الجزيرة:
2025-05-28@10:47:24 GMT

بدائل القهوة في السودان مساحيق محمصة ونتائج مفاجئة

تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT

بدائل القهوة في السودان مساحيق محمصة ونتائج مفاجئة

في ظل الحرب الدائرة في السودان، قفزت أسعار السلع والبضائع قفزات غير متوقعة، وعلى رأسها القهوة، التي بلغ سعر الرطل منها أرقاما فلكية دفعت الكثيرين من محبي المشروب الصباحي إلى محاولة إيجاد بدائل، للإبقاء على عاداتهم القديمة، أشهرها القهوة من نوى البلح المحمص، ومن القمح المحمص، وأيضا القهوة من نوى المشمش، وغيرها من البدائل المبتكرة لمساحيق تشبه مسحوق القهوة.

ولكن هل يبقى المذاق والأثر هو ذاته وماذا عن القيمة الغذائية للمشروبات البديلة؟.

حيل الغش تتحول إلى أسلوب حياة!

تعتبر إضافة مواد غير البن إلى مشروب القهوة نوعًا من الغش، وفقًا لدراسة بعنوان "غش القهوة العربية: الكشف عن القمح والذرة والحمص". تشير الدراسة إلى أن مشروب القهوة، الذي يُعد من أكثر المشروبات شعبية عالميًا، يُعتبر مغشوشًا إذا تمت إضافة مواد غير حبوب البن إليه. نظرًا للأهمية الاقتصادية لمحاصيل البن، أصبح نقاء القهوة مسألة حاسمة لتحديد قيمتها السوقية. يمكن الكشف عن هذه المسألة إما من خلال الفحص البصري أو عبر طرق مبتكرة للكشف عن كميات الإضافات التي تُستخدم في غش القهوة، مثل:

نوى البلح نوى الدوم نوى المشمش القمح البازلاء الحمص الذرة فول الصويا الشعير

مع ذلك، فقد دفعت الحرب العديد من السودانيين إلى استخدام المواد السابقة عن وعي كامل كبدائل، وهو المبدأ ذاته الذي اتبعته العديد من الماركات التجارية حول العالم، لأنواع من "القهوة" المصنوعة من الحبوب، فهنالك ذلك النوع البولندي المكون من الجاودار المحمص والشعير والهندباء وبنجر السكر، وهنالك العديد من الوصفات القديمة التي تتضمن نوعا واحدا من الحبوب أو أكثر يتم طحنه مع القهوة العادية، مثل البازلاء المحمصة، والقمح، والشعير، فول الصويا، والذرة، وغيرها من الإضافات التي يتم إضافتها عقب تحميصها، ولكنها جميعا تشترك في خلوها من الكافيين، لذا تعرف بأنها "قهوة نباتية"، ولكن هل تبدو كافية لشاربيها؟.

قهوة القمح تنتشر في كوستي

في منزله بمنطقة ريفي كوستي في ولاية النيل الأبيض بالسودان، لم تعد أسعار البن في متناول يد عبد الله موسى، الذي يقول للجزيرة نت: "قفز سعر رطل البن الصافي من 5 آلاف إلى 17 – 25 ألف جنيه سوداني، بسبب انقطاع الطريق على المواد الغذائية، وشح تلك المتوافرة في الداخل، مما دفع الكثيرين وأنا منهم إلى محاولة إيجاد بدائل لمشروبنا المفضل، منها قهوة القمح، والتي اكتشفت أن مذاقها لا يختلف كثيرا عن القهوة العادية، خاصة إذا ما تم إضافة القليل من البن الأصلي إليها".

مشروب مصنوع من بدائل القهوة (الجزيرة)

يأمل الشاب البالغ من العمر 25 عاما، أن تصدق التوقعات بانخفاض الأسعار في الفترة القادمة، خاصة عقب بعض الانخفاضات الطفيفة الأخيرة بسبب دخول بضائع إلى الولاية، ولا يتوقع أيضا أن يتوقف عن تناول قهوة القمح عقب انتهاء الحرب، يقول: "جربنا العديد من البدائل خلال أحداث الحرب، كجمع الحطب والحصول على الخشب من الأشجار لإشعال النار ولا أعتقد أننا سنودع تلك العادات كليا عقب انتهاء الحرب، فلكل تجربة مذاقها".

التجربة ذاتها خاضها فارس بشير الهادي، الشاب الذي ما يزال بعد يدرس التمريض، يصف تجربته للجزيرة نت بـ "الظريفة" ويقول: "لن أقول إنها تمنح طعم القهوة الأصلية، لكنها بمثابة تعويض عنها في ظل صعوبة الحصول عليه، قمت بتحميص حبات من القمح مع حبات من البن، لمنحي مذاقا يشبه قهوتي القديمة وبدت التجربة ناجحة بالفعل".

