«الأفق».. تأمل في مرآة الروح الأميركية
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
علي عبد الرحمن
أخبار ذات صلة«كان الغرب مكاناً وُلدت فيه الأساطير من رحم المشقة والأمل، حيث تتخفى حرية صياغة المصير خلف التلال التالية مباشرة، فسيفساء من الأحلام، حيث كل رجل يحمل بندقية يصبح قانوناً لنفسه، الغرب هو أفضل شيء حدث لأميركا على الإطلاق، بدأنا بلا شيء، والآن نملك كل شيء تقريباً، كان الغرب مكاناً للمغامرة والأمل، حيث يمكنك البدء من جديد وصنع شيء من نفسك، الغرب دائماً كان ملاذاً للشخصيات الهاربة»، كانت تلك الكلمات للممثل الأميركي ويل روجرز، الأساس الذي بنى عليه المخرج والفنان الأميركي كيفن كوستنر رؤيته لسلسلة أفلامه «الأفق: الملحمة الأميركية» (Horizon: An American Saga).
عُرض الفصل الأول من السلسلة في يونيو من هذا العام، وينتظر العالم عرض الفصل الثاني ضمن فعاليات مهرجان «البندقية» السينمائي الدولي في دورته الـ81، المزمع انطلاقه في 28 أغسطس الجاري وحتى 7 سبتمبر المقبل، أما الفصلان الثالث والرابع من السلسلة، فيُعرضان العام المقبل، ليكتمل العمل الذي يعد من أضخم المشاريع السينمائية التي تم إنتاجها عن الغرب الأميركي.
ويعود كوستنر إلى الإخراج بعد غياب عشرين عاماً منذ فيلمه «المدى المفتوح» العام 2003، يبحر بالمشاهدين في الفصل الأول من «الأفق» في رحلة سينمائية تمتد على مدى 15 عاماً، يروي خلالها قصصاً متعددة الوجوه عن التوسع والاستيطان في الغرب الأميركي، مستعرضاً حقبة الحرب الأهلية الأميركية التي اندلعت بين العامين 1861 و1865، وما تلاها من أحداث، بأسلوب اختزالي حاد، يكشف عن الطبيعة المعقدة للصراع بين المستوطنين والأميركيين الأصليين، حيث تتشابك الأيدي بالدماء على الجانبين، مما يظهر أن العنف والدماء كانا جزءاً لا يتجزأ من تلك الحقبة التاريخية المهمة في التاريخ الأميركي.
«الأفق»، ليس مجرد استعراض للغرب الأميركي، بل تأمل فلسفي عميق في الأساطير التي صاغت الهوية الأميركية، من خلال المزج بين الماضي والحاضر، ويقدم كوستنر رؤية ديالكتيكية تعكس جدلية العلاقة بين الصراع والتقدم، حيث تتولد الأفكار من تفاعل الأضداد، ويصبح الغرب ليس مجرد مكان جغرافي، بل رمزاً لأميركا ذاتها، حيث تتصارع الحرية مع الفوضى، والأمل مع الخوف، مما يخلق مشهداً سينمائياً يعكس تعقيد الطبيعة البشرية في سعيها نحو الحرية والتوسع.
حكايات متشابكة
ويعيد كوستنر، في هذه السلسلة، تأطير الغرب الأميركي كمرآة للروح الأميركية، مسلطاً الضوء على الجوانب الإنسانية والاجتماعية التي غالباً ما تظل مغفلة في روايات الغرب الكلاسيكية، عبر التصوير السينمائي البديع والحكايات المتشابكة، ويقدم «الأفق» تأملاً في الماضي، وجدلاً حول المستقبل، ليعيد تعريف معنى الحرية والمصير في السياق الأميركي.
ويعكس كوستنر، المعروف بحبه العميق للغرب الأميركي، هذا الحب في كل مشهد بالفيلم، حيث جسد جمال الطبيعة القاسية وروح المغامرة التي شكلت هوية الأمة، وبشكل فضفاض دون حبكة سينمائية متماسكة، وجد المشاهد نفسه في الفصل الأول أمام 3 قصص مختلفة، تدور أحداثها في فلك رحلة واحدة وعليه أن يفك طلاسمها وما يبرهن عليه المخرج من تلك السردية السينمائية، حول أسباب الحقد والضغينة للمستوطن الأبيض ضد السكان الأصليين، والنفعية والجشع في سعي صائدي الجوائز لحصد المزيد من رؤوس الهنود مقابل حفنة من الامتيازات النقدية والعينية، بجانب تصوير الغرب على أنه البؤرة الأعنف والمكان الذي لا يرحم أحداً، والنضال المتوحش من أجل البقاء على قيد الحياة، وكشف الحقيقة الصارخة للجوانب القبيحة للمستوطن الأبيض من أجل تحقيق مطامعه الاستعمارية.
