوري إن البيانات تشير بوضوح إلى "مجتمع مريض بشكل متزايد. لا يمكن لأحد أن يدعي أنه في الظلام بعد الآن".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة الصحة العقلية دراسة طب صحة عقلية المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة صحة صحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحة العقلیة
إقرأ أيضاً:
عصام شرف: النقل من الركائز الأساسية للبنية التحتية لأي دولة حديثة
نظّمت لجنة النقل والمرور بنقابة المهندسين، برئاسة الدكتور المهندس أيمن الضبع، ندوة علمية بعنوان "مقاربة بين صيانة الطرق وصيانة المجتمع"، بحضور نخبة من كبار الشخصيات الهندسية والوطنية، يتقدمهم المهندس طارق النبراوي، نقيب مهندسي مصر، والأستاذ الدكتور المهندس هشام سعودي، وكيل النقابة، والمهندس محمود عرفات، الأمين العام، والمهندس كريم الكسّار، الأمين العام المساعد.
وقد ألقى المحاضرة الرئيسية الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق.
وفي كلمته الافتتاحية ثمّن المهندس طارق النبراوي الجهود المتميزة التي تبذلها لجنة النقل والمرور، مشيدًا بتنوع الموضوعات التي تطرحها واستضافتها المستمرة لقامات علمية وهندسية تسهم في إثراء معارف وخبرات المهندسين، ولا سيما الشباب منهم.
رصف وصيانة الطرقوأعرب نقيب المهندسين عن تقديره الكبير لاستضافة شخصية هندسية مرموقة كالدكتور عصام شرف، لما له من إسهامات بارزة في مجالات الهندسة والإدارة والعمل الوطني، خاصة في موضوع يلامس صميم الواقع المصري، وذلك بحضور لفيف من الوزراء السابقين وكبار خبراء هندسة الطرق.
وفي محاضرته تناول الأستاذ الدكتور عصام شرف، مفهوم الصيانة في الطرق بوصفه انعكاسًا لقيم مجتمعية عميقة، موضحا أن الطريق ليس مجرد وسيلة عبور، بل هو شريان حياة يعكس حالة المجتمع ومؤشرًا على مدى التزامه بالقواعد، والحوكمة، والسلامة، والاحترام المتبادل، فكما أن الطرق تحتاج إلى صيانة دورية لضمان استمرارية الأداء وتقليل المخاطر، فإن المجتمعات بحاجة إلى مراجعة مستمرة لقيمها وسلوكياتها وآليات تواصلها.
وأضاف أن إهمال صيانة الطرق لا يقتصر ضرره على الحوادث والخسائر المادية، بل يتجاوز ذلك إلى التأثير على ثقة المواطن في المؤسسات، كما أن إهمال صيانة النسيج المجتمعي يؤدي إلى تصدع الثقة، وغياب العدالة، وتفاقم الأزمات، مشددا على أن المهندس، باعتباره صانع الحلول، مطالب اليوم بتوسيع رؤيته لتشمل البعد الاجتماعي والإنساني في مشاريعه.
وقال رئيس مجلس الوزراء الأسبق، إن "الحديث عن "صيانة الطرق" لا يمكن أن ينفصل عن "صيانة المجتمع"، فالبنية التحتية مهما بلغت قوتها، لا تصمد أمام سلوك بشري غير واعٍ، كما أن المجتمع مهما بلغت قوته، يتآكل إن لم يُراجع ذاته ويُصلح خلله الداخلي.
وأكد أن الرصف ليس مجرد طبقة أسفلتية، بل يُعد أحد المكونات الأساسية لعناصر الطريق، والذي يشكل بدوره جزءًا محوريًا في منظومة النقل الوطني، مضيفا أن النقل يُعد من الركائز الأساسية للبنية التحتية لأي دولة حديثة، ويمثل شريانًا اقتصاديًا واجتماعيًا يتأثر مباشرة بمستوى جودة الطرق وتماسكها.
وأوضح أن كلما قلّ تماسك عناصر البنية التحتية، زاد التفكك، وارتفعت تبعًا لذلك كلفة الصيانة والمعالجة، مشيرًا إلى أن الإهمال أو التأخير في التدخل يؤدي إلى تدهور أكبر يجعل من الحفاظ على الوضع القائم عبئًا ماليًا وعمليًا متصاعدًا.
وقال: "حينما تصبح كلفة الاستمرار على الوضع القائم أعلى من كلفة التغيير، فإن التدخل لا يعد مجرد خيار، بل ضرورة ملحّة".
وفي ختام محاضرته، دعا إلى اعتبار الرصف مدخلًا لفهم أوسع لكفاءة البنية التحتية ككل، موضحًا أن الرؤية التكاملية بين الطريق والنقل والبنية الأساسية كفيلة بتحقيق قفزات نوعية في جودة الخدمات العامة ومستوى رضا المواطن.