مؤخرا رأت شركة الخطوط الحديدية الألمانية/ دويتشه بان أن عليها الاعتذار لمشجعي كرة القدم بسبب تأخر القطارات والازدحام الشديد خلال بطولة يورو 2024 التي أقيمت في عدة مدن ألمانية. على ضوء ذلك قال مايكل بيترسون، عضو مجلس إدارة الشركة "إنه يتفهم الانتقادات بأن دويتشه بان "لا تقدم حاليًا الجودة التي يستحقها الجميع.

ولكن في الوقت نفسه، نبذل قصارى جهدنا لإيصال الركاب إلى وجهاتهم بشكل موثوق".

 

تُعد دويتشه بان الشركات  التي تقدم الاعتذار من حين لآخر أمثال فيسبوك، ونيتفليكس، وأوبر، وكوكا كولا،  بوينغ، وتويوتا، لكن هل يغير الاعتذار كثيرا من واقع الحال؟ وهل يمكن للاعتذار أن يجعل المشجعين الذين فاتتهم المباريات يتفهمون الأمر؟

لماذا نتعب أنفسنا بعناء الاعتذار؟

الشركات كالبشر ترتكب أخطاء أيضا، وبعضها سيعبر عن اسفه لذلك. غير أن على من يريد الاعتذار التفكير مليا بالتبعات المحتملة قبل القيام بذلك، لأن الأمر يشكل جزءا من إدارة الأزمة ومستقبل السمعة. 

طبيعي أن يعتذر المرء عن السلوك السيء والأنشطة غير القانونية، ولكن ماذا عن الأحداث الأخرى المرتبطة أيضا بعوامل خارجية؟ ثم أن الاعتذار بحد ذاته لا يغير المشكلة من حيث المبدأ بقدر ما يلفت الانتباه إليها. وبالنسبة للشركات هناك من جهة حسابات للتكاليف التي قد تنجم عن الأسف، وللفوائد المتوقعة من جهة أخرى. وعلى ضوء ذلك جرت العادة أن القسم القانوني في الشركة لا يؤيد الاعتذار خوفا من دعاوى قضائية والمطالبة بتعويضات مالية. 

 

غير أن المشكلة أمام الشركات  تكمن هذه الأيام بقوة وسائل التواصل الاجتماعي. ففي الماضي لم يكن الزبائن أو الجمهور على علم بمشاكلها على نطاق واسع. وكانت اعتذاراتها تتم عن طريق الصحف ويبقى صداها في نطاق ضيق. أما اليوم فإن شكوى واحدة من خلال فيديو قصير ودرامي عبر الوسائل المذكورة قد تنتشر كالهشيم في النار ولا تترك مجالا لعدم الاعتذار عن التقصير. 

ألقاء اللوم على التكنولوجيا

من الواضح أن التقدم التكنولوجي "يجعل الاعتذارات أكثر شيوعا، والشركات أكثر استباقية في محاولة استعادة ثقة الجمهور" حسب ما قال لـ DW نيكولا لاسيتيرا الأستاذ في قسم الإدارة بجامعة تورنتو في كندا،  لـ: DW . واضاف لاسيتيرا " ان ما تقدمه  للمواطنين والمستهلكين على صعيد تدقيق المعلومات والمعطيات بشكل أسرع من جهة، وسهولة التواصل ونشر المعلومات حول الممارسات غير السليمة من جهة أخرى، كل ذلك يضع الشركات أمام مزيد من الضغط للاستجابة بسرعة، لأنه من الصعب إسكات السخط".

وبالنسبة للخبير فإن اختيار التوقيت والكلمات تشكل مفتاح نجاح الاعتذار أم لا. وعلى ضوء ذلك لا ينبغي على الشركات الانتظار طويلا قبل الاعتراف بالخطأ، لأن ذلك يعطي الانطباع بأن الشركة تحاول إخفاء القضية. ومن الأمثلة على ذلك شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات التي عانت من انتقادات وأضرار كبير بسبب تأخرها في الاعتراف بما يُعرف فضيحة انبعاثات الديزل من موتورات سياراتها. 

قول كلمة "آسف" أمر صعب

"تعتذر الشركات بسبب أهمية السمعة، وهذا أمر هام للمستهلكين الذين يتسوقون من العلامة التجارية التي يثقون بها. وهي مهمة أيضا للجهات التنظيمية التي تراقب الشركات، وكذلك للموظفين عندما يقررون مكان العمل"، كما يقول بنيامين هو، أستاذ الاقتصاد في كلية فاسار في الولايات المتحدة ومؤلف كتاب بعنوان "لماذا الثقة مهمة: دليل الخبير الاقتصادي للعلاقات التي تربطنا".

بحث بينيامين هو في الاعتذارات لسنوات عديدة، وعلى  ضوء ذلك يشعر بأن الشركات تعتذر بشكل متكرر وصحيح، كما قال لـ DW. غير أن الاعتذار لا يكفي في الغالب، لاسيما وأن الاعتذارات السيئة تكثر وعادة ما تكون عبارة عن  كلمات أو تفشل في تحمل المسؤولية. ويرى بينامين هو "إن الشركات تحتاج للقيام بتغييرات ملموسة بشكل يدل على تحمل المسؤولية ووضع معايير أفضل للاداء في المستقبل لأطهار ما إذا كان الاعتذار يتم أخذه على محمل الجد".