نوى التمر والدوم على القائمة

لم ينزح عبد العظيم حسب الله، الشاب البالغ من العمر 32 عاما، من المنطقة التي يقيم فيها ولاية جنوب كردفان، بمحلية الدلنج، لكنه بقي محاصرا داخل مدينته، يقول: "حاصرتنا قوات الدعم السريع والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، وصار الحصول على الكثير من البضائع التي كنا نشتريها بسهولة من قبيل الأحلام".

وتابع "في مدينتي كان رطل القهوة يتراوح من 2500 إلى 3000 جنيه سوداني، أما الآن فقد وصل ثمن الرطل بين 12 إلى 15 ألفا، الأسعار اختلفت بالتبعية على المقاهي، فبينما كان كوب القهوة في المقاهي يتراوح من 400 إلى 500 جنيه سوداني في الماضي أصبح الكوب الواحد الآن يكلف شاربه على الأقل 1000 جنيه سوداني".

لجأ عبد العظيم الذي عمل في مجال التجارة، إلى بدائل مختلفة، لم تخطر له ببال من قبل، سمعها عبر مجموعات الطعام السوداني على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول للجزيرة نت: "البدائل التي قمت بتجربتها هي نوى التمر، ونوى ثمرة الدوم، وكانت النتائج مرضية، لكن نوى البلح كان هو البديل الأكثر نجاحا، بصرف النظر عن احتوائه على الكافيين من عدمه، فالمهم بالنسبة لي هو المذاق".

التحميص كارثة غذائية

لا تبدو التبعات الصحية لتحميص أي من القمح أو نوى الدوم والتمر صحية بأي شكل، بحسب الدكتور مجدي نزيه، استشاري التثقيف والإعلام الغذائي، حيث قال الخبير في مجال التغذية إن تحميص الحبوب التي تستخدم كبدائل، فضلا عن خلوها من الكافيين، يعتبر "كارثة صحية".

الدكتور مجدي نزيه: لا تبدو التبعات الصحية لتحميص أي من القمح أو نوى الدوم والتمر صحية بأي شكل (شترستوك)

وأكد للجزيرة نت: "حين يتم تحميص أي من تلك الحبوب البديلة، يرتفع مستوى الكربون، لأنها جميعا بدائل خالية من الزيوت، وكلما ارتفعت نسبة الكربون، تسبب ذلك في زيادة احتمالية الإصابة ببعض أنواع الأورام السرطانية، لمن لديه استعداد بالفعل".

وأشار خبير التغذية المصري، أن الأمر ذاته ينطبق على البن الشديد التحميص، ويقول: "لدينا 3 أنواع من التحميص، فاتح ووسط وداكن، ذلك الأخير ينطبق عليه الأمر نفسه، المسألة تشبه وضع رغيف خبز على النار حتى يصل إلى اللون الأسود، أما إذا أردنا الوصول إلى أفضل قيمة غذائية، فالحل في الحصول على المشروبات من دون تحميص، كما هو الحال مع البن الأخضر، أو طحن المواد المذكورة من دون التحميص الذي يؤدي إلى تغيير الخصائص للمادة الغذائية المستخدمة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جنیه سودانی للجزیرة نت العدید من من القمح

إقرأ أيضاً:

السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت

zuhair osman


بين البرهان وحميدتي... ما يُخفى أكثر مما يُقال
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، دخل السودان في أتون نزاع دموي مُعقّد، تتقاطع فيه صراعات داخلية على السلطة والموارد، مع أجندات إقليمية ودولية تجعل من البلاد
مسرحًا صامتًا لتصفية الحسابات.
في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لوقف النزيف، ووسط تحركات أمريكية تلمّح بالعقوبات أو تضغط في اتجاهات غير معلنة، تبرز أسئلة محورية: هل نحن أمام نزاع داخلي صرف، أم إعادة ترتيب لموازين القوى في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على
حساب السودان؟
انسحاب تكتيكي أم هندسة خارجية؟
مؤخرًا، انسحبت قوات الدعم السريع من بعض مناطق أم درمان، في خطوة فُسّرت عسكريًا بأنها تكتيكية لتفادي الضربات الجوية أو لإعادة التموضع. غير أن تزامن هذا الانسحاب مع تلويح الولايات المتحدة بفرض "تدابير وشيكة" على قيادة الجيش، يفتح الباب
أمام قراءة أعمق تُلمّح إلى وجود هندسة غير معلنة للوقائع الميدانية.
الولايات المتحدة، بحكم حضورها في ملف السودان منذ عقود، لا تتحرك دون حسابات دقيقة. وقد يكون توقيت الانسحاب مفيدًا سياسيًا لدفع الجيش نحو التفاوض أو تهيئة المسرح لإعادة تعريف المشهد، خاصة في ظل اتهامات أمريكية غير مباشرة للجيش
باستخدام أسلحة غير تقليدية.
هل الدعم السريع هو "البديل الأقل إزعاجًا"؟
من الناحية البراغماتية، لا يمكن استبعاد فرضية أن بعض الدوائر الغربية باتت ترى في الدعم السريع طرفًا يمكن التحكم فيه أو إعادة هندسته ليصبح شريكًا "أقل خطرًا"، خصوصًا بعد تجربته السابقة في التحالف العربي باليمن، وعلاقاته المفتوحة مع الإمارات
والسعودية.
في المقابل، الجيش السوداني يُنظر إليه بحذر متزايد في بعض الدوائر، لاتهامه باحتضان عناصر تنتمي للتيارات الإسلامية، المصنّفة غربيًا كمصدر تهديد إقليمي محتمل، خاصة مع تحليلات تتحدث عن تقاربه النسبي من محور إيران – سوريا في لحظة تعقيد
إقليمي شديد الحساسية.
أبعاد استراتيجية أعمق: السودان في ميزان الجيوبولتيك
اهتمام الولايات المتحدة بالسودان ليس طارئًا. فالموقع الجغرافي الحاكم على بوابة البحر الأحمر، ووجود ثروات غير مستغلة (مثل اليورانيوم والمياه)، يجعل السودان نقطة ارتكاز مهمة في لعبة النفوذ بين الغرب، وروسيا، والصين، والفاعلين الإقليميين
كإيران وتركيا.
من هنا، يُفهم لماذا تحرص واشنطن على إعادة رسم المشهد، بطريقة تُضعف الفاعلين الرافضين للتطبيع مع إسرائيل أو المقاومين للديانة الإبراهيمية كمدخل سياسي ناعم، وتعزّز الأطراف الأكثر مرونة تجاه المشروع الأمريكي في المنطقة.
احتمالات السيناريو: بين التفكك والتدويل
استمرار الحرب في ظل "مفاوضات ديكورية": قد يلجأ الجيش إلى تبني مبادرات تفاوض شكلية، بينما يُعيد انتشاره في مناطق أقل تكلفة ميدانيًا، فيما تستفيد قوات الدعم السريع من مرونة الحركة وغطاء الدعم الإقليمي غير المُعلن.
تصعيد محدود بضوء أخضر دولي: قد تلجأ واشنطن إلى فرض عقوبات، وربما تنفيذ ضربات محددة ضد مواقع عسكرية للجيش في حال ثبوت تجاوزات جسيمة (كما حدث في النموذج السوري)، لكن هذا مرهون بتوازنات معقدة تشمل الموقف المصري والسعودي.
تفكك فعلي للدولة السودانية: في ظل غياب الحلول السياسية واستمرار التمويل الخارجي للطرفين، قد يتجه السودان نحو انقسام واقعي لا يُعلَن رسميًا: الجيش في الشرق، والدعم السريع في الغرب، وسط غياب سلطة مركزية، ووجود حُكم أمر واقع متعدد الرؤوس.
خاتمة: الجريمة تُرتكب على مرأى العالم
الحرب في السودان تُدار ليس فقط بأصابع داخلية، بل بحسابات دولية لا تخفى. الولايات المتحدة لا تبدو بعيدة عن مسار المعركة، حتى لو لم تكن في المشهد بصورة مباشرة. القوى الإقليمية تموّل وتُغذّي، والمجتمع الدولي يكتفي بالبيانات.
لكن الحقيقة الكبرى أن من يدفع الثمن هو الشعب السوداني: ملايين النازحين، انهيار الدولة، ومجازر في مدن كانت تعج بالحياة.


الخروج من هذه الكارثة لن يتم من خلال "مبادرات تعويم" شكلية، بل يتطلب وقفًا صارمًا للتمويل الخارجي، وتدخلاً دوليًا نزيهًا يُعيد للسودان حقه في تقرير مصيره دون وصاية أو اقتتال مفروض.


 

مقالات مشابهة

  • حول قضية الأسلحة الكيميائية والعقوبات الأمريكية
  • جبريل ابراهيم: مشروع حكم السودان بـ”القوة الجبرية” انتهى
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • بيت التحميص: رحلة سعودية مُتمكنة تستثمر الذكاء الاصطناعي لتحقيق ريادة عالمية في صناعة القهوة المختصة
  • السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت
  • السودان وفروقات الوعي السياسي
  • الإعيسر: أمريكا سارعت باتهام السودان في الوقت الذي تم فيه ضبط أسلحة أمريكية بيد المليشيا المتمردة
  • الحرب على كرسي السلطة الخالي
  • في جولة ميدانية مفاجئة.. محافظ الغربية يتفقد مواقع تخزين القمح بطنطا
  • سوال : هل نظام الجباية الذي اسسه المستعمر صالح ليكون نظاما للتنمية الوطنية ؟!