مغامرة جريئة
ترى الروائية المصرية أسماء علاء الدين، أن كوستنر قام بمغامرة سينمائية جريئة وطموح من خلال اعتماده على مبدأ فلسفي يعرف بـ «الديالكتيك»، أو الجدل، لتصوير التناقضات والصراعات البشرية كعوامل رئيسة في تشكيل التاريخ وإعادة بناء الحقب الزمنية.
وقالت: إن كوستنر لم يكتفِ بتقديم قصة تقليدية عن الغرب الأميركي، بل تعمق في استكشاف العلاقة المعقدة بين الأطراف المتنازعة، مستعرضاً وجهات نظر مختلفة حول تأثير الحرب الأهلية على المجتمع بأكمله، سواء من السكان الأصليين أو المستوطنين البيض.
وأشارت إلى أن الفيلم قدم تصويراً واقعياً لتطلعات الشخصيات المتنوعة في ظل الظروف القاسية التي واجهتها خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ أميركا، وقد تمكن كوستنر من نقل المشاهدين إلى عالم مليء بالتناقضات والصراعات، حيث يعاني الجميع من تحديات الانقسام العرقي والاجتماعي، ويحاولون التكيف معها وفقاً لرؤاهم الخاصة.
وأضافت علاء الدين أن بعض الشخصيات في الفيلم تركت أثراً عميقاً لدى المشاهدين بسبب مواقفها القوية التي عكست الصراعات الداخلية والخارجية التي كانت تعيشها، ورغم أن إيقاع الفيلم كان بطيئاً في بعض الأجزاء، وأن مدته الطويلة قد أثرت على تركيز المشاهد، إلا أن الشخصيات استطاعت أن تحافظ على انتباه الجمهور من خلال تقديمها لأداء متميز ومعبرة عن عمق الصراع الإنساني.
وتوضح أسماء أن الفيلم لم يخل من بعض العيوب التي قد تؤثر على تماسك السرد القصصي للأحداث، فمن جهة، تلاحظ وجود بعض المشاهد التي بدت متناقضة في مضمونها، ما قد يربك المشاهدين ويجعلهم يفقدون التركيز على الخط الرئيس للقصة، ومن جهة أخرى، حجبت الفواصل الزمنية بين المشاهد عن الجمهور بعض التفاصيل المهمة التي كان يمكن أن تضيف عمقاً أكبر وتوضح أهمية تلك الحقبة بشكل أفضل.
ورغم هذه الملاحظات، أعربت أسماء عن اعتقادها بأن الفيلم يستحق التقدير، بفضل رؤيته الفلسفية العميقة وتصويره الواقعي للصراعات الإنسانية التي شكلت جزءاً كبيراً من تاريخ الغرب الأميركي، وأن كوستنر نجح في تقديم تجربة سينمائية مميزة، تعكس تعقيدات تلك الحقبة، وتثير في الوقت نفسه تساؤلات عميقة حول معنى الهوية والصراع البشري في سياق تاريخي بالغ الأهمية والحساسية.
الأساطير والتاريخ
كشف المخرج المصري أمير رمسيس عن أن كيفن كوستنر، من خلال مشاريعه السينمائية المتعددة، يظهر ولعاً شديداً بالغرب الأميركي القديم، ولا يقتصر هذا الولع على التصوير البصري للمشهد التاريخي، بل يتعمق ليشمل استكشاف العلاقات الإنسانية المعقدة التي نشأت بين المستوطنين والسكان الأصليين في تلك الفترة، مما يثير تساؤلات جوهرية حول الصراع بين هذين العالمين المختلفين.
ويرى رمسيس أن كوستنر لا يسعى فقط لإعادة إحياء الغرب الأميركي على الشاشة، بل يقدم من خلال أفلامه دراسة متأنية للتفاعلات والصراعات التي شكلت جزءاً كبيراً من تاريخ أميركا، وتسليط الضوء على حلم المستوطنين بالتوسع نحو الغرب، هذا الحلم الذي كان مرتبطاً بالبحث عن الثروة والفرص، وبناء حياة جديدة في أرض تعتبر بالنسبة لهم غير مكتشفة ومليئة بالإمكانيات.