تكاليف الاعتذار وأعبائه

قد تكون الاعتذارات أكثر فعالية في بعض القطاعات، ولا تكون كذلك في قطاعات أخرى، كما يقول لاسيتيرا. وأضاف: "في بعض الصناعات، يتوقع الناس أن تكون الشركات أكثر قسوة، وبالتالي، لايتم تقديم الاعتذارات على اساس أن ذلك قد يشكل علامة ضعف". ومع ذلك، فإن الاعتذار الجيد يتطلب التضحية ونوعا من التكلفة، كما يقول بينامين هو مضيفا: "قد تكون هذه التكلفة ملموسة، مثل الدفع النقدي، أو قد تكون على شكل استعداد للفت الانتباه إلى الأخطاء الماضية، أو الوعد بتحسين الأداء في المستقبل".

ورغم أن الاعتذار قد يكون أكثر تكلفة مما ترغب به الشركات، فإن اتخاذ قرار تقديم الاعتذار أو عدمه لا يؤثر من حيث المبدأ على أسعار الأسهم. ومن العجيب هنا أن المساهمين يحبون عموما ميل الشركة إلى إلقاء اللوم على الآخرين. وهذا ما تؤكده دراسة حديثة حسب بنيامين هو الذي قال بهذا أيضا الخصوص: "وجدنا أن الشركات التي قدمت "اعتذارات سيئة" شهدت استجابة أفضل في سوق الأوراق المالية من تلك التي قدمت "اعتذارات جيدة". 

أما بالنسبة للعملاء في شركات الخدمات مثل شركة اوبر لخدمات النقل بالسيارات مثلا، فإنهم يريدون أكثر حسب بينيامين هو، الذي أضاف: "وجدنا أن الاعتذارات الأكثر فعالية تضمنت قسائم لرحلات إضافية أو وعود بأداء أفضل مستقبلا، أما الاعتذارات التي بقيت كلمات فارغة فقد جاءت بنائج عكسية وتعرض بموجبها العملاء لمزيد من التأخير في رحلاتهم". 

ما الطريقة الصحيحة للاعتذار؟

بالنسبة إلى برودينس جورجيتشون المحللة النفسية والمستشارة المقيمة في الولايات المتحدة، "يمكن القول إن عدم الاعتذار أفضل من اعتذار سيئ". أما الاعتذار الجيد من وجهة نظرها فينبغي أن يتضمن الاعتراف بارتكاب الخطأ، والتعبير عن الأسف للاذى الذي تسبب به والتأكيد على إجراءات من شأنها منع تكرار ذلك. وعلى الرغم من وضوح هذه المبادئ فإن شركات عديدة  تواجه صعوبة في الاعتذار. ولسوء الحظ لا توجد طريقة معينة تناسب الجميع للتعبير عن الآسف، لاسيما وأن تقديم حجج معينة قد يشكل حقل ألغام يصعب قياس نتائجه. وفي كل الأحوال ستستمر الشركات في ارتكاب الأخطاء وستحاول إصلاحها وكسب ثقة العملاء مجددا.

 

أعده للعربية: ندى فاروق 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: ضوء ذلک من جهة

إقرأ أيضاً:

ترامب: أنا مع إيران تمامًا.. لن تكون قوة نووية

(CNN)-- قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مقابلة بُثت الأربعاء، على قناة فوكس نيوز إنه "يؤيد إيران تمامًا"، لكنه أضاف أن إيران "لن تصبح قوة نووية".

وقال ترامب: "لن يكونوا قوة نووية.. دعوني أوضح.. أنا أؤيد إيران تمامًا.. أريدهم أن يكون لديهم بلد رائع وأن يجنوا الكثير من المال"، وذلك في تعليقات تأتي في الوقت الذي أمضى فيه أعضاء إدارته أسابيع عديدة يشاركون في محادثات نووية هامة بين إيران والولايات المتحدة.

وكانت المحادثات التي جرت نهاية الأسبوع الماضي تهدف إلى معالجة برنامج طهران النووي ورفع العقوبات، ويُعدّ انعقادها بحد ذاته إنجازًا كبيرًا - فهي المحادثات الأعلى مستوى بين البلدين منذ سنوات - لكن مؤشرات التقدم الملحوظ ضئيلة.

وأعرب البلدان عن استعدادهما لحل خلافاتهما بالطرق الدبلوماسية، وتبقى القضية المحورية هي مطالبة إيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم لبرنامجها النووي، والذي تُصرّ على أنه سلمي، وهو ما تُطلق عليه الولايات المتحدة "خطًا أحمر".

وهدد ترامب، الذي يزور الشرق الأوسط حاليا، بأن الولايات المتحدة ستلجأ إلى توجيه ضربات عسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية، بمساعدة إسرائيل، إذا فشلت طهران في التوصل إلى اتفاق مع محاوريها.

مقالات مشابهة

  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل خشية صواريخ الحوثي
  • رئيس رعاية بورسعيد الصحية مستمرون في دعم ملف السياحة العلاجية بتقديم خدمات صحية تنافسية عالميًا
  • شاهد بالفيديو.. شبيه الفنان الراحل محمد الجزار يشعل حفل شبابي بأغنية (بجو عايدين) والجمهور: (فيهو حاجات من ريحة المرحوم)
  • لماذا طال اجتماع أمير قطر وترامب أكثر من وقته المحدد؟
  • العراق بين الجمهوريين والديمقراطيين: استعادة الديمقراطية لا الاعتذار عنها
  • رغم تعرضه للقصف.. مستشفى النو في أم درمان يستمر بتقديم خدماته المجانية
  • لماذا طال اجتماع أمير قطر وترامب أكثر من وقته المخصص؟
  • عودة قوية للفنان محمود عامر في مسلسل "المماليك" بمشهد مؤثر مع دوللي شاهين.. والجمهور: "إنت ممثل جبار"
  • الشرطة: الخطط الأمنية الإحترازية التي أسفرت عن ضبط أكثر من نصف طن من الذهب خلال النصف الأول من العام الجاري
  • ترامب: أنا مع إيران تمامًا.. لن تكون قوة نووية