فى الثلاثين من أغسطس تحل الذكرى الثامنة عشرة لوفاة أديبنا العظيم نجيب محفوظ، وأعتقد أن نجيب محفوظ قد مات على مسافة من الجبلاوى أقرب منها بينه وبين عرفه.. ليس لأنه كان أقرب لليقين العلوى منه لجسارة الشك من أجل المعرفة.
ولكن لأن هذا المبدع العظيم قد عاش عمره مناضلاً بأدبه وإبداعه فى سبيل إعلاء قيمة الحرية والعدالة، وقد مات وحارتنا لم تتصالح بعد لا مع الحرية ولا مع العدالة ولم يفعل العلم بها ما فعله عرفة بحارة الجبلاوى وبالجبلاوى نفسه.
ومن هنا فإن نجيب محفوظ قد مات قبل أن يستريح وتمتلئ عيناه برؤية الحارة المصرية الكبيرة قد نعمت بعلوم عرفة وبالعدالة التى دعا وسعى إليها كل من جبل ورفاعة وقاسم ولا يزال الواقع بالحارة المعاصرة لا يختلف كثيراً عن واقع حارة جبل وحارة رفاعة وحارة الجرابيع التى شهدت مولد قاسم.
لم يتغير المشهد والأحرى أنه ازداد سوءاً إذا قورنت حارتنا اليوم بحارات وراء البحار كانت أكثر منا تخلفاً ومرضاً وكآبة على زمن جبل ورفاعة وقاسم.
لم يتغير شيء ولا يزال الجبلاوى صامتاً بعيداً خلف فضاء لا نراه ولا نعرفه ورغم ثورته على أدهم فى البدء وطرده من الحديقة لأنه خالف أمره واقترب من حجة الوقف الذى حرم هو الاقتراب منها.
لماذا يصمت جدنا الجبلاوى هكذا أمام المظالم التى يتعرض لها أهل حارتنا وجبروت الفتوات الجدد الذين يملكون المال والجاه والسلطة أمام فقراء لا يملكون إلا الخوف من بطشهم.. كيف يا عمنا نجيب وأنت فى خلوتك الأبدية، يصمت الجبلاوى هكذا أمام وحشية جرائم الأمريكان والصهاينة وهم يذبحون الأطفال فى غزة ليل نهار.
الأسئلة الوجودية كثيرة يا عمنا نجيب، وقسوة ظلم الأغراب والأقارب والأهل، دفعت الناس إلى الشك فى جدوى انتظار كلمة جدنا الجبلاوى التى ترسى قواعد العدل والحرية من جديد. تذكر معى ياعمنا نجيب صرخة الشاعر صلاح عبدالصبور فى رائعته « الناس فى بلادى «:
(يا أيها الإله …
كم أنت قاسٍ موحش يا أيها الإله)
بالأمسِ زرتُ قريَتى، قد ماتَ عمِّى مصطفى
ووسَّدُوه فِى التُّرابْ
لم يَبتَنِ القِلاعَ (كان كُوخُه من اللَّبِن)
وسارَ خلف نعشِه القدِيمْ
مَن يملِكُون مِثله جلبابَ كتانٍ قدِيمْ
وماذا بعد، والحديث لجدنا نجيب.. قل لى يا سيدى من عالمك الأبدى إلى متى ستظل حارتنا قديمة ومنهوبة ومكسورة الجناح.. إلى متى ستظل حارتنا تكبر فى المكان وتصغر فى المكانة.. إلى متى ستظل وجوه أبناء الحارة صفراء شاحبة وعيونهم حائرة غائرة وأقدامهم تحملهم بتثاقل من أرهقه العمر وسرق شبابه وحلمه.. قل لى من جديد يا جدنا نجيب، هل حقاً مات الجبلاوى وإذا كان فلماذا لم يسكن عرفة قصره بخلاء حارتنا بعد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح نجیب محفوظ
إقرأ أيضاً:
نواب يعلنون الموافقة على قانون العلاوة الدورية الجديد
وافق عدد من أعضاء مجلس النواب، خلال الجلسة العامة اليوم، المنعقدة برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، الموافقة من حيث المبدأ على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتحديد نسبة العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية ومنح علاوة خاصة لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية وزيادة الحافز الإضافي للعاملين بالدولة وبتقرير منحة خاصة للعاملين بشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام.
و قال النائب أحمد بهاء شلبي رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن،:" تم زيادة الحد الأدنى فى السنوات الأخيرة لأكثر من 6 مرات، لافتا إلى أن السنوات المقبلة ستشهد استقرار كبير وتراجع معدلات التضخم، وهذا يعود للمؤشرات التى بدات على أرض الواقع خلال الأشهر القليلة الماضية.
وأكد النائب محمد أبو هميلة رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، إن العلاوة تعزز توجه الدولة نحو النهوض بملف الرعاية والحماية الاجتماعية، مشددا على ضرورة تشديد الرقابة على الأسواق وتعريفة الركوب حتى لا تلتهم الزيادة المرتقبة فى الأجور والمرتبات.
وقال النائب مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب:" العلاوة تأتى فى الظرف التاريخى المهم، هناك إجراءات فى الحماية الاجتماعية، نشكر القوى العامل ووزارة المالية وكل أركان الوزارة، على العلاوة التى تأتى فى التوقيت المناسب، ذلك التوقيت الذي يعاني فيه المواطن البسيط بسبب الظروف التى تمر بها الدولة، والقيادة السياسية تدرك الأزمة، ما يجرى من مشروعات يعطينا الأمل فى دعم الاقتصاد المصرى، واننا سنطوي صفحة صندوق النقد، نحتاج لـ اصطفاف وطنى قوى، الشعب المصرى يستحق وسام الصبر والصمود، الشعب المصرى يقف خلف القيادة السياسية، وفى لحظة ما فى التاريخ سينعم المصريين بالأمن والاستقرار .
وأضاف النائب محمد مدينة عضو مجلس النواب، إن الدولة حريصة على دعم ملف الرعاية الحماية الاجتماعية، واستيفاء متطلبات العاملين بالدولة، حتى لا يكون هناك باب خلفي للعامل لتلبية احتياجاته.