وأوضح رمسيس أن المخرج لم يغفل الجانب الآخر من القصة، وهو تمسك السكان الأصليين بأرضهم وتقاليدهم الموروثة، تلك الأرض كانت مصدراً لهويتهم وثقافتهم، ومع قدوم المستوطنين نشأ صراع عنيف، عكسه كوستنر في أفلامه، وترك للجمهور مهمة استنتاج من المخطئ ومن يستحق العقاب.
وأضاف أمير أن كوستنر يحرص دائماً على تقديم شخصيات متنوعة ومعقدة تحمل قصصاً غنية تجسد الصراعات الداخلية والخارجية التي تواجهها، ورغم أن السرد السينمائي قد يبدو معقداً نظراً لتعدد الشخصيات وتشابك الأحداث، إلا أن كوستنر أتقن الحفاظ على وضوح السرد، مما سهل على المشاهد متابعة القصة والانغماس في أجواء تلك الحقبة الثرية من التاريخ.
ومع ذلك، لم يسلم كوستنر من الانتقادات، حيث يرى بعض النقاد والجمهور أن أفلامه تميل إلى إبراز قصص المستوطنين البيض بشكل أكبر من قصص السكان الأصليين، مما خلق نوعاً من عدم التوازن في السرد، ويظل كوستنر صادقاً في تصويره للجوانب القاسية والجميلة لهذه الحقبة، محققاً توازناً بين تقديم تجربة سينمائية ممتعة وبين الالتزام بتقديم تصوير واقعي ومعبر عن التاريخ المظلم لأميركا.
الرمزية والفلسفة
ويتناول الباحث السينمائي معتز عبد الوهاب جوانب التصوير السينمائي في الفيلم من منظور فلسفي، حيث يرى أن العناصر تتجاوز كونها مجرد مشاهد بصرية جميلة لتصبح تعبيراً عن رمزية أعمق ترتبط بالصراع الإنساني والطبيعة، وتعكس المساحات الشاسعة والجبال الشاهقة في الفيلم فلسفة «العظمة» مقابل «الصغر»، إذ تبرز اللقطات الواسعة عظمة الطبيعة في مواجهة هشاشة الإنسان، مما يجسد التناقض البصري الذي يعبر عن الصراع الداخلي للشخصيات التي تواجه قوى تفوق قدرتها على السيطرة، مما يعمق فهم المشاهد للعلاقة بين الإنسان والبيئة.
وأضاف عبد الوهاب أن المخرج استخدم الألوان الطبيعية، مثل الذهبي للفجر وأشعة الشمس في الأمسيات لإبراز جمال الطبيعة ونقائها، وهذه الألوان ليست مجرد جمال بصري، بل تعكس أيضاً فلسفة الحياة والتجدد، حيث تعبر لحظات الفجر والغروب عن بدايات جديدة ونهايات حتمية، مما يرمز لدورة الحياة والموت في عالم الغرب القديم.
وتظهر العواصف الشتوية القاسية في العمل فلسفة التحدي والقسوة، وتمثل القوى العظمى التي تعترض طريق الرواد، وتجسد فكرة الصراع من أجل البقاء في وجه ظروف غير متوقعة، وتعكس التغيرات الفصلية التناقض بين جمال الطبيعة وصعوبتها، مما يبرز فلسفة الازدواجية بين الحياة والجمال وخلطهما بالقسوة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأساطير الولايات المتحدة الثقافة أميركا السينما الأميركية مهرجان البندقية السينمائي السکان الأصلیین الغرب الأمیرکی من خلال
إقرأ أيضاً:
كيان الأعمال القذرة
تعاطف الغرب مع كيان الاحتلال، لأنه يمثل الأداة الأساسية التي يعتمدون عليها في تدمير الأمة العربية والإسلامية، وهو أمر لا يخفيه الغرب، لكن تخفيه الزعامات والأنظمة العربية لمساعدة الغرب على إنجاح مخططاته الإجرامية في استباحة الأمة إلى ما لا نهاية.
أمريكا لا تخفي دعمها لهذا الكيان المجرم، فدعمها له بلا حدود في كل جرائمه حتى وإن حاول البعض إنكار جرائمه في بعض المواقف إرضاء للرأي العام؛ المستشار الألماني (ميرتس) اعترف أخيراً أن إسرائيل تقوم بالأعمال القذرة نيابة عن الغرب ومع ذلك فقد تحامل على النظام الإيراني واتهمه بالإرهاب.
سياسة الغرب عامة تقوم على المصالح واستخدام الإيديولوجيات الدينية من أجل حماية كياناته من الانحدار إلى مستنقعات الحروب الأثنية والطائفية التي عانى منها سابقا وفي ذات الوقت يعمل على استنساخ مصادرها في الأمة العربية والإسلامية من خلال الخونة والعملاء الذين جندهم لهذه المهمة القذرة.
يشيد بالإجرام الصهيوني ويدافع عنه ويحارب روسيا ويشجب جرائمها في أوكرانيا، فما هو مسموح للإجرام الصهيوني الصليبي في الوطن العربي وخاصة في فلسطين وغزة، مُحرم على روسيا في أوكرانيا.
المقاومة الأوكرانية للغزو الروسي حق مشروع وتستوجب كل الدعم في نظرهم لكن المقاومة الفلسطينية إرهاب يجب القضاء عليها؛ من حق إسرائيل الاعتداء على من تريد، لكن ليس من حق المعتدى عليه (إيران) أن ترد عليها -كما صرح (ستارمر) رئيس وزراء بريطانيا- ومن حق إسرائيل أن ترتكب جميع الأعمال القذرة، لكن ليس من حق إيران الرد عليها، كما صرح (المستشار الألماني).
المبرارات التي يقولها (ميرتس) بسعي إيران لامتلاك السلاح النووي عذر كاذب، نفاه مدير عام الوكالة الذرية الدولية-رافييل غروسي بقوله (ليس لدينا دليل على جهود ممنهجة لصنع سلاح نووي إيراني)؛ الأسلحة الذرية حكر على النادي المسيحي والتحالف الصهيوني الصليبي، وكما دمر العراق بمزاعم كاذبة لم يتبق سوى إيران وبعدها باكستان؛ وأما الإجرام الصهيوني فمسموح له أن يمتلك كل الأسلحة المحرمة وغيرها ومصانع الغرب هي مصانعه.
التحالف الصهيوني الصليبي أوجد الكيان المحتل ومكنه من الاستيلاء على فلسطين وصهاينة العرب والغرب يعتبرونه كرأس حربة متقدمة لتدمير الأمتين العربية والإسلامية ومعهم جيوش من الخونة والعملاء تمت زراعتهم في معظم الأنظمة وسلمت لهم مقاليد السلطة والحكم لحماية الإجرام الصهيوني والحفاظ عليه وتجذير التخلف والانحطاط والفرقة والشتات.
قد يظن البعض أن دعم ألمانيا والغرب عموما- لليهود بسبب ما قيل إنها (الهلوكست) والتي يشير إليها البعض على أنها حُجة لإمداد اليهود بالمال من خلال التعويضات وأيضاً لإيجاد مبرر لإرسالهم إلى فلسطين للقيام بالمهام القذرة نيابة عن الغرب؛ وتطويرا للحروب الصليبية الإجرامية، لكن في إطار مدمج، يجمع تحالف الصهيونية واليهودية معا حتى يحظى بالدعم والتأييد من اليهود والنصارى معا ويحقق ما عجزت عنه تلك الحملات الإجرامية والتي فتكت باليهود والنصارى العرب الذين لم يتعاونوا معهم وأبادت المسلمين من خلال ارتكاب المجازر التي تتماثل مع ما يمارسه الإجرام الصهيوني اليوم على الدول العربية والإسلامية وخاصة في فلسطين.
أمريكا اليوم تقود العالم وتدافع عن الإجرام الصهيوني، تدافع عن أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتهجير القسري وجرائم الإبادة للمدنيين العُزّل، وكل الأنظمة المتصهينة (الغربية والعربية) أيضاً، ويقولون إن ذلك دفاع شرعي يتناوبون الأدوار فيما بينهم ويمدون الاحتلال بكل ما يحتاجه ولو كان مخالفا للقيم والمبادئ والقوانين والأعراف الدولية والإنسانية، فحماية مصالح الإجرام في استمرار هيمنته ونفوذه والاستيلاء على ثروات ومقدرات الأمم والشعوب يستوجب ذلك.
قد يتساءل البعض: لماذا يحظى هذا الكيان الإجرامي بملء هذا الدعم؟ الجواب واضح أن الغرب أوكل له القيام بالأعمال القذرة نيابة عنه والتي لا يستطيع تنفيذها أو التي قد تؤثر على ما يدعيه أنه يمثل قيم الحرية والعدالة والإنسانية وحقوق الإنسان.
في الحروب التي شنها الغرب أو الشرق على الأمم الأخرى، مورست فيها كل الأساليب القذرة ولكن العجب والغرابة أن ساسة صهاينة (الغرب والعرب) يدعمونها ويؤصلون لها دينا وعقيدة وسلوكا وأخلاقا ضد الآخرين.
فمثلا ألمانيا في الحرب العالمية الثانية استولى الحلفاء عليها ودمروها ثم اعتبروا نساءها غنائم حرب واغتصبوا أكثر من مليوني امرأة، ماتت منهن مائتا ألف بسبب الاغتصاب المتكرر من قبل جنود روسيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا، معظم العرب والمسلمين كانوا يساندون ألمانيا ويؤيدونها.
أمريكا قتلت أكثر من مائتي الف ياباني بالقنابل الذرية وهناك اكثر من مليون مشوّه؛ وفي عدوانها على فيتنام وبحسب التحقيق الذي أجراه الكونجرس، فقد تم قتل ما لا يقل عن مليون وخمسمائة ألف مدني وتم تدمير مدن وقرى بكاملها؛ وقدم الجزائر في حرب التحرير فقط مليوناً وخمسمائة ألف شهيد؛ وتم ارتكاب جرائم الاغتصاب أثناء احتلال أمريكا وحلفائها للعراق، بعد تسويق المزاعم الكاذبة بامتلاكه أسلحة دمار شامل .وفي إسقاط برجي نيويورك واحتلال أفغانستان وتدميرها الغاز كثيرة لم يستطع مؤلف كتاب الخدعة الكبرى (تيري ميسان) فك رموزها ولكنه أثبت أن المخابرات الأمريكية والصهيونية نفذت الهجوم كأساس لفرض نظام عالمي جديد تهيمن فيه أمريكا كقطب أوحد، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي؛ وتأمين سيطرتها ونفوذها واستكمال الاستيلاء على بقية أقطار الأمتين العربية والإسلامية .
تم اختيار الإسلام كدين والمسلمين ساحة للصراع لإحراز نصر سهل لا كلفة فيه، لكن العائدات كثيرة لا حصر لها؛ الإجرام والأعمال القذرة يقوم بها المجرمون شرقا وغربا ومن كل الأديان والملل والإسلام هو المتهم والمطلوب القضاء عليه فكرا وسلوكا، عقيدة وشريعة، سواء بواسطة اليهود الذين لديهم الاستعداد والرغبة والقابلية للقيام بكل الأعمال القذرة أو بواسطة غيرهم، فكل من سيقوم بالأعمال القذرة يحظى بالدعم المادي والمعنوي.
كشفت الأحداث والمآسي أنه لا فرق بين شركاء التحالف الصهيوني الصليبي وأن إسرائيل هي الوجه الأشد قذارة وإجراما لتدمير كل مشاريع النهوض والتكامل العربي والإسلامي، وهو ما تحدث به –جورج بوش 2005م (إن تركنا المسلمين يسيطرون على دولة واحدة فسيستقطبون جموع المسلمين مما سيترتب عليه الإطاحة بجميع الأنظمة التابعة لنا في المنطقة وسيتبع ذلك إقامة إمبراطوريه إسلامية أصولية من إندونيسيا إلى إسبانيا).
الإجرام الصهيوني ارتكب أبشع جرائم الإبادة في غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق وليبيا وغيرها والآن يسعى لتدمير إيران؛ دمر المستشفيات ومراكز اللجوء الإنساني وأباد الأطفال والنساء وأراد الآن صرف الأنظار عنها، ولأن الرد الإيراني اقترب من مستشفى مجاور للمراكز المستهدفة في الأراضي المحتلة، صاحت حكومة الإجرام الصهيونية واستنكرت وادعت كذبا أن إيران تستهدف المرضى والأطفال في المستشفيات.
كيف استطاع هؤلاء المجرمون والكيان الإجرامي أن يقتنعوا أنهم ضحية وقد دمروا مستشفيات غزة بكاملها وقتلوا الأطفال بأسلحة القناصة والصواريخ، وكيف يستجدون دعم من كلفهم بالمهمات القذرة؛ ومع ذلك فقد استجاب لهم المجرمون وذهبوا لتأييدهم ودعمهم في استكمال جرائم الإبادة والتهجير القسري وجرائم الحرب التي ستظل وصمة عار في سجل التاريخ والإنسانية، وصدق الله العظيم القائل ((ودّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، قد بيّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)) آل عمران